الثلاثاء ١٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٥
بقلم عادل عامر

الفساد في مصر وكيفية مواجهته

أن الإرادة السياسية هي العامل الرئيسي في مكافحة الفساد والقضاء عليه ، لان التشريعات المصرية المتعلقة بالفساد تنظر إليها الأجهزة الرقابية والإدارية والتحقيقات، كما لو أنها أفرغت تماما من دورها، وأنه يجب إعادة النظر في التشريعات (يوجد ضعف في المحاسبة والجرائم وأنها تمثل خطورة على الجهاز الإداري).

تعد الرقابة على المال العام أحد الأدوار الأساسية المميزة لكافة المجتمعات الحديثة، بل إن نشأة البرلمانات أساسًا جاءت لتحقيق هذه العملية. من هنا كان من الضروري العمل على تدعيم وتعزيز الرقابة المالية بصورة تجعلها قادرة على الحيلولة دون العبث بالمال العام أو إهداره.

أن الخلل في التعدد غير المنطقي للتشريعات، وأنها غير شفافة ، كما توجد سلطات تقديرية مخولة لرأس النظام، وأنه يوجد خلط للأوراق وللمفاهيم وعدم الوعي التام بمسألة المفاهيم، مثل مفهوم الشفافية، وأنه توجد عوامل كثيرة مختلطة ساعدت على استشراء الفساد، وتعدد التشريعات دون جدوى. لان 60% من مشاكل مصر أساسها التشريعات، وإنه لابد لنا أن نأخذ الحالة المصرية، ونقوم بالتنسيق والقياس عليها في موضوع التشريعات والقوانين. لا يوجد نمط موحد لوضع إستراتيجية ناجحة لمكافحة الفساد على المستوى المحلى، وأن الحل الأمثل هو وضع إستراتيجية شاملة تأخذ في الحسبان تكامل المبادرات بين المحليات، والربط بين الجهود على المستوى المحلى وتلك على الصعيد القومي.

كما اعتمدت أغلب استراتيجيات مكافحة الفساد على عدد من الآليات، من أهمها: تحسين الشفافية والمساءلة، وتقييم الإرادة السياسية ونقاط الدخول، وتشجيع مشاركة المواطن، وإتباع منهج شامل للإصلاح، مشيرة إلى أن أهم مخاطر الفساد على المستوى المحلى تتمثل في إهدار الأموال العامة، وسوء تخصيص الموارد وإمكانات التنمية في الوحدات المحلية، وعدم كفاءة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، وإضعاف المناخ الاستثماري، وانخفاض النمو الاقتصادي في المحليات. كما يقوض الفساد الأهداف الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، والسياسية للوحدة المحلية.

أن الحالة المصرية تتحكم فيها الثقافة السائدة، والمزاج المصري العام، وأن مسألة الشفافية والمساءلة واحترام القانون تحتاج إلى إعادة تصحيح وتوضيح وتوعية، وأن هذا المزاج مكتسب ونتاج سياق مجتمعي معين، وسيستغرق بعض الوقت (تغيير عقل وفؤاد)، أي منظومة القيم.لان مشكلة مكافحة الفساد متعلقة بالديمقراطية الحقة، وإنفاذ القانون، وتنفيذ الأحكام والإطار الاجتماعي والاقتصادي (السياسات الاجتماعية والاقتصادية)، والحد الأدنى والحد الأقصى (العدالة الاجتماعية)، وأهمية التجديد الثقافي والتربوي القيم، سواء في الإسلام أو المسيحية ، ومفهوم النفس اللوامة (الضمير)، وأن القيم الدينية مهمة. تحتل مصر المركز الأول في معدلات الإصابة بالمرض على مستوى العالم، وتحتل المركز الثاني في الوفاة بسبب مرض السكر. (رئيس لجنة الصحة بأمانة سياسات الحزب المنحل)، وفيها أعلى معدل وفيات على مستوى العالم بسبب إنفلونزا الطيور، الذي أصبح مرضًا متوطنًا في مصر، (إلى جانب مخاوف من توطن إنفلونزا الخنازير، وظهور حمى التيفود، ومخاوف من إنفلونزا الكلاب). و4% من سكان مصر يعانون من مرض أنيميا البحر المتوسط الذي يصيب الأطفال (تقرير لوزارة الصحة). وربع سكان مصر يعانون من ضغط الدم، وفي مصر أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم، فبينما كان في عام 2001م (35 لكل 1000)، عاد ليرتفع إلى (50 طفل لكل 1000 مولود) (جهاز التعبئة العامة والإحصاء). ويعتبر الالتهاب الرئوي والإسهال القاتل الأكثر انتشاراً بين الأطفال، و29% من أطفال مصر لديهم تقزم بسبب سوء التغذية، في إحصاء 2010م. و 14% لديهم قصر قامة حاد، وهناك 3 مليون طفل معاق، نصفهم لديه أكثر من إعاقة، والعناية بهم شبه معدومة.

وفي عام 2000م كان طفل من كل ثلاثة مصابًا بالأنيميا، والآن ارتفع العدد ليكون طفل من كل اثنين مصابًا بالأنيميا، ففي 10 سنين قفزت النسبة من 33 إلى 50%، أي: أكثر من 10 ملايين طفل مصري مصاب بالأنيميا، في بلد يشقه النيل من جنوبه إلى شماله !! (رئيس لجنة الصحة بأمانة سياسات الحزب الحاكم) والعجب أنّ شحّ المياه النظيفة الصحيّة ظاهرة شائعة في أرض النيل

هناك20 ألف مواطن يموتون سنويًا بسبب نقص الدماء (تقرير لوزارة الصحة). وأكثر من 100 ألف مصري يصابون سنويًا بالسرطان بسبب تلوث مياه الشرب فقط (د‏.‏ أحمد لطفي استشاري أمراض الباطنة والقلب بمستشفي قصر العيني). وقد حذر (برنامج الأغذية العالمي) 2010م. من مشكلة نقص التغذية، وأضاف: إن مشكلة سوء التغذية تتمثل فى تأثيرها على البشر بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة، مشددًا على ضرورة وجود مخرج لحل هذه الأزمة الخطيرة التي ستتسبب فى فقدان الأجيال

كان القطن المصري المميز واحدًا من أهم المنتجات الزراعية المؤثرة في رفع معدلات الدخل والنمو للاقتصاد المصري، ولكن بسبب الفساد الإداري والإهمال والغش تراجع هذا المنتج من موقعه عالميًا منذ ثلاثة عقود، ولعل أبرز مثال على ذلك هو ما تلقاه (مركز الأرض) من شكاوى الفلاحين تفيد خساراتهم التي بلغت 40% من محصول عام 3/2004م. حيث تدنى سعر القنطار إلى 550 جنيهاً مقارنة بالعام الماضي حيث كان 1100 جنيه، مع أن مصر كانت تزرع قبل 10 أعوام ضعف المساحة الآن، ولم يكن السعر بهذا المعدل المنخفض!!!. وكانت وزارة الزراعة هي التي وزعت البذور المطلوبة، ونتيجة اختيار الوزارة السيء عزف السوق عن المنتج، وبدلاً من أن تقف الحكومة مع الفلاح، ما كان منها إلا أن اتهمته بزراعة بذور غير مطلوبة!!!. وقد تم الغش بخلط بذور طويل التيلة مع بذور قصيرها، فأفقد القطن المصري سمعته في الأسواق العالمية، حتى تراجع حجم تعاقدات الأقطان في موسم 3/2004 إلى 1.5 مليون قنطار، مقابل 3.5 في 2/2003 . وهذا أدى إلى توقف 600 مصنع في المحلة الكبرى فقط وتشريد عمالها. إضافة إلى ما اتسم به أداء موظفي الوزارة من فساد باستخدامهم مبيدات فاسدة، أدت إلى تطوير نوع الدودة، حتى ارتفعت الإصابات إلى 80% من المحاصيل الزراعية فسد القمح المصري الشهير بجودته، وأصيبت الأراضي الزراعية بآفات لم تعرفه من قبـل أرض مصـر !! وبعد أن قضى يوسف والي على زراعة القطن صاحب السمعة العالمية، أفسد زراعة الفواكه المصرية باستيراده من إسرائيل الفواكه والخضر الفاسدة التي نشرت الأمراض بين الناس, وبذرة القطن المنزوعة الزغب التي تنتج محصولاً رديئًا يرفض العالم شراؤه، وفي المقابل أصبح يوسف والي من أغنى أغنياء العالم ولم يتعرض للمساءلة لدرجة أنه رفض الحضور إلى المحكمة كشاهد في قضية المبيدات الحشرية المسرطنة التي استوردها من إسرائيل مساعده يوسف عبد الرحمن وبتوقيع الوزير يوسف والي بنفسه على وثائق الموافقة على استيراد هذه المواد المسرطنة المحرمة دولياً "منظمة الشفافية الدولية تصدر "مؤشر إدراك الفساد" سنويًا، وتقيّم من خلاله 175 دولة حول العالم. وعادة ما يعتمد التقييم على آراء عدد من الخبراء في مجالات الاقتصاد والأعمال والاستثمار. وإذا رأى أحدهم أن الوضع في بلد ما تحسّن أو ساء، ينتج عن ذلك ارتفاع أو انخفاض ترتيبه، وهذا بالضبط ما حدث لمصر في تقرير عام 2014، حيث عرفت، من مصادر داخل المنظمة نفسها، أن خبيرًا ما رأى أن حجم الفساد في مصر قلّ، فتقدمت مصر 20 مركزًا، واحتلت المرتبة 94 بواقع 37 نقطة، ولكن لا تزال هذه المرتبة سيئة جدًا لأنها تُعد ضمن البلاد الأكثر فسادًا. وتحتسب نقاط المؤشر على مقياس من صفر (الأكثر فسادًا) إلى 100 (الأقل فسادًا). وعلى المستوى الإقليمي، فإن مصر ما زالت أقل من متوسط دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا المؤشر لا يقيس الفساد، وإنما إدراك الفساد في المجتمع. وبما أن المجتمع مرآة صادقة، فإن المؤشرعادة ما يعكس الواقع إلى حد ما. وبالرغم من التقدم الملحوظ لمصر، إلا أن التقرير ذكر بأن مصر فشلت في تقديم الإصلاحات الضرورية لمكافحة الفساد. وأتوقع بأن وجود برلمان منتخب في السنوات القادمة قد ينتج عنه تحسّن في مرتبة مصر، ولكنه سيكون تحسّنًا طفيفًا. ولكن وجود البرلمان سيؤثر حتمًا على مرتبة مصر في مؤشر آخر، وهو "مؤشر الموازنة المفتوحة"، لأنه بعكس "مؤشر إدراك الفساد"، يعتمد على معايير موضوعية للوقوف على شفافية الموازنة." هُرّب أكثر من 10 ملايين دولار من مصر بين عاميّ 2011 و2012، وصرّح رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بأن حجم الفساد الإداري والمالي يبلغ 200 مليار جنيه سنويًا، وقد بلغت قضايا الفساد في عام 2013 أكثر من 151 ألف قضية.. كيف تنظر لهذه الأرقام؟

"من المستحيل معرفة الإحصاءات الحقيقية للفساد في مصر لسببين اثنين: أولهما، غياب الشفافية والمعلومات؛ وثانيهما، عدم دلالة الأرقام على التأثير الحقيقي للفساد. وبالرغم من أن الجهاز المركزي للمحاسبات يؤدي عمله جيدًا، إلا أن الوثائق والتقارير التي يصدرها لا تُنشر للعامة، وبالتالي لا يستفيد منها الصحفيون والباحثون، فضلًا عن أن تلك الوثائق والتقارير تخصّ دافعي الضرائب ولا تمسّ بالأمن القومي، ومن حق المواطنين أن يتابعوا كيفية إنفاق الدولة لأموالهم. أمّا التكلفة المادية الحقيقية للفساد فغالبًا ما تتعدى القيمة الرقمية. فمثلًا، عندما يستولي أحدهم على قطعة أرض بسعر بخس مقابل رشوة، فإن تكلفة الفساد في هذه الواقعة يتخطى قيمة الرشوة. والأمر نفسه ينطبق على حالات إهدار المال العام، لأن الفساد يؤدي لاحتقان اجتماعي وشعور بالظلم وغياب العدالة مما يتبعه تداعيات مجتمعية وسياسية واقتصادية، وهو ما يسمّى بـ"التفاعل التسلسلي". وهذا ما رأيناه في مصر، حيث أدى تفشّي الفساد لثورة، ووقّفت الثورة العجلة الاقتصادية، مما أثّر سلبًا على حجم الاستثمارات، فساءت الأوضاع أكثر وأكثر." وتصف منظمة الشفافية الدولية إسقاط تهم الفساد بالتقادم بأنه “عد تنازلي نحو الإفلات من العقاب” وتقترح عدة إجراءات أهمها المرونة في تحديد مدة التقادم في الوظائف التي تمنح أي نوع من أنواع الحصانة وقت ارتكاب الجريمة، ويكون التساؤل المشروع هنا، هل كان هناك إمكانية لكشف هذه الواقعة وإجراء التحقيقات قبل انتهاء مدة التقادم والرئيس مبارك مازال في الحكم؟ أظهرت الكثير من الدراسات التي أجريت خلال العقد الماضي التأثير السلبي للفساد على التطور الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في مختلف الدول، فقد لوحظ أنه يزيد من التكلفة، ويقلل من كفاءة وجودة الخدمات، ويشوه عملية صناعة القرار، ويقوِّض القيم الاجتماعية. وطبقًا لتعريف البنك الدولي، يشير الفساد بصفة عامة إلى سوء استخدام السلطة الممنوحة للموظفين العموميين لتحقيق مصالح خاصة، وبذلك يشكل الفساد بمعناه الواسع انحرافًا عن القواعد القانونية والأخلاقية، وكذلك مقتضيات الثقافة المؤسسية السوية بصفة عامة.
ويشير الفساد في مجال التعليم إلى مجموعة التصرفات أو الأفعال غير القويمة التي تقوم بها الأطراف المشاركة في العملية التعليمية بهدف تحقيق مصالحها الخاصة. وبالرغم من أنه يبدو من الصعب تقييم وتحديد حجم الفساد في القطاعات المختلفة بطريقة دقيقة، إلا أنه من المؤكد أن ظاهرة الفساد ليست بالهامشية، ويتأثر التعليم بهذه الظاهرة بطريقتين: الأولى من خلال الضغط على الموارد العامة، وبالتالي على ميزانية التعليم التي تمثل في أغلب الدول أكبر أو ثاني أكبر جزء من الإنفاق العام، والثانية من خلال زيادة تكلفة الخدمات التعليمية وبالتالي التأثير على حجمها وجودتها والالتزام بمعايير أدائها.
وفي الواقع، فإن حجم الميزانية المخصصة للتعليم والعدد الكبير للأفراد المشتركين في الأنشطة التعليمية ممن يعدون بالملايين واتساع وانتشار التعليم الحكومي في أغلب الدول، ووجود علاقة تقديرية بين الموظفين الحكوميين والعاملين في القطاع الخاص في مجال التعليم، تعتبر كلها عوامل تؤدي إلى العديد من التعاملات بين الدولة بصفتها راعية وبين المواطنين طالبي الخدمة وبشكل يتداخل تقريبًا مع كل أسرة في المجتمع، مما يجعل الفساد في هذه الحالة ذا أثر سلبي رهيب على التنمية والاستقرار الاجتماعي بالإضافة إلى أثره على جودة العملية التعليمية ذاتها.

ويعد الفقر ومستوى رواتب الموظفين الحكوميين المنخفض من بين العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى بروز ظاهرة الفساد، فكما هو معروف كلما ازدادت معدلات الفقر في أي مجتمع كلما زاد بالتبعية معدلات انتشار الفساد الأصغر، والذي يمكن تعريفه بأنه فساد يصغر فيه حجم التعامل المالي، كما أنه وفي كثير من الدول شديدة الفقر يعتبر هذا النوع من الفساد تصرفًا طبيعيًّا أو طريقة متوقعة للحصول على الخدمات، على عكس الصور الكبيرة من الفساد والتي يمكن أن تنتشر بين الطبقات العليا في تركيبة القوى في المجتمعات المختلفة سواء كانت فقيرة أو غنية.

ويعتقد البعض أن احتكار القوى المسيطرة لكل من مصادر الثروة وسلطة الحكم تغدو عاملاً من العوامل التي ينتشر بسببها الفساد والإفساد. ويتمثل ذلك في مقولة اللورد أكتون : "إن السلطة المطلقة تصبح مفسدة بطريقة مطلقة". وفي هذا الصدد يقرر ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: "إن اجتماع المال والجاه مجال للفساد عمومًا"، حيث يؤدي تسلط هؤلاء الأقوياء من ذوي العصبة لاستباحة انتهاك القانون والقيم الأخلاقية سعيًّا وراء مصالحهم الخاصة. ويتجلى ذلك في جشعهم وراء تراكم الثروة والاحتكار، وضمان مصالح أبنائهم في تولي الوظائف والمناصب المرموقة كما هو الشأن في وظائف القضاء والجامعات والسلك السياسي وتمكينهم من الالتحاق بفرص التعليم في المستويات الجامعية حتى لو وصل الأمر إلى التزوير في درجاتهم ومستوياتهم. لقد كان الفساد، وبخاصّة في جانبه الإداري، يمثّل في بعض بلدان العالم العربي، الإشارة إلى سيادة الرأسماليّة الطفيليّة، والتي تحتاج دائماً، نظراً إلى أنها غير منتجة، للإبقاء على الفساد الإداري، واتساع رقعته بشكل تدريجي، من أجل تسهيل قدرتها على الحركة والربح السهل. وفي المقابل، هناك اقتصاد كامل لهذا الجانب من الفساد، والّذي يتحوّل روّاده تدريجاً إلى أثرياء بدون جهد، وينضمون إلى الطبقة الطفيليّة، نتيجة مهارتهم في التلون، وقدرتهم على غضّ الطرف عن مخالفات أو تزوير أوراق.

وفي مقابل ذلك يجري الفساد والإفساد بين الفقراء الذين يضطرون إلى الانحراف بتعاطي المخدرات، وارتكاب الجرائم بالسرقة والتسول واللجوء إلى مختلف مظاهر العنف من أجل البقاء. ويظهر ذلك حتى بين كثير من الطلاب الفقراء في سلوكهم المدرسي وفي خارجه. وتشير العديد من الدراسات إلى أن استقرار النظم السياسية والأطر القانونية الموجودة ورسوخ قواعد الشفافية ويسر وسهولة النفاذ إلى المعلومات وتداولها، وتطبيق معايير المساءلة على الأفراد والمؤسسات وكفاءة طرق الحكم المطبقة كلها من العوامل التي تسهم في حصار ظاهرة الفساد إلى حد كبير كما أنه وفي غيابها يطلق العنان للتوسع في الفساد وتنوع أنماطه

يلعب الإعلام دوراً أساسياً في مكافحة الفساد والتصدي لهذه الظاهرة التي باتت منتشرة في مجتمعاتنا من خلال ما يقوم به من وظيفة كشف المستور كون الفساد يحدث بالخفاء.

فالمفسد بطبيعة الحال لا يستطيع ارتكاب جرائمه على الملأ ومهمة الإعلام هي إظهار الحقيقة وكشف ما يحدث بالخفاء من هنا ينشأ الصراع بين الإعلام والفساد فالمفسدون غالباً بارعون في ارتكاب جرائم الفساد وعلى اطلاع واسع بالقوانين وعلى معرفة ودراية تامة بما يقومون به وكيف يقومون به ولديهم قدرة كبيرة على التمويه وإخفاء جرائمهم .

فعلاقة الإعلام بالفساد علاقة مزدوجة فهي علاقة كشف وعلاقة وجود .

و وسائل الإعلام (المقروءة والمسموعة والمرئية) بوصفها تمثل السلطة الرابعة وبالتالي فهي تشكل سلطة شعبية تعبر عن ضمير المجتمع وتحافظ على مصالحه الوطنية وبذلك تقع عليها مسؤولية كبرى في مكافحة الفساد والتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة والتي لابد في سبيل تحقيق هذه الغاية أن تتحلى بالموضوعية وحس المسؤولية لترصد وتكشف وتتابع أية مخالفات وممارسات فاسدة، بعيداً عن التشهير والتحيز ولا يخفى علينا القدرة التأثيرية لوسائل الإعلام على المجتمع ، بالتالي هذا يعطيها أهمية خاصة في قدرتها على التصدي للفساد ومحاربة المفسدين كون الإعلام يتوجه مباشرة لأفراد المجتمع للوصول إلى مجتمع خالي من الفساد. ولابد أن تمارس وظيفتها الرقابية في مواجهة أي خروج عن القانون أو أي خرق للقوانين أو أي توظيف شخصي للقانون يؤدي مصالح شخصية للمفسدين ، وتكون عيون الإعلام متيقظة لأي شبهة فساد. فالإعلام قد يكون عيون الحكومة التي تعكس حقيقة ما يجري على أرض الواقع في مجتمعاتها ولكن بإعطاء الإعلام قدر من الحرية حتى يستطيع التحرك وباحترام الإعلاميين لهذه الحرية واحترامهم للمهنة التي يمتهنوها منطلقين للبحث عن الحقائق ومحاولة الوصول إلى مجتمع نظيف نوعاً ما بعيداً عن أي مصالح شخصية. هل هناك وسائل إعلامية فاسدة ويقف ورائها أشخاص يحاولون التكسب من وراء إثارة بعض القضايا والوقوف في جانب معين دون الآخر لتحقيق مصالح خاصة؟كما هو معروف قدرة وساءل الإعلام في التأثير على أفراد المجتمع ولكن ماهو الحال لو فسد هذا الإعلام فبدلاً من تصدي الإعلام لمحاربة الفساد نجدنا أما إعلام فاسد تتسخر أقلامه وميكرفوناته المأجورة لخدمة أشخاص معينة . فالإعلام كأي جهة قد ينخره الفساد وذلك يعود إلى القائمين على هذه الوسائل . وبالطبع يجب أن لا يتم تعميم ذلك على الوسائل الإعلامية بشكل عام . ونقول الآن ما الحل إذا فسد الإعلام ؟ ما العمل إذا فسدت وتلوثت أقلام وكاميرات وميكرفونات العاملين في مهنة نقل الحقائق وكشف المفاسد وتحول الإعلاميين إلى مجرد قارعي الطبول يحاولون بصوت طبولهم العالية إخفاء صوت المقطوعة التي يعزفها المفسدون متناسين أن بعض الناس بدأت تمل وتنفر من صوت طبولهم العالية وتقلب بعض الإعلاميين وقدرتهم على تغيير مواقفهم بسرعة فائقة .

أو أن يستغل الإعلامي وظيفته في تصفية حسابات شخصية له فيصبح أعداءه فاسدون يطاردهم ويتهمهم بالفساد مستغلاً بذلك وظيفته كإعلامي هدفه أولاً وأخيراً إظهار الحق وإعلاء كلمته مستندين إلى قدرتهم التأثيرية على أفراد المجتمع فيحاولون إظهار ما يريدون وتلوين الحقائق بالألوان التي يختارون حتى تظهر اللوحة مرسومة بالألوان التي اختاروها رافعين شعار محاربة الفساد وعداوة المفسدون الذي يخفي تحته شعارات أخرى.

هل تتم محاربة الفساد بتصيد أخطاء فلان من أجل تصفية حساب معين، والسكوت على أخطاء ألف فلان آخر. تقوم منذ فترة حملات تستهدف أشخاصاً بعينهم ويختص إعلاميين وصحفيين في تصيّد كل ما يخص تلك الشخصيات، والإكثار من الحديث عنها وإظهار أخطاءها وتتركز على المطالبة بالإطاحة بها وكأن الهدف من وراء تلك الحملة هو الإطاحة بتلك الشخصية . ولكن لا أحد منهم يطالب بمحاكمة المفسدين أو إعادتهم لما أخذوا ومحاولة إصلاح ما تم تخريبه من قبل المفسدين. و في المقابل نجد إعلاميين المديح تهب للدفاع عن تلك الشخصيات وتحاول تبرير أخطاءها وتجميل أفعالهم وتلميع صورتهم التي ما يلبث الغبار أن يغطيها فتصبح بحاجة الى تلميع مرة أخرى. حجم الفساد في مصر خلال العام الماضي 2014، بنحو 200 مليار جنيه، أي ما يعادل 25.5 مليار دولار، فيما تشير تقارير المراكز الحقوقية، ومنها "مبادرة ويكي فساد" إلى أن حجم الفساد خلال شهر يونيو الماضي يقدر ب3.4 مليارات جنيه، ويقدر حجم الفساد خلال شهر مايو الماضي 3.2 مليارات جنيه، ليصل حجم الفساد خلال الشهرين الماضيين إلى 6.6 مليارات جنيه، أي ما يعادل نحو 770 مليون دولار أميركي.

وفي الوقت الذي تعهد فيه عبد الفتاح السيسي، مكافحة الفساد، وأصدر تعليمات مشددة لمسئولي حكومته بضرورة مواجهته، تشير التقارير إلى أن معدلات الفساد في مصر في ارتفاع مستمر، قد وصل حجم الفساد إلى أن شهر يونيو الماضي شهد 71 واقعة مختلفة، معتبرة أنه "الرقم الأكبر على الإطلاق مقارنة بالتقارير السابقة لها وعلى إثرها بلغ حجم الفساد في مجمله 3.496.823.672 جنيها مصريا من أموال الدولة". وحذرت من أن "الفساد يبلغ ذروته ويمد خلاياه السرطانية في جميع قطاعات الدولة".

مستويات قياسية للاختلاس

أن شهر يونيو الماضي 2015 وصلت فيه جريمة الاختلاس إلى مستويات غير مسبوقة، لافتة إلى أن أهم واقعة فيها كانت بالشهر العقاري، كما بلغ الاستيلاء على المال العام 1.10 مليار جنيه، منها 500 مليون فقط من تموين العياط. أن حجم إهدار المال العام خلال شهر يونيو بلغ 1.855 مليار جنيه، أهمها كانت وزارة التطوير الحضري التي أنشئت منذ عام فقط، وتم إهدار 887 مليون جنيه منها بالإضافة إلى 345 مليون جنيه من الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة. وعن التلاعب والفساد المالي والإداري، قال التقرير إن حجمه 517.628.000 مليون جنيه، منهم 500 مليون جنيه في شركة بولفارا للغزل والنسيج في الإسكندرية، أما وقائع الرشوة فقد بلغت 11.099.600 مليون بالإضافة إلى 8 ملايين جنيه قيمة غسيل أموال ونصب واستغلال منصب.

وزارة التموين

إن وزارة التموين جاءت في المرتبة الأولى للفساد بعدد 10 وقائع شهدتها المخابز والجمعيات التعاونية ومستودعات السلع التموينية، جاءت بعدها في المرتبة الثانية المحليات بعدد 7 وقائع، ثم في المرتبة الثالثة للقطاعات الأكثر فسادا جاءت وزارتا الزراعة و التربية و التعليم بعدد 5 وقائع لكل منها، أما في المرتبة الرابعة بعدد 4 وقائع جاءت وزارة الداخلية كعادتها داخل أقسام الشرطة، ووزارة النقل في هيئة الطرق والكباري ومكاتب البريد، ووزارة الإسكان في الإدارات الهندسية وقطاع مياه الشرب، بالإضافة إلى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وأيضا الهيئات المستقلة.
وفي المرتبة الخامسة بعدد 3 وقائع كانت وزارة الإعلام في ماسبيرو، ثم وزارة التعليم العالي في الجامعات، ثم جاءت في المرتبة السادسة كل من وزارة الصناعة والاستثمار ووزارة الأوقاف التي انضمت مؤخرا لقطاعات الفساد بعدد واقعتين لكل منها. وجاءت في المرتبة الأخيرة للفساد بعدد واقعة واحدة فقط كل من وزارة المالية والقوى العاملة ووزارة العدل والتطوير الحضري بالإضافة إلى الخارجية ووزارة الصحة متمثلة في نقابة الأطباء، وأيضا وزارة التنمية الإدارية ووزارة الشباب والرياضة.

وفي ما يخص شهر/ مايو أيار الماضي، تقدر المبادرة حجم الفساد المكتشف داخل أجهزة الدولة المختلفة عن تلك الفترة ب 61 واقعة، بلغت قيمتها 3.2 مليارات جنيه مصري، معتبرة أن مؤشر الفساد ما زال في ارتفاعه المستمر ولم يتصد له أحد حتى الآن وتنوعت وقائع الفساد ما بين الاختلاس والرشاوى واستغلال الوظيفة الرسمية، وجاء إهدار المال العام في المركز الأول فبلغ 2.748 مليار جنيه، منهم 320 مليون جنيه، تم إهدارها على الحملة الإعلانية لكروت البترول الذكية والتي صدر قرار بإلغائها قبل 30 ساعة فقط من تفعيلها. وحل الاستيلاء على المال العام بالمركز الثاني، حيث بلغ 221.836.628 مليون جنيه، ويعتبر مرفق الكهرباء أكثر المرافق في جريمة الاستيلاء على المال العام. بينما جاءت جريمة استغلال المناصب في الدولة للتربح وتبريح الغير بالمركز الثالث بقيمة مالية قدرها 200 مليون جنيه. واحتلت جريمة الاختلاس المركز الرابع وبلغت 122.269.776 مليون جنيه منها 30 مليون جنيه في كلية التجارة جامعة عين شمس، اختلسها موظفو الخزينة من المصروفات الدراسية التي يتم تحصيلها من الطلاب. وجاءت جريمة الرشوة بالمركز الخامس، ويبلغ حجم الرشاوى 1.120.050 مليون جنيه، بالإضافة إلى 190 ألف جنيه نتيجة المخالفات والفساد المالي والإداري.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى