الخميس ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٤
بقلم مروى هديب

موت ميسر

مهما طال بنا البقاء في هذه الدنيا ، ومهما استمتعنا بشهواتها وملذاتها، فإن المصير واحد والنهاية محتومة...... ولابد لكل إنسان من نهاية، وهذه النهاية هي الموت الذي لا مفر منه.

كانت تقف على باب الغرفة رقم مئة واحد عشر وهي تلتقط نفسا عميقا قبل الدخول اليها ومقابلة المريض الراقد هناك على السرير وحيدا كعادته ، ما ان اطلت عليه حتى استقبلها مُرحباً بها وسعيدا لرؤية وجهها الجميل الرقيق الذي يقطر حنانا وعطفا وحباً !!!! نعم حباً فهو يعلم علم اليقين انها تحبه كما يحبها ولكنها عبثا ما تحاول اخفاء نلك الحقيقة فهو يعلم انها لا تريد لاحد في ذلك المشفى الكبير ان يعلم بانها وقعت في غرام ذلك المريض الذي تشرف على رعايته في مرضه كانت تحاول عمدا ان لا تلتقي عيناها بعينيه فهي ما ان تنظر اليه حتى تذوب حبا واشتياقا له اخذت تحاول انهاء وضع المحاليل له كي تخرج سريعا من تلك الغرفة لكنه قام بالامساك بيدها محاولا الاستفهام منها عما اذا كانت غاضبة منه ؟؟ لكنها رفضت التحدث له وانهت عملها مسرعة وخرجت مسرعة الى غرفة الممرضات لكي تجلس هناك تفكر في ذلك الرجل القابع في تلك الغرفة هناك وحيدا والذي لا ياتي احد لزيارته سوى والدته وصديقه .. لقد مضى على وجوده في المشفى قرابة الستة اشهر بسبب ذلك الورم الموجود في دماغه والذي يمنعه من الحركة او التوازن فلقد كان مصابا بنوع نادر من السرطان الذي لا يرجى الشفاء منه مع ان عمره لا يتجاوز الخمسة وثلاثين عاما !!! ولكنه المرض الذي لا يعرف صغيرا ولا كبيرا غنيا او فقيرا كان رجلا حقيقيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى او ربما هو المرض ما جعله رقيقا ومحبا ولطيفاً معها وامتلكها قلبا وقالباً حتى انها نسيت لوهلة انه انسان مريض وعلى حافة الموت وليس من مصلحتها ان تتورط معه عاطفيا فهذا اليش من شيمها ، ولا من اخلاق مهنتها التي تعشقها ولكنها وجدت نفسها تقع في غرامه تدريجيا رغم محاولاتها المتكررة لمنع نفسها من الاستمرار في حبه !!! .

كانت جالسة في الغرفة تفكر ولم تنتبه الى حضور صديقتيها في العمل اللتين بدأتا في ممازحتها والاستهزاء بها لمعرفة ما تفكر به فلقد كانتا دوما تجزمان بانها وعلى ما يبدو قد وقعت في حب احدهم ولكنها لا تريد الافصاح عن هويته .. كان تشعر بالمرارة تغلف روحها عندما تبدان بالالحاح عليها لمعرفة هوية ذلك الرجل الغامض الذي نجح في امتلاك قلبها الرقيق وتتمنى من كل قلبها لو كان بأمكانها ان تبوح بهويته لهن كي تشاركانها في تفاصيل ذلك الحب الذي تمكن منها ولكنها تعرف ردة فعلهن مسبقا اذا ما اخبرتهن انها تحب ذلك المريض القابع في الغرفة رقم مئة واحد عشر ستقوم الدنيا ولن تقعد فوق راسها وسيبدأ اللوم يأتيها من كل حدب وصوب على ما اوقعت نفسها به فكيف يعقل لفتاة عاقلة ان تقع في حب رجل مريض محكوم عليه بالموت احست برغبة عارمة بالبكاء على صدره فلا غير البكاء على صدره يريحها من زحمة الاوجاع المتراكمة في صدرها .. آآآآآه كم تريد ان تضمه لصدرها وتبكي قلة حيلتها وحزنها ، لم تعي كيف وصلت الى غرفته وفتحت الباب ودخلت ووقفت امامه صامتة تاركةً للهمس والأنفاس بينهما الكلمة الاخيرة كان يرمقها بنظرات حزينة ومتالمة لانه فهم الرسالة التي ارسلتها له عبر عيناها .. كان يود ان يضمها الى صدره ويهرب بها بعيدا عن واقعه البغيض الذي تفوح منه رائحة الموت .... طوال فترة وقوفها هناك امامه كانت تحاول ان تعترف له بحبها ولكنها لم تستطع ان تنطق بذلك فحتى لو اعترفت له بذلك فهو محكوم بالموت في اي لحظة وسيتركها من بعده تقاسي العذاب والجراح لفقدانه فهو سيبقى جرحا بليغا كلما حاولت أن تبرأ منه ستغيب معه روحها التي احبته دون سواه بهذه الطريقة...بادرها قائلا اعلم انك تحبينني كما انا احبك !!! كانت نتظر اليه الدموع تلمع في عيناها وتهدد بالنزول في ايه لحظة واعلمي جيدا انني انا ايضا احببتك وليشهد كل من في هذا الدنيا انني لم احب امراة في حياتي كما احببتك انت برقتك وطيبتك وهشاشتك وحنانك ،، ولكنني لا استطيع الذهاب لابعد من ذلك فانا انسان ميت ربما بقيت طوال الفترة الماضية على قيد الحياة رحمة من ربي بي وعطفا منه أو ربما ليعوضني عن صبري وكفاحي ضد مرضي فأرسلك الي لكي تمنحي الهدوء والحب والقوة لجسدي المهترئ الذي نهشته الخلايا السرطانية وسلبت منه الحياة والروح معا ، وجودك هو ما زاد من ايماني وتشبثي في هذه الحياة فلا الزمن ولاالمرض ولا الموت سيقتل حبي لك ولكن هذه هي الحياة فما بَـيِن (( الـنَصيب )) وَ (( الـقَـدَرّ )) هـنـآك مِقـبَرهّ دفـِنَ فـيهــآ الاف البشر مشاعرهم واوجاعهم وانا واحد من اولئك الذين حكم عليهم القدر بان يشيعوا مشاعرهم الى تلك المقبرة !!! كل ما اخشاه هو ذلك الالم الذي الذي اصابكِ بسببي فانا اعلم تماما انني انا السبب في حزنك والمك وانا لا اريد ان اكون سببا في ذلك اريد ان ابقى ذلك الرجل الذي احببته يوما ولم تستطيعي نسيانه لانني دمغت روحك الى الابد بصفحة حبي .... !!! لم تتمالك نفسها امام كلماته تلك فانهارت مقاومتها امامه وضمته الى صدرها فتلقاها مرحبا بها الى صدره فبدأت ببكاء وعواء مرير يحرق القلب ويجتاح المشاعر .. ظلت تبكي بين يديه لفترة طويلة قبل ان تغادر غرفته مسرعة الى الخارج وصدى صوته الذي يناديها يتردد في الرواق التي تركض فيه هاربة لا تدري الى اين .

لم تعد الى تلك الغرفة منذ ذلك اليوم ابدا حتى انها رفضت الدخول لتحل محل اي زميلة لها في اعطاءه الابر والمحاليل الجميع استغرب من ذلك ولكنها اخبرتهم ان قلبها لا يحتمل رؤية ذلك الشاب المريض والجميع بالطبع صدقها نظرا لرهافة احساسها وتعاطفها مع المرضى .

اما هو فقد كان يشعر بالاسى لانها غابت عنه طوال الفترة الماضية ولكنه تمالك نفسه ولم يحاول ان يذهب لملاقاتها او السؤال عنها فهذا هو الحل الافضل لها من الواجب ان تبعده عن تفكيرها وتلغيه من عالمها ومن حياتها وتفكيرها وان يصبح بالنسبة لها مجرد ذكرى قد يغيبها النسيان يوماً .

اما هي وأمام فاجعة فقدانه ازدادت حنانا وعطفا وكرما على اولئك المرضى من حولها فوهبت نفسها ووقتها لهم جميعا لكنها كانت تتبع اخباره وتطمئن على حالته من بعيد وكم كان قلبها يعتصر الما لمعرفتها ان حالته تتدهور يوما بعد يوم وان ايامه في هذه الدنيا قد باتت معدودة وكم رغبت في ان تذهب اليه وتواسيه وتشد من ازره ولكنها لم تستطع فعل ذلك فالالم في داخلها اكبر من ان يجعلها تذهب مرة اخرى الى تلك الغرفة فهي تشعر بانها كعصفور مكسور الاجنحة لم يعد يقوى على الطيران كل ما تريده لو يصبح الأمر مجرد ذكرى

ويموت كل شي ويتوقف كل شيء لكنها احبته الى ذلك الحد الذي لا تستطيع معه ان تمنع نفسها من البكاء كلما تذكرته فكلما أتّسعت القطيعة بينها وبينه كانت تشعر بانه لا بد وان ياتي ذلك اليوم الذي سيهزمها الشوق فيه وتذهب مسرعة الى لقائه .. ولم يمهلها القدر كثيرا ففي احد الايام وبينما كانت في الطابق الذي تتواجد فيه غرفته لمحت الاطباء يهرعون بسرعة الى غرفته فلم تتمالك اعصابها وهرعت ورائهم لتجده هناك ممدا على الارض وفاقدا للوعي فوقفت هناك مذهولة من ذلك المنظر تفكر هل من الممكن ان يكون قد فارق الحياة ؟؟ هل من الممكن ان يكون قد غادر حياتها الى الابد كانت تستمع الى اصوات الاطباء وهم يقومون بالاسعافات الاولية له ولكنها كانت في الزاوية مغيبة تماما عنه ومشلولة لا حول لها ولا قوة .. كانت تشعر بان روحها تسحب منها شيئا فشيئا فيبدو انه تركها وحيدة قبل ان تقول له انها لم تستطع يوما نسيانه او الابتعاد عن حبه وان محاولاتها المتكررة لنسيانه لم تزدها الا تشبثاً به وبحبه وان كل الادوية والتعاويذ السحرية لن تفلح يوما في انتشاله من اعماق قلبها .....

رويدا رويدا كانت ترى الجهاز الموصول الى قلبه يعاود الى العمل وان قلبه قد عاد الى الحياة مرة اخرى فنتفست الصعداء وعادت الى وعيها تدريجيا لتراهم وهم يحقنونه بالمضادات الحيوية وانواع مختلفة من الادوية ليتركوه بعدها هناك ممدداً ووحيدا بلا ادلة على وجوده على قيد الحياة سوى ذلك الجهاز الموصول الى قلبه والذي يمشي ببطئ قاتل .
كانت تطمئن على حالته من بعيد لم تستطع يوما ان تطئ بقدمها غرفته لانها على يقين بانها اذا ذهبت اليه ستعطي لتلك المشاعر التي تكنها له الفرصة للفتك بها وستفتح للذكرى بابا لن تستطيع اقفاله ابدا....

كانت تسمع الكل يتهامسون حول حالته التي تصبح اكثر سوءا من ذي قبل كان الالم في راسه لا يحتمل ويصاب بنوبات صرع وصراخ من شدة الالم الذي يصيبه لدرجة ان صراخه يملى المشفى كاملا ويضطرون لتخديره لكي يهدأ !!! لم تستطع ان تتركه لوحده بعد كل ما سمعته عن معاناته لذا قررت الذهاب لرؤيته اخيرا ..

دخلت الى تلك الغرفة وكانها تدخلها لاول مرة فقد غابت عنها طويلا لم تشعر بالسعادة التي كانت تشعر بها من قبل عندما تراه فالهدوء كان مسيطرا على ذلك اللقاء فلم تعد تدري هل فقدت القدرة على النطق ام انها اثرت الصمت لانها لا تملك اية كلمة تستطيع من خلالها ان تقول ما يمكن ان يخفف عنه المه فالوقت اقصر من ان تضيعه في اللوم والعتاب ، فأكتفت بالنظراليه والتفكير في حل للخروج من ذلك الموقف الذي هي فيه والبحث عن لسانها وقوة عزيمتها كي تسعفها من حالة الشلل التي أنتابتها امامه فقلبها يحترق في صدرها والدموع تهدد بالنزول من مقلتيها في اي لحظة لكنها كابرت وتحملت الالم في جوفها وتماسكت وهمست تسأله عن حاله فبادرها قائلا بلوعة بأنه يتالم في كل دقيقة كان صادقا في كلامه اذ يبدو ان الالم قد نال من اعماقه فلم يعد يتحمل كل تلك الآلام التي نالت من جسده البالي
..
كان يقول لها صدقيني لا تدق الساعة الا وانا اشعر بالالم ولكنني لا املك شيئا يمكنني من هزيمة ذلك الوجع الذي يصيبني ولا حتى ذلك الحنين الذي اشعر به تجاهك ، قاطعته من بين دموعها التي انهمرت اخيرا ارجوك ارحمني من عذابي ، يوجعني انا ايضا حنيني اليك وهذياني الدائم بحبك فأنا اشتاقك بوجع يضج به قلبي لقد اصبحت هشة كقطعة زجاج قابلة للكسر في اي لحظة وأكاد أعجز عن الاستمرار بدونك .. كان ينظر اليها بنظرات مليئة بالشوق وكانه يريد ان يقول لها انه يشتاقها بجنون حتى ان اشلائه تصرخ بصمت لانها تريدها وترغب بها ولكن ما السبيل اليها ؟؟؟ فهي بعيدة عنه كالنجوم بعيدة عنه بعد السماء عن الارض كان ينظر لها ويفكر في طريقة ما ليفتح معها موضوعا لطالما اراد ان يفتحه معها ويأخذ رأيها به ولكن يا ترى هل ستوافق على ذلك ؟؟ هل ستقبل بما سيطرحه عليها ؟؟ هل تجاريه فيما يريده ؟؟؟ كانت تنظر اليه وهو غارق في التفكير وكأن في عينيه دعوة لشيء ما..وكان فيهما وعد غامض بقصة ما أو ربما نظرة اعتذار مسبقة عن كل ما سيحل بها من كوارث بعد ذلك بسببه ..

طلب منها الجلوس لانه يريد ان يفاتحها بأمر مهم جلست امامه مترقبة ما سيقوله وقلبها ينبض بسرعة جنونية بادرها قائلا ودون اي مقدمات ،هل فكرت بالموت يوما ؟؟؟ صعقت من سؤاله ولم تستطع ان تفتح فمها لتنطق بالاجابة فالصدمة قد نالت منها ... فأكمل قائلا انا اريد ان اخبرك بأنني قد فكرت بالموت كثيرا خلال الايام الماضية بوصفه حلا لما اعانيه فالتخلص من هذه الاوجاع سيكون امرا مفرحا لقلبي المتعب فلم يعد باستطاعتي ان اعيش في طيات هذا الحزن اكثر من ذلك لم اعد اطيق المرض وملازمته لي فهو يقتل الفرح والسعادة في انحاء قَلبي المُتعب ويلتهم شبابي ويحولني الى كومة من بقايا رجل اتعبه الالم فهو قد اصبح جزءا مني لم اعد اريده ان يكون رفيقي بعد اليوم اريد من ذلك الالم ان يرحل الى الابد ولهذا اريدك ان تساعدينني في ذلك اريدك ان تمديني بالقوة لكي اتخلص من كل تلك الالام التي نالت من روحي وانهكتها .

قاطعته قائلة وكيف لي ان اساعدك اخبرني بالطريقة التي تريحك وانا اعدك بأنني سأساعدك بكل تاكيد فأنا لا استطيع ان اراك متألما اكثر من ذلك ما هي الطريقة التي تريدني ان اساعدك فيها فبادرها قائلا ودون اي مقدمات اريدك ان تساعديني على التخلص من حياتي اريدك ان ترحميني وتساعديني في التخلص من حياتي وألمي !!!! كان وقع الخبر صاعقا عليها ففغرت فاهها امامه كالبلهاء تحاول ان تستوعب ما يطلبه منها فحاولت ان تاخذ نفسا عميقا عله يمنحها القوة لتفكر فيما يطلبه منها وهل هو جاد في طلبه ذاك ؟؟ يريد منها ان تساعده في قتل نفسه يريد منها ان تخون شرف مهنتها وقسمها الذي اقسمته كيف يطلب منها طلباً هكذا ؟؟ كيف تريد ان تحرمه من تلك النعمة التي وهبها الله له تلك المنحة الالهية العظيمة التي منحنا اياها الله ؟ من هي ليطلب منها ان تنهي حياته التي رهن وملك لله وحده اخذت تلومه قائلة ؟؟ هل وصلت بك المعاناة الجسدية والعقلية الى هذه الدرجة ؟؟؟ لدرجة التفكير بالتخلص من حياتك؟ هل وصل بك اليأس الى ان تتخيل بأنني قد اكون قادرة على ارتكاب مثل هذه الفعلة الشنعاء ؟؟ وأقوم بمساعدتك على التخلص من حياتك او بالاحرى أن اقتلك !!! كانت تريد ان تنقض عليه وتضربه ولكنها تذكرت حالته وضعفه فأكتفت بتوبيخه ولومه على قراره وتفكيره بالتخلص من حياته ؟؟ ارادت ان يكون كلامها قاسيا رغم شعورها بالقهر لانها توبخه وتصرخ عليه فأكملت قائلة له الا يشبه ذلك الانتحار الى حد بعيد رغم اختلاف المسميات؟؟ ومن انت لتقرر مصيرك والطريقة التي تريد ان تموت فيها ؟؟ كيف تتصور انني قد اقوم بمخالفة تعاليم ديني الذي حرم على الانسان القتل او المساعدة في القتل ولو بدافع الرحمة او بدافع الشفقة ففي هذا الامر مخالفة صريحة لمفهوم الصبر وتحمل المصيبة لأن الله هو الوحيد الذي يحيي ويميت فمهما كانت الاسباب والدوافع ومهما أشتدت عليك وطاة الالم ليس من حقك ان تفكر في البحث عن طريقة للتخلص من المك بالانتحار فأنت بهذا سيكون كمن يستعجل القدر ليأتي والقدر بيد الله وحده ولا احد فينا يعلم متى سياتي الموت اليه فالحياة مليئة بالابتلاءات وهي لا تصيبنا الا ليرى الله مدى قدرتنا وصبرنا على تحملها فنحن خلقنا لنعيش الحياة بحلوها و مرها... .
أبعدت عنها كل تلك الافكار وهمت بمغادرة غرفته علها تبتعد بفكرها وجسدها عنه وعن افكاره المريضة فاستوقفها وهم بتقبيل يدها راجيا منها ان ترحمه وتقبل بمساعدته فهو لن يستطيع ان يقدم على قتل نفسه ولكنه وبمساعدتها سينهي حياته وعذابه فهو لا يطلب منها سوى ان تقوم بزيادة جرعة المسكن التي تعطيه اياها في المحاليل الامر الذي سيضع حدا له ولمعاناته لم ترد ان تصدق ان لا زال يريد منها مساعدته على فعل هذا الامر بعد كل ما قالته له فأكتفت بالنظر اليه وهي تشعر بقلبها يتمزق على حالته ويأسه فهو يبدو انه قد خطط من البداية لان يدفعها الى مساعدته في التخلص من حياته وهو ما عمق من خيبتها وقهرها كونها كانت مجدر وسيلة يريد من خلالها ان يصبو الى هدفه ليس الا .
رمقته بنظره اخيرة علها تجد في ملامحه ما يدفعها لكرهه لكنها لم تجد سوى رجلا احبته بكل ما تملك من قوة ذات يوم لكنها استيقظت من ذلك الحب على جرحٍ كبير جعلها تدرك بأنه كان عبارة عن وهم كبير وحلم بعيد المنال ما كان له ان يتحقق يوماً ..

غادرت غرفته ولم تعد اليها الا لوداعه عندما سمعت بخبر وفاته من الممرضات حولها لتقول له وداعا ولتبكيه دموعا حبستها مطولا جراء خيبة ظنها به ، ولتشكره لانها تعلمت من المه ويأسه بانه مهما كانت دروب هذه الحياة صعبة وطويلة ليس لها سوى الأمل بالله ليساعدها على الاستمرار رغم كل تلك الجراح التي ملئت قلبها ألا انها ستواجهها لأنها تستحق الحياة والامل والفرح حتى لو غاب هو عنها ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى