الخميس ٧ تموز (يوليو) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

ضرب مصنع أبو زعبل

فى المساء المتأخر ليوم 11 فبراير والصباح الباكر ليوم 12 فبراير عام 1970 ارتكبت إسرائيل مذبحتها الغادرة بحق العاملين الأبرياء فى مصنع أبو زعبل إذ بينما كانت حرب الاستنزاف بين مصر وإسـرائيل محصـورة في حدود المواقع العسـكرية في جبهة القتال أغارت الطائرات الإسرائيلية القاذفة على مصنع أبي زعبل التابع للشركة الأهلية للصناعات المعدنية وقد أسفرت هذه الغارة عن استشهاد 88 عاملاً وإصابة 150 آخرين إضافة إلى حرق المصنع.

كانت مذبحة أبو زعبل تحولا نوعيا في مسار حرب الاستنزاف حيث كانت إسرائيل قد بدأت منذ شهر يناير عام 1970 فى تنفيذ سياسة الحرب النفسية على مصر فى الوقت الذى كانت فيه العمليات المصرية ضد القوات الإسرائيلية تكبدها خسائر فادحة وذلك فى معركة رأس العش وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وتدمير الحفار الإسرائيلى فى داكار بدأت إسرائيل سياسة الغارات على أهداف مدنية فى عمق مصر بهدف شن الحرب النفسية وضرب الروح المعنوية للشعب المصرى وإرهابه بعد أن قال عبد الناصر : إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وانتهجت إسرائيل سياسة غارات العمق طيلة ثلاثة أشهر من شهر يناير إلى أبريل عام 1970 وذلك باستخدام طائرات الفانتوم التى أمدتها بها الولايات المتحدة.
كانت إسرائيل تهدف من هذه العمليات تدمير الروح المعنوية للمصريين وفقدانهم الثقة في القيادة العسكرية ولكن حدث العكس حيث ازداد المصريون إصرارا على إكمال مسيرة تحرير سيناء وكان يوم 30 يونيو عام 1970 يوما فاصلا حيث اكتملت منظومة الدفاع الجوي المصري باكتمال بناء حائط الصواريخ وانتهاء عصر العربدة الإسرائيلية في السماء المصرية إلى الأبد.

في عام 1970 كان أخر خطاب للزعيم جمال عبد الناصر بمناسبة عيد العمال عام حيث ألقى الخطاب في شبرا الخيمة ومن هذا الخطاب أذكر قول الرئيس جمال عبد الناصر .. أيها الإخوة المواطنون : لقد قصدت أن أحضر عيد العمال معكم هنا في شبرا الخيمة .. في المنطقة الصناعية الكبرى التي تمثل أبو زعبل قطعة منها وامتداداً عضوياً لها ، أردت ذلك لأنه ما من شيء يشرح الحقيقة فيما نمثله وفيما ندافع عنه وفيما نقاتل من أجله كذلك المثل الأعلى الذي نستطيع أن نستلهمه من هنا، ونتحقق من صحته وصدقه على الطبيعة في هذه البقعة المكافحة من أرض مصر الخالدة.

هنا أيها الإخوة .. فما حدث في أبو زعبل يتجسد الصراع بيننا وبين العدو تتجسد حقائق الصراع وتتجسد معاني الصراع وتتجسد أهداف الصراع .. بجوارنا في أبو زعبل تقوم الشركة الأهلية للصناعات المعدنية بأبو زعبل تكلف هذا المصنع حوالي ٥ مليون جنيه دفعها الشعب المصري الذي عاش طول عمره يبنى للسلام وللحضارة وللحرية يعمل في هذا المصنع ٢٠٠٠ عامل أجورهم في السنة حوالي مليون جنيه يرعون أو يعولون ٢٠٠٠ أسرة طيبة عاملة مكافحة مصنع ناجح يتصل العمل فيه ثلاث ورديات تستغرق كل الـ ٢٤ ساعة في اليوم .. ينتج هذا المصنع ٧٥ ألف طن من حديد التسليح الذي يستخدم في البناء وبالتالي فإن المصنع كله يكاد أن يكون رمزاً حياً لأمل التشييد والتعمير هذا هو المصنع الذي بنيناه وعملنا فيه ووجهنا طاقته إلى خدمة الحياة فلننتقل - أيها الإخوة - إلى ما حدث لهذا المصنع صباح يوم ١٢ فبراير .. فجأة وعلى ارتفاع منخفض تسللت طائرات الفانتوم التي أرسلتها الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل سنة 1969 تسللت وتوجهت إلى هذا المصنع بنيرانها بالصواريخ وقنابل النابالم والقنابل الموقوتة زمنياً وبعد دقائق أيها الإخوة كان أحد العنابر الرئيسية في هذا المصنع صورة للدمار والموت وكانت الخسارة تقدر بـ ٣٥٠ ألف جنيه وكانت الخسارة ٨٨ عاملاً شهيداً و ١٥٠ عاملاً جريحاً الآلات التي كانت في هذا العنبر تحطمت ومزقتها الإنفجارات وكانت الجروح - جروح الجرحى - جروح محرقة أحدثتها نيران قنابل النابالم التي أمدت بها الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل وكانت القنابل الموقوتة - القنابل الزمنية - مدفونة في الأرض وهذه القنابل أمدت بها الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل ولم يكن لها من هدف إلا أن تكون مصيدة موت ودمار أخرى للقادمين من فرق الإنقاذ والإسعاف.

أيها الإخوة : هذا هو العدو الذي يقابلنا والذي يتحتم علينا ولا مفر أمامنا من أن نقاتله المصنع وما يمثله من طاقة البناء هو ما يمثله نحن ما تمثلونه أنتم الشعب الطيب الذي عمل دائماً من أجل السلام ومن أجل البناء والصواريخ والنابالم والقنابل الزمنية الموقوتة هو ما يمثله العدو ومن هم وراء العدو ومن يمدون العدو بأسلحة الدمار وقنابل الدمار هذا هو موقفنا وذلك هو موقفه.

أيها الإخوة : نحن نبنى طاقة الحياة والأمل والحرية والعدو يفجر القوى المدمرة للقتل والحريق والخراب.
في ختام الخطاب قال الرئيس جمال عبد الناصر أيها الإخوة : سوف ينتصر سلامنا .. سوف ينتصر البناء والتعمير .. سوف ينتصر الأمل والحق .. سوف ينتصر الخير والعدل ذلك كله يمثله نضالنا ضد قوى العدوان والتخريب والقتل والإرهاب.
أيها الإخوة : نحن نعيش أعظم أيام تاريخنا تاريخ يصنعه شعب عظيم وأمة عظيمة كانا دائماً من رواد الحضارة وبناة التقدم والله يوفقكم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى