الثلاثاء ٧ تموز (يوليو) ٢٠١٥
بقلم محمد رضا

مدنٌ بعصافيرٍ تحتضر

كنتُ أمشي على ضبابٍ قاحل.
وتمشي هي على خبزٍ يابس.
نحتلُ ذكريات عشاقٍ انهاروا.
أزيفها، فتصدقين.
نستعمرُ ظلالًا لفتياتٍ وفتيانٍ.
وأحورها، فتصدقين.
كانوا يمرحونَ بقلوبهم،
كنّا نلوكُ هزائمهم.
سِرنا على طرقٍ متروسةٍ بالخوف،
غنينا لثعالبٍ ترصدنا بحزم.
نرمي فوارغَ القصائد في سلال المهملات،
ونعبأُ أحلامنا في جنانٍ صغيرة:
ننثرُها فوقَ مُدنٍ تحترق،
فتَخضَرّ.
نمطرُها فوقَ مُدنٍ تحتضر،
فتُقاوِم.
نخبرُها لشعوبٍ تضيع في الشحوب،
فتنمو كفتاةٍ مراهقة.
 
"ليسَ في وجعي مكانٌ لكِ. ليسَ لي وجعٌ سواكِ."
طائرٌ خفق!
أزرقُ من بحرِ مدينتك.
أسمرُ من شابٍ في ميناء.
أرقُ منكً حينما تغضبين.
أقوى من تعبي.
خفق.. لأحملهُ العبءَ وحدَه.
كأنّهُ أنا.
كأنني واحدٌ مكتمل الوجه.
خفقَ، فأخفقت..
لأحملهُ التُهمَ بأسرها
ليموتَ من وجعِ الضمير
وأحيا.
كنتُ أزفُ أسهمي إلى صدرِ المحبةِ،
وكأنها فرحٌ تخطى حاجر الرهبة.
"وكلما سددتُ سهمًا إلى صدرِ العدوِ، وأدتُ نفسي!"
كان زخامٌ من مجاذيب.
رتلٌ من كذباتٍ تنتهجُ الصدق.
كان غيمٌ من سراب.
كنتُ أحلم ضاحكًا للكوابيس،
وأمصُ دمكِ كي أموت..
فتموتينَ معي،
لأموت.
"كلما كان في أحلامك فرح،
كلما ضاع معنى الحلم عند مصافحة الوجود."
في سبيلِ الهزلِ
كنت أركض خائفًا
على لحاء أيكة الفراق.
وجهي يعرفني،
يشد الشطايا إلى الشظايا،
يحلم بي،
وأنا هارب من ركام الذكريات المستمرة؛
عدو ذاتي كما كان آنفا،
لست لي كما قال،
لست لها كما قلت،
لست أدري كما يقولون.
على تلالٍ من ضبابٍ كنت أمشي ،
وأجرّك من ذراع أحلامك:
- تعالي معي إلى الهاوية،
هناك مصنع للالوان.
- تعالي معي إلى النهاية،
هناك مخزن من الالعاب النارية.
وكنتي تجيئين في معاطف الكذبات،
أفتريها وأصدقها معك.
فنهوي في فرح، ونقول:
إنما الفرح وجع يوقظنا.
ولا نقوم إلا كمن تتخبطه الأحلام من المس..
فنتجاهله.
"أفضلُ من أن تكوني أنا، أن تكوني أنت."
كنتُ أحقنكِ سرًا بهلاوسي، فتقولينَ:
محمد، لقد تغيرَ عطرُ روحي، ولا أدري لِمَ.
أدسُ في جيوب قلبكِ حُزني،
فتقومين من نومكِ على صوتِ البكاء.
أشعلُ النارَ في أحلامِنا،
فتفقدينَ ذكرياتُكِ عنّي.
أنا مَن زرعَ فناؤك رهبةً مِنه،
وحينما أثمرتَ شياطيني،
تلبّسك الجنون.
وضعتُ عصافيرَ من خواء؛
يهبُ الفرح، فتزقزق.
يهبُ الحزن، فتزقزق.
لأسجنكِ في وطننا الصغير.
يتسع، فينهار الكون.
يضيق، فتنهارين.
وكذلك سولت لي نفسي.
"لا شئ يخرج من أفواه العرافين سواك.
لا شئ يضيع إلا وأنت شريك في الجريمة،
أنت الجريمة والعقاب."
سِرنا على طُرقٍ مجروحةٍ من وجعِ الضياع.
أضربُ خفيَةً الأرض، فتهتز.
ثم ننزف، لنطعم الطريق.
نشرب، ليطولَ نزفنا.
وأنا أمسكُ بذراعكِ وأقول:
أترينَ هذا البحر؟
فتقولينَ: لا.
يتغيرُ وجهي، وأقول: لسوفَ ترينه.
- أتسمعينَ صوت أغنيتنا؟
فتقولينَ بفزع: لا!
يتغيرُ وجهي وأقول: لسوفَ تسمعينها.
- أترينني؟
فتقولينَ: نعم. نعم أراك.
فاختفي.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى