الثلاثاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢
بقلم عادل عامر

المواد المرفوضة في مشروع الدستور

كان هناك اصرار الإخوان على الحصول على أغلبية فى الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور 57% بعد فصال عقيم مع التيارات الأحرى وصل إلى حد الإصرار على وضع الأزهر ضمن صحة التيارات المدنية لضمان أغلبية إخوانية سلفيه مسيطرة على الجمعية التأسيسية. ونشير هنا إلى تجربة تركيا الإسلامية التى قررت منذ حوالى 3 أشهر كتابة دستور جديد فشكلت لجنة تضم 12 عضواً يمثلون بالتساوى الأحزاب الأربعة الممثلة داخل البرلمان ويتساوى هنا حزب العدالة والتنمية الحاكم الذى حصل على نسبة تقترب من الـ50% مع الأحزاب الثلاثة الأخرى التى حصل أحدها على حوالى 10%، ومع ذلك تم تمثيل كل واحد منهم بـ3 أعضاء فى هذه اللجنة. لم يحاول الحزب الحاكم فى تركيا أن يهيمن على لجنة الدستور كما فعل الإخوان فى مصر مع ملاحظة أن تواصل الحزب الحاكم فى مصر مع الحزب الحاكم فى تركيا يكاد يكون شبه يومي ومع ذلك لم يستفيد من يحكمون فى مصر من المعانى السياسية لتركيبة لجنة كتابة الدستور فى تركيا واقتصروا الأمر على العلاقات التجارية وأمور «البيزنس»، متناسين أن السياسة والاقتصاد لا يمكن أن ينفصلا. وسوف اذكر مجموعة من المواد بالإضافة ما ذكرته في مقالات سابقة حني لا اكرر ما قلته من قبل

المادة 10 :- الخاصة بالأسرة والتى تتضمن حرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الاصيل للأسرة المصرية وتمسكها واستقرارها وترسيخ قيمها الاخلاقية وحمايتها على النحو الذى ينظمه القانون ويستكمل النص لكفالة الدولة لخدمات الامومة والطفولة بالمجان وتولى الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة دون ان تلزم الدولة بسن قانون ينظم ويحقق ذلك.

المادة 15، نجدهما بلا قيمة لعدم وجود قيم محددة مثل توفير المياه للزراعة فلا يصح أن تستنزف مياه مصر الجوفية فى ملاعب الجولف بينما نحتاجها للمحاصيل لإطعام الشعب وضرورة توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار تعاونية وضرورة تسويق الحاصلات الزراعية لمساعدة الفلاح وحمايته وتوفير حصة من الأراضى المستصلحة للفلاحين وهذا تم إلغاؤه فى الدستور الجديد.

المادة 16 والتي تتعلق بتنمية الريف والبادية وتعمل علي رفع مستوي معيشة الفلاحين وأهل البادية لم يكن لها آلية تضمن تنفيذها بدستور 71، ونتيجة لذلك انقرضت الطبقة الوسطى التى كان عبد الناصر قد رفع من قدرها هى والفقيرة، فقد كان لازما و ضروري وجود هيئة تراقب الحكومة فى تفعيل تلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لذا فحقوقهم تتآكل وسط تراكمات اجتماعية ولن تجد لها وجودًا فى هذا الدستور المعيب

الماده 76. والتي نصت (على أن)العقوبة شخصية ولا جريمة لا عقوبة إلا بنص دستور او قانوني ولا توقع إلا بحكم قضائي ولاعقاب علي الافعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون فقد اضافت مبدأ خطير جدا في شرعية العقوبة(بأن) جعلت النص الدستوري عقوبة في حد ذاته دون ان يصدر قانون يحدد هذه الجريمة وما عقوبتها حيث ان الفقه الجنائي انتهي (إلى) ان النص القانوني هوا لوحيد من خلال اصدار قانون ملزم للقاضي الجنائي في تأثيم الجريمة وعقوبتها وهنا(يدخل)النص الدستوري (كنص) ملزم للقاضي (لان)يحكم وفق الظاهرات في عقلية واضعي هذا النص .(والدستور) يوجد فيه نصوص عقابية(تقتضى) اصدار قانوني لسريانها (والظروف) الان لاتسمح بذلك (مع الرغبة فى سريان)النص فور الاستفتاء علي الدستور بنعم ويكون نافذا من تاريخ اعلان نتيجة الاستفتاء مثل مادة عزل وإقالة بعض قضاة المحكمة الدستورية العليا والعزل السياسي علي قيادات الحزب الوطني حني يتم تعطيل فصيل كبير من المجتمع من المنافسة السياسية ويصبح الملعب السياسي خالي للإخوان المسلمين بل اجزم ان هذا النص سوف يؤدي الي تضارب الاحكام من دائرة الي اخري في جميع المحاكم المصرية (متجاهلين)أن الدستورية المصرية تعد ثالث أكبر محكمة دستورية على مستوى العالم لها استقلاليتها، احترامها ومصداقيتها بعد الأمريكية والألمانية كما أن المخلوع لم يعين إلا رئيسها فقط وبقية الأعضاء الستة يتم انتحابهم ثم رأى المجلس العسكرى أن يتم انتخاب رئيسها من (قضاتها) والدستور الجديد جاء ليقلص اختصاصاتها. إننى أؤمن بأن استقلال القضاء هو رمانة ميزان العدل بالدولة

.المادة 66:- أن المشروع الجديد للدستور قام بتهميش بعض فئات المجتمع ليس بعدم ذكرهم فى نصوص ومواد الدستور وانما ذكرهم فى العموم بعبارات وشعارات رنانة بدون اى ضمان لتحقيقها وغير ملزمة مثل ذوى الاحتياجات الخاصة والمرأة والطفل وأصحاب المعاشات فلو نظرنا الى المادة 66 فى الفصل الثالث الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتى تنص على تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى ولكل مواطن حق الضمان الاجتماعى إذا لم يكن قادراً على إعالة نفسه وأسرته فى حالات العجز عن العمل او البطالة أو الشيخوخة وبما يضمن لهم حق الكفاية. وانتهت المادة على ذلك دون دعمها بالقانون فى حين المادة 65 التى قبلها والخاصة بتكريم الشهداء انتهت بعبارة وفقاً لما ينظمه القانون والمادة 64 تضمنت وفقاً لما ينظمه القانون والمادة 67 التى بعدها والخاصة بتوفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال انتهت بعبارة وينظم القانون ذلك ونفس الشيء بالنسبة للمادة 70 الخاصة بحقوق الطفل والمادة 71 الخاصة بالشباب والنشيء والمادة 72 التى تخص ذوى الإعاقة بدون الزام قانونى فى حين المادة 73 التى تحظر كل صور القهر تنتهى ويجرم القانون كل ذلك

ان ما نتحدث يصدده هو تهميش هذه الفئات رغم ذكرها فى مشروع الدستور الجديد بنصوص عامة غير ملزمة بقانون بمعنى انه قد يكون نصا دستوريا غير ملزم لأنه بلا قانون يلزمه او ضمانات تحققه وبذلك لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية التى كانت من أهم أهداف ثورة 25 يناير لان بعض النصوص الدستورية موثقة وملزمة بالقانون والبعض الاخر غير ملزمة

المادة 219 توافقت قوى مدنية وإسلامية على الاحتفاظ بالمادة الثانية كما هي والتى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع أصرت بعض القوى السلفية على وضع أحكام الشريعة فى أكثر من جزء فى الدستور حتى وصلت إلى المادة 219، والتى نصت على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة». وهو نص مثل عامل فرقة أكثر منه عنصر توافق، خاصة بعد أن تحفظت عليه قوى مدنية وإسلامية إصلاحية.
أن المجتمع المصرى الذى يعانى من خطر الفشل الاقتصادى والسياسى ومن مشكلات الأمية والفقر والمرض ومن انهيار فى الصحة والتعليم والخدمات، لن يحل مشاكله بترديد شعار أحكام الشريعة - التى لم يختلف عموم المصريين على مبادئها - لأن المطلوب هو تطبيق سياسات ناجحة مستلهمة من مبادئ الشريعة التى اختلف الفقهاء على تفسيرها، وانقسمت التيارات الإسلامية حولها حتى صارت أحزاباً ومذاهب فى أحيان كثيرة متناحرة.
من حق التيار السلفى أن يضع قضية تطبيق مبادئ الشريعة على رأس أولوياته السياسية ومن حقه أن يعمل على وضع أحكامها فى كل أو معظم مواد الدستور تعليم بما لا يخالف الشريعة وهذا يمكن أن يقوم به من خلال تنافس انتخابى وليس فى عملية كتابة الدستور. فالدستور لحظة توافقية يجب أن ينطلق الجميع فيها بأنه لا غالب ولا مغلوب، ثم بعد كتابه الدستور ومع انتخابات البرلمان سيسعى كل حزب لتطبيق برنامجه الانتخابى بما فيه حقه فى تغيير بعض مواد الدستور.

المادة 225 إن المادة ٢٢٥ من مشروع الدستور الجديد كفيلة بإبطاله إذا جرى الاستفتاء والموافقة عليه. أن هذه المادة تخالف مبادئ القانون وتبطل الدستور بأكمله، لأنها تشترط لنفاذ الدستور الجديد موافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء مما يعنى بطلانه إذا جرت الموافقة عليه بأغلبية بسيطة. أن هناك مبدأ قانونيا بأن النصوص لا تسرى إلا من تاريخ نفاذها أما قبل ذلك فتكون مجرد مشروع، وليست نصا نافذا ولا تسرى إلا على الوقائع اللاحقة على نفاذها، أن المادة 225 من مشروع الدستور تحدد النسبة التى يكون بها الدستور نافذا وحددت أغلبية لذا فهى تخالف المبادئ القانونية العامة لأنه لا يجوز لمادة دستورية لم تدخل حيز النفاذ بعد أن تنظم واقعة متزامنة مع نفاذها فى حين أنه لا يعمل بالنصوص إلا بعد نفاذها، بمعنى أن الموافقين على الدستور ليس من حقهم مسبقا تحديد نسبة الموافقة. أن المادة الواجب تطبيقها هى المادة 60 من الإعلان الدستورى التى تنص على أن الدستور يعتبر نافذا من تاريخ موافقة الشعب عليه والمدلول القانونى لكلمة الشعب هى المقيدون فى جداول الانتخابات ويصل عددهم لـ55 مليون مواطن، والتفسير الصحيح لهذه المادة 60 أن الجمعية الانتخابية تعتبر صحيحة على مستوى الجمهورية بحضور ما يزيد على نصف عدد المقيدين أى 26 مليون مواطن ولا يعتبر الدستور نافذا إلا بموافقة نصف هؤلاء أى ما يزيد على 13 مليون ناخب، والقول بغير ذلك ينتهى لبطلان الاستفتاء. أنه وفقا للمادة 225 فإن أى عدد ولو 500 شخص سيجعلون الدستور نافذا على 85 مليونا، وهذا لا يقبله عقل أو منطق ولا ديمقراطية، لأنه لا يمكن أن يدخل الدستور حيز النفاذ بأغلبية هزيلة. ويجب التمسك ببطلان المادة 225 لمخالفتها للمبادئ القانونية العامة، باعتبارها «كفيلة بإبطال الدستور بأكمله إذا وافقت عليه أغلبية هزيلة».

المادة 229:-والخاصة بنسبة الـ50% عمال وفلاحين. فجأة قرر الإخوان إضافة هذا النص «ويمثل العمال والفلاحون فى هذا المجلس بنسبة لا تقل عن 50٪ من عدد أعضائه، ويقصد بالعامل كل من يعمل لدى الغير مقابل أجر أو راتب ويقصد بالفلاح كل من امتهن الزراعة لمدة 10 سنوات على الأقل سابقة على ترشحه لعضوية المجلس ويبين القانون المعايير والضوابط الواجب توافرها لاعتبار المرشح عاملا أو فلاحا إن ما جرى مع هذه المادة يمثل تماماً ما كان يفعله مبارك ورجالة فرغم أن الإخوان والسلفيين كانوا من أشد المعارضين لوجود هذه المادة فقد عادوا وفى ساعات قليلة وغيروا رأيهم نتيجة حسابات انتخابية.

لقد اعتاد مبارك أن يزور الانتخابات إما بالطريقة الناعمة أو الفجة، فالأولى كانت أساساً من خلال ضمان أغلبية برلمانية للحزب الوطنى عن طريق نسبة 50% ممن ليس لهم علاقة بالعمال والفلاحين، كما جرى فى معظم ألانتخابات والثانية كانت عن طريق البلطجة والتزوير المباشر فى الصناديق مثلما جرى فى انتخابات 2010، والسؤال كيف يوافق أعضاء الجمعية التأسيسية بالإجماع على نص المادة 229 دون نسبة العمال والفلاحين ثم يقررون فجأة إضافتها بليل؟ هل يريدون أن نثق فيما أنتجوا؟ وهل يريدون أن نأتمنهم على إخراج دستور يعبر عن كل المصريين؟إن ما جرى مع هذه المادة هو عار حقيقى على كل من شارك فيها وهى تمثل مؤشراً واضحاً على نوايا الإخوان وحلفائهم فى الانتخابات القادمة،


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى