الأربعاء ٨ آذار (مارس) ٢٠٠٦
قصيدةٌ في بيان قُدسيّة الرسول الأعظم محمد
بقلم عبد العزيز شبين

الرسومُ الملعونةُ

تَبّاً لغَرْبٍ كما تَبَّتْ يَدا لَهَبِ !
جُنَّ الظَّلامُ بما أملى مِنَ الكَذِبِ
شمساً لعزَّتِهِ جازَتْ على الشُّهُبِ
مِنَ النّدى اللّوحُ مظفورٌ بغُرَّتِهِ
مسْكاً به افترَّ معسولاً مِنَ الذَّهَبِ
مّدَّتْ سَمَاواتها فتْحاً وخاتمةً
بكرْمِ أحْمَدَ لا مِنْ كرْمَةِ العنَبِ !؟
ماذا تخطُّ القوافي وهْيَ ثامِلَةٌ
مِنْ نهْرِ كوثَرَ يروي الرُّوحَ بالأدَبِ
للشَّاربينَ لذيذاً فاضَ مَشْرَبُهُ
لأَحْمَدَ انْكشَفَتْ في اِثرها حُجُبي !
يا سدْرَةَ العشْقِ ضُمِّي ألفَ سابحَةٍ
الى الجحيمِ بما رامَتْ مِنَ الرِّيَبِ !
أيُّ الرُّسُومِ التي مَسَّتْ لَنَا قُدُساً
حيناً ، ولَنْ يخرُجُوا مِنْ لجَّةِ السَّخَبِ
قومٌ عَمُوا دَخَلوا كهفَ الظَّلامِ سَرَا
مِنْ طَلْعِ آمِنَةٍ فَرَّاجَةِ الكُرَبِ
لمْ يعلموا السِّرَ مِنْ أيِّ الطُّلوعِ أَتَى
لطفاً بكلِّ دَمٍ في الجَهْلِ مُنْسَرِبِ
باِسمِ الذي منَحَ الكونينِ أحْمَدَهُ
لولا الهَوى مِنْ ضُحى عيْنَيْكَ لَمْ يَهَبِ
باِسمِ الذي وهَبَ الأنوارَ خاتَمَهُ
لمّا خطوتَ بها تدْعو منَ الرَّهَبِ
خطاكَ أخصَبَتا بيداً مُهَشَّمَةً
وإنْ بَذَرْتَ نَمَا زَرْعٌ بلا عُشُبِ
إذا مَشَيْتَ مَشَى غيمٌ بلا قَدَمٍ
وَمِنْ يَدَيْكَ تَنَامى الفيضُ لا السُّحُبِ
على جناحك بسْطُ الخيرِ مُنْفَلِقٌ
 
يُثيرُ غاشيَةً عقْرى مِنَ الجَرَبِ
أتيتَ أرضَكَ محصوراً بأبْرَهَةٍ
فاضتْ ببعثٍ كعَيْنِ النَّشْرِ مُنْسَكِبِ
ولُحتَ كالبَرْقِ في غبْراءَ مُهلكَةٍ
أخرجْتَ مِنْ ليلها صُبْحاً مِنَ الطَّرَبِ
بعطْرِ غاديَةٍ ، عنْقَاءَ شادِيَةٍ ،
لمْ يَنْسها قارىءُ الرُّجْعَى وَلَمْ يَخَبِ
علَّمْتَ أحرُفَهَا في الدَّهْرِ خالدةً
طَلَعْتَ تُنْقِذُ دنيا الخَلْقِ مِنْ صخَبِ
يا أحمدَ العرْشِ مبْرورٌ تَوَحُّدُنَا
أعلى تُخاطبُ قوْمَ الجَهْلِ في صَبَبِ
نزلْتَ بالرَّحْمةِ المُهْداةِ مِنْ أفُقٍ
حينَ التَظَى وَتَلاقَى الجنُّ بالعَرَبِ
غسلْتَ في الجسَدِ المَدْفونِ باطِنَهُ
كَمَا طهُرْتَ على الأوثانِ والصُّلُبِ
لَقَدْ تعاليْتَ عنْ رسْمٍ وعَنْ شَبَهٍ
وَرَوْحِ ذي هِمَّةٍ في اللهِ مُرتَهِبِ
مِنْ عيْنِ مكْرُمَةٍ باللهِ ما ظَمِئَتْ ،
وَظلَّ طائرةٍ قُدْسيَّةِ الرُّكَبِ !
وَوِرْدِ عامِرَةٍ لمْ يَطْوِها شظَفٌ
الخضْرَا مَدَائنَ لمْ تُطمَسْ وَلَمْ تَذُبِ
حلٌمْتُ أنْ أسْكُنَ الكونينِ في يدِكَ
وكنتَ لي العَلَمَ المَمْدُودَ عَنْ كَثَبِ
مَنَحْتَ لي أَوْبَةً أُخرى مُؤزَّرةً ،
وَرَاحةٌ مِنْ بهيمِ الضِّيقِ والتَّعَبِ
إنْ ضاقَ بي مسْلَكٌ رؤياكَ لي فَرَجٌ
لي الأرضُ ضاحكَةً ، مُخْضَرَّةَ التُّرُبِ
مددْتُ كفِّي إليكَ الفجْرَ فانْبسَطتْ ،
وأَرْتَضي مَأْمَلي مِنْ عزَّةِ الطَّلَبِ
أطوفُ في جنَّتي ما شاءَ لي بَصَري
فكانَ كشْفُكَ ميعادي ومُرتَقَبي
إليكَ شُدَّتْ مَعَ الإشراقِ أمتعَتي
قَدِ انْفَلَقْتَ به نِصْفَينِ مِنْ عَجَبِ
طرقْتُ بابَكَ حتى لاحَ لي قَمَرٌ
والخارجونَ بلا نَبْعٍ ولا حَسَبِ
فالدَّاخلون سيُولُ النُّورِ دافِقةٌ
لمولدي ، طابَ لي عَوْدي ومُنْقَلَبي
مُحمَّدُ اخترتُ زيتونَ السَّنَا شجَراً
بَزَغْنَ بعْدَ دُخانِ الإفكِ والعَتَبِ
أمَّلْتُ فيكَ نُجيماتِ المنى مُقلاً
بها تلوْتَ عيُونَ الآي مِنْ كُتُبِ
أعطيْنكَ الكَلِمَ المرقونَ فاكهةً
فبانَ سرٌّ خَفَى دهْراً مِنَ الحُجبِ
لنا شرحْتَ بها الأفكار مُشرِقَةً
أرى كحسْنِكَ مرفوعاً على النَّسَبِ
أشرقْتَ بالخُلُقِ الميْمونِ لاَمثَلاً
طليقةً كرذاذِ السِّحْرِ في الهُدُبِ
مسحْتَ أدمُعَ يُتْمِ الرَّملِ فائتلَقَتْ
تُضيىء كهْفاً مِنَ الأحزانِ والنُّوَبِ
لَمّا رأَتْ فيكَ أقمراً على قَدَرٍ
وأخْصَبَ اللَّوحُ تاريخاً مِنَ العنَبِ
تفتَّحَتْ في رؤاها البيدُ زاهرةً
قال : احفظي للضُّحى سفْراً مِنَ الخُطَبِ
رَوَى لها الطِّيبَ أوراقاً مفصَّلَةً
فالصَّمْتُ مقبَرَةٌ للمحو والهَرَبِ
وعلِّميها الوَرَى لا تَصْمُتي أبداً
يا الصَّحْوِ وانفُخْ بها دوحاً مِنَ الطَّرَبِ
يا أحْمَدَ الشَّمْسِ هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ مرا
وبتُّ أشْرَقُ في ليْلٍ مِنَ اليَلَبِ
مددْتُ نحوكَ أشواقاً مُحطَّمَةً
وحيثُ ظلاًّ أرى في مدِّه الخَصِبُ
لمحْتُ خطوكَ حيثُ الغيثُ منهمرٌ
محمَّدُ النُّورُ لمْ يُطفَا ولمْ يَغَبِ
مُحمَّدٌ هبَةٌ لم يَطْوِها غَبَشٌ
تمحو الكواكبَ في اِعصارها اللَّجِبِ
تلوتُ آيكَ والأصنامُ داجيَةٌ
منْهُ اقتبسْتُ الشِّفَا الأزكى مِنَ الوَصَبِ
عرفتُ أحمدَ في نفيي وفي سُدُفي
مَعَ الرَّسُولِ تلاشَتْ هيْبَةُ الشُّهُبِ
يا نفْحةً قُدُسُيٌّ وصلُهَا أبداً
مِنْ صدْقِ هذا التجلّي لا مِنَ الكَذِبِ
فقهتُ رسْمَكَ في العرفانِ مُنْبَعثاً
وصنْتُه في حمى ربْعي ومُنْقَلَبي
دوّنتُ حرفَك ميمُوناً بأوردتي
أمليتُها منكَ بعْدَ الحفظِ للحقَبِ
صبغْتُها بدمي قبل المدَادِ هوىً
بطهرِ قافلةٍ مادَتْ بلا جُنُبِ
ردَّدْتُ رجْعَكَ في الأفلاكِ مُبْتَهِجاً
وتقتفي مِنْ خطاكَ الهدْيَ بالكَنَبِ
تسيرُ نحوك لا كبوٌ ولا شَططٌ
وقصدَ غايتها بالحقِّ لم يَخبِ
يا بدء مئذنَةٍ في اللهِ ما انْقَطَعَتْ
فاضمُم جناكَ مبروراً منَ الرَّهَبِ
الفتحُ منْ يدكَ الخضْرَا له قبسٌ
لولا الهوى منْكَ لَمْ تُقْرأ ولَمْ تَجبِ
آياتُك الخضْرُ فينا حكمةً وَجَبَتْ
يُحيطنَا دعةً بالمسْكِ لا اللَّهَبِ
لقد صحونا على بسْطِ الضُّحى سعَةً
فطبْتَ نُوراً ونارُ الكفْرِ لمْ تطبِ
طَلَعْتَ أحمَدَ موهوباً على قَدَرٍ
لساكنِ الرَّمْلِ لم تقبضْ مِنَ الرُّعُبِ
لنا بسطتَ فجاجَ الأمنِ مُتَّصلاً
فانٍ ، وفيكَ خلودُ الرُّوحِ والأَدَبِ
علوتَ عنْ كلِّ رسمٍ سفرُه زبَدُ
ورُمْتَ كلَّ رفيعِ النَّخلِ والقُطُبِ
محوتَ كلَّ تواريخي التي انْخَسَفَتْ
بأحْمَدَ انْفتَحَتْ بوَّابَةُ الرَّحَبِ
نوافذي دونَ سرِّ الفتْحِ مُوصَدَةٌ
في حُسنِ مقتبِسٍ أو زينِ مُحتَجِبِ
أتممْتَ للخُلُقِ المحمودِ صورَتَهُ
فرحى بعرشك بيْنَ الماءِ والتُّرُبِ
تؤمُّ بالمَسْجِدِ الأقصى ملائكةً
بالسَّعْدِ مُنْبجساً مِنْ سبْعَةٍ شُهُبِ
يا أيُّها الأحمَدُ المختُومُ مَوْلدُهُ
إلاَّ لتطلُعَ في أثوابها القُشُبِ
آمنتُ أنّكَ خدْنُ الشَّمْسِ مَا غرُبَتْ
وثغر أحْمَدَ سحرُ الآيِ والخُطَبِ
مِنْ نبعِ آمنَةٍ ألطافُ مَرْحَمَةٍ
هدىً تبلَّج عنْد الشّرقِ مِنْ حُجُبِ
شطبتُ نفسي إذا ما جئتُ أذكُرُهُ
أعي ، بغيْركَ لَمْ أُحسِنْ ولَمْ أُصِبِ
بحبِّ أحمَدَ مخطوفٌ أَنَا وَلِهٌ
كواهلي مِنْ غبارِ الذّنبِ والتَّعَبِ
غفلتُ في كوثرِ التّوحيدِ ما حَمَلَتْ
لمهجتي ، وخيُوطَ الشَّمْسِ للهُدُبِ
يا أحْمَدَ اخترتُ زيتُونَ البَهَا فَلَقاً
غيماتُكَ الخُضْرُ أنّى سارَ لَمْ يَعِبِ
مازلتُ أذكُرُ لي ركباً تُظلِّلُهُ
أُدرِكْ لها عَدَداً في ظلمةِ العَرَبِ
أحصيتُ أنجُمَكَ الكُثْرَ الثَّوَاقبَ لمْ
تُنرْ غياهبَ مكروبٍ ومُسْتَلَبِ
لكنَّ شرْقاً خَبَتْ فيه الشُّموعُ فلمْ
مِنْ لوحِ أحْمَدَ لا حمَّالَةِ الحَطَبِ
الغربُ يُفزعه الاشراقُ منْبثقاً
بكلِّ مخضوضرٍ بالعزِّ مختضبِ
يا قمَّةَ الصّفْحِ خلِّ الأرض شامخةً
نبيُّهُمْ أنتَ ، ختْمُ اللهِ للكُتُبِ
النَّاسُ خلْفَكَ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمٍ
به أُجلِّي غواشي الرُّعْبِ والكُرَبِ
يا ابْنَ الضُّحى أَنَا مِنْ عينيك لي قَبَسٌ
لكَ السماءُ وبانَ السرُّ منْ حُجُبِ
إخلعْ بوادي السَّنا نَعْلَيْكَ قدْ فُتِقَتْ
ودثَّرَ الزَّمَنَ المَحْمُومَ بالأدبِ
يا سيّداً مَدَّ في الأبعاد بهْجَتَها
لمْ يُؤتَهَا أحَدٌ ملآنَةَ العَجَبِ
رصَّعْتَ عزْمَكَ في الأزمان ملحمةً
وأنتَ فوقَ سديم الزّيفِ والرِّيبِ
علوتَ كلَّ رسومٍ وَصْفُها سَفَهٌ
إلاّكَ لي سنَداً في يومِ مُنْقَلَبي !
يا سدرةَ الرِّفعةِ الزَّهراءِ لستُ أرى
والحبُّ لولا رسولُ الكَوْنِ لَمْ يَطِبِ
الشعرُ دونَ مديحٍ فيكَ مهزلةٌ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى