الاثنين ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٥

كتاب الدّراية لعثمان صالحيّة

موسى أبو دويح

عرفت الكاتب وصاحبْتُه منذ أكثرَ من خمسين عامًا.

وكتابه هذا هو تجربة عمر مديد، ونتيجة نقاشات وحوارات مع مؤيّدين له في الفكر ومعارضين، وحصيلة لقاءات واجتماعات، كان المؤلّف يطرح فيها الفكرة بتحدٍّ وقوّة؛ فيتصدّى له معارضوه، ولكنّه لم تلن له قناة، وبقي مثابرًا يبحث وينقّب ويسجّل، مدّة –لا أكون مبالغًا إن قلت- زادت على ستين عامًا.

فأنا –مثلا- سمعته في أوائل السّتينات يطرح هذه الأفكار بقوّة، وهو اليوم قد أردأ (نيّف) على الثّمانين. فكان يقول مثلا: (لا شفاعة)، ويدلّل على صحّة قوله، فيتصدّى له أكثر من في المجلس، وكانت ردوده مسكتة، وحجّته دامغة، ولكن، (وكان الإنسان أكثرَ شيء جدلا).

حضرت مناسبة عامّة، وهي تخرّج -أحد أصدقائنا- في كلّيّة الشّريعة في جامعة دمشق، وكان المدعوّون أكثر من خمسين رجلا، فصار أحد الحضور، وهو شيخ أزهريّ يتحدّث عن كلمة ألقاها في مؤتمر حضره الملك، ووصفها بأنّها كلمة الإسلام، وكان الحضور، وأنا منهم، منصتين له، معجبين بقوله، وواجمين كأنّ على رؤوسهمُ الطّير، قد أخذوا بفصاحته. فتصدّى له صاحبنا وقال:

 إنّ الله سبحانه سيحاسبك على هذه الكلمة، بل سيعذّبك.

 الله أكبر يا عثمان! وهل سيعذّبني الله على قول الحقّ؟!

 نعم، والّذي قرأ القرآن في المؤتمر سيعذّب أيضًا.

 لماذا؟!

 ألا تعلم أنّ قراءة القرآن الكريم تكون -في حالات معيّنة- حرامًا؟!

 وكيف؟!

 هل تحِلّ قراءة القرآن في المرحاض؟!

 لا.

 وهذه المؤتمرات مراحيض، لا تحِلّ فيها قراءة القرآن، ولا قول الحقّ.

فسكت الشّيخ ولم ينبس ببنت شفة.

وعودًا إلى كتاب الدّراية:

كتاب الدّراية هذا يشكّل ثورة عارمة في الفكر الإسلاميّ، فهناك عقائد فروعيّة وأخبار غيبيّة، دسّت في الفكر الإسلاميّ؛ بحجّة أنّ لها سندًا في كتب الأحاديث النّبويّة الشّريفة؛ ولأنّ هذه الكتب لها قدسيّة في نفوس المسلمين، لم يجرؤ أحد على مناقشة مثل هذه الأفكار، فترسّخت هذه الأفكار في العقول، ووضعت كتب كثيرة في كلّ موضوع من هذه المواضيع، مثل: الدّجّال، وعودة المسيح، وعذاب القبر، والشّفاعة، وأشراط السّاعة ، والمهديّ، وغيرها.

يقول الكاتب عن هذه الثّورة: إنّ تحقيق أيّة نهضة حقيقيّة على أساس الإسلام، باعتباره منظومة فكريّة شاملة، تنظّم علاقة الإنسان بربّه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بسائر النّاس، نقول: إنّ تحقيق ذلك يستحيل إلّا من خلال ثورة فكريّة مشهودة ذات بعدين:

أولهما: ثورة تطهيريّة؛ لتحرير ما يلزمنا لزومًا حتميًّا من التّراث، وتنقيته ممّا يكون قد علق به أو اختلط به، أو شوّه معالمه من الأخطاء والأباطيل والخرافات والأساطير، وأنواع الموبقات والضّلالات كافّة في الأصول والفروع، وفي العقائد والأحكام؛ حتّى تعود المنظومة الفكريّة الإسلاميّة محجّة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يحيل عنها إلا هالك.
وثانيهما: ثورة فكريّة، وهذه الثّورة لها محوران: الأوّل: إيجاد طريقة أو منهاج في التّفكير تصحّح به موازين الإدراك لدى الأمّة. والثّاني: إيجاد طريقة منتجة في التّفكير؛ وذلك بإعادة تشكيل البنية الفكريّة التّحتيّة عند الأمّة من جديد على أساس المنظومة الفكريّة الإسلاميّة، بعد أن تكون قد أصبحت سائغة نقيّة طاهرة من التّلوّث الفكريّ بجميع أشكاله وألوانه. الصّفحات: (286-588) بتصرّف.

ويشير الكاتب إلى معاول الهدم في الفكر الإسلاميّ بقوله: فالقرامطة، والحشّاشون، والفاطميّون، والإسماعيليّون، وإخوان الصّفا، والنّصيريّة العلويّون، والصّوفيّون، والبهائيّون، والقاديانيّون، والدّروز، ومن لفّ لفّهم من غلاة الشّيعة الإماميّة الإثنا عشريّة، كلّهم، في الماضي والحاضر لم يكونوا غير امتداد لحركة الوضّاعين الدسّاسين المحرّفين الحاقدين، الّتي شكّلت خرّاجًا كبيرًا متقيّحًا في جنب الأمّة الإسلاميّة، ظلّت تعاني من صديده ونتنه حتّى يوم النّاس هذا.
عرّف الكاتب الدّراية في رسالة كتابه بقوله:

(فالدّراية الّتي يتناولها هذا الكتاب ليست هي الدّراية في معرفة أحوال الرّواة، كما يجري التّعامل معها في علم الجرح والتّعديل، بل هي الدّراية في معرفة صحّة المحتوى الفكريّ أو الخبريّ الّذي تنطوي عليه الأخبار والرّوايات.
غير أنّ الدّراية، في هذه الحال، لا تعني قبول الرّوايات أو ردّها كيفما اتّفق، انسياقًا وراء الهوى أو المصلحة أو التّقليد الأعمى، أو أيّ اعتبار شخصيّ آخر؛ وإنّما تعني إخضاع متونها للدّرس والفحص والتّمحيص، طبقًا لقواعد ضبط وربط صارمة مشروعة؛ لا تدع مجالًا للجرأة الجاهلة أو الجرأة الغاشمة، للعبث في دين الله، أو العبث بشرعه وأحكامه، وأصوله وفروعه. وذلك كأن كانت تلك المتون تخالف قطعيّ القرآن، أو يكذّبها الواقع المدرك المحسوس، أو تناقض السّنن الكونيّة أو القوانين الإلهيّة أو الطّبيعة البشريّة، أو تناقض أحاديث متواترة فعلًا، أو يناقض بعضها بعضًا، أو يناقض الحديث نفسه، إلى غير ذلك من المتناقضات القطعيّات الواضحات). صفحة (ب).

ويقول أيضا في رسالة كتابه:

(فلنرفع غطاء العصمة عن العلماء والمتعلّمين كافّة، أقزامًا كانوا أم عمالقة مرموقين، فليس من بشر معصوم في العالمين غيرَُ سيّد المرسلين. ولنرفع غطاء القداسة عن سائر كتب الأوّلين والآخرين، فليس من كتاب مقدّس غيرَُ قرآننا الكريم، لا كتاب قبله ولا كتاب بعده. وليكن الحَكَم بيننا أجمعين: (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانََكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِِقِيْنََ). وليكن شعارنا دومًا هو: (أنّنا نعرف الرّجال بالحقّ، ولا نعرف الحقّ بالرّجال).صفحة (هـ، و).

والكاتب يقول في موضوع أخطاء التّراث:

(فأخطاء الآباء ينبغي أن يتناولها الأبناء برفق، فيصحّحوها ويقوّموها، دون أن يكون في مقارباتهم تلك أيّ مبرّر لرجمهم والإساءة إليهم. فالكلّ خطّاء، وليست العصمة لأحد كان، غير الأنبياء والمرسلين. وليست القداسة لكتاب غير كتاب الله تعالى). صفحة (10).

إلا أنّ الكاتب نسي الرّفق كثيرًا، في تناوله لكثير من آراء الآباء.

ويشير الكاتب إلى ما يصدر اليوم لكثير من الكُتّاب بقوله:

(مركز التّنبه لدى الكاتب والمؤلّف في عصرنا الحاضر، مازال كما هو، ومحور الأداء مازال هو إيّاه: كمّيّة الإنتاج من حيثُ عددُ الكتب أو الرّسائل الّتي ألّفها، وليس نوعيّة الإنتاج من حيثُ قيمةُ الأفكار والأبحاث الّتي قدّمها، وما فيها من تجديد وإبداع واستجابة للتّحديات). صفحة (13).

أمّا ما اعتدنا عليه –في هذه النّدوة- من مناقشة كتاب أسبوعيًّا، فلا يرد في مناقشة هذا الكتاب؛ فكلّ عنوان أو مسألة أو موضوع في هذا الكتاب يحتاج إلى ندوة نقاش خاصّة به. وهذا الكتاب يعرض دليل كلّ مسألة طرحها، فالرّد يكون ببيان خطأ الاستدلال أو ضعف الدّليل، أو أنّه ليس بدليل على هذه المسألة.

والأدلّة في هذا الكتاب بعامّة، هي أدلّة عقليّة أو أدلّة من القرآن الكريم؛ وهذا ما يجعل الرّدّ ليس سهلا؛ وذلك لرجحان أدلّة الكتاب.

أمّا لغة الكتاب فهي لغة فصيحة بل فصحى قويّة أخّاذة. والكاتب وإن كان أستاذًا فى اللّغة الإنجليزيّة إلا أنّه أستاذ فى العربيّة أيضًا؛ ولذلك جاءت الأخطاء في الكتاب قليلة أو نادرة، وأكثرها مطبعيّة مثل قوله: وجاء في (الدّار المنثور) والصّحيح: في الدّر المنثور. ومثل بيت الشّعر الآتي:

يا ليت ظلم بني مروان دام لنا

وليت عدل بني العباس لم يكن

جاء صحيحًا موزونًا في صفحة (326)، وجاء خطأ مكسورًا في صفحة (416).

وكذلك كلمة (ابن) الّتي بين علمين، جاءت في أوّل السّطر وحذف الطّابع ألفها والصّحيح: أن يثبتها لأنّها وقعت في أوّل السّطر.

ومن الأخطاء الّتي وقع فيها الكاتب استعمال كلمة كافّة، الّتي لا تكون إلا حالا منصوبة، فقد استعملها الكاتب استعمالا صحيحًا كثيرًا جدًّا، واستعملها أيضًا استعمالا خاطئًا كثيرًا.

ومن الأخطاء أيضًا النّسبة إلى طبيعة وبديهة فنسب إليها (طبعيّ وبدهيّ) والصّحيح: طبيعيّ وبديهيّ؛ لأنّ النّسبة إلى فَعيْلَة تحذف ياؤها في النّسبة، وشذّت ثلاث كلمات هي: (طبيعة، وبديهة، وسليقة) عن القاعدة، حيث تثبت ياؤها فى النّسب، عند أكثر النّحويّين، إن لم أقل عند جميعهم.

وفي صفحة (94): لم يكمل الآية الكريمة: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ) صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ. حيث اكتفى بما بين القوسين.
وفي صفحة (95): (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا) بَعِيدًا. فلم يكتب كلمة بعيدًا.

وختامًا، هذا الكتاب هو ثمرة أكثر من ستين سنة. وقديمًا سحر النّاس بشعر حكيم العرب، شاعر الحكمة والسّلام، زهير بن أبي سلمى؛ لأنّه كان يعكف على القصيدة حولا كاملا حتّى يخرجها للنّاس. فكيف بمن عكف ستين حولا؟!!!.

وأخيرًا، فكلّ ما يكتب عن هذا الكتاب لا يغني أبدًا عن قراءته، وإنعام النّظر فيه، بل ومعاودة قراءته مرّات ومرّات.

موسى أبو دويح

مشاركة منتدى

  • كتاب رائع بكل المقاييس، أرجوا الله أن لا يلقى ما لقيته كتبي التي زاد عددها على 22 كتاباً، كلها تقريباً تسير على نفس الخط، وتلتزم منهج كتاب الدراية هذا، أذكر منها هنا كتاب :" لا عذاب في القبر " ، وكتاب : " تعريف عام بسنة سيِّد الأنام عليه الصلاة والسلام"، لقد كدت أيأس من هذه الأمة الجاهلة المكابرة، لكنني فرحت بهذا الكتاب ، كما فرحت من قبل بمعرفتي بالدكتورالشيخ عدنان إبراهيم أطال الله عمره،ومن قبله بمعرفة الأستاذ جمال البنا رحمه الله ، وجعل الفردوس الأعلى مأوانا ومأواكم ومأواه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • الثورة التي يدعو لها الكاتب تقوم على اساس جعل الانسان اي العقل الانساني حاكما على الخبر الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم اخذا او ردا وفي هذا هدما لمصدر اساسي من مصادر التشريع الاسلامي ، اي هذه الثورة التي يدعو له الكاتب يراد منها ان تجعل من العقل الانساني وبناء على قواعد وضوابط لديه غير الوحي هو الذي يقرر ان هذا الخبر من الوحي اوليس من الوحي وهذا الامر جد خطير ، وقد غاب عن ذهن الكاتب بديهية من بديهيات التلقي والاتباع الا وهي اولا وقبل اي شيء ثبوت الخبر عن من له صلاحية اصداره فالقضية البديهية عند المؤمنيين بالدين الاسلامي ليس محاكمة النص محاكمة عقلية لاخذه او رده وانما هي ثبوته عن مصدره اي ثبوته عن الرسول صلى الله عليه وسلم اي انه اذا صح الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم لايجوز رده بغض النظر عن مستوى الفهم له ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وثبوت الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم متعلق بصحة السند وكذلك بالدراية المحصورة فقط بما ثبث قطعا من الوحي ، اما ان يتم وضع قواعد وضوابط لقبول الرواية تقوم على اساس قبول العقل لها او رفضه اياها فهذا مدخل لهدم الدين علم الكاتب ذلك ام جهله .

  • ان مما اشكل على الكاتب اعتباره ان التصديق بالاخبار على اطلاقها اصولا وفروعا لابد ان يكون جازما حتى يصدق بها وهذا ما دفعه لرد لكثير من الاخبار التي صحت كونها لم يكن دليلها قطعيا ؟؟ ان العقيدة الاسلامية محصورة في الافكار التي جاء الخطاب بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة يطلب الايمان بها وجعل الدخول في الاسلام متوقفا على الايمان بها ، وجماعها وما انبثقت عنه هو شهادة انه لااله الا الله وان محمدا رسول الله ، فهي الاصول( العقائد ) التي يبنى عليها غيرها و لايصح الايمان الا بها ، وجاء نص الخطاب يطلب الايمان بها .وماليس كذلك من الفروع التي لايبنى عليها فلايعتبر من العقيدة سواء كانت ظنية الثبوت او كانت قطعية الثبوت قطعية الدلالة ومنكرها كافر ،جاء في كتاب جاء في كتاب الاستدلال بالظني في العقيدة للمرحوم فتحي سليم ابو غازي ما نصه ( ومن هنا كانت العقائد هي الافكار الاساسية ، واما الافكار الفرعية فلاتدخل ضمن العقائد )
    فالعقيدة الاسلامية محصورة في الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الاخر وبالقدر خيره وشره ، وما سوى ذلك من الاخباربغض النظر عن قوة ثبوته هو من الفروع ولايجوز ان يعتبر من العقيدة بحال من الاحوال ولايصار الى معاملته معاملة الاصول في الاخذ اوالرد ، فهذه الاصول المكونة في مجموعها للعقيدة الاسلامية كل منها جاء خطاب الشارع قطعي الثبوت و الدلالة يأمر الايمان به بالنص عليه، ( ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) والحديث الذي رواه عمر في صحيح مسلم (... فأخبرني عَنْ الإيمان؟ قَالَ: "أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره" . وعلى ذلك اغلق الشارع الحكيم ملف العقيدة ،فجعله امرا واضحا بينا ، بيضاء نقيه لايزيغ عنها الا هالك قطعية الثبوت قطعية الدلالة جاء خطاب الشارع يأمر بالايمان بها، ولم يدع امرها للمكلفين يخوضون فيها حتى لاتقع هذه الامة في الاختلاف على اصول دينها فيكفر بعضها بعضا . نريد ان نخرج هذه الامة من دائرة التنطع والتعمق والاختلاف يجرح بعضها بعضا ويكفر بعضها بعضا ونعود بها الى سابق عهدها على منهاج النبوة . فواقع العقيدة الاسلامية انها لاتتعلق بمطلق الايمان بكل ما ورد من اخبار عن الرسول صلى الله ةعليه وسلم . فالقول (ان العقائد لاتؤخذ الا عن يقين ) هذا القول بهذه الصيغة لامحل له لان هذا على اطلاقه يجعل امر العقيدة مفوضا للمكلفين يدخل فيه الناس كثير من الفروع لم تصح عند غيرهم فيكفر بعضهم بعضا ويرد بعضهم كثير من الاخبار التي صحت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟ والقول (ان العقيدة هي الايمان) قول غيردقيق حيث انه يدخل الفروع مع الاصول .فالعقيدة الاسلامية هي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الاخر وبالقدر خيره وشره بينها الخطاب واضحة محددة بالنص على طلب الايمان بها ، هكذا انزلت وهكذا اخذها الصحابة وحملوها للناس وهذا هو واقعها من حيث انها في مجموعها تعطي فكرة كلية عن الكون والانسان والحياة وعما قبل الحياة الدنيا وعما بعدها وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها ، هذا الفهم لكيفية تناول بحث العقيدة يخرج الناس من الجدال حولها ويعيدهم عصر ماقبل المذاهب كانت فيه العقيدة لدى المسلمين سهلة وعميقة ونقية عند اخذها . ويخرج الناس من مسألة الخوض في الحديث القطعي الثبوت والظني الثبوت وتشعباتها الى امر واضح بين لايختلف عليه الناس فاذا صح الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يجب اخذه ولايجوز رده ، فهو خطاب من الشارع سواء تعلق بافعال العباد يجب العمل به بحسب درجة الخطاب او انه تعلق بخبر من الاخبار يجب تصديقه (اي انه لايجوز تكذيبه او رده ) واذا لم يصح الحديث يرد و لايجوز العمل به ويوقف في اخذه وقبوله . فاحاديث علامات الساعة كخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام وياجوج ومأجوج وغير ذلك من الاخبار ليست من العقيدة الاسلامية ولايجوز ان تعتبر منها حتى تعامل معاملة العقيدة في قبولها او رفضها ، وبالتالي يجب تصديقها اذا صح ثبوتها ولايجوزتكذيبها او ردها وان كانت ظنية الثبوت حيث انها ليست من العقيدة

  • توضيح لما ورد في التعليق السابق حول عبارة (ان العقيدة هي الايمان) اقول وبالله التوفيق ان هذا القول غيردقيق حيث انه يدخل الفروع مع الاصول:
    حيث ان الايمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل ، وهذا يقع على الافكار الاساسية التي تتكون منها وجهة النظر في الحياة وتتكون من مجموعها العقيدة لدى الانسان فكرة كلية عن الكون والانسان والحياة وعما بعدها وعما قبلها وعن علاقتها بماقبلها وعن علاقتها بما بعدها ، وكل فكرة من هذه الافكار الاساسية لها علاقة اساسية في تكوين هذه العقيدة لدى الانسان ، وايضا الايمان اي التصديق الجازم ... يقع على الافكار الفرعية التي ليس علاقة بتكوين وجهة النظر في الحياة ، فمن سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرا كأن نقول عن فتح مدينة ما في المستقبل يفتحها المسلمون فهذا الخبر يأخذه المتلقي ايمانا اي تصديقا جازما ولكن هذا الخبروجوده او عدمه لايؤثر في تكوين الفكرة الكلية لدى الانسان ولا في النظرة للحياة اي لايؤثر في الفكرة الاساسية لدى الانسان التي يبني عليها شخصيته ونظرته للحياة وقس على ذلك سائر الاخبار الفرعية التي اخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء تم اخذها اخذا جازما مباشرة منه صلى الله عليه وسلم اواخذا ظنيا بالرواية الصحيحة عنه ، فهذه الاخبار الفرعية لايجوز ولابحال من الاحوال ان تدرج في باب العقيدة عند تناولها لانها لو كان اصولا في تكوين شخصية الانسان وفي نظرته للحياة اي في عقيدته لكان لايصح الايمان الابها ؟؟؟
    ومع ما بيناه فان الشارع الحكيم سبحانه وتعالى قد بين في خطابه للانسان ما يجب الايمان به من الافكار الاساسية فجاء الخطاب بالنص القطعي الثبوت القطعي الدلالة يطلب الايمان بها بالنص عليها تحديدا ، ولم يدع امر العقيدة اي الايمان بالافكار الاساسية للمكلفين يقررونه بانفسهم ، فالعقيدة محصورة في الافكار الاساسية التي جاء الخطاب يطلب الايمان بها وجعل الدخول في الاسلام متوقفا عليها ، ولايصح الا بها . واما الافكار الفرعية فلم يطلب الشارع الحكيم الايمان بها نصا عليها ولم يرتب الدخول في الاسلام على الايمان بها ، والاسلام يصح بدونها ، فكثيرا من الامة الاسلامية على امتدادها لا بل ومن الصحابة انفسهم لم تصلهم هذه الاخبار الفرعية ولم يسمعوا بها .
    خلاصة القول ان هذه الاخبار الفرعية والتي تناولها الكاتب كعذاب القبر ونزول المسيح والدجال وياجوج وماجوج وغير ذلك انزلها منزلة العقيدة في اخذها او ردها وهذا خطأ واضح فهذه افكار فرعية ليس لها علاقة في تكوين عقيدة المسلم ولاتؤثر عليها وجودا وعدما ولم يأتي خطاب الشارع يطلب الايمان بها بل جاءت كاخبار قطعية عند متلقيها وظنية عند من رويت له قد يصح بعضها عند طائفة وقد لايصح عند طائفة اخرى فمن صح عنده الخبر يجب ان ياخذه سواء تعلق بعمل او بالتصديق اذا تعلق بخبر ولايجوز ولاعتبارات عقلية عندنا رد ما صح من اخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم لاننا مامورون باخذ ما جاءنا به .

  • الى الأخ هاني عقدة
    لا يجوز حصر العقيدة بالايمان بالله وملاءكته ....الخ ( كما لا يجوز حصر أركان الاسلام بالشهادة والعبادات،ونحن نعلم ان - الجهاد ذروة سنام الاسلام،مثلاً)،فالإيمان بالغيب،يجب ان يكون يقينياً،والغيب هو كل ما غاب عن المعرفة البشرية،من ماضٍ او حاضر او قادم،،وهذا كله لا يجوز الإيمان بصحته الا عن يقين
    اما قولك عن ( صحة الحديث) فيفهم منه الاكتفاء بصحة السند،لأنك لم تذكر( او تعتبر) صحة المتن أساساً جوهرياً في الإقرار بصحة الحديث( وهو ما وقع فيه السابقون حين حصروا الدراية في ما يتعلق بالراوي لا بالرواية ،بالسند لا بالمتن،
    وتركيز المؤلف على المتن،،راجع الى صحة التعامل مع ما هو بين اليدين،فتمحيص النص اثبت واقوى من تمحيص( سلالة مسلسلة) من الرواة
    خذ ما تراه،ودع شيءاً سمعت بهٍ. في طلعة البدر ما يغنيك عن زحَلٍ
    واعود الى الغيب مرة اخرى: أليس الإيمان بالله وملاءكته وكتبه ورسله في صميم الغيب؟
    بقيت مسالة : هل كان محمد( ص) يعلم من الغيب الا ما اوحى الله اليه به في محكم الكتاب؟ وهو القاءل بنص القرآن الكريم( قل لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)
    وأخيراً فان الذي أفنى عمره في الدعوة الى الله،وقد اشرف اليوم على الثمانين،وفقد معظم سمعه،وزهرة شبابه في سجون - ذوي القربى-في لبنان وسوريا ومصر- أشد حرصاً على سلامة هذا الدين،عقيدةً وتشريعاً،ممن يتباكون عليه وهم ( على الاراءك ينظرون)وفي فراغهم ينظِّرون،ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

  • الى الاخ الدكتور يونس شناعة :
    اولا : العقيدة هي افكار اساسية تكون في مجموعها فكرة كلية لدى الانسان عن واقعه الذي يحيا فيه ويحيط به وعن نفسه وعن حياته وعما قبل ذلك وعما بعده وعن علاقته بما قبله وعن علاقته بما بعده . هذه الفكرة الكلية متى وجدت لدى الانسان كانت اساسا لتفكيرة وميوله اي اساسا لشخصيته ولذلك كانت افكار العقيدة ويجب ان تكون محددة ومحصورة بالفكرة الكلية لدى الانسان . وهذا الخطأ الذي وقع فيه المفكرون المسلمون بان جعلوا العقيدة متعلقة بالايمان على اطلاقه اي بالتصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل بغض النظر كونه فكرا اساسيا ام فرعيا وهذا ما اوقع الكثير من المسلمين في الحرج حيث انهم ارادوا حمل الناس على ما اعتبروه انه من العقيدة فكفر بعضهم بعضا ولاحول ولاقوة الابالله .
    واقع العقيدة انها افكار اساسية والدخول في الاسلام متوقف عليها ولايصح الايمان الا بها لذلك كان حقا ان يقال عنها اركان الايمان . هذا هو واقع العقيدة من حيث انها الفكرة الاساسية الكلية لدى الانسان .
    وثانيا : تقرير ما يجب الايمان به اي ما يجب ان يعتقده المكلف انما هو للشارع وليس للمكلف ، فلهذا جاء خطاب الشارع يطلب الايمان باصول العقيدة نصا عليها ولم يترك الشارع الحكيم للمكلفين تقرير ما يجب الايمان به بل كان هذا تنطعا منهم اوردهم المهالك .
    فالعقيدة الاسلامية هي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره ، و هي الافكار التي جاء خطاب الشارع يطلب الايمان بها نصا عليها بالدليل القطعي الثبوت والدلالة . وما سوى هذه من الافكار الفرعية فليست من العقيدة ولم ياتي الخطاب يطلب الايمان بها نصا عليها فلم يأتي النص لا من الكتاب ولا من السنة يقول يايها الذين امنوا امنو بحصول كذا وكذا من الاحداث او امنو بكذا وكذا مما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن درجة ثبوته وعليه فلايشترط لاخذ ما اخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما غاب عن الناس ان يكون قطعيا الثبوت لانه ليس من العقيدة ولو كان قطعيا كما في حق من سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة فليس من العقيدة لانها افكار فرعية ليس لها علاقة بوجهة النظر في الحياة ومقياس الاعمال فيها ومعنى السعادة الغاية من ذلك كله

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى