الاثنين ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم عبد الجبار الحمدي

سيدتي الجميلة.....

كثيرا ما أنظر إلى قسمات وجهه! فقط لكي احسب كم هي مساحة صورتي التي تغطيه، لعلي حينها أكون قد لبست أساور هواجسي جنونا بعد أن دلفت الخيوط البيضاء خلسة نحو شعر رأسي، حتى باتت كل الألوان الاصطناعية لا تغطي هتك السنين له، كامرأة أخاف عليك ومنك!؟ اعتقد هذا ليس جرما!؟ فأنا كما تعلمَني امرأة تغلغلت أنت في أحاسيسي ومشاعري بل روحي، نُصِبْت بعدها سيدا على أرض مدينتي البيضاء، تلك التي هممنا معا بريها لتغدو إرثا نابضا، عملنا بجهد متواصل على أن تنمو بشكل جميل، لعلك تذكر حين كنا نتماسى وراء زجاج شرفتنا هاته التي شهدت...

رسمت لحظات همس حب ودعابات ليل، يا الله!!! كأني أراها الآن صورا على الزجاج حين كنا نتذوق رحيق زهر الحب، أصدقكِ القول يا أنا والحقيقة أقول... لا أدري ما هو مصدر خوفي؟ بالتأكيد ليس عدم ثقة ولكن؟ ربما أني لم أعد أراني في مساحات وجهك حين انظر إليك في الصباح أو المساء، أو ربما لأنك لم تعد تجلس معي على شرفة مساءاتنا الجميلة لنحتسي القهوة ولاستماع أغاني السيدة، كما أني أراك قليلا ما يلفت نظرك التغيير الذي أقوم به على نفسي، مع العلم كنت كالصقر في شدة ملاحظتك لأي شيء يتغير، وما عدت تبدي رأيك بطيب طعام أو بتغير مكان أثاث، حتى الثوب الذي اشتريته لمناسبة ذكرى عيد زواجنا لم يجذب انتباهك، بل انك نسيت أصلا هذا اليوم، لم أرغب أن أضجرك بنسيانه فقلت: لعله ملل كثرة ذكراه مع مرور السنين الطويلة، لا أخفيك لقد زحف تمساح الشك بفكيه إلي، كاد يقطع حبل مودتي معك، بعد أن رمى إلي بدموعه...

يثرثر من خلالها بأن هناك امرأة أخرى في حياتك، ما عدت عطر حياتك المفضل، ولا أنينك في خضم تكالب الأيام، سولت لي نفسي أن أسعى إلى مراقبتك، بل حتى تتبع خطواتك فطالما كنت بانتظارك قرب أي مكان تذهب إليه، في عمل أو لقاء مع أصدقاء، أراك دون أن تراني، لم يكن هناك شيء كما ادعت تلك الدموع، أما كونك شاردا دائما؟! ذاك هو ما حيرني، رحت أترجم كل حركاتك ومفرداتك، حتى كيفية ارتداء ثيابك بتأنق كانت كلها تقلقني أكثر فأكثر، هكذا كانت حياتي معك قريبة من الجحيم، الجحيم الذي نسجته نفسي من دواخل هواجسي، فصرت أتلظى، أريد أن اعرف ما الذي غيرك؟ ما الذي جعلك شاردا بعيدا عني؟ ألم يكن حضني هو مرساتك التي نلتقي عندها كل ليلة؟ ألم يكن صدري وسادة أحلامك؟ ألم تكن شفاهي هي ماء الحياة بالنسبة لك.. ألم تذكر في كل مرة نجلس معا تبدأ بمداعبة خصلات شعري؟ تقول لها لقد أزدت ألقا وورعا أيتها الجميلة، كنت تحبها رغم عنادي لك على صبغها، خوفا من نظرات يأس وملل متى ما رأيتها وقد صارت تملك كل شعر رأسي، لا أفتأ اردد عبارتك بداخلي حين كنت تقول لي إن الجسد يبلى هرما، أما الروح فتبقى فتية ما دام يكتنفها الوئام والحب، لذا دعينا نحيا بذلك الحب ريحانة ما بقي لنا من عمر، آه كم أود أن ترددها على مسامعي أني بحاجة إلى سماعها منك.

أتدري؟؟ يا حبيبي سأصارحك حين أراك بكل همي وشكوكي، لا أعتقد أن ذلك يغضبك، اعلم جيدا أنك تحبني، لكن ماذا تقول؟؟! أني امرأة مثل كل النساء اللاتي تغار على من تحب قد تعامله بقسوة، وربما تشك به مثل حالي لكن أبدا لا يمكنها أن تغفر لنفسها إن عمدت إلى أذية من تحب، فذاك يعني دمارها، سأرجوك بكل أيامي ولحظاتي، سأحلفك بكل ما تحب أن تقول لي ما بك؟؟ ما الذي غيرك فجأة؟!! سأنتظر عودتك لكي أواجهك بمخاوفي وهواجسي...

كانت قد أعدت الطعام الذي يحب، وارتدت الثوب الذي لم يلاحظه، وجلست تنتظره على أنغام موسيقى بعيد عنك حياتي عذاب، انتظرت... وانتظرت حتى بات القلق جليسا لها، همهمت بمفردات طردت بها جُلاّس ظن السوء، وما هي لحظات حتى وجدته أمامها... تعبا متغير الملامح ضاعت صورتها من على وجهه!!

عمتِ مساء سيدتي الجميلة... اعتذر عن التأخير، لم يكمل حديثه... كانت قد قفزت بخفة فتاة في العشرين بعد أن وضعت يدها على فمه لتقول له: لا عليك .. لا تعتذر يا حبيبي إني قلقلت عليك كثيرا، ألا تراني ارتجف خوفا عليك، لا أدري لم داخلني هذا الخوف فجأة رغم أني أردت معاتبتك على إهمالك إياي طوال هذه المدة، لقد ظننت أن هناك شخصا آخر في حياتك، فقررت البوح لك بكل ما يدور في خَلدي من ظنون، مع العلم أدرك جيدا مدى حبك لي، وتدرك أنت جيدا مدى جنوني بك، فأرجوك بُح لي بما يقلقك، فأنت لست أنت!!

هيا يا حبيبتي اجلسي لأطلعك على الأمر... في بادئ الأمر لا أجد كلمات تعبر عن سعادتي بقلقك وحبك لي أما حرصك علي... فلمست ذلك من اليوم الثاني الذي لاحظتك فيه تتبعيني أين ما ذهبت، بدا الذهول على وجهها واحمرت، فعقب ... لا عليك لقد كنت سعيدا جدا بما أراك تفعلينه، لعل هذا هو ما جعلني انطوي أكثر وأشعر بغصة ومرارة...

ردت بدون تفكير.. ماذا تعني بكلامك؟؟!

أرجوك اهدئي واسمعيني إلى الآخر، فلا أظن أني أستطيع التفكير، لقد جلست مع نفسي وقررت إن أخبرك بالحقيقة وهذا ما أتعبني أكثر، فليس من السهولة البوح بما ينغص الحياة بالنسبة لي أو لك...

كانت تستعر نارا بداخلها تقول...يا له من رجل جحود، يحاول أن ينمق لي الجمل حتى لا يثير غضبي، كما أنه يدرك أن ما سيخبرني به ينغص حياتي وحياته.... فجأة!! حياته لِمَ ينغصها إن كان قد ضم تحت سنونه تلك امرأة غيري، ربما قال ذلك ليخفف غضبي...

قطع سلسلة أفكارها قائلا: لا تبتعدي كثيرا بظنونك وأنصتي أرجوك.... لقد كنت مشغولا في تلكم الأيام بتصفية الأمور المادية، وقد أوصيت بنصيب الأولاد مما نملك، كذلك حصتك أنت بيد أني أبقيت القليل تحت اليد لتصريف الأمور....

جن جنونها لحظتها... صرخت إلى الجحيم بكل ما تملك، أتراني أعير أهمية للماديات حتى تُقَسِمها بيننا، ألم تخجل من نفسك!! وأنت بهذا العمر تبحث عن حب جديد لتلهو بقية أيامك معه، يا إلهي!! هل جننت يا رجل؟ ألهذا حاولت استمالتي بمقدمة حب حتى تطلعني على بوحك هذا... ثم ماذا تريدني أن أفعل؟ أصفق لتصرفك الصبياني مثلا... ثم أخذت تكيل له اللوم... وهو يفرش وجهه بابتسامه مع دمعة رقراقة أبت النزول كبرياء لرجولته، لكن لا حياء في الحب... جرها من يدها أطبق على فمها ثم أردف .... آه كم سأفتقد غيرتك.. لهفتك علي، شعر بوخزة، فك ياقة قميصه، تعرق وجهه، بلع ألمه ثم أكمل يقول: تذكري دوما أنك حبي الأول والأخير، دعي كل شكوكك بعيدا فلا يمكن أن أبدل حضنك وصدرك وشفاهك بكل نساء العالم، لكن ما باليد من حلية فالمكان الذي أنا ذاهب إليه لا أظن أني سأحياه كما روعة الحب معك...؟ لكن بالتأكيد سأنتظرك هناك، ونام على صدرها دون أن يصحو مرة أخرى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى