الجمعة ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠١٣
ليلى اورفه لي
بقلم ليلى أورفه لي

قصيدة النثر حالة شعرية شعورية

 لدي مسؤولية مضاعفة في حمل رسالة الانسان الأساسية في الحياة والتي هي نشر قيم الجمال والحب والخير والحق
 الشعر يكون شعر حسب ما يحمله من جماليات والجمال ليس حكراً على لون من ألوان الشعر دون الآخر
 قصيدة النثر حالة شعرية شعورية لها خصوصيتها ومقوماتها
 الحياة في تجدد مستمر والقانون الثابت في الحياة هو قانون التجدد ولكون الشعر أحد أشكال التعبير عن واقع الحياة وعن ذات الفرد فهو حتماً في حالة تجدد

********
 انت شاعرة مبدعة تكتبين بأسلوب حديث يحمل تطلعات المرأة الحضارية حدثينا عن كيفية كتابتك، برغم الإيحاءات والدلالات يتمكن شعرك من احتواء الدفق العاطفي والجمع بينها وبين الحالة الانسانية بطريقة فنية
 إن المرأة في العصر الحديث تحاول رد اعتبار وجودها في المجتمع ، بكونها إنسان له حق الحياة بغض النظر عن صفات الأنوثة التي حاول المجتمع أن يجعلها قيوداً عليها، وكأنها عبئاً على كاهل المرأة أو وزراً عليها التكفير عنه أو التبرّء منه وتجميده خلف الحجاب والجدران، وفي هذا ومن كوني امرأة أمارس الكتابة فلدي مسؤولية مضاعفة في حمل رسالة الانسان الأساسية في الحياة والتي هي نشر قيم الجمال والحب والخير والحق، وأركّز على كلمة الإنسان التي تشمل بمفهومها المرأة والرجل معاً متجاوزة صفات الذكورة والأنوثة ، فتصبح الكتابة الإبداعية هي الارتقاء من الأنوثة إلى الإنسانية انطلاقاً من خصائصها بنقل التجربة الشخصية – الذات الفردية بصفاتها وميزاتها الفريدة بذاتها إلى الذات الإنسانية لإغنائها والاغتناء بها، وتكوين نسيج إبداعي يرتقي أكثر فأكثر بالذائقة الفنية الإبداعية في المجتمع.

  حدثينا لماذا اخترت الشعر الحديث، وهل هناك موقف من شعر الشطرين أم أن الشعر برأيك يمكن أن يكون حراً حسب ما يحمله من جماليات وهذا لا يتوقف على نوع معين؟
 إن شكل الكتابة نوع من أنواع الحرية التي تبدع كل ما هو جديد، ولأن قصيدة النثر تخرج على كلّ ما قد يقيدها من أعراف وتقاليد فقد اخترتها لأني بهذا الشكل الإبداعي أستطيع التحليق في فضاء الكلمة دون قيود من أي نوع كان. ليس لدي موقف من شعر الشطرين، وسؤالك يحمل بعض الجواب في طياته، لأن الشعر يكون شعر حسب ما يحمله من جماليات والجمال ليس حكراً على لون من ألوان الشعر دون الآخر، الشعر ... كلّ الشعر جميل وأنا قد اخترت الكتابة الإبداعية بهذا الشكل لأني أجد نفسي به حرة تماماً ، وقد سبق لي القول في مناسبة أخرى أنَّ قصيدة النثر تشبهني فهي بسيطة جينما أكون بسيطة .... وغامضة حينما يكتنفني الغموض وتلفني الأسرار ... وهي سريعة كالومضة حينما تكون لحظاتي نزقة... وحين أتنبه إلى أنني دخلت في الوزن والإيقاع اللغوي ، أحاول التغير في المفردات إخلاصاً لها.

 هل أنت مع اللغة السوريالية في الشعر والرمز المغرق أم من المفترض أن تكون الحداثة أيضا قريبة من المتلقي على مختلف ثقافاته ؟
 اللغة هي حالة بحد ذاتها، ولا أضيف جديداً حين أقول، أن طريقة استخدام اللغة وطريقة التعبير بها تعكس حتماً الحالة الداخلية للإنسان، كما تعكس توجهه الفكري والثقافي والجمالي ، والرسالة التي يريد أن ينقلها من خلال كلماته، وانطلاقاً من ذلك فإن الرمزية المغرقة العصيّة على الفهم تماماً إما أن تكون في الأصل حالة غير واضحة المعالم بل متقوقعة داخل شرنقتها وتعبّر عن هذا الغموض بلبسٍ يوقع المتلقي بمتاهة تأخذه إلى اللامكان وتقوده إلى اللاشيء وتوصل له اللارسالة، أو أن تحمل في رمزيتها بعض المفاتيح التي على المتلقي أن يجهد ذهنه كثيراً أو قليلاً لاكتشافها وبالتالي تمكّنه من دخول عوالمها والوصول إلى مكان ما وهي بذلك تتوجه إلى فئات مختلفة من المتلقين حسب درجة ثقافتهم وذائقتهم الفنية والحياتية. أما أن تكون اللغة كلاماً لمجرد الكلام ورمزية لمجرد الرمزية لا غاية لها فهذا ما أراه نوعاً من الشلل النفسي والشلل اللغوي ، وضرباً من العبثية غير المبررة التي تعبث بقوانين الحياة والكون. وانطلاقاً من أن الشعر رسالة فإن الشاعر يختار اللغة التي تناسب رسالته وتعبّر عن رؤيته الفكرية والثقافية وعن حالته الشعورية ويختار بالتالي المتلقين الذين يريد الوصول إليهم بتجربته الشعرية.

  هذا النوع من الشعر هل يمتلك قاعدة شعبية برايك وما هي مقوماته؟
 إن قصيدة النثر حالة شعرية شعورية لها خصوصيتها ومقوماتها وهي ليست سهلة كما يصفها المتحيزون للقصيدة التقليدية حيث يبتكر فيها الشاعر لغة وصوراً وموسيقا داخلية تكون بديلاً عن الإيقاع الموسيقي اللغوي الذي يميز القصيدة التقليدية وهي بذلك تتميز بالإيجاز والتكثيف وإبراز التناقض بين الحالات الوجدانية والمواقف الحياتية متكئة على تألقها في النهاية غير المتوقعة التي تصل حد الإدهاش والإبهار وهذا يعني فيما يعنيه أن لها كينونتها المستقلة الضاربة جذورها في أرض الشعر والمتنامية باستمرار من خلال العلاقات الجديدة التي تبنيها بين مفردات اللغة . وقد امتلكت قاعدة شعبية واسعة فالقارئ هو الذي يهتف مسحوراً أو منتشياً بعد كل قراءة ... هذا حقاً شعر ... ولو لم يكن القراء من هذا النوع لما كان عدد كتّاب قصيدة النثر في تزايد مستمر ، ولما كانت الاصدارات الشعرية لهذا الشكل من أشكال الكتابة تصدر باضطراد على امتداد الوطن العربي لدرجة أن بعض الشعراء أصبحوا يصدرون مجموعات شعرية تتضمن الومضة الشعرية فقط بينما يلوّن البعض الآخر في مجموعته بين الومضة وبين القصيدة الطويلة والقصيرة ، كما تطالعك الصحف والدوريات العربية كل يوم بالجديد من هذا الشكل الإبداعي وإصدارات اتحادات كتاب العرب العربية بوصفها مؤسسات حكومية معنية بالشأن الثقافي تصدر العديد من المجموعات الشعرية لشعراء قصيدة النثر مقارنة مع اصداراتها لشعر القصيدة التقليدية

 هذا النوع هل أثبت وجوده أم أنه لا زال يكافح لهذه الغاية وأي نوع من الشعر أبقى للمستقبل؟
 الحياة في تجدد مستمر والقانون الثابت في الحياة هو قانون التجدد ولكون الشعر أحد أشكال التعبير عن واقع الحياة وعن ذات الفرد فهو حتماً في حالة تجدد ، وقصيدة النثر لها حضورها القوي وكما أراها هي الأقدر في التعبير عن الكثير من التفاصيل الصغيرة في مواقف الحياة العصرية ومفارقاتها لقدرتها على التناسب مع إيقاعها ونزقها وحركتها ، وقد شكّلت ظاهرة أدبية بالرغم من كل ما أثير حولها من تشكيك في شعريتها وشاعريتها ... وكل نوع من أنواع الشعر تراكم عبر الزمن من خلال خبرات وتجارب مختلفة لذلك المطلوب من النقد الأدبي دراستها بوصفها نوعاً أدبياً له شخصيته واستقلاله ، ودراستها من داخلها بمعايير أدبية تنبع منها وليس بفرض معايير وقيم نقدية من نوع آخر عليها، لأنه من حقها أن تُدرس لإبراز جمالياتها وقيمتها الأدبية دون تبني الآراء الجاهزة والرفض المسبق لها لمجرد شكلها، عليهم واجب دراستها من داخلها كما قلت ، لأن المبدعين مستمرين في إنتاجهم الأدبي فهم المعنيون بصياغة المفاهيم الجمالية وإبداع القيم الفنية ، وعلى النقد البنّاء اللحاق بهم لتمييز الضعيف من القوي وانتقاء الأجمل منها لأن الضعيف والقوي موجودان في الأشكال الأدبية كلها، لا أن يقارنها بما يختلف عنها، وبذلك يتحول النقد الأدبي من انتقاد يهدم إلى نقد يبني ويبرز مواطن الجمال فيسهم في رفدها وفي دعم مسيرتها . وإذا كان البقاء مقصود به الفترة الزمنية فالأمر متروك للزمن ومسافة الطريق ممتدة أمامها ولا أستغرب أن يأتي الإبداع في المستقبل بأشكال أخرى مختلفة في الإبداع والتعبير، المهم هو إبداع الجديد... لأنه في الجديد تتجدد الحياة.

 هل تقرأين كل أنواع الشعر أم أنك تركزين على الحداثة وأي الأنواع أثرت في ثقافتك الشعرية؟
 أقرأ كل أنواع الشعر وأحب كل أنواع الشعر لكني أحب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر أكثر فإنها تأخذني إلى عوالمها التي تفتح نوافذ جديدة تطل على الأفق الشعري الحديث، وكلّ ما قرأته أثر في ثقافتي الشعرية وحينما بدأت الكتابة في حداثتي بدأت بكتابة القصيدة التقليدية وكنت متأثرة بالنصوص المدرسية ثم حين تنوعت قراءاتي واغتنت ثقافتي آثرت على نفسي الكتابة بقصيدة النثر.


مشاركة منتدى

  • شكراً استاذ عادل لنشر الحوار أرجو أن يكون فيه الفائدة والمتعة

  • توضيح
    هاتفني بعض الأصدقاء متسائلين كيف تجرين حواراً مع نفسك وتنشرينه ؟ فأخبره بملابسات الموضوع ، لذلك أردت توضيح الأمر، وهو أن أحد الأصدقاء الأدباء أرسل لي هذه الأسئلة وأجبت عليها معتقدة أنها ستنشر كما هي على شكل حوار، لكني فوجئت أنها لم تنشر باسمه أولاً وثانياً نشرت على شكل تقرير إخباري أو دراسة إن جازت التسمية في موقع سانا الإخباري، مما استفزني بعض الشيء برغم جمال ما نشر، فكتبت للزميل عادل أرجوه نشر الحوار كما كان ... فلبى طلبي وتم النشر وبدا الأمر كأني أجري حواراً مع نفسي ... وشكراً لكل من استفسر وسألني من الأصدقاء وللذي أشار علي كتابة هذا التوضيح ...وكل الشكر لديوان العرب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى