الاثنين ٤ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم ياسين عبد الكريم الرزوق

رسائل من الأزل

على صفحة الأبد«1»

أسلفوا للموت دماء خبزكم و لكن لا تنسوا عقد قرانكم على قبضته القاتلة علَّها ترأف بحالكم و تجيركم من نفاد طحين حياتكم الذي صار يحتسب بأيام ٍ فازت في مجرى سباق السنين التي باتت معمِّرة ً بتجاعيد اللحظات الفائزة بسباق الموت لتربح جائزة البرزخ الساكن.

ابكوا لكن حاذروا أن تغادروا ملاجئ الضحك و اعتمروا لكن لا تنسوا جموع الحجيج و موتوا دون أن تدوسكم أقدام الرصيف الشريد.

من يقسم على كتاب الربح سيراهن على أملاك الحياة ومن يشرب من نبع السماء لن ترويه مياه الأرض و أفكارها و من يعيش في ظلِّ امرأة ٍلا تعزف على قيثارة الأنوثة البصيرة لن يجتاز شبحها نحو منفذ الطموح المنير.

فلسفة الحياة يجب أن تخرجنا إلى دجل الانعتاق و قوقعة الخضوع دوماً تبقينا بقمقم الصدق المساوم.

جلس على ظهر القدر يومئ لفتاة اليقين فحرن حرنة القيامة و رمى به إلى قاع الجمر الأخضر.

في مقاطف الأزمنة لا بدَّ من العضِّ على حبَّات الحياة القاسية قبل الوصول إلى طراوة اللب الخفي.

إذا زرعوا في مساحاتنا الشاسعة بالعراء أفكار الطموح سنعاني زحمة الظلال قبل أن نقطف نبتة الطموح.

من جنون اليوم بمرض اللحظة سنقتبس ساعة النهاية.

ثوروا على لغة الخنوع لكن إياكم أن تتاجروا بخيالكم الجامح و العنوا مواء القطط لكن إياكم أن تخاطبوا النمل المكافح و أسلموا أرواحكم لربِّ الكون لكن حاذروا أن تبتهلوا الآلام المصلوبة.

من يكفهر متخبطاً بين جدران اليأس سيضيع في متاهة الأمل.

من تسيل بين فخذي الشمس حقَّ لها أن تذوق نشوة القمر.

الكرْم الذي يتسع للعنب يحيطه لفيف الأوراق الحاضنة و القلب الذي يتسع للناس تحيطه قلوب الدعاء الصادقة.

من يسعى وراء لقمة السيط الذائع ستفوته وجبة الضمير الخالد.

عزف الحياة أحياناً يبكينا و نارها تطفئنا و ثلجها يدفينا و حبوها يرشدنا إلى الوقوف و جريها يعلِّمنا التمهُّل و فقدانها يغوينا بالتمسك بها و مهما عزفناها لن نكمل مقطوعتها المتدرجة بمصير ٍ قادم هي سيمفونية الموت السفَّاح.

عندما يدرك المرء أنَّ خطوة القبر المطمورة بالتراب هي أزلٌ ينشد الحساب و القيامة في السماءلا يلطِّخ يديه بتعذيب و جلد جنون المرور الواصل بينهما بسوط اليقين القاتل المعذّب.

كربة الحيرة تبدأ بالقرار اليائس تحت وطأة الخذلان.

نزل العقل مطروداً من جنة الركود الصامت بعد أن قضم تفاحة الخلود الزائل و عندما لامست خلاياه تراب الجسد معجونة ً بخلطة المرأة القادمة فجرت به المرأة الأولى بعريها العفوي فكرة الغريزة الذكورية.

بال الشاعر على مسرح الجمهور فبدؤوا يفهمون حرقة السخرية الصفراء فعاد و بال على عقولهم بسحر الكلمات فشعروا بالدلال المشمئز من ضيق فكرهم الجاري في إحليلهم هنا بدأ الشاعر باستحضار لوثة الشعوب المخمورة بصولة الزهد المصطنع.

مفتاح الحياة المطمئنة هو النسيان الآتي من مئذنة الصبر و سقفها الاحتساب الساعي وراء إكمالها حتَّى يوم القيامة.

القلب الذي يطير بجناح ٍ واحد يهوي في سقطة الفاجعة السحيقة و القلب الذي يسير دون وقود الواقعية يقف عالقاً في شوارع الانتظار.

جاءت إليَّ نواميس الليل تعبث بتقلباتي لتحدث أورام الكآبة بحكَّاتها القاتلة و لكنَّ تعويذات الأمل المتفجِّر بأفكار الصباح أوقعتها في مصائد السقوط بصداع الدوار الحائر في مساحات الفراغ السفَّاح.

دروب المصير المحتوم سنخوضها دون أن نحسب حساب الموت و دروب الحبِّ الأعمى سنخوضها و نحن ندري أننا نقارع عتمات العذاب و انهيارات الجوارح و افتعالات الموت و امتطاءات قوارع القلوب و مع ذلك نستمرُّ بالعبور الشائك المبتور من أضلع الراحة والطمأنينة.

على صفحة الأبد«1»

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى