السبت ٩ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم رواء الجصاني

يوم المرأة العالمي والجواهري

امتداداً لمواقف وقيم الجواهري العريقة، المعروفة منذ عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، انتصاراً للنساء، وحقوقهنّ، ودفاعاً عن دورهن وموقعهن في المجتمع والحياة بكل مناحيها، جاءت قصيدته التي أسماها "رسالة مملحة" عام 1969 ليخاطب فيها نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك صالح مهدي عماش، وقد راحت تجيش بالكثير من الانتقادات لقرارات سلطوية تعسفية، طالت حرية فتيات ونساء العراق، ومن بينها منعهن من ارتداء الألبسة الحديثة، وملاحقة "المذنبات" منهن بتلك الجريمة المزعومة... ومما جاء في القصيدة:

نُبئتُ انكَ توسعُ الأزياء عتاً واعتسافا
وتقيس بالافتار أردية بحجة أن تنافى
ماذا تنافي، بل وماذا ثمَّ من أمر ٍ يُنافى
أترى العفافَ مقاسَ أردية ٍ، ظلمتَ أذاً عفافا
هو في الضمائر ِ لا تخاط ُ ولا تقصُّ ولا تكافى
من لم يخفْ عقبى الضمير ِ ، فمنْ سواهُ لن يخافا

وتستمر أبيات تلك "المملحة" التي شاعت في حينها باسم قصيدة "الميني جوب"، ليعيب فيها الشاعر "اسفافات" واجراءات قسرية متخلفة، حدّت من الحريات الشخصية، فراح يوجه المعني، ويقصد من خلاله السلطة كلها، للاهتمام بأمور أكبر وأجدى، تقود لإنهاض المجتمع وبناء الوطن:

طوق جهالات الحمى، والعنعنات به الجزافا
وتقص كل جذورهنَّ.. فلا القويَّ ولا الضعافا
اشع الحياة ولطفها في موطن يشكو الجفافا

ثم يعود الجواهري في مقطع لاحق ٍ مجدداً عشقه للجمال والحياة، والمرأة هنا رمز ٌ لا يضاهى، بل مرآة نيّرة لكل المعاني الانسانية السامية، برأي الشاعر العظيم والذي لم يخف يوماً تلك المباديء والرؤى، بل ويتباهى بها، ويكشفها لكل من بعد او دنا، وعلى امتداد عمره الذي قارب المئة عام كما هو معروف.. وها هو يصف التشيكيات الحسان:

الساحراتُ فمن يردك ان يطرن بك اختطافا
والناعسات فما تحس الطرف اغفى ام تغافى
والناهدات يكاد ما في الصدر يقتطف اقتطافا
هدي المسيح إلى السلام، على العيون، طفا، وطافا
ودم الصليب على الخدود يكاد يرتشف ارتشافا

ثم لا يكتفي الجواهري هنا بكل ذلك الوصف الباهر، والمعبر عن صدق رؤى، وصميم قناعات ورهافة أحاسيس، فراح يضيف، مما قد يُعدُّ كفراً لدى البعض، ممن يحمل وجهات نظر معاكسة وإن كان القولُ غزلاً بريئاً ... ومن يدري:

اني ورب صاغهن كما اشتهى هيفا لطافا
وادقهن وما ونى، واجلهنَّ وما احافا
لارى الجنان اذا خلت منهن اولى ان تعافى

لقد كانت تلكم القصيدة كما اسلفنا عام 1969 وكان الجواهري آنذاك في السبعين من العمر... وقد جدد تلك الرؤى والقناعات في قصائد ومواقف تالية، وحتى بعد ذلك بأكثر من عشرة أعوام، ولنا عندها وقفة وربما وقفات أخرى في كتابات قادمة...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى