الخميس ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٥
بقلم مهند النابلسي

الرجال اكس: أيام من المستقبل الماضي(2014)

التكامل التقني والفراغ العاطفي والبعد السياسي!

يتحدث هذا الفيلم عن المستقبل، حيث يتم ابادة المتحولين بواسطة جيش من الحراس الروبوتيين، وحيث يسعى زعيم المتحولين لارسال وولفراين (هيوج جاكمان) للماضي وتحديدا للعام 1974 لتغيير مسار التاريخ...يكمن هدف فولفراين الأساسي لتوحيد قوى الشاب المحبط (جيمس ماكفوي) مع الرجل المسؤول عن اعاقه كسافير وهو المتحول"المعدني" الخارق ماغنيتو(الممثل الألماني العبقري مايكل فاسبندر)،حيث أصبح كسافير مدمنا على الكحول والمهدئات بينما تم "حبس" ماغينيتو(مقيدا) بسجن خرساني محكم تحت مبنى البنتاغون لمشاركته بحادث قتل الرئيس كنيدي "الغامض" بالعام 1963، ويسعون جميعا لمنع المتحولة البارعة ميستيك (جينيفر لورنس) من اغتيال العالم القزم مخترع "الحراس الروبوتيين" بوليفار تراسك (الممثل المدهش بيتر دينغلاجي)(قدم هنا دورا فريدا سيتوج به حياته السينمائية، كما أبدع تماما باظهار شخصية العالم الانتهازي المتعجرف الذي جاهد طوال حياته ليكسب الاهتمام والاحترام)!

تيمة الفيلم تناقش فكرة احتمالية تغيير المستقبل من خلال امكانية تغيير "الماضي-الحاضر"، حيث ينجح كسافير باقناع ميستيك بعدم قتل تراسك والسماح لها ولماغنيتو بالهروب ...هكذا يتم الغاء برنامج الحراس الروبوتيين وتغيير مسار المستقبل افتراضيا، لتحقيق صلح استراتيجي بين البشر والمتحولين!

بالفعل يستفيق فولفراين بالعام 1973 ويسافر لقصر"رجال الاكس" ليواجه كل من هانك ماكوي وكسافير ليكتشف أن معهد كسافير المخصص للموهوبين الشباب قد تم اغلاقه بعد ذهاب معظم الأساتذة والطلاب للمشاركة بالحرب الفيتنامية، كما نلاحظ احباط كسافير لفشل معهده ومغادرة شقيقته "ميستيك"، كما انه يسىء استخدام مصل صنعه ماكوي يسمح له بالمشي على حساب قواه التخاطرية الخارقة، ويشرح فولفراين لكليهما مهمته المحددة، ويتمكن من اقناع كسافير للعمل سويا على اطلاق سراح ماغنيتو "المتهم باغتيال كنيدي" من سجن محصن أسفل البنتاغون، وبالفعل ينجحون بتحريره بمساعدة المتحول"الجديد" بيترماكسيوف الذي يملك سرعة خارقة "كالبرق"!
بعيدا بواشنطن ينجح تراسك من تشكيل لوبي لمؤازرة برنامج المتحولين بدعم من الكونغرس، وخلال نفس الفترة وبسايغون(عاصمة فيتنام الجنوبية) تنجح المتحولة ميستيك بقواها الخارقة من منع الشاب "وليام سترايكر" من تشكيل فريق من المتحولين لمصلحة ابحاث العالم تراسك، كما أنها تكتشف قيامه بأسر متحولين واجراء تجارب عليهم...ثم تهرب مختفية بباريس، فيسافر كل من كسافير،ماغنيتو،بيست، وفولفراين لباريس لملاحقتها...ونرى قيامها بفندق باريسي فخم (أثناء ذروة مفاوضات السلام الأمريكية الفيتنامية) قيامها بمغازلة "ساخرة" لجنرال فيتنامي "فاسد وشبق" وانتحال شخصيته بعد قتله بضراوة وذلك بغرض الوصول للعالم تراسك، الذي يسعى بدوره لبيع "تقنية المتحولين" للشيوعيين...وتحدث المصادفة الغريبة بوصول كل من كسافير، ماغنيتو، بيست وفولفراين لموقع الاوتيل بنفس اللحظة التي تحاول فيها اغتيال تراسك، حيث يستميت ماغنيتو لقتلها ولكنها تتمكن من الهروب (بتدخل غير مفهوم ومفاجىء من بيست)، ونرى حركات فذلكية مدهشة لصراع المتحولين عبر شوارع باريس السياحية وامام المشاة والعابرين والكاميرات! (تمثل الحرب الفيتنامية عقدة مزمنة بالسياسة الأمريكية الفاشلة، وكمثال فان رئيس الوفد الفيتنامي بالجلسة السرية لمفاوضات باريس قد رد معقبا على كلمة كيسنغر التي استغرقت ساعة كاملة: أنت كذاب!).

رعب المتحولين ام هيمنة الحراس "الروبوتيين"؟!

ولكن بالرغم من نجاة تراسك، فان فكرة وجود المتحولين وهيمنتهم ترعب العالم، فيوافق الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على المباشرة بمشروع "الحراس الروبوطيين" المقترح، ويعلن عزمه على كشف التفاصيل علنا بواشنطن، كما يتمكن فريق تراسك من استرجاع بقايا دماء لميستيك من موقع النزاع بباريس لتقصي أثرها بالحامض النووي، ويبذل ماغنيتو جهده ويسخر قواه لاحباط مشروع الحراس الخارقين، ويتمكن كسافير من استرجاع بعض قدراته العقلية (فاقدا قدرته على المشي)، حيث ينجح فولفراين باقناعه للتحدث (بالتخاطر) لشخصيته المستقبلية، ملهما اياها لتحقيق سلام جديد ما بين البشر والمتحولين...كما يستغل المتحول "سيربرو" لتقصي آثار ميستيك التي تتوجه الان لواشنطن!
يكشف الرئيس نيكسون النموذج الجديد "للحراس الروبوتيين"، ويفاجىء ماغنيتو الجميع برفعه لستاد "روبرت كنيدي" لكرة القدم بالكامل والطيران به لمحاصرة البيت الأبيض كمتراس (بلقطة سينمائية آخاذة)، كما تصدر الأوامر للحراس الروبوتيين بمهاجمة الجمهور بضراوة، ويتم الاستعجال بحماية نيكسون وتراسك وأخذهما لغرفة حراسة آمنة، فيما تنجح ميستيك كعادتها بالدخول متنكرة دون ان يلمحها أحد! ثم يحاول كل من كسافير، فولفراين وبيست كبح جماح ماغنيتو الهائج، ولكنه ينجح بقذف فولفراين بعيدا لنهر "بوتوماك" مستخفا بمخالبه "الفولاذية"...كما يتمكن بقواه الخارقة من اخراج غرفة الحماية من الملاذ الآمن استعدادا لقتل الرئيس، وتنجح ميستيك المتخفية الان بهيئة نيكسون من الظهور بشكلها الحقيقي وقتل ماغنيتو أخيرا!

...وخلال نفس الفترة وبزمن مستقبلي بائس تسعى مجموعة متبقية من المتحولين لمواجهة هجوم الحراس، ولكنهم يقتلون جميعا فيماعدا كسافير، برايد وفولفراين، وبالعودة بالتوازي للعام 1973 يتمكن كسافير من اقناع المتحولة البارعة ميستيك بعدم قتل تراسك بهدف الغاء مشروع "الحراس"، ثم يتم اعتقال تراسك لاحقا لبيعه أسرار عسكرية...بالمشاهد قبل الأخيرة نلاحظ فولفراين وقد استفاق اخيرا بالزمن المستقبلي ليجد نفسه محاطا بكل من ايسمان، روج، كولوسوس، كيتي، بيست، ستورم، جين جراي، سيكلوبس مع كسافير المسن...حيث يبدو وكأنه أفاق أخيرا من كابوس مرعب!
وبمشهد استباقي أخير لافت نرى مجموعة من الناس بصحراء مصر القديمة يقفون تبجيلا امام كاهن يرتدي معطفا طويلا ويدعى "صباح نور"، ويبدو وكأنه يستخدم قواه الذهنية الخارقة لتحريك الأشياء عن بعد وبناء أهرام! وربما يعبر هذا المشهد الغريب عن سينايو جديد لفيلم قادم عالمي (من السلسلة الناجحة) يستعرض الأحداث بمصر الفرعونية القديمة (بالتداخل ما بين الحاضر والماضي السحيق والمستقبل)، حيث تلقى الحضارة الفرعونية العريقة تبجيلا خاصا في الثقافة الغربية...كما أنه يوجد بالتأكيد مغزى من اظهار كل شخصيات السلسلة بلا استثناء بنهاية الشريط وكأن المخرج يعدنا بفيلم قادم خارق جديد يتحدث عن نهاية العالم!

تنوع وتكامل الخصائص الخارقة للمتحولين:

ما أعجبني حقا بهذا الفيلم هو التنوع الغير مسبوق لخصائص الشخصيات الخارقة، ففوولفراين مثلا يشفى سريعا ويملك عظاما خارقة وقابلة للسحب ومخالب من معدن "الأدمنيوم" الفائق الصلابة، كما أنه قادر على ارسال وعيه للماضي ولحالته الشابة، أما كسافير فهو يملك قوة تخاطرية هائلة فيما يتمتع ماغنيتو بقدرة خارقة للتعامل مع الأجسام المعدنية، وميستيك "الساحرة الزرقاء كالسحلية السامة" تملك مرونة هائلة لتغيير شكلها "بمكر و خبث" وتصلح تماما لحالات التسلل والاغتيال، أما شتورم فيمكن ان تتحكم بالطقس والمناخ وأن تشكل العواصف (نجحت هالي بيري تماما باداء الدور بالرعم من كونها حامل)...ناهيك عن الخصائص الخارقة العديدة للشخصيات الاخرى التي حفل بها الشريط، والتي ربما عجز المشاهد العادي عن الالمام بها لتداخلها وقصر أدوارها: كخفة الحركة والسرعة، وامتصاص قوة الحياة، واختراق الأجسام والعوائق الصلبة، وخلق الجليد والتلاعب به، واحتواء الطاقة والاشعاع واعادة توجيهما بانفجارات حركية مفاجئة، وتحويل الجسم لفولاذ عضوي فائق المتانة والتحمل، وكالسرعة الخارقة التي تفوق سرعة الصوت، والتلاعب بالاتصالات، والقدرة على خلق النيران والاحتراق وامتصاص الطاقة الكونية واعادة اطلاقها بتفجيرات البلازما، كما التمتع بلسان لزج طويل خارق قادر على مسك الأشياء وشل الكائنات! ربما لم ننتبه كمشاهدين عرب لكل هذا الكم من الخصائص الخارقة التي تملكها الشخصيات والتي تبدو ربما كفنتازيا "كرتونية" مسلية، ولكني أعتقد انها تمثل رؤيا استباقية للعلماء الغربيين اللذين يعكفون ربما على دراستها بتأني وبروح علمية طموحة تمهيدا لممارسة تجارب مستقبلية فد تسمح بالتلاعب بالجينات البشرية او بخلق جيل جديد من "الجنود" والروبوتات الخارقة لتطوير ما يسمى شخصية "السوبرمان" التي تطغى على الثقافة والفكر الغربي"النيتشوي" والأمريكي خصوصا، والتي قد تحقق لهم السيطرة "الخالدة" على شعوب العالم بأقل قدر من الخسائر البشرية!

انطباعات نقدية:

تقيد القصة نفسها بتداعيات وذكريات حرب فيتنام (الخائبة-العبثية) واتفاق السلام المشهور بباريس ونيكسون والبيت الأبيض وتداعيات اغتيال كنيدي...ونرى السيناريو يعيد سرد قصة خطف الرئيس الأمريكي وتحريره كما سبق وشاهدناها بالعديد من أفلام الأكشن والخيال العلمي والفانتازيا، وتبدو هذه الثيمة نمطية ومكررة بل ومملة!...كما يبدو وأن الشعور بالذنب تجاه حرب فيتنام ما زال مسيطرا على مخيلة السينمائيين الأمريكيين كهاجس مزمن، كل هذه الأحداث أعطت الفيلم بعدا سياسيا تكميليا تاريخيا شيقا مع الخيال العلمي والفانتازيا، وقد يسمح نجاح هذا الفيلم تجاريا وعالميا باصدار نسخ جديدة تتحدث مستقبلا عن تداعيات الحروب السرية والحروب المعلنة كالخليج وأفعانستان والعراق والتي فقدت فيها امريكا الكثيرمن الضحايا بعد انتصارها الرسمي الاستعراضي وتدميرها الماحق لهذه الدول وتحويلها لدول فاشلة ومرتعا وملاذا للارهاب "العالمي" ونموذجا للفوضى "اللاخلاقة" الموعودة!!

يبدو الفيلم من وجهة نظري متكاملا من الناحية السينمائية ورائعا وفخما ونموذجا لنمط جديد من أفلام الفانتازيا والخيال العلمي، ولكنه يفتقد للجمال "السينمائي" والاقناع بالرغم من الاختيار الدقيق والعمل المجهد لاختيار وتقمص الشخصيات والأدوار بعناية فائقة، كما يتفوق معظم الممثلين بأداء مبهر استثنائي حافل بالمؤثرات الخاصة الغير مسبوقة ولكنه يفتقد للعمق والشغف....فقد سعى المخرج بريان سنغر لتحقيق ذروة متناغمة ولكنه بالمقابل ورط شخصيات فيلمه بمواقف لاهثة متتابعة تفتقد ربما للعاطفة والكيمياء والسخرية الضرورية، كما خلط الأحداث بجدية "سمجة" وبطريقة استحواذية متعالية "مزدحمة بالشخصيات والأحداث والمؤثرات" لم تنجح ربما بلمس الأوتار الحقيقية لوعي المشاهد والمستقبل طوال ساعتين وعشر دقائق...بالمقابل فقد نجح المخرج بريان سنغر والمؤلف سيمون كنبرغ بانتاج تحفة سينمائية متكاملة مستغلا المؤثرات الخاصة لتحقيق هدف السيناريو المعقد والمتداخل وليس للاستعراض والابهار فقط، كما عرض متحولين جدد كالرجل السريع كالبرق(ايفان بيترز)، واتحفنا بمتعة السفر للماضي عبر الزمن وبامكانية تغيير مجرى الأحداث، ثم ضرب على وتر الحنين لسبعينات القرن الماضي وخاصة "للمشاهدين الكبار" وأخرج فيلما أنيقا شيقا كأفلام جيمس بوند وربما وصل الذروة السينمائية هنا، وهذا يمثل بحد ذاته تحديا جديدا للابداع السينمائي المتوقع بالأفلام القادمة من هذه السلسلة!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى