السبت ٢٠ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

رمضان في ذاكرة التاريخ

ليس شهرا عاديا يتوالى فيه الليل والنهار ولكنه معنى يتصل بحركة الأرض والكون وما في الوجدان من فكر وعقيدة إنه محاولة لتجسيد الزمن المجرد وإكسابه معنى من خلال الطقوس والشعائر بحيث يتحول هذا الشهر عبر التاريخ إلى علامات فارقة،قال تعالى (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له و إن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة البقرة 183/184.
فرض الله تعالى الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة النبوية ومن يستعرض أحداث التاريخ الإسلامي يجد أن هذا الشهر كان موعدا ووعدا للمسلمين،لم يكن موهوبا للجوع والتكاسل ولكنه شهر الجهاد والفتوحات والعمل التاريخي العظيم بل إن الكتب السماوية قد تنزلت على أنبياء الله عليهم السلام في شهر رمضان فقد جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان).

قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) سورة البقرة 185، وهذا هو سبب جعل الله هذا الشهر مخصصا للصوم والعبادة تكريما له ونظرا لما يبعثه الصوم في النفس من عوامل الخشوع وكبحها عن الصغائر والدنيا،وقد سميت الليلة التي بدأ فيها نزول القران بليلة القدر تنويها لمكانتها وقدرها (إن أنزلناه في ليلة القدر وماأدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) سورة القدر، وكانت أولى الآيات التي نزلت في هذه الليلة المباركة قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق،خلق الإنسان من علق) سورة العلق، وفي السنة الثانية من الهجرة وفي السابع عشر من رمضان كانت غزوة بدر الكبرى التي تحقق فيها أول انتصارات الجيش الإسلامي على قوى الشرك و الباطل ، وقد دارت حول بئر ماء بدر وكان أعداد المشركين من قريش ثلاثة أضعاف جيش المسلمين و كان الرسول صل الله عليه وسلم استحث أصحابه علي الصبر والتضحية فصبروا وجاهدوا حتي نالوا نصراً عزيزاً، وفي رمضان من السنة الرابعة للهجرة تزوج الرسول صل الله عليه وسلم بأم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة بن الحارث والتي لقبت بأم المساكين،وفي رمضان من السنة الثامنة من الهجرة أعز الله تعالي الإسلام والمسلمين بفتح مكة بعد أن نقضت قريش عهد الحديبية الذي كان قائماً بينهم وبين الرسول وقد كان لهذا الفتح أثره في توحيد القبائل العربية وبداية عهد جديد من عهود الدولة الإسلامية،قال تعالي: (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) وفي رمضان من السنة التاسعة للهجرة كانت غزوة تبوك،وفي التاسعة جاءت وفود قبيلة ثقيف تبايع الرسول صلى الله عليه وسلم وتعلن دخولها في الإسلام،ولم تتوقف الانتصارات والفتوحات الإسلامية في رمضان، وقد أثبتت الأحداث أن هذا الشهر كان دوما شهر جهاد ففي رمضان من عام 53 هــ فتح العرب جزيرة رودس وبدأوا بهذا صفحة جديدة من تاريخهم البحري تواصل وتطور حتى استطاعوا فتح الأندلس عام 91 هـــ وقد بدأ هذا الفتح المهم عندما أرسل موسى بن نصير قوة من فرسان العرب بقيادة طريف لارتياد الشاطئ الجنوبي للأندلس فعبروا البحر وغزوا الثغور وكانت هذه مقدمة الفتح الذي قام به العرب في العام التالي عندما قاد طارق بن زياد جيشاً من 12000 مقاتل لينزل في جبل طارق ويقابل جيش الملك رودريك في رمضان ويهزمه، ويبقي السؤا: هل أحرق طارق بن زياد سفنه أم لا ؟ إن المؤرخين يشككون في هذه الواقعة ولكن الأمر المؤكد هو أن فتح الأندلس كان باهراً، وتتوالي أحداث رمضان ولا تكل ذاكرة التاريخ ففي رمضان من عام 129 هـــ ظهرت دعوة بني العباس في خراسان بزعامة أبي مسلم الخراساني وبعد ذلك بـــ 3 أعوام فقط في رمضان 132 هـــ استولى أبو العباس عبد الله أول الخلفاء العباسيين على دمشق وسقطت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية وفي رمضان 361 هـــ تم بناء الجامع الأزهر في القاهرة وارتفعت فيه أول تكبيرات في عهد الخليفة المعز لدين الله وتحول الجامع بعد ذلك إلى جامعة علمية تدرس فيها علوم الدين والشريعة وإلى مركز للمقاومة والحفاظ على الروح القومية،وفي رمضان 584 هـــ قاتل صلاح الدين الأيوبي الصليبيين وفي غمرة المعارك أقبل عليه شهر رمضان فنصحه قواده بالراحة في هذا الشهر ولكنه قال: (العمر قصير والأجل غير مأمون) وسار في منتصف رمضان وحاصر قلعة صفد وتواصل القتال حتي استولى عليها،وفي رمضان من عام 658 هـــ تصدى الجيش المصري لزحف التتار على الشرق ووقف السلطان قطز في عين جالوت كي يزيق جحافل التتار أول هزيمة لهم بحيث جعلهم يتراجعون وبدأ من هذا التاريخ حكم المماليك لمصر، وتواصلت انتصارات المسلمين في شهر رمضان حين عبرت القوات المصرية خط بارليف واجتازت القوات السورية هضبة الجولان في رمضان 1393 هـــ وانتصرت على القوات الصهيونية وكانت هذه أول هزيمة تمنى بها إسرائيل في الصراع العربي الإسرائيلي،هذا هو شهر رمضان المعظم، وهذه هى أحداثه العظيمة،ونتمنى من المصريين العمل لأجل مصر وترك الصراعات التي لاجدوى منها فقد تم خلع الرئيس مبارك وبعد عام من تولى د.مرسي رئاسة الجمهورية نزعه الشعب بسبب إدارته السيئة والأزمات المتوالية، وليت من يتصارع يتعقل ويتذكر أن الأشخاص إلى الفناء ومصر للخلود،وفي الختام يجب أن نشكر كل من يعمل لأجل مصر والحفاظ على مؤسساتها وأيضا تحية واجبة للإذاعية سحر إبراهيم لتخصيص الفترة الإذاعية المفتوحة لإذاعة جنوب الصعيد يوم الخميس 11 يوليو 2013 م الموافق للثاني من شهر رمضان 1434 هـ عن الأحداث التاريخية التي حدثت في شهر رمضان وسجلها التاريخ لتكون العظة والعبرة لمن يعتب ، وكل عام وأنتم ..

أعزائي القراء.. وزهرة التحرير،والإذاعية سحر إبراهيم وأسرة إذاعة جنوب الصعيد والإعلام المصري والشعب المصري ومصر بخير وتقدم وأمن وآمان، وقبل أن نفترق أهديكم قصيدتي هذه التي ضمها ديواني احكي وقول ياورق:

طهّر قلبك بالإيمان
وأعلن عصيان الشيطان
دا مواسم للخير مفروضة
أعظمها أيام رمضان
اتقوى بالصبر في صومك
واتسلح واقرا القرآن
وأتعلم مـ الصوم أحكامه
وأتأمل معنى الرحمن
وأتعلم إيه معنى الجوع
وأتحسس حال الموجوع
دا ميزان الخير مرفوع
فى الآخرة دايما كسبان
طهر قلبك بالإيمان
وأعلن عصيان الشيطان
دي مواسم للخير مفروضة
أعظمها أيام رمضان.

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى