الثلاثاء ٢٢ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

فرحانة حسين سالم ( أم داود )

أهالي سيناء قدموا بطولات عظيمة في تاريخ مصر الوطني وشاركت المرأة في تلك البطولات وضربت القدوة والمثل لكل الأجيال وفي حديثي مع المبدعة نهى رضوان مذيعة التنفيذ في إذاعة شمال سيناء وأيضا المبدعة فاتن غيث مذيعة التنفيذ أيضا بإذاعة شمال سيناء علمت بمجاهدة تم تكريمها ضمن الأمهات المثاليات المكرمات في محافظة سيناء عام 2016 وهى المناضلة فرحانة حسين سالم المعروفة بأم داود وهى تنتمي إلى قبيلة الرياشات التي تسكن مدينة العريش والشيخ زويد ورفح بشمال سيناء وتوجد أيضا القبيلة في المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية واليمن وفلسطين واليمن .

البطلة فرحانة حسين سالم عاصرت عهد الملك فاروق وثورة 23 يوليو عام 1952 والأحداث التي عاشتها مصر واشتهرت في شبابها منذ شبابها وسط قبيلتها ومجتمعها السيناوي بالآراء الحكيمة وكانت أول امرأة تصل إلى مجالس القضاء عند البدو التي كانت تمنع مشاركة النساء وفي عام 1967 قامت إسرائيل باحتلال سيناء فهاجرت فرحانة مع أسرتها و ( 6 ) أسر أخرى من أبناء القبيلة إلى سمالوط في محافظة المنيا ومنها إلى مديرية التحرير وفي تلك الفترة سافرت إلى عين شمس بالقاهرة حيث يعيش الشيخ حسين أبو عرادة أحد كبار مجاهدي سيناء وطلبت منه التوسط لأجل العمل في المخابرات ونقل المعلومات من سيناء أثناء عملها بتجارة الأقمشة والمفروشات والتطريز وصناعة الأثواب البدوية وتعدد زياراتها للموقع .

بعد تحريات واسعة من جهاز المخابرات الحربية في القاهرة رشحها أحد ضباط جهاز المخابرات في السويس للعمل في جمع المعلومات بسيناء نظرا لثقتها في نفسها وتميزها في معرفة الطبيعة الجغرافية لمصر وسيناء والأراضي الفلسطينية وزار عائلتها في منزلهم بمديرية التحرير المجاهدان سليمان أبو ظهير وعطية سالم وكانا يحملان تكليفاً لفرحانة من المخابرات بمهمة جلب معلومات من سيناء عن طريق أحد المجاهدين وهو شتيوي الحبانين وكان يستقبلها أثناء زياراتها إلى سيناء في منزله بوسط مدينة العريش وكانت فرحانة تقيم مع أسرته لمدة أسبوع أو أسبوعين ثم تحمل الرسائل والخرائط وتسلمها إلى جهاز المخابرات بالقاهرة .

من البطولات التي قامت بها المجاهدة فرحانة حسين سالم ( أم داود ) رصد تحركات القوات الإسرائيلية وفي سبيل تنفيذ هذه المهمة انطلقت من القاهرة مروراً بالسويس ومنها إلى أبو زنيمة بجنوب سيناء ثم الجفجافة فمدينة العريش ومنها إلى منطقة الشيخ زويد حيث قامت برصد تمركزات العدو على طريق رحلتها وعدد الدبابات والجنود وبرغم عدم إجادتها للقراءة والكتابة فقد حفظت الرموز المكتوبة على سيارات العدو ورسمتها على الرمال حتى تظل بذاكرتها لتعيد رسمها إلى ضابط المخابرات بالسويس في طريق عودتها .

كان المجاهد سليمان أبو ظهير وبرفقته أحد ضباط المخابرات الحربية يقومان بتوصيل البطلة المجاهدة فرحانة حسين سالم إلى القنطرة ومنها تستقل سيارة حتى منطقة رابعة ثم تسير على قدميها إلى منطقة الدهيشة وهي عبارة عن واحة نخيل وبعد أن تستريح تواصل السير حتى منطقة القصب ثم الهيش وتستمر في السير على ضوء النجوم التي كانت ترافقها وترسل نور الهداية من حضن السماء حتى تصل إلى ذيل بحير ثم الجديدية وهى مسافة تصل إلى 40 كيلو متراً قبل أن تصل إلى بئر العبد وتستقل منها سيارة إلى مدينة العريش.

بعد وصول البطلة المجاهدة فرحانة حسين سالم ( أم داود ) إلى العريش تذهب إلى بيت شتيوي وتستريح فترة قصيرة وبعد ذلك يكلف أحد المجاهدين بمرافقتها حتى منطقة الجورة بالشيخ زويد وهناك قامت برسم خريطة لمطار الجورة وخبأتها في الثوب الذي كانت ترتديه لترحل من العريش إلى منطقة الطاسة بوسط سيناء بالسيارة وتستكمل رحلتها سيراً على الأقدام إلى منطقة الدهيشة وكانت تقوم بإخفاء آثار أقدامها مرة بجريدة ومرة بجلد ماعز مربوط على قدميها ثم تعود البطلة إلى منطقة رابعة لتجد سيارة في انتظارها تقلها إلى الإسماعيلية ومنها إلى القاهرة وتسليم خارطة المطار للمخابرات الحربية .

البطل شتيوي من عرب الحبانية بقبيلة السوارك، أحد أكبر العشائر في سيناء وكان يعمل في البلدية وأمينا على بيوت الضباط المصريين الذين رحلوا إبان النكسة وكان يعيش في حوش بسيط مع زوجته وقدما للجيش المصري الرعاية والاهتمام فقد كانت زوجته تعد الطعام وتمرض الجرحى في بيت خصصه شتيوي كملجأ سري يخبئهم فيه بدون مقابل وذلك لأجل الوطن .

ليس هذا فحسيب بل أهالي سيناء الشرفاء كانوا يقدمون الجمال لأفراد الجيش والملابس البدوية حتى لاتكشف القوات الإسرائيلية أمرهم وأيضا كانوا يسيرون في المقدمة.

في إحدى المرات ذهبت البطلة المجاهدة فرحانة حسين سالم ( أم داود ) إلى مستعمرة ياميت بالشيخ زويد وقام من بمرفقتها بالتقاط صور فوتوغرافية عدة للمعسكر وأعطى الفيلم مغلفاً لتسلمه إلى القاهرة وفي طريق عودتها استوقفتها نقطة تفتيش مصرية بالقنطرة وبعد تفتيشها عثروا على الفيلم مخبأ في الصوفية ( حزام ترتديه المرأة البدوية حول وسطها ) فقبضوا عليها وأجلسوها بجوار النقطة منذ الصباح وحتى العصر وإبلغوا المركز الرئيسي بالقنطرة فحضر أحد الضابط من المخابرات وعندما شاهدها قام بتقبيل رأسها أمام أفراد الأمن وأحضر للبطلة وجبة سمك وظل جوارها يطعمها بيده ثم حضرت سيارة ونقلتها إلى مقر المخابرات بالإسماعيلية وهناك قدموا للبطلة فرحانة واجب الضيافة قبل أن يرافقها أحد الضابط في الذهاب إلى القاهرة وانطلقت السيارة تسابق الرياح من شدة الفرحة ووصلت إلى القاهرة وقامت البطلة المجاهدة بتسليم الفيلم إلى المخابرات الحربية.

البطلة فرحانة حسين سالم ( أم داود ) كانت تخبر المجاهدين في سيناء بنجاح مهمتها في كل مرة عن طريق إرسال برقية لأحد برامج الإذاعة المصرية وكانت تقول في رسالتها : ( أنا أم داود .. أهدي سلامي إلى إخواني وأخواتي في الأراضي المحتلة ) وكانت الأفراح تعم ربوع القبيلة عند سماع هذه البرقية في سيناء ويقوم المجاهدون بتوزيع الحلوى ابتهاجاً بنجاح العملية .

تعرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي للبطلة المجاهدة فرحانة حسين سالم أكثر من مرة ولكن عناية الله كانت تحفظها فذات مرة اكتشفت قوات الاحتلال مع البطلة مجموعة من الخرائط العسكرية التي كانت تخفيها في ثوبها فحضرت سيارة إسرائيلية وأخذت البطلة فرحانة إلى مكتب المخابرات بمنطقة كرم أبو سالم وطلبوا منها التعاون معهم مقابل مبلغ مالي كبير فتظاهرت بالموافقة كما طلبوا منها تجنيد مجموعة في القاهرة وبعد فترة سمحوا للبطلة فرحانة بالعودة إلى العريش ومنها عادت إلى القاهرة وأبلغت جهاز المخابرات الحربية بما حدث فطلبوا منها البقاء في القاهرة خوفاً من انتقام قوات الاحتلال والنيل منها وبالفعل استمرت ث عادت إلى سيناء في منتصف الثمانينات .
البطلة المجاهدة فرحانة حسين سالم (أم داود) زارت البحرين وتقابلت مع الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك البحرين في تلك الفترة .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى