الأحد ٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
مصافحة..
بقلم بلقاسم بن عبد الله

صالح خرفي.. من يذكره اليوم؟

.. ومن منا لم تصب ذاكرته عاهة النسيان، وما زال يتذكر تاريخ ميلاد أو رحيل رموز النبوغ الجزائري في دنيا الأدب والفكر والصحافة؟.. تساؤل مثير للجدل واجهني منذ أيام، وأنا أتذكر مرور الذكرى الرابعة عشرة لوفاة الشاعر الوطني: صالح خرفي الذي رحل عنا يوم 25 نوفمبر 1998 الموافق لـ 6 شعبان 1419هـ ، عن عمر يناهز 66 سنة، فهو من مواليد 1932 بالقرارة، ولاية غرداية، نفس المنطقة التي أنجبت شاعر النضال والثورة مفدي زكريا، وعميد الصحافة النضالية الجزائرية الشيخ أبو اليقظان.

أستاذنا الدكتور صالح خرفي يكاد يلفه الإهمال والنسيان، رغم جهوده الكبيرة وخدماته الجليلة، في خدمة الأدب والنضال الوطني، فقد كتب وأنشد لحرية وعزة الوطن المفدى أيام ثورتنا المجيدة، وغنت له مطربتنا المرحومة وردة الجزائرية، من تلحين الموسيقار رياض السنباطي قصيدة نداء الضمير، التي كتبها بتاريخ 20 أفريل 1960 وكان وقتئذ طالبا بجامعة القاهرة، وختمها بأمل حرية الجزائر..

لـك حـبي يـوم تعـلـو بسـمة الـنصر ثرانـا
ويـذيــب الـلـيـل والآلام فـجــر مـن دمانـا
سـوف ألـقاك مع النـصر وأفـراح البشائـر
سوف نبني عشنا في ظل تحرير الجزائر.

وهذه القصيدة الأغنية ترددت على مسامعنا مرارا، وسكنت أعماقنا شهورا وأعواما، ومع ذلك نسينا أو أغفلنا صاحبها الشاعر صالح خرفي الذي أدت له كذلك وردتنا وأميرة الطرب العربي أغنية: أدعوك يا أملي، من تلحين الموسيقار المصري المشهور بليغ حمدي ليلة الإحتفال بالذكرى العاشرة للإستقلال في 5 جويلية 1972 .

ترك أديبنا صالح رصيدا غزيرا من الإنتاج الأدبي والفكري يضم أكثر من عشرين كتابا في الشعر والأدب والبحث الجامعي، ومعظمها تزين مكتبتي الخاصة، وبعضها تحمل التوقيع الشخصي للمؤلف، ومن أبرزها: أطلس المعجزات ـ الشعر الجزائري الحديث ـ شعر المقاومة الجزائرية ـ في ذكرى الأمير عبد القادر ـ في رحاب المغرب العربي ـ من أعماق الصحراء ـ الأديب الشهيد أحمد رضا حوحو في الحجاز.. وكان هذا الكتاب الهام آخر ما وصلني من تونس، بتاريخ 31 مارس 1992 يزينه التوقيع الشخصي للمؤلف، مع كلمة إهداء أعتز بها، ومما ورد فيها: هدية الوفاء للكلمة الأصيلة واللفتة الكريمة على صفحات جريدة الجمهورية، هدية الوفاء لشهداء الضاد من الثورة الجزائرية وحماة الضاد من الجزائر الحرة.

أذكر باعتزاز أستاذنا صالح خرفي رغم قلة اللقاءات التي جمعتني به أثناء الملتقيات الأدبية، كما يتذكره جيدا طلبة الآداب والصحافة خلال أواخر الستينات وبداية السبعينات، عندما كان يحاضرهم عن فكرة أو جملة استوقفته هنا أو هناك، قبل انتقاله سنة 1976 إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ليتولى من1984 إلى 1990 مسؤولية المدير العام المساعد بالمنظمة.

وتقلد الدكتور صالح خرفي عدة مسؤوليات في مجالات التربية والثقافة والصحافة والسياسة، سواء داخل أو خارج الوطن، كما مثل الجزائر في عدة ملتقيات ومؤتمرات أدبية وثقافية أثناء الثورة التحريرية وبعد الإستقلال، و ترجمت مختارات من شعره إلى اللغات: الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية، الروسية. وقد نال عدة شهادات تقدير وأوسمة فخرية، من رئيس الجمهورية (1987)، ثم وزارة المجاهدين (1984)، بالإضافة إلى جائزة الشعر الأولى من وزارة الإعلام والثقافة (1972).

تلك باختصار أبرز العلامات البارزة في سيرة ومسيرة أستاذنا المرحوم صالح خرفي نتذكرها اليوم وقد مرت منذ أسبوعين الذكرى الرابعة عشرة لوفاته مرور الكرام، حيث رحل عنا يوم 25 نوفمبر 1998 لتبقى كتبه وكتاباته وأعماله شامخة وشاهدة على النبوغ الأدبي الجزائري. ولعل أفضل وأروع تخليد لأعلام ورموز حركتنا الأدبية والثقافية و الإعلامية، يتجسد في جمع أعمالهم المطبوعة والمخطوطة، ونشرها بين المهتمين، ومتابعتها بالبحث والدراسة لتعميم الفائدة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى