الأربعاء ٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢
بقلم فراس حج محمد

نعم، إننا خائفون ومرعوبون!!

إجابة لسؤال مهم "خايفين من إيه"؟ أقرأه وأعيد كتابته بلهجة مصرية شعبية محببة إلينا نحن الفلسطينيين، نحن الذين قضينا أعمارنا المتطاولة منذ عام 1917، ونحن ننتظر حلا لقضيتنا، كثير من الفرص ضاعت أو أضعناها ونحن نأمل خيرا وحلا وتحريرا، تعلقنا بهذا النظام أو ذاك، كما أن قياداتنا التاريخية لم تقصر في إبعاد الشعب عن أمله وآماله، ومع الأيام وتراكم السنوات ما زلنا نقول: "خايفين" من إيه؟ طبعا "خايفين" من كل شيء، من الأنظمة العربية ومن المنظومات والمنظمات الدولية والاتفاقيات المشروطة ومن الربيع العربي ومن أنفسنا وأصدقائنا ومن أعدائنا، "خايفين" من أحلامنا المسروقة التي تبتعد عنا يوميا لتصبح كوابيس مزعجة لم تعد تعطينا نوما شهيا أو حياة مستقرة، فكلنا صرنا نغفو على تهليلة العفريت وحكايات الدمار والخراب.

رحم الله درويش شاعرنا الكبير الذي ربط منذ ما يزيد عن العقدين في ديوانه "أحد عشر كوكبا" بين الأندلس وضياعها وبين فلسطين وتلاشيها، فكل يوم تصبح الجغرافيا أبعد، ويغرق الشعب في تفاصيل حياته اليومية وينسى قضاياه الكبيرة، فلا تلوموا هذا الشعب، فقد أوصله الجميع عن سابق إصرار وتعمد إلى أن لا يفكر إلا بالراتب و"الماهية"، لا حيلة له وهو لا يجد ما يطعم به أبناءه، عدا توفيره لهم حياة حرة كريمة وعزة وأملا بوطن لا تغتاله وحوش الاحتلال أو جيوب الفاسدين!!
فكلنا نعيش خريفا يطحن الأيام وما علينا سوى الانتظار وإن طال، ولكن ماذا ننتظر؟ إننا ننتظر أن يجود علينا القدر ببعض موت، قبل أن تجود علينا المنح العربية والدولية بنزرها اليسير الذي يبقينا في منطقة وسطى ما بين الجمرة والنار!

لم تنفعنا التصريحات ولم تنفعنا الإستراتيجيات والسياسات ولم نحصل إلا على وهم الدولة التي تسبح في حقل من السراب، لم نحصل إلا على مناصب لا سيادة فيها، مجرد كراس مرسومة على أوراق بالية، ولم نحصل إلا على ألقاب خاوية ومفرغة، لقد صدق الشاعر في قوله واصفا حالتنا وكل حالة مشابهة لحالتنا الإنسانية المؤلمة:

ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد!!

هذا ما حصل عليه الشعب المنكوب، وكأنه لم يناضل منذ ما يزيد عن القرن من أجل بلد مزدهر وحياة حرة كريمة، وكأن شبابه لم يقضوا أجمل سنوات عمرهم في السجن من أجل أن يتخلصوا من كل ما يسحق وردة جميلة تفوح عطرا كل صباح، وكأن الشعراء لم يذوبوا حنينا لكلمة حب يقولونها لحبيب جميل منتظراً الرجوع والها مشتاقا، يتطلع بشوق من شرفة المنزل على ما يريد القلب ويهواه، وبعد ذلك نقول "خايفين" من إيه؟ نعم، إننا خائفون ومرعوبون، لأننا لم نحصل على حلم بحجم الكف، ولم نربح سوى الخسارة والفقر والتشتت!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى