الخميس ٢٥ تموز (يوليو) ٢٠١٣
بقلم عثمان آيت مهدي

بلادي وإن هانتْ عليَّ عزيــــزة

في بيت من صفيح لا تتجاوز مساحته العشرة أمتار مربع، أثاثه صندوق يحوي بعض لوازم أساسية، فوقه تلفاز أبيض وأسود صغير الحجم. من الجهة الأخرى موقد صغير على طاولة مهترئة تعلوها طبقة سميكة من المرق المتراكم والزيوت المحترقة وصراصير تعودت الخروج في وضح النهار مطمئنة على حياتها آمنة على مستقبلها مع صاحب البيت.

الحرارة تجاوزت الأربعين درجة، يستلقي صابر على فراشه الملقى على الأرض يتابع على التلفاز احتفالات العيد الوطني لبلاده وتدخل أحد الساسة الوطنيين ملقيا خطابا حماسيا اقشعر له بدن صابر واغرورقت عيناه دمعا لا سيما عند قراءته هذا البيت مختتما تدخله:

بلادي وإن هانتْ عليَّ عزيــــزة  ولو أننّي أعْرى بها وأجــــوعُ

  الواحد القهار
  الشاعر للملك: ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
  الملك للشاعر: صدقت يا شحرور البلاط، بورك في لسانك.

ثمّ يلتفت إلى مستشاره الخاص:
  أريد هذا البيت مكتوبا بماء الذهب، معلقا على جميع أستار المدارس والجامعات وجميع مؤسسات الدولة، محفوظا في صدوركم ترتلونه في الصباح عند بداية العمل وفي المساء عند انتهائه. أمّا أنت أيّها الشاعر لك جميل ما جدت به، اقطعوا لسانه لئلا يقول بيتا أجمل من هذا لغيري.

ابتغاء نعيم الآخرة

اجتمعوا عند عبد السلام الساكن بحيّ الحياة،

تناولوا موضوع تفجير سيارتين مفخختين بكلّ من شارع الحرية أمام مكتب التضامن وشارع الاستقلال أمام قصر العدالة،

واتفقوا أن يتولى العمليتين إسلام وعبد الحقّ
إلا أنهم اختلفوا في الهدف من وراء هذا العمل: بين من يسعى إلى إسماع صوت أحباب الموت للعالم، وبين من يرى تنقية الموت من دنس الحياة،

لكنهم في الأخير استقروا على فكرة العمل لوجه الله وابتغاء نعيم الآخرة.

  بخطى ثابتة نحو القبر
  الطبيب: كانت آخر زيارة لك عندي منذ سنتين؟
  المريض: هو كذلك سيدي الطبيب.
  الطبيب: طلبت منك أن تتوقف نهائيا عن التدخين.
  المريض: هو كذلك سيدي الطبيب.
  الطبيب: لمَ لمْ تتوقف عن التدخين؟
  المريض بصوت الواثق من نفسه وابتسامة تعلو شفتيه: لم أستطع ذلك سيدي، ثمّ أنني أجد متعة عندما أرتشف سيجارة، فهي تهدأ أعصابي وتثير بداخلي مشاعر حب الحياة وتحملني بعيدا مع خيالي إلى آفاق واسعة.
  الطبيب: لقد ظهرت برئتيك أعراض مرض السرطان.
  المريض: كنت متأكدا أنّ هذه السيجارة ستقضي على حياتي، ستحملني إلى قبري، كم حاولت إقناع نفسي بمساوئها وأضرارها لكن دون جدوى.

أطرق المريض رأسه نحو الأرض، لقد انهارت قواه وبدأ يتصور نهايته المحتومة. بعد هنيهة من السكوت كأنه استيقظ من كابوس ليلي، قال للطبيب بصوت خافت وصوت متلعثم:
  هل من أمل في الشفاء سيدي الطبيب إن توقفت عن التدخين؟

الأصنام

خرج عمر كعادته في الصباح الباكر، في أسفل العمارة يلتقي بمجموعة من سكان الحيّ، يلقي عليهم السلام، يردّ عليه أحدهم مخاطبا زملاءه: مسكين هذا الرجل، يخرج صباحا ولا يعود إلا في المساء، ثمّ ينغلق على نفسه في البيت.
يعود عمر في المساء، يجد نفس المجموعة في نفس المكان، يحيّيهم، ثمّ يقول لنفسه: مساكين هؤلاء الأصنام، لم يتحركوا من مكانهم طوال هذا اليوم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى