الثلاثاء ١١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم صبيحة شبر

لائحة الاتهام تطول

الحضور عددهم قليل ، أناس لا يتجاوزون أصابع اليد متناثرين على الكراسي الكثيرة الموضوعة في القاعة ، وأنت وقفت مربوطة اليدين ، مشدودة العينين ، مكممة الفم ، تسمعين ما يقوله الادعاء
تهمك كثيرة سيدتي ، أنت واقفة منذ دهر ، تورم منك القدمان، وانتفخ الساقان ، وانتفض القلب ، وأرعد وأزبد ، يبست شفتاك ، و إحساس هائل بالظمأ يجتاحك برعب ، ربطوا فمك ، فماذا يمكنك أن تفعلي؟ ، طالما انتفضت ، ثرت ، قاومت ، قوا ك أوشكت على الانطفاء ، وعيناك المربوطتان ما زالتا وهاجتين
  أثرت الشقاق و النقاق بين أفراد المجتمع المطمئن الراضي المسرور، زرعت الفتنة في الأرض الخضراء فولت بورا ، لسانك الطويل حول البياض سوادا فاحما والنهار الساطع ليلا بهيما و القانع الراضي ثائرا ساخطا .
الأفواه تتحرك ، تلوك أشياء ، تأتيك أصوات مضغها ، تعطلت فيك الحواس الست ، بقي السمع لوحده ، وكنت مشتعلة الحواس ، متوقدة الذكاء .

( أنا تعبت يا امرأة ، تتحدثين وتتحدثين ، سأجعل نهارك سرابا ، وأحول أمنياتك ضلالا ، وشعورك الطاغي بالحياة أجعله فراغا قاهرا مميتا )

  كان الناس راضين ، تسودهم الفرحة ، وتملؤهم البهجة ،، تحركهم السعادة ، فأتيت أنت وبددت سعادتهم إلى جحيم ، جعلتهم يبصرون ، بعد أن كانت غشاوة السعادة تهيمن على وقعهم ، رأوا شقاءهم وعرفوا ان التعاسة تجللهم بالسواد ، وتهيمن على أمورهم .
الأفواه تتحرك ، أشياء تمضغ ، تأتيك الأصوات بوضوح ، أنهم يحضرون حفلة هزلية ، وأنت المهرج ، أنت القرد يا صاحبتي ، جئت لتسليتهم ، وجلب قليل من الفرح إلى نفوسهم المكدودة المنطفئة.
( أنت تشتغلين ، سئمت من تردادك لهذا الكلام ، كفي عن الحمق يا هذه أي مساواة تزعمين ؟ سأدعك نهبا لآفكارك الشيطانية )
  أنت نقمة سلطها الشيطان على هذه الآمة المنكودة ، فسلب منها اليقين المفرح ، وسرق رضا الله ،حين عصت ولي الامر
.
الأفواه تتحرك ، تلوك أشياء المضغ مستمر ، تتعالى الأصوات ، ضحك مستمر ، وأنت مربوطة العينين ،، مشبوكة اليدين ، مكممة الفم
ما زا ل المدعي العام منهمكا في إلقاء تهمه ، وقد تيبس فمك ، وتشقق لسانك ، تورمت قدماك ،، وانتفخت ركبتاك
( تدعين أنني هجرتك ، أنا حر افعل ما أشاء ، عليك القيام بواجبك على أحسن وجه ، والرضا ،،والابتسام )
الأفواه تتحرك ، أصوات المضغ تتعالى ، ضحكا ت تنتشر بين ا لجا لسين ، سمعك مرهف ، وقد تعطلت منك الحواس
.
  قومك مثيرون للشقاق والنفاق ، أجدبت هذه الأرض المعطاء ، ساهمت في أن تيبس الربوع الخضراء ، وتجف المياه ، وتخلع الاشجار
، وتندثر ا لجذوع ، فلم نعد نرى تفتح الأزهار ، أونسمع الحان العنادل ،ولا غناء الشحرور

الأفواه تتحرك ، الألسن دائمة الحركة ، أصوات المضغ تتعالى ، الجالسون ينظرون بشماتة ، يتناولون المرطبات بسرور وبهجة ، يتفرجون على مخلوق غريب ، في وسط القاعة ، معصوب العينين ، مربوط اليدين ، قد خيطت منه الشفتان , وتورمت القدمان ، وانتفخت الركبتان ، والقلب قد مل من الوجيب

( اهتم بصديقاتي ؟ نعم ، أدللهن ، أنفذ مشيئتهن بالسمع والطاعة )
  أرضنا تشققت ، خيراتنا اضمحلت ، هواؤنا تسمم ، ماؤنا تلوث ، نفطنا تفجر وتبخر ، أطفالنا تبعثروا ،، اشلاؤهم تناثرت ، سيقانهم قطعت ، ايديهم بترت ، عيونهم انطفأ نورها
  قومك أهل شقاق ونفاق ،، شقاق ونفاق ،، شقاق ونفاق
الضحكات تتعالى أصوات المضغ ترتفع ، وأنت في الوسط ،تعطلت منك الحواس ، والأذن مرهفة

(تزوجنا ؟ نعم ، هل تريدين احتكاري ؟ أنا من لحم ودم ، أعشق الجمال ، أود من تتغنى بشمائلي ، وانت لم تعودي قادرة على العيش السليم ، ورؤية ما أتحلى به من شمائل ، وما اتميز به من خمائل )
 هذه المتهمة الماثلة أمامكم أم المصائب التي حلت في ديارنا ، أطالبكم أيها القضاة, يا رجال العدالة أن توقعوا بالمجرمة أقصى العقوبات و أن تعيدوا إلى ربوعنا المعذبة أمنها المسلوب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى