الأربعاء ٣٠ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم عبد الجبار الحمدي

حياة اهل الكهف الجديدة

راقت لي عبارته حين قال:

لا تفخر بأن لك اصدقاء بعدد شعر الرأس، فعندما تحتاج إليهم ستجد نفسك أصلع هههه وسار مبتعدا، لكني جلست مستغربا من نفسي بعد ان لمست مرارة ما قاله، فتحت صفحات من ذاكرتي تلك التي خزنت فيها وجوه أكثر من أسماء لأشخاص كنت في يوم معهم في صحبة ما، دراسية كانت ام سفر في رحلة حياة، أخذت اتلمس شعر رأس الذي فارقته الحياة في مناطق عدة حتى انكشفت عورته دون قدرته على ضمها او حتى لملمتها، فعمدت الى حلاقته تماشيا مع الموضة الحاصلة، لكنه لاشك لديه اصدقاء حين ضيق، وإلا هذا الكم منهم الذي يرتاده ويراه ويجالسه هو بالنسبة لهم مجرد رقم او مرحلة زمنية!؟ دخلوا بوابته وما أن يصلوا الى باب الخروج حتى يتطايروا كالريح المحصورة خلف باب موصد بغير رغبة..

لا أظن!!! هازا رأسه كبندول في غير وقت دقاته، فحيرته لم تصل بعد الى حد ان يقنع نفسه بأن من حوله هم مجرد عبارات وسطور يلتقيها في كل يوم او شهر او عام حتى يتمتم معهم احداث وأوضاع مملة سمجة، فكل شيء يحيط بنا ممل رتيب لا يتغير كما السابق

السابق.. يا لها من كلمة صارت هي الملاذ لما عشناه فيها رغم الظلم والدكتاتورية، غير أن متنفس الحرية نافذة صغيرة حقا لكنها تدخل الانشراح الى النفس وحتى العلاقات، الصداقات كانت مختلفة عن هذا الوقت الأرعن اللاشريف .. هو كذلك لا تستغرب مني!! فأنا كما اعلم ان علاقاتنا جميعا مبنية على المصالح والنفعية أليس كذلك؟؟

متطلعا نحو خياله المنعكس على الأرض من عمود إنارة خافتة مردفا.. لعلك توافقني؟؟ فقد بحت لي عدة مرات عن شعورك اتجاه من ضمتك السنون والايام في وقت ما لتكون ثانيا او ثالثا او حتى سابعا مثل اصحاب الكهف وكلبهم تلكم الصبية الذين لجأوا الى الظلمة خوفا من النور بحثا عن الحرية في الاعتقاد.. وأعني يا صديقي ..ههههههه صديقي بت يا ظلي صديقي الآن فلم اجد احدا من الذين رافقت يستمع لترهاتي عموما ليس بالضرورة ان يكون الاعتقاد دينيا او عقائديا او حتى في الإله، لكن الاعتقاد بالإنسانية وقيمتها على المشاركة في التعايش بحب، بغض النظر عن اللون والشكل والحجم ووو الخ، ألا توافقني؟؟؟

كان الظل يتحرك كما صاحبه لكنه وما ان وجد من يشاركه الحياة إلتصاقا حتى نفر من سذاجته وما يقوله فعلق..
الظل: أتراك اهبلا!!؟ أم هو شكلك يوحي بذلك؟ لقد تغيرت المعايير والمفاهيم، الاعتقادات، الديانات، وحتى الله بات متعددا لبني البشر، فبرغم ما يعرفونه حقا بأن للكون وما عليه من خالق إلا أنهم يبتكرون إلها جديدا ليعبدوه او يتعبدوا به مع وسائل اقناع حديثة يهرب منها من ملّ من العبادة الحقة تلك التي لا تغير شيئا، فعلى حد قول الله والرسول المؤمن مبتلى، أما ماهو الابتلاء فذلك لا يعلمه إلا من ابتُلي به،

لا اضيف شيئا إذا قلت لك أن الاصدقاء هم نوع من الابتلاء، لعلك تصادف صديقا يصدقك ويرافقك رحلة ايامك حتى يلتصقك مثلي قلبا وروحا دون رغبة منه لكنه مقدر عليك، بكل خيرك، شرك وصفاتك، ومنهم من يكون قد خطط للإطاحة بك كصاحب بوجه صديق ليطارحك الغرام لفترات ومن ثم يبتعد محتفظا لنفسه بأسرارك كسهام يطلقها، ما لم يكن قد نشر غسيلك على حبال من تعرف ومن لا تعرف، كونك لا تتوائم مع تفكيره او تتماشى مع رؤاه التي يريد ان يجعلها كتابا مقدسا ..

اعلم يا صديقي أن الوحدة والأنزواء احيانا هي خير من ترافق وتصادق وتصحب، كما أنها غير مكلفة، لا حديث مجاملة أو تماشيا مع ما لا تستسيغ، ربما تترك لمن تحب فراغات يملي بها ما لا تحب لكنك سرعان ما تتجاوزها كونها كما انت بالنسبة له ربما حديث اجتماعي..

لاشط خبرت وقد تجاوت محاطات كثيرة، إن البشر ما هو إلا نقطة على حروف مبهمة، متى ما استعملتها في مكانها الصحيح ادت المعنى الحقيقي والغاية من صحبتها، هكذا ارى الصداقات، اما تساقط شعر رأسك فأغلب الاحيان نتصنع الصلع حتى لا نشكي هم تسريح الشعر وإن كان ضروريا لتساقط من لا نريد من الاصدقاء.. لا.. لا أحبذ كلمة الاصدقاء بل الاصحاب فالصديق يعني الظل والنفس بالنسبة لي

ابتعدت قليلا عن مكاني الذي كنت فيه، فقد وجدت أن حديث ظلي هو نفس شعوري الذي اعصره مرات ومرات وأجبره على بلع مرارة ما تفرضه الأيام والمجتمع، فكلاهما خليط لمشروب نذهب لبائعه يوميا لنسكب مما لا نريد وما لا نحب في دواوين حياتنا تلك التي نرتادها في أغلب الأحيان رغما عنا فنحن نكمل بعضنا البعض الطيب، السيء والحسن، والسؤال هل نفعل ذلك من اجل حفنة من الدولارات؟ ام من اجل حفنة من العلاقات والتشدقات؟... هههههههه اخالني مجنونا فقد جرفني فكري للذهاب نحو فكرة فيلم كلينت ايستوود ( الطيب والسيء والشرير ) فبرغم نواياهم المعتمة في بطون عقولهم إلا أنهم تماشوا معا من اجل مصلحة فردية، باطنها يختلف عن ظاهرها، الحقيقة راق لي تفسير حياتنا كقصة هذا الفيلم، فحياتنا لاشك هي فيلم بسيناريو يكون لنا في الغالب حق تغيير النص في بعض مواطن منه، غير متناسين أن ما نغيره تكون نتائجه لنا وعلينا، اما الاخراج فذاك عالم لا دخل لنا فيه، بعد ان سطره من لا يمكن البحث والتدخل في منظور رؤياه وغايته..

لا شعوريا مررت يدي على رأسي الأصلع نصفه وحلاقة النصف الآخر ثم همست له.. هكذا افضل لك ولي فقطار الحياة حين يسير على افخذة ملساء صلدة لابد ان يخرج عنها صوت في فضاءات رغما عنه، قد يدخل برغبته الى اماكن معتمة حتى يكتشف جوانب النور فيه، هكذا هم اهل الكهف دخلوا برغبتهم المقدرة الكهف، ناموا عشرات من السنين .. ظنوا لكنها بالتأكيد غاية ممن خلقهم وسواهم، كونهم سبب في ايضاح رؤية لمخرج الحياة الأعظم، فما أن اوصلوا الرسالة حتى تلاشوا من الوجود، الرسالة واضحة للجميع لكن العبرة منها صورة متعددة والحيرة الأكبر في السؤال لم الكلب معهم؟ لكنهم بقوا مع الزمن نتداولهم كفتية اصدقاء جمهم هدف واحد في مرحلة زمنية ثم تفرقوا لوهلة ثم جمعتهم الغاية مرة أخرى حتى النهاية..

هيا يا شعر رأسي لا تحزن ولا تيأس من التساقط، فالناس كما يقول احديث سواسية كأسنان المشط هههههههه.. اعني أنهم لابد ان يأخذوا منك الكثير كما يعطوك حين تسرح شعر رأس بمعاشرتهم في الحديث معهم، ربما على تلميع ما ترتديه اجتماعيا وما يرتدوه وهو غير مناسب لك ولهم، فجل حديثهم تشذيب لما يرونه فيك وتراه فيهم، ويوخزوك كا توخزهم به كالأبر، لكن من جانبهم يطلقون عليه مدحا ومن جانبك ربما وممن يحبك حقا كصديق ذما فاعتاد على تغيير تسريحة شعر رأسك، لأنك لاشك ستتعب وتمل من رتابته ورؤيته على وجهك بنفسك الشكل ما حييت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى