الخميس ٢٨ آذار (مارس) ٢٠١٣
رحات بين الأسد
بقلم سامي العامري

واللبؤة وابن آوى

صامَ الأسد لمدة أسبوع والسبب هو تعنيف زوجته له حيث جلبتْ له ظبياً شهياً وذهبت لتصطاد ظبياً آخر حيث أن الظباء عاطشة وتتجمع حول النبع
ولمّا ذهبتْ لم تجد أثراً للظباء فعادتْ مسرعة فوجدتْ أن زوجها الأسد التهمَ الظبي بكامله وما بين قوله: أنتِِ السبب، وإلحاحها بالقول: بل أنتَ السبب،

زعلتْ منه ونامت جائعة وفي اليوم الثاني ذهبت لتصطاد كعادتها فلم تجد ما يطفيء جوعها فعادت متبرمة إلى العرين

وهكذا عدة أيام بينما الأسد يحس بالشبع والحرج في ذات الوقت

ولهذا قرر الزوج الصيام وعدم تناول أي طعام حتى يرى زوجته معافاة وشبعى ولكنها مرضتْ كثيراً واشتد مرضها

فما كان من الأسد إلا أن يعد العدة للصيد بنفسه وجلبِ الطعام لزوجته كهدية أو كدواء

فذهب مع الفجر بعد أن عانق زوجته وفيما هو سائر في طريق الغابة المشمس التقى بابن آوى فحكى له قصته فادّعى ابن آوى الحزن والتعاطف فنصح الأسد بالسير معه

فدلَّهُ على مرتع لقطيع من الحمار الوحشي قائلاً له أنَّ من بينهن حماراً يعرج قليلاً ولهذا فهو سهل عليك ففرح الأسد وشكر ابنَ آوى على لطفه فانطلق الأسد بكل ضعفه خلف الحمار الأعرج حتى انهار عليه بمعنى مريض سقط على مريض... وبعد أن أكل منه ما يسد رمقه دعا ابن آوى لتناول طعامه كمكافأة

فقال ابن آوى: لا أبداً، إنَّ مرض زوجتك أحزنني جداً وسدَّ شهيتي وأنت هزيل مُتعَب لا تقوى على حمل الحمار حتى عرينكم فاذهبْ للبؤتك ودعها تأتي إلى هنا لتأكل حد الشبع وأنا أأكل الفضلة.

فكّر الأسد بقول صاحبه ثم وافق طالباً من ابن آوى حراسة الحمار حتى يعود وزوجته فوافق...
وهناك عند الظهيرة لاح الأسد وزوجته يسيران ببطء نحو مكان الحمار فلم يجداه ولا ابن آوى فاشتد استياء زوجته ومرضُها

وغضبَ الأسد وراح يفتش عن ابن آوى في كل مكان ممكن حتى أدركه المساء وأخيراً عثرَ عليه مع أُسرَتهِ وجمعٍ من بنات آوى في أجمةٍ يشعلون النار ويرقصون ووسط حلقتهم أسياخ اللحم المشوي.

عاد الأسد مسرعاً وجلب زوجته لتراقب المشهد فقالت الزوجة وهي ترى الشواء الشهي: دعهم يكملون الشواء وحينها نهجم عليهم...

وهذا ما تمَّ إذ انقضَّ الأسد واللبؤة على الجمع الذي تفرق مذعوراً وبقي على مسافة معينة من النار.

قال الأسد لابن آوى: حسب الإتفاق تأكل زوجتي أولاً حد الشبع والفضلة لكم.

فقال ابن آوى وهو يرى اللبؤة تأكل بتلذذ: الروية والتبصر والحيلة هي من أساسياتي وبها حققتُ الكثير غير أني لم أكن أعرف أنَّ الغضب هو الآخر يمكن أن يأتي بثمارٍ، وما غضبك يا ملكَ الغابة إلا محل تقديري وتجلَّتي...

فقالت اللبؤة بينما هي تأكل: لن تخدعنا مرة أخرى بكلام عسلي... ومع هذا تعال أنت وصحبك وشاركوني الطعام واعلموا أنه ليس الغضب بل هو الوفاء منه، من الأسد والتسامح مني ولكن إياكم واللعب مع الكبار...

فقالوا لها: سمعاً وطاعةً يا مليكتنا، وراحوا يتناولون الأسياخ بوجل بينما النار تعكس في عيونهم شعوراً بحنق ومكيدة أخرى يدبرونها!

من مجموعة قصصية قادمة على لسان الحيوان بعنوان: في ضيافة بجعة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى