الاثنين ١٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٣
بقلم زياد يوسف صيدم

الحب المستحيل (بوح 1)‎

ويأتيني الصديق مرة أخرى يريد البوح كعادته .. فأجلسته يرتشف من قهوتي.. يبدأ من حيث توقف المرة السابقة ...

 أيعقل بان يكون هناك شيء اسمه الحب المستحيل..؟ سألني دون مقدمات..

 نعم هذا ممكن بل أكيد يا صديقي ..وباعتقادي ينقسم إلى نوعان من حيث الاستحالة فإما أن يكون غير قابل للبقاء والتجديد والانبعاث ومن هنا كانت استحالته ..وإما أن تكون الاستحالة نابعة من إحدى دروبه التي تقود إلى الممكن بالحفاظ عليه حيا قائما نتيجة الحرص على إبقاءه متوهجا فى أعماق القلوب دون ان يكون له تداعياته التي تسيء للآخرين او يكون عرضة للعيون المتلصصة والألسنة الثرثارة .. التي تؤدى حتما إلى تعزيز وبلورة المعنى اللفظي للمستحيل..فلا يمر عبر دهاليز تقود إلى استحالة هذا الممكن.. وبالتالي إلى إمكانية استمرار يته بالرغم من المعوقات القائمة والدروب الشائكة التي هي أساسا لتساؤلاتك دوما يا صديقي ...

يهز برأسه كما لو كان غير مقتنعا ..ويهم بالوقوف مستأذنا الانصراف بعد أن ابتلع في جوفه آخر رشفة قهوة كأنه قدح من نبيذ ابيض ! ولم أتبين بعد سر هذه الحركة منه حتى اللحظة! أهي انعكاس لماضي.. أم هي عصبية اعترت تفكيره اللحظي!....

جلست أفكر في أمر هذا الصديق الذي أعاد ذاكرتي للوراء سنين طويلة من تجارب الماضي واستحثني لاستحضار ما كتبه مشاهير الفلاسفة عبر التاريخ حول موضوع الحب بأنواعه ومدى احتياجات الإنسان له.. فتلمع في داخلي تراكمات ثلاثة عقود خلت باستدراج الذاكرة النشطة حدثيا – ان صح التعبير - دون سواها من لغة الأرقام والتواريخ التي امقتها بشدة .. محاولا فتح أبواب موصدة بأقفال وضعت فى أماكن معتمة حتى لا يراها أي كان.. وكل هذا داخل تلك البوتقة المشكلة من عضلة ودماء وشرايين وأوردة .. تنبض لتدل على أن الإنسان ما يزال على قيد الحياة...لكن وجدتني لا أجد اى منها؟! ..فلتبقى إذا بكل أسرارها هناك رابضة لن يجلوها بوح ولن تجد طريقها للنشر ...إن وضع صديقي هذا لا يحسد عليه حقا.. وبنفس الوقت يسعدني ويفرحني ويرعبني بنفس الوقت؟؟ بأنه مرتاح جدا لا شواهد توتر بادية عليه بل راضى وسعيد فى حبه المستحيل وباى صورة كان..وباى شكل يريده الحبيب له أن يكون وان اختلف مع أمنياته العاصفة أحيانا والذي يحاول كسر آخر عقبات فى عقل حبيبه ما تزال عالقة!.. فهذا لاشك يمثل دليلا صادقا على انه يعيش حبه بإحساس متميز ومختلف وفريد من نوعه.. يعتبره الأخير في حياته.. يدق بوابات قلبه فلا يريد فقده وخسرانه..وأرجح يقينا بأنه قد اعتبره آخر حب يمس شغاف قلبه ويتوغل فيه الى درجات مجنونة...

أشعلت سيجارتي ومضيت متمتما في باطن عقلي مرددا: حقا لا مستحيل في الحب.. فهو الشيء الوحيد الذي باستطاعته دق جميع الأبواب مهما كانت ظروف استحالتها.. لأنه قادر على تفكيك معظم عقدها وإزاحة أشواكها.. ليرسم طريقا ينفذ من خلاله عبر بوابات هذا المستحيل ....يتبع -


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى