السبت ١٣ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم فوزيّة الشّطّي

غزّةُ والذّئبُ

الإهداء: «إلى غزّةَ الفلسطينيّة وَقُودِ المِحارق الصّهيونيّة الّتي لَم تُبدِعْها مُخيّلةُ الرُّهاب».
 
غزَّهْ لا تَهابُ الذّئبَ، لا تَخشَى مَخالبَهُ.
تَحُثّ الخطْوَ، تُبطِئُهُ
إلَى الدّرْسِ، إلَى بَوّابةِ الشّمْسِ تُعاوِدُهُ.
حَصاةً تركُلُ حينًا وأحْيانا جَلامِيدَ.
تَحُثّ الخطْوَ في الفَجْرِ
تعُدُّ جَماجِمَ الموْتَى على مَهَلٍ
تُرصِّفُها كما الأقلامِ والكتُبِ
وترْكُلُ ما غصَّتْ بهِ الطّرُقُ
يَمرُّ العِيدُ تلوَ العيدِ تلوَ العيدْ
كَالطّيْفِ... يَمُرُّ بِها ولا يَنزِلْ
فلاَ ثوْبَ ولا حلْوَى
ولكنْ طيفُ أمْنيةٍ يُحلّقُ في مَدامِعِها،
يُغرِّدُ في أنامِلِها... ولا يَنزلْ.
«حِسابِي، يا مُعلّمَتِي، حَفِظتُ جميعَ أبوابِهْ:
جَمعْتُ عَمِيمَ موْتايَ بلا زَلَلٍ
بِجَرْحايَ غصَّ جَدوَلُ الجمْعِ
طَرحْتُ العَيْنَ مِنْ وجْهٍ
طَرحْتُ الأذرُعَ الصُّلبَهْ ورِجْلاً ظلّتِ السُّبُلَ
وفي الضَّرْبِ بَلغْتُ الذّرْوَةَ القُصْوَى
جِراحَاتِي إذا ضُرِبَتْ بِأيّامِي
سأنزِفُ وَرْدَ أوْرِدَتِي وأسْقِيكُمْ على عَجَلٍ
أسْقِي نَخْبَ أعْيادٍ مُؤجَّلة وأعْوامٍ بلا وَشْمِ
طَرِيقِي إليكِ أُغْرِقُهُ، مُعلِّمتِي
كَما الطّوفانِ شِرْيَانِي.
وبَيتِي كُنتُ أسْكنُهُ، فَصارَ يَسكنُ الْغَيْمَهْ
وألقاهُ بأخْيِلتِي شُعاعا يَبْهرُ عَيْنِي
يَكادُ، لِلهْفِي، يُعْمِينِي.
مِنَ الصَّلصالِ أعْمِدتِي، وأغْطِيَتِي مِنَ الوَرَقِ
وسَقْفِيَ إكليلٌ مِنَ السُّحبِ،
هُنا الجدْرَانُ قائِمةٌ
وبابُ البيْتِ يَحْرسُ دُمْيتِي الكَلْمَى
يُجدِّلُ شعْرَ أحْلامِي، يُهدْهِدُنِي
ويَحْرُسُ فَيضَ ألْحانِي
وإنْ نامَتْ نَواطِيرِي شَكانِي البَيتُ لِلغَيْمهْ.
وذِئبُ الغَابِ يَرْصُدنِي، مُعلِّمتِي
يَفُكُّ ظَفائرَ شَعْري، يَسُدُّ طَريقَ مَدْرَستِي
يَعُدُّ عليَّ أنفاسِي
حِبْرِيَ يُهرِقُهُ كما وَرْدَ شَرايِينِي
ويَنْهبُ شَعْثَ كُرّاسِي».
غَزّهْ لا تَخافُ الذّئبَ، لا تَخْشَى مَخالبَهُ
كَكفِّ يَديْها تَعرِفُهُ... ويَعرِفُها
وتَضْحكُ مِنْ وَساوِسِنَا إذا قُلنَا لَها:
«كُونِي عَلى حَذَرٍ. فذِئْبُ الغَابِ يَرصُدُكِ».
غَزّهْ لا تَهابُ الذّئبَ مُذْ نعُمَتْ أظافرُها
فَعَينُ الشّمْسِ تَحرُسُها
ورَبُّ الْحُلمِ حَامِيها.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى