الاثنين ١٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم غزالة الزهراء

المدمنة

ركنت سيارتها الفارهة، ثم انصرفت تتمايل في غنج ودلال، الضوء مشتعل يلوح من غرفتها، زوجها بانتظارها كالعادة، دخلت مترنمة بمقطوعة غنائية من أغاني هذا العصر، ولعت بالغناء منذ أن كانت صغيرة السن، بدلت ثيابها على عجل، انحشرت في فراشها الوثير، ثم غطت رأسها، عليها أن تنام ملء جفنيها حتى صبيحة غد.

وجهت لها رفيقتها دعوة قصد إحياء عيد ميلادها، استجابتها للدعوة كانت أسرع من البرق الخاطف، نخبة من الأصدقاء والصديقات تقاطروا في القاعة حاملين معهم حزيمات ورود، وهدايا قيمة.

عيبها الوحيد أنها تمعن في سهراتها لغاية منتصف الليل غير مكترثة لا بزوجها، ولا بطفلها الذي لما يينع كالثمرة بعد.
أي نوع من الأمهات هذه؟
صدر منه صوت يئز كأزيز المناشير: تنغمسين هكذا في حمأة استهتارك ولامبالاتك متجاهلة أنك مسؤولة بحق عن زوجك وطفلك.
أطلت برأسها من الغطاء كما يطل رأس فقمة من الثلج: عليك بتأجيل هذا إلى غد، لست متهيئة لخوض الحديث معك، ولست بحاجة إلى من يلقنني دروسا، دعني أنام، رجاء.
ارتفع صوته حادا ملتهبا كقرع السيوف: ليس بوسعي تأجيله، أنت مدمنة سهرات ليس إلا، يستحيل أن تكوني امرأة سوية، يستحيل.
ــــ ما الذي ينقصكما أنت وولدك؟ أليست الخادمة تشرف تمام الإشراف على تلبية طلباتكما، وإرضائكما؟
صمتت هنيهة ثم أردفت مستنكرة: أترغب في الحد من حريتي يارجل؟
ــــ للحرية حدود يتوجب عليك عدم تجاوزها، تصرفاتك هذه ليست إلا ضرب من الجنون الأعمى.

هبت من سريرها مصعوقة وكأن ما أمطرها به زوجها قد خدش كبرياءها، وحط من قيمتها كـأنثى.
اندفعت خارجة كالزوبعة، شغلت محرك سيارتها، وانطلقت إلى حيث لا تدري أن تكون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى