الأربعاء ٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢

بنت وثلاثة أولاد في مدينة الأجداد

موسى أبودويح

قصّة من (38) صفحة، صفحاتها غير مرقّمة، ومقسّمة إلى عشرة أقسام كلّ قسم صفحة أو صفحتان أو ثلاث أو أربع صفحات ما عدا القسم الثّالث ثماني صفحات والقسم التّاسع ست صفحات.
عنوان القصّة عنوان مسجوع سجعًا غير متكلّف، ترتاح الأذن لسماعه، وهو ليس من السّجع المتكلّف الّذي يهدم المعنى؛ من أجل السّجعة كالقول المشهور الّذي جاء على لسان أحد الخلفاء العباسيّين حينما كتب إلى القاضي في مدينة (قُمْ) فقال: "أيّها القاضي بقُمْ، ولمّا استغلق عليه أن يأتي بجملة مسجوعة تماثل (قم)، لم يجد إلا أن يقول: قد عزلناك فقم".فقال القاضي: والله ما أراد عزلي وإنما التطابق بالسجع حمله على ذلك، فما مضت أيام عدة حتى أعاده.

أبطال القصّة ثلاثة أولاد هم: سفيان، وصديقاه: أسطفان، وزيدان، وهي أسماء منتقاة، أعلام مختومة بألف ونون مزيدتين، ممنوعة من الصّرف، وقعها على الأذن جميل، لها جرس موسيقيّ، عند لفظ (ان) في آخر سفيان وأسطفان وزيدان. وبثينة رابعة الأبطال، اسم عربيّ عريق له معنى جميل، وبثينة تصغير بَثْنَة وهي المرأة الحسناء البَضّة النّاعمة كما جاء في لسان العرب، وقيل هي الزّبدة النّاعمة.
قال جميل بثينة الّذي عرف باسم محبوبته بثينة من الوافر:

أحبُكِ أن سكنتِ حبالَ جسمي
وأنْ ناسبتِ بَثْنَةَ من قريبِ

وقال خالد بن الوليد –لمّا عزله عمر عن قيادة جيوش الشّام بعد موت أبي بكر الصّديق رضي الله عنه- حين خطب النّاس: (إن عمر استعملني على الشام وهو له مهمّ، فلما ألقى الشّام بوانيه وصار بَثَنِيَّةً وعَسَلاً عزلني واستعمل غيري)؛ أي صار الشّام زبدة وعسلاً، وصارت أموال الشّام تُجبى من غير تعب. (من لسان العرب بتصرف).

تعالج القصة موضوعاً مهماً في بلادنا فلسطين، وفي كثير من البلاد العربيّة والإسلاميّة والتي تنكّرت لماضيها فساءت أوضاعها وصارت أحوالها لا تسرّ.

ونسيَتْ أمتُنا أننا يجب أن نكون من أكثر بلاد العالم نظافةً؛ فالعالم كلّه يطلب من ناسه وقاطنيه ألّا يلقوا القاذورات في الشّوارع، وإن فعلوا يعاقبوا بعقوبات صارمة. أمّا الإسلام فقد بلغ درجة عالية من الرقيّ والتقدّم في هذا الموضوع، فقال رسولنا عليه السّلام: (وإماطة الأذى عن الطّريق لك صدقة). فهو عليه السّلام يطلب من كلّ أفراد الرّعيّة إذا رأوا أيَّ أذىً في الطّريق أن يميطوه ويزيلوه. فغيرك يوقع الأذى وأنت تميطه وأجرك على الله، وذلك لك صدقة يجزيك الله عليها خيرًا. فهذه الدرجة لم تصل إليها أيّة دولة في العالم.

وأمّا نحن المسلمين، بتضييعنا للإسلام، فقد ضيعنا كلّ شيء، بل وخالفنا كثيرًا من الأحكام الشّرعيّة، فصرنا أسوأ النّاس في كثير من الأمور.

القصّة بلغة واضحة سهلة مفهومة، لا تعقيد فيها، وهي لغة الأديب محمود شقير، التي عُرف بها في كلّ ما كتب، وهي جزء لا يتجزّأ منه؛ فلغة المرء وأسلوبه ملازمان له ولا ينفصلان عنه.
أمّا هِناتُ القصّة فقوله في الصّفحة الأولى من القسم الرابع: (كتاب مركون فوق المكتب)، فكلمة مركون يستعملها العوامّ وعنهم أخذتها الخاصّة وكان الأولى أن يقول بدلها (موضوع)؛ لأنّ الفعل ركن يعني مال إليه وسكن ومنه قوله تعالى: "وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ". سورة الرعد.

ورُكْنُ الشّيء جانبه الأقوى، والرّكن النّاحية القوية ومنه قوله تعالى على لسان لوط عليه السلام: "قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ". قيل الرّكن هو العشيرة وقيل القوّة. (من لسان العرب بتصرف).

وجاء في القصة استفهامان أولهما في الصّفحة الثانية من القسم الرابع: (ألا تكفينا الحرب التي تشنها إسرائيل علينا منذ سنوات)؟ وثانيهما في القسم العاشر في الصفحة الثانية وهو قوله: (أيّة بلديّة هذه التي لا تسمح لنا بأن نلعب الكراتيه في قاعة الاجتماعات)؟ والاستفهامان إنكاريّان، كان على الكاتب أن يضع بعد إشارة الاستفهام إشارة تعجب أو أكثر في كليهما؛ لأنّ السّائل هنا لا يريد جوابا" وإنّما ينكر ويتعجب مما سأل عنه.

وجاء في القسم التّاسع في الصّفحة السّادسة قوله: (قال زيدان وهو يهزّ رأسه المملوءة بالأفكار)، والصّحيح أن يقول رأسه (المملوء) لأنّ رأس مذكر وليس بمؤنث. فكلّ ما كان واحدًا (فردًا) من أعضاء الجسم فهو مذكر كالوجه والرأس والأنف واللسان والصدر والبطن، وما كان منه اثنين (زوجًا) كان مؤنثًا كالكفّ، واليد، والسّاعد، والعضد، والسّاق، والفخذ، والأذن، والعين، والحاجب، والقدم.

القصّة هادفة ونافعة ومناسبة للصّبايا والصّبيان تعلّمهم وتشجّعهم على المطالبة بحقوقهم وتغرس في نفوسهم القوّة والجرأة.

موسى أبودويح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى