السبت ٢٠ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم أحمد بشير العيلة

اغفرْ لي إذا قبّلتُ بئرَ السبع

وقد عرفتْني بئرُ السبعِ
لمّا قلتُ ... يا الله
وسار الزرعُ خلف الزرعِ
مشتاقاً لنا والله
سحبتُ الريحَ فوق الرملِ حين رأيتُ بئرَ السبع
بئرُ السبع قد جاءت تعاتبني:
ترفّقْ يا غريبُ بنا
فهذي الريحُ ابنةُ خيلِنا المتروك للآهات
ابنةُ سرِّنا المرفوع كالصلوات
ابنةُ حزننا المحمول كالصبّارِ
ترفق يا غريبُ بنا.
 
سقيتُ الآن بئرَ السبعِ من كفي
إذا عطشتْ
وزرتُ سريرَها بالوردِ
لو مرضتْ
وسرتُ وراءها عُمراً .. إذا عشقتْ
رأتني الآن بئرُ السبعِ أحلب عنزةَ الرُّسلِ
فلفتني عباءتُها
سقتني حكمةً بيضاءَ باردةً بهذا القيظ
فصرتُ ربابةً تبكي على يدها
كتبتُ الشِّعر حول حكايةٍ هربتْ
مع البدوية الأحلى من التمرِ
سألتُ النخلَ عن سرِّ ابتسامتها
وبئر السبعِ ترمقني بنظرتها
فأجري خلف لوعتها.
 
أنا يا ربُّ مفتونٌ بهذا الرملِ
مجنونٌ بهذا الرملِ
كفّنّي بهذا الرملِ
عطرني بهذا الرملِ
قبّلني بهذا الرملِ
واحييني بهذا الرملِ
أنا يا ربُّ لي سرٌّ مع الحبّاتِ لو سارت وراء الخيل
لي سرٌّ مع الحبّاتِ لو نامت بكفِّ الليلِ
لي سرٌّ مع الحباتِ لو سارت ببطن السيلِ
أنا يا ربُّ مخلوقٌ من النسماتِ لو مرتْ على النقبِ
ومجبولٌ من الآهاتِ
فارحمني إذا ضمتني بئرُ السبع
واغفر لي إذا قبّلتُها فجراً
وأرسلْ فوقَ قافلتي سحابَ العشق
ظلُّ العشقِ يا الله نهرٌ مرَّ في النقبِ
هنا الأشجارُ واقفةٌ ليمشي النهرُ في يدها
هنا الصلوات تشربُ قبلَ أن تسمو لبارئها
هنا الشهداء أطيارٌ تعبُّ الماء للأبدِ
هنا كبدي
فيا الله فاض الشوقُ يا الله
فاض النرجسُ البلديّ فوق الرمل
ونام العطرً في تطريزة الثوب الفلسطينيّ
وبئر السبعِ ترفعني لأعلى الثوب
تحضنني بهذا الثوب
تسحرني بهذا الثوب
فأنسى العمرَ ظلاً في قرى النقبِ
وسيرةَ عاشقٍ ضاعتْ
ولم يخبُ من التعبِ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى