الأحد ١٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم شاكر فريد حسن

رحم اللـه أيام زمان..!

حين نسرح في بحر الذكريات يخطر على بالنا تلك الايام الخوالي الجميلة المتجسدة في الصدق، والهدوء، والطمأنينة، وراحة البال، وبساطة الناس، ونقاء القلوب، وصفاء النفوس، واحترام الكبير، والالتزام بالقول والفعل، عدا عن المحبة الخالصة، والصداقة الطاهرة، والاخلاق النبيلة، والمعاملة الحسنة، وليس كأيامنا هذه، التي طغت فيها المادة والتكنولوجيا وثقافة الايفون والغلاكسي واللايك والفيسبوك وتويتر، وساد الكذب في كل شيء، وانتشر الخداع، وغاب الحب، وتلاشت الصداقات الحقيقية، وانقرضت القيم الاخلاقية والانسانية.

فرحم اللـه أيام زمان حين كنا صغاراً في جيل الصبا والشباب نجتمع في فصل الشتاء بكل حب وغبطة وسرور، ملتفين حول موقد النار،وخاصة في ايام «المربعنية» و«سعد ذابح» و«سعد السعود» نشوي ونأكل البطاطا والبلوط، ونستمتع بالقصص والخراريف والحكايات الشعبية، التي كان يحكيها على مسامعنا الأكبر منا سناً، منها «اجبينة» و«نص نصيص» و«الشاطر حسن» و«ليلى الحمراء» و«الزير سالم» و«بني هلال» و«الغول» ونوادر" جحا" وغيرها الكثير.

ورحم اللـه ايام زمان عندما كانت امهاتنا يحضرن اكلات "المفتول" و"الشيشبرك" و"البرغل" و"المجدرة" وسواها من الاكلات الشعبية والتراثية فنملأ بطوننا الخاوية، وليس كهذه الايام التي انتشرت فيها الاكلات السريعة التي تحرق المعدة كالهمبورغر والبيتسا والشنيتسل والشيشلك وغير ذلك.

ورحم اللـه ايام الصيد في الشتاء حين كنا ننصب الفخاخ في الحقول وتحت اشجار الزيتون واللوز والسنديان والخروب فنصطاد طيور القطا والسنونو والشحرور وديوك السمن والحجل، وفي ذلك يحضرني ما ابدعته قريحة ومخيلة سيد الكلمة المحكية الفلسطينية الشاعر سعود الاسدي (ابو تميم) امد اللـه في عمره، حيث قال:

طلع النرجس بوعورو وفتح نوار
وعما يعزمنا نزورو شي مشوار
ماشي حافي في دربي وجيبي مفروط
وعبيتلك في عبي كمشة بلوط
ديك السمن يا غلبي نكحي مشعوط
شاف الفخة عا جنبي وع الحارك طار.

فهل تعود تلك الايام الخوالي ؟ هيهات وهيهات! فذلك حلم بعيد المنال. فالزمان لن يعود الى الوراء، والقادم والآتي اشد واصعب، واكثر تعقيداً وتوتراً وضغطاً نفسياً واقتصادياً، وهماً دائماً.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى