الأحد ١٧ آذار (مارس) ٢٠١٣
هل يسمح للأستاذ
بقلم عثمان آيت مهدي

حمل العصا داخل القسم؟

قد يوحي هذا العنوان بالاستفزاز، إذ كيف يعقل لمربي الأجيال حمل العصا لترهيب من هم زاد الأمة في المستقبل؟ ومتى كانت العصا وسيلة بيداغوجية لتعليم وتربية التلاميذ؟ يردّ التربويون والأساتذة والأولياء بشكل صارم وقطعي، أنّ عصر العصا قد ولّى، وحلّ محله عصر المناهج وطرق التدريس ووسائل التحفيز والتشجيع، وباختصار، عصر علوم التربية والبيداغوجية..

غير أنّ جريدة الإلكترونية CNN باللغة العربية تتاطلعنا بتاريخ 09/3/2013 وبعنوان يعتبر بمنظورنا خطيرا للغاية لا يرقى إلى خطورته، لا بكثير ولا بقليل، عنوان مقالنا هذا. يقول العنوان: "قانون بساوث داكوتا يسمح بتسليح المعلمين بالمدارس". وجاء في مضمون الخبر: "يتيح قانون وقع مؤخراً للمدارس في ولاية ساوث داكوتا الأمريكية السماح للعاملين بها حمل السلاح، على خلفية عدد من الهجمات المسلحة التي طالت مدارس بالولايات المتحدة" "ويسمح القانون، الذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع يوليو/ تموز القادم، للمدرسة بتشكيل برنامج مجالس أمنية، يتسنى من خلاله لتلك المجالس "تسليح العاملين لتأمين أو تعزيز الردع ضد أيّ تهديدات فعلية، والدفاع عن المدرسة وطلابها وطواقم التدريس، بجانب كل من يتواجد داخل مباني المدرسة من المواطنين، ضد هجمات عنف."

ولا يتوقف مضمون الخبر إلى هذا الحدّ، بل يضيف بما يجعلنا أكثرا دهشة وغرابة مايلي: ويبدو قانون ولاية "ساوث داكوتا" أقل تشدداً من آخر تبنته عدد من الولايات الأخرى، من بينها ولاية أوتا، الذي يتيح للمدرسين حمل أسلحة محشوة بالرصاص داخل الفصول الدراسية. وجاءت هذه القوانين في بعض الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية "مجزرة نيوتاون"، التي وقعت في إحدى المدارس الابتدائية بولاية كونكتيكت، التي أسفرت عن سقوط 26 قتيلاً، بينهم 20 طفلاً، في ديسمبر/ كانون الأول الفائت.

وقبلها طالعتنا بعض الصحف والمجلات الغربية بعناوين لا تقل غرابة مما يقع بالولايات المتحدة الأمريكية حاليا، على نحو:" "شرطة بالمدارس، أمر يثير السخرية!". "كلاب الشرطة بالمدارس في إيطاليا". "الشرطة بالمدارس البريطانية"، وغيرها من العناوين.

إذا أمكن تصور العنف بهذا الشكل الملفت للانتباه بأقوى دول العالم اقتصاديا وأمنيا وتربويا، فكيف يمكن تصوره في بلد يئن من أزمات مختلفة ومتعددة اقتصاديا وأمنيا وتربويا. المتصفح لجرائدنا اليومية والأسبوعية، تكاد لا تخلو من عنوان أو أكثر عن حادثة تعدي التلميذ على أستاذه، أو الوالد على المدير، أو التلميذ على التلميذ، حتى اختلط علينا الحابل بالنابل، لا ندري من الظالم ومن هو المظلوم، من المتهم ومن الجاني، وأصبحت مؤسساتنا التربوية في كامل القطر الجزائري تعجّ بهذه المظاهر السلبية التي لا تمت بصلة إلى التربية والتعليم.

إذا كانت الإحصائيات الدقيقة غير متوفرة عند المسئولين، لطبيعة الموضوع الذي يعتبر من الطابوهات في كثير من الحالات خوفا من الفضيحة، أو التشهير، أو تجنبا للمشاكل المترتبة عن العنف، فإن أغلب الأساتذة يكتمون ما يصلهم من شتائم وإيذاء في صدورهم.

هل من دراسة علمية مقارنة بما يجري في مدارس وثانويات الغرب وما يجري في الجزائر، علما أنّ العنف اللفظي أو الجسدي متشابه بين جميع دول العالم؟ هل هناك دراسة علمية ميدانية تستقصي ظاهرة العنف بمدارسنا، وتحلل، وتقترح الحلول المناسبة لعلاجها؟ لماذا هذا السكوت والإعراض عن الموضوع كلما دقّ أحدهم ناقوس الخطر؟ لماذا تحوّل العنف بالمدارس إلى عناوين باهتة ميتة في جرائد تقيم الدنيا وتقعدها حين ترغب في صناعة الرأي العام؟

وريثما تخصص وزارتنا مصلحة بإدارتها تتابع هذا الملف الشائك، وتعمل جاهدة من أجل محاربته قبل استفحاله كالنار في الهشيم، أقترح على وزارتنا أن تسمح للأساتذة حمل العصا في القسم، لأن السيل قد بلغ الزبى، وأصبح العنف سلوكا يوميا نعيشه بمدارسنا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى