الثلاثاء ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٥
لماذا تدمرون كل

معاني التآخي المسيحي الاسلامي؟!

ندى الحايك خزمو

باسم الدين يقتلون ويرتكبون المجازر ضد المسيحيين.. جماعات اصولية تدعي التدين وأنها تنفذ أوامر الله، والدين الاسلامي، بل كل الأديان براء من كل ما يدعون، فالله تعالى لا يرضى ابداً أن يذبح عباده مهما كانت الأسباب أو الذرائع، لأنه اله رحمة ومحبة وانسانية وليس اله مجازر وقتل وذبح وحرق.. وكل ذلك يتم على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي يقف موقف المتفرج مما يحدث..

ماذا حدث للعالم، وكيف يرضى عن نفسه بأن يقتل البشر بهذه الطريقة الوحشية على خلفية دينهم، ولأنهم يرفضون ما تريده "داعش" إما دفع الجزية أو اعتناق الاسلام أو الموت، ويتمسكون بدينهم عن ايمان راسخ في قلوبهم راضين بالموت على التخلي عن هذا الايمان. وآخرهم مقتل 28 اثيوبياً مسيحياً في ليبيا، والذين - كما جاء في التسجيل الذي نشره افراد داعش تحت عنوان "حتى تأتيهم البينة" - بأنهم قتلوا لأنهم رفضوا دفع الجزية أو اعتناق الإسلام. فمتى كان الاسلام يأتي بحد السيف والقتل فيقول تعالى : ( لا إكراه في الدين ) أي يجب ان لا يجبر احد على اعتناق الدين الاسلامي ان لم يكن مقتنعاً به، وهذا ينطبق أيضاً على أي ديانة أخرى..

أجل كيف يرضى العالم على ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة، وهنا اود ان اشير الى راهبة عراقية وهي الأخت ديانا موميكا من مدينة نينوى والتي ارادت ايصال صوت المسيحيين المعذبين الى العالم، والحديث عن الخبرة الشخصية التي مرت بها من رعب وارهاب، فطلبت تأشيرة دخول الى أمريكا لشرح ما يعاني منه المسيحيون في الشرق وبخاصة في العراق، فرفض طلب التأشيرة، رغم انها حصلت على الموافقة للاجتماع مع بعض اعضاء المجلس التشريعي الامريكي وبعض اعضاء وزارة الخارجية الامريكية وهيئات المساعدة الامريكية، ولم تحصل على التأشيرة الا بعد أن أعربت جمعيات حقوقية أمريكية، معنية بالمسيحيين في الشرق الأوسط، عن اعتراضها على رفض القنصلية الأمريكية في أربيل، منح موميكا تأشيرة الدخول للولايات المتحدة لأسباب غير واضحة، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على ان العالم يصم أذانه عما يجري، ولا يريد ان يحرك ساكناً في سبيل ذلك، رغم انه، وكما أشرت في عدد سابق، يدعي انه يحارب "داعش" وأرسل قواته من أجل ذلك، وحتى الآن لم نر أية نتائج فعلية لحملته هذه، لأن ما يقوم به هو صوري فقط، وفي محاولة لتهدئة الخواطر، فهل العالم وبخاصة امريكا عاجزة عن القضاء على "داعش" لو أرادت؟!!

العديد من المجازر ارتكبت بحق المسيحيين على مر التاريخ، طالت حتى الملايين منهم، ان كان ذلك على يد اليهود بعد انطلاق المسيحية، ثم على يد الرومان الى ان اعتنق الامبراطور قسطنطين المسيحية، فتبعه قومه، ثم المذابح التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن والسريان واليونان.. بل وكما سماها قداسة البابا عملية ابادة.. والآن على يد الجماعات التكفيرية الارهابية التي تريد انهاء الوجود المسيحي في العالم، وبخاصة في الدول العربية والاسلامية عن طريق الترهيب والقتل والمجازر الوحشية. وكل ذلك يتم الآن رغم كل ما يقال حول حقوق الانسان وحريته وحرية عبادته التي كفلتها له كل المواثيق الدولية، ولكن ها هو الغرب تخلى عن ايمانه من أجل مصالح سياسية واقتصادية فتنكر للمسيحيين الذين يذبحون كل يوم بدم بارد، رغم ان عمليات القتل التي قامت بها "داعش" طالت حتى الأطفال حيث تم الحديث ايضاً عن قتل اربعة أطفال عراقيين في منطقة في غالبيتها من السكان المسيحيين، في اواخر العام الماضي لأنهم رفضوا اعتناق الدين الاسلامي حيث قالوا حسب المصادر الاعلامية: "لا.. نحن مسيحيون، نحن نحب المسيح، ونتبعه دائمًا، وهو دائماً معنا"، فتم قطع رؤوسهم غير مراعين لصغر سنهم.. ورغم ان هذه الجريمة التي ارتكبت بحق الاطفال كانت يجب أن تكون درساً لداعش وغيرها بأن من يقتنع بدينه ولديه ايمان قوي لا يمكن لأي تخويف او ترهيب أن يجبره على التنازل عن دينه حتى وان استشهد في سبيله، ولكن من لا دين لهم – حتى وان ادعوا بأنهم متدينون – فانهم ينفذون اجندات رسمت لهم، وكل همهم مصالحهم الذاتية حتى وان كان الثمن المتاجرة بأرواح الناس وبقتلهم بطرق وحشية، بل المتاجرة بالدين الاسلامي والاساءة الى سمعته بارتكابهم مثل هذه المجازر الوحشية التي تناقض تعاليم الله ورسوله الكريم.

وما حز بنفوسنا أيضاً، انه رغم ما نسمعه عن التآخي المسيحي الاسلامي، وبخاصة في قدسنا المحتلة، ان أحد الشيوخ قد أيد بطريقة غير مباشرة "داعش" وما تقوم به، حين قال، أثناء درس له في المسجد الأقصى المبارك، ان على المسلمين دعوة غير المسلمين لثلاثة خصال: الاسلام او الجزية او القتال، وشدد على الاستعانة بالله ومقاتلة غير المسلمين حتى لو كانوا مسالمين. وأيضاً أنه وفيما كان السريان والارمن يحيون الذكرى المئوية الأولى لابادة المسيحيين على يد الدولة العثمانية، أن قامت مجموعة من الأشخاص بعد صلاة الجمعة بالتحريض على المسيحيين ورفع العلم التركي، وقاموا بتأييد تركيا، مما يدل على انهم راضون عن حرب الابادة هذه بحق المسيحيين، فهل يعقل هذا يا اخوتنا؟ وهل هذا هو التآخي الاسلامي المسيحي، الشعار الذي يرفع دائماً ولكن أين التطبيق!! لا أريد هنا ان أعمم، فهناك من الاخوة المسلمين من يحترمون هذا التآخي، ويعملون من أجل تعزيزه.. ولكن لماذا مثل هذه التصرفات والتصريحات التي تدمر كل معاني التآخي المسيحي الاسلامي، بل وتظهر مدى الكراهية والحقد لدى البعض على المسيحيين.. سؤال برسم الاجابة.. (البيادر)

ندى الحايك خزمو

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى