الأحد ١٠ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم مريم علي جبة

العنوسة في سورية .. نسبتها أقل

قياساً لبلدان عربية أخرى

إحدى الدراسات أشارت إلى أن (9) ملايين عانس وأعزب في مصر
وفي بلدان أخرى: للحروب والاحتلال الذي حصد ويحصد العديد من الشباب ممن هم في سن الزواج أسباب مباشرة لعنوسة الفتيات

هناك مثل مصري يقول "ضل راجل ولا ضل حيطة" .. وهذا المثل كان يختصر بالنسبة للعديد من الفتيات مرحلة مهمة من حياتهن لأنهن يحبذن الاحتماء في ظل رجل بدلاً من العيش وحيدات دون زوج أو دون عائلة، ولكن هل هذا المثل يمثل الأهمية الكبيرة التي كان يمثلها سابقاً عند فتيات اليوم حيث التأخر في الزواج أصبح ميزة هذا العصر، هذا التأخر الذي ينطوي تحت الكثير من المسميات مثل الأوضاع الاقتصادية، أريد أن أكمل تعليمي وأن أحصل على شهادة أكاديمية، لن أتزوج من رجل يريدني ترك عملي .. إلخ من الأسباب التي لا تنطبق على الفتيات فقط بل وعلى الشباب أيضاً، فالمجتمع العربي بأكمله أصبحت نسب تأخر الزواج بين شبابه عالية إلى حد كبير، ما يوصل هؤلاء الشباب إلى مرحلة ما تسمى بـ "العنوسة" التي اختلف حتى تعريفها ما بين الماضي والحاضر، فقد ورد في كتاب لسان العرب أن كلمة "عَنسَ" تنطبق على الجارية إذا طال وقتها في بيت أهلها بعد إدراكها ولم تتزوج، فيما الآن تعرف العنوسة بأنها بقاء الفتاة لعمر ما فوق الخامسة والثلاثين والشاب ما فوق الأربعين دون زواج، وهذا التعريف الأخير ينطبق على الفتاة والشاب بمعنى أن الشاب أيضاً يصل إلى مرحلة العنوسة، ومن يعلم قد تكون العنوسة في القرن الثاني والعشرين أن يصل الفرد سواء كان ذكراً أم أنثى إلى سن الستين عاماً ولم يتزوجا.. فالعديد من الظواهر الاجتماعية خاضعة إلى التطورات التي تطرأ على المجتمع.
لكن كيف لنا التحدث عن مشكلة العنوسة في مجتمع أصبح العديد من شبابه وفتياته يكونون هم من أخروا زواجهم حتى وصلوا إلى هذه المرحلة ومن ثم أصبحوا دون زواج ودون عائلة.

تقول فتاة، ولا ندري أنَّ وصفنا لها بالفتاة في محلّه وهي في سن التاسعة والثلاثين من العمر، تقول أنها في بداية حياتها تقدم لخطبتها العديد من الشبّان، ولكن طموحها في أن تكمل تعليمها جعلها ترفض هؤلاء الشبان، حتى دخلت الجامعة وتخرجت منها وحصلت على درجة الماجستير وحالياً تحضر لمناقشة رسالة الدكتوراه ولكنها، وحسب ما أكدته أنها نادمة لأنها لم تتزوج وهي في العشرينات من عمرها عندما كان عدد كبير من الشبان قد تهافتوا لخطبتها ولكنها لم تكن ترى من هؤلاء الشبّان سوى أنهم أناس سيحتجزونها في البيت وسيقتلون طموحها في إكمال تعليمها وحصولها على أعلى الشهادات العلمية.. وتضيف هذه الفتاة: لا أخفيكم أن الزواج مشروع مهم جداً وحالة ضرورية يجب أن تعيشها الفتاة والشاب في وقتها وليس في وقت متأخر.. وختمت الفتاة: قدّر الله وما شاء فعل!!.

رجل ستيني لم يسبق له الزواج أكد أنه نادم أشد الندم لأنه يعيش وحدة قاتلة بعد تأففه من حالة الزواج على مدى سنوات عمره، وعندما سألناه عن السبب في ذلك قال: بدأت عملي بالتجارة والسفر بين بلد وآخر بعد تخرجي من الجامعة، ورغم أن والدتي، رحمها الله، كانت تحدثني بإلحاح عن ضرورة أن أتزوج وأنجب أطفالاً وأعمل على بناء أسرة، كنت حينها أرمي هذا الكلام وراء ظهري وأتطلع إلى المزيد من النجاح في عملي ظناً مني حينها أن الزواج سيؤخر نجاحي وسيجعلني أظلم امرأة أرتبط بها وأتركها أشهر دون أن تراني واراها على اعتبار أنني كنت أسافر كثيراً. ويضيف الرجل الستيني: منذ خمس سنوات فقط تمركزت في البلد ولم يعد السفر هاجسي أما عملي وتجارتي أصبح لدي الكثير ممن يعملون لدي ويحملون عني الكثير في مجال تجارتي، وأنا أصبحت وحيداً ليس في البيت فقط إنما وحيداً في داخلي، وكثيراً من جلسات وسهرات الأصدقاء لا أذهب إليها لأنني وحيد لا زوجة لدي ولا أولاد وهذا الأمر كثيراً ما يجعلني محرجاً أمام أصدقائي ومعارفي.. وختم: لن أتزوج وأنا في هذا العمر لأنني لا أريد أن أرى فارق العمر بيني وبين طفلي!!؟.
لقد أصبح موضوع تأخر الزواج مشكلة حقيقية تهدد مجتمعاتنا العربية حسب ما يؤكده الباحثون، ومنهم من يعزو سبب هذا التأخر أسباب عدة، لكن بات أهم هذه الأسباب وأخطرها تلك التي تجعل من الشباب أنفسهم يؤخرون زواجهم لأسباب يختلقونها هم.

شاب أكاديمي قال: جئت من بلدتي التي تبعد عن دمشق نحو 50 كيلو متر، وسكنت في المدينة الجامعية وتابعت دراستي في الجامعة حتى حصلت على الشهادة، وكم كانت سنوات الجامعة مليئة بالكثير من المفاجآت بالنسبة لي كشاب قروي من فتيات اليوم، مفضلاً أن يحتفظ برأيه لنفسه لأنه رغم كل شيء فإنه يحترم أخواته وبنات بلده جميعاً، مؤكداً في الوقت نفسه إلى أن موضوع الزواج لديه الآن مؤجل إلى أن يلتقي بالفتاة التي تجعله يقتنع بأنها هي التي تصلح لأن تكون الزوجة الأفضل!!. علماً أن هذا الشاب تجاوز الثلاثين من عمره!!

لا ندري بماذا ننعت حالة هؤلاء الذين لم يتزوجوا وقد بلغوا الأربعين والخمسين والستين من عمرهم، هل نقول أنهم ضحية أفكارهم ووجهة نظرهم، أم نقول أنهم اختاروا وعليهم تحمّل نتيجة اختيارهم، لكن أليس في هذه الأفكار وذلك الاختيار خطورة على المجتمع ككل.

لم نحصل على أرقام فيما يتعلق بنسبة الشباب والفتيات الذين تأخروا في زواجهم فيما يتعلق بالوضع في سورية، إنما وعلى ذمة دراسات اجتماعية نشرت في الفترة الأخيرة أشارت إلى ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا ، وتبين إحصاءات المسح عن صحة الأسرة في مركز الإحصاء لعام 2002م أن هناك ارتفاعاً في سن الزواج، وقد سجل المسح أن نسبة إجمالي غير متزوجين من الذكور 29.4%، ومن الإناث 25.6%. فيما تشير إحصائيات حديثة غير رسمية إلى أن نسبة العنوسة في سوريا ارتفعت إلى 50% .

و قالت إحدى الدراسات التي تناقلتها بعض المواقع الالكترونية في الآونة الأخيرة إن نسبة العنوسة في سوريا والأردن متقاربة ، حيث بلغ عدد الفتيات في سن الزواج بالنسبة للشباب " من 4 إلى 7 بنات مقابل شاب واحد ".
وجاء ارتفاع نسبة العنوسة بالتوازي مع الأزمة المالية العالمية وارتفاع تكاليف المعيشة وما صاحبها من عجز الكثير من الشبان عن توفير مستلزمات الزواج التي تتطلب تكاليفاً باهظة من سكن وحفل عرس ومهر, وغيرها من متطلبات تقتضيها العادات والمظاهر الاجتماعية .

ويمكن أن نقول أن نسبة العنوسة أو التأخر في الزواج في بلادنا نسبة أقل من تلك النسبة الموجودة في بلدان عربية أخرى، فقد كشفت دراسة شاملة أن معظم الدراسات عن تأخر سن الزواج والعزوف عنه تتفق على استفحال المشكلة في السنوات الأخيرة في البلدان العربية التي تشهد أزمات اقتصادية أو أمنية.
وأظهرت الدراسة إنه "مع تزايد نسبة الطلاق في البلدان العربية تطل مشكلة أخرى وهي العنوسة وبإصرار مبرزة عدم القدرة على الزواج أو العزوف عنه لمن هم في السن القانوني له".

ولفتت الدراسة إلى أن "أسباب العنوسة وتبريرات عدم الزواج تعود إلى الأعباء التي تلقى على الشبان من قبيل الحروب والهجرة والمهور المرتفعة وتكاليف الأعراس الباهظة ومسؤولية العائلات التي ترفض العريس لأسباب قبلية اجتماعية".
وكشفت الدراسة أن نسبة العنوسة وصلت في مصر إلى 9 ملايين عانس وأعزب وفي الجزائر تبين أن أكثر من نصف النساء في سن الإنجاب أمام خطر العنوسة ووصلت النسبة في الكويت إلى 30 % والبحرين إلى أكثر من 20% وفي الأردن هناك أكثر من 100 ألف فتاة فوق سن الثلاثين دون زواج حتى نهاية عام 2007.

وبينما وصلت نسبة العنوسة في كل من عمان والمغرب 10 % وفلسطين 1 % فقط لأن التوالد يعتبر من سبل مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي وفي العراق هناك 85% ممن بلغن سن الزواج وتجاوزن سن 35 سنة من العمر هن من العوانس لأن الحروب والاحتلال والحصار التهمت ملايين الرجال أو هجرتهم.

واعتبرت الدراسة أن العنوسة تعتبر واقعاً سلبياً يهدد مستقبل المجتمع بتراجع نموه الديموغرافي وتناقص القوة العاملة.
وأشارت الدراسة إلى تحفظات البعض على دراسات العنوسة لأنها تدرج غير المؤهلين للزواج لأسباب صحية وعقلية وأمنية ضمن إحصائياتها لمجرد أنهم في سن الزواج ولأنها لا تأخذ بعين الاعتبار حالات الزواج غير المسجلة مدنيا وتعتبر حالات الزواج غير الموثقة لاسيما في الريف من حالات العنوسة أيضا بينما العنوسة قد تكون اختيارا في الحياة بالنسبة للرجال والنساء.

قياساً لبلدان عربية أخرى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى