الأربعاء ٥ آذار (مارس) ٢٠١٤
بقلم نوزاد جعدان جعدان

حائطيات طالب المقعد الأخير 23

ماذا لو تأخر الظلام قليلاً
ماذا لو تأخر هذا الحزن كثيراً
كما تأخر جدّي في حقل الزيتون ذات زمان
جدّي الذي لم نجد له مكاناً وسط القبور الجديدة
لا طريق وسط كل هذه الحرائق
ماذا لو تأخرت أمّي في الطبخ عن الغداء
أمي التي تتقن طبخ البامياء والبكاء
ماذا لو توقف الفأس عن حفر المقابر
ليزرع الأزهار في الحدائق
ماذا لو نتوقف عن الحزن قليلاً
نفتح النوافذ
نغني مع جوقة من الفلاحين في صباح الحقول الواسع
المعبّق برائحة ثياب العيد التي تحمل ماركات المدينة
ماذا لو نختبئ قليلاً على صخرة عالية وسط هذا الفيضان العارم
**
وما حال البلاد إلا كحالي
يا صاحبي القادم من ذاك الغروب لا تمسك الشمس
وقلبك بارد
ويداك باردتان
وعيناك كالجمر المحترق على بسطات الشواء
عود كبريت أشعل شمعة
عود كبريت أحرق محصول جارنا
يا صاحبي الواقف في طوابير الانتظار طويلاً
ينتظر الرغيف الساخن
هل نامت الشمس مبكراً عن محصولنا
كان حريّاً بك ألا تجمع الحطب كثيراً
دكان المدينة لن يروي كل هذه الأشجار العطشى
ولا الذئب يتأنى كثيراً وسط غابة عارية
يا صاحبي الجميل كقط القصور
مازلتَ كما أنت لا تعرف المشي على جدران المدينة
**
لا بدّ أن نترك المكان يوماً إن لم يكن اليوم غداً
المكان الواسع لا يتسع لفنجانين صغيرين من القهوة
لسعفة مبللة بالندى في النهار المجنون
لحقيبة أسئلة من غريبين يتعرفان على بعضهما لأول مرة
لم أحرق شيئاً عند عتبة البيوت المنتشرة
من أين كل هذا الرماد؟
صانع الصندوق العجوز قطع أشجار الغابة
صانع القوارب تسلق أغصان القلب
صانع الطبول عزف لحناً
رقصنا وأكلنا وذبحنا على أنغامه
نحن لا نصنع الخيام من أين جاء كل هؤلاء الغجر؟
طالب المقعد الأول ذو النظارة الغليظة لم يرني
حين كتبت على اللوح لأول مرة
لا نغني إلا مع صوت مقاعد الصف
هاجمنا قطيعاً من الصلعان بأغنية فاضحة
هم نفسهم
في الصف
في المكان نفسه بدون قبعات
هل كان الصباح أم أنتِ غادرت مبكراً جداً إلى الحقول
كي نترك هذا المكان
**
تجولتُ كثيراً في الغابة أصبحتُ عنيفاً
في مساء نشر القمر أحاديثه على حبل غسيل السماء
لم تجف قلوب العشاق
ولم تكتفِ السماء البرتقالية بعصير المطر
إذاً وجبات السفر والقطار الخارج عن القانون
لا يرجعان النبض إلى قلب الطريق
هذا المساء يحتضن عواء الذئاب وصوت كلاب الصيادين
باعوا العصافير الملونة في الأقفاص خارج الغابة
أصبحتُ عنيفاً لم أعد أكتب الرسائل ولا أسرق القبل
كل العناوين تغيرت
كنتُ دائماً أستمع للعجوز الجالس أمام عتبة البيت
الذي يفكر بوصيته وبعيون ذابلة كقطعة تين مجففة يذكر حبه الأول
وكم كنت أجلس مع الطفل الذي يحلم أن يشتري دراجة
ويتمارض صباحاً كي لا يذهب إلى المدرسة
الناس متشابهون هنا
ليسوا صغار العيون كأهل الصين ولكن متشابهون جداً
وحين يتركوني في الفلاة وحيداً
أركض وراء الفراشات بقلب أخضر كحقول الأرز
وأكتب بقلم اختلسته من حقيبة فتاة جميلة
أني أصبحتُ عنيفاً
أريد أن أفترس كل من يصوب بندقيته علينا
عندما أخرج من المستنقع

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى