الاثنين ٢٩ آب (أغسطس) ٢٠١٦
بقلم عبد الجبار الحمدي

قطعة من السكر

قطعة واحدة من السكر حبيبتي لا أكثر، فأنا يا انثى عمري متيم هائم مجنون بك حد الصراخ حين اراك الله اكبر..
على شرفة المقهى في كل صباح انتظر اطلالتك وأنا اشرب الشاي المر، هكذا اقول للكرسون لا اريد مع الشاي أي سكر، فما ان أراك حتى تمطر سماء كوني بهديل حمام الحب يسألني ما الذي تريده ليومك؟ فأشير له عنكِ... اريد هاته، قطعة الحب، قطعة السكر، تموج فيما بينها تتشاور ثم تتباعد تتبعثر، ترفرف بأجنحتها البيضاء تسلط سهام الحب الى قلبها.. ثم تعود تبوح لي إنه موصد بطلسم لا يكسر.. بقيت اشربه مرا استطعم من عطر انفاسها السكر، هكذا لأشهر بقيت اخاف التقرب منها او البوح لها بما احسه أو اشعر، حتى ذات صباح كنت قد تأنقت جرأتي بعد أن ملت الانتظار، فأنا لا ادري كيف ستكون ردة فعلها؟ لكن بالتأكيد بي ستشعر، بعذابي بمرارة لوعتي تراني اتحسر، هذه فاتنتي قريبة مني دون ان استطيع ان امسك بيدها يا لحظي الاغبر؟!!

في ذاك الصباح دون أي حسبان جاءت بعد ان اكتظت الشرفة بالرواد وقفت تنظر تسأل الكرسون عن مكانها فهز رأسه محرجا ثم اعتذر، اشرت له هنا هذا مكان خالي بقربي ادعوها علها تقبل ويسعد صباحي البارد دفئا بجلوسها قربي، اقبلت خجلة نحوي، رأيتني انهض من مكاني احرك لها الكرسي لكي تجلس لحظتها السعادة قد احاطت بي معها بورق باقات الورد..

جَلستُ قائلا: صباحك سكر بل هو اكثر.. استميحك العذر سيدتي دعيني ألملم شظاياي، انفاسي، روحي أنا هل ابدو لك رجل مجنون؟ هكذا فعل بي حبك اذابني حتى اصبحت كل حياتي، انت بالنسبة لي كل حياتي ليس مجرد حب أو مجرد أنثى ارجوك إفهميني.. اتوسل إليك لا تنفعلي فقط اسمعيني بل اوعديني بأن لا تغضبي مني تصرفي، جنوني.. كم اود ان تكوني اقرب مني تكمليني.. اشتريني واشتري كل عمري، سنيني انك دون ان تعلمي كل حياتي ارجوك افهميني..
اشارت بيدها لي ان بأن أصمت ، بعد ان كان ذهولها مني قد حبس انفاسها، فلم تنبس بأي كلمة..
جاء الكرسون بكوب الشاي لها خاليا من اي شيء .. يا إلهي!!!! هكذا قال لها:

تفضلي سيدتي انه خاليا من اي قطعة سكر، وضعه ثم ذهب ..

كنت اريد ان أسألها عن السبب..فقالت:

لا تسأل هكذا تعودت شربه دون سكر مر كحياتي بعد ان عشتها طولا بعرض امضغ وإياه أهاتي وجعي انيني صرخاتي، اظني يا سيدي مجنونة كوني ابوح لك عن نفسي، عن معاناتي عن ذاتي دون سابق معرفة بك، ربما لاني انصّتُ لك وحالك الذي رأيت فقد كانت لي تجربة مررت بها، كان العشق مني قد تمكن، رعيته بكل احاسيس، مشاعري، عمري وايامي، لكن في الآخر جاءت من جنت ثمار عمري، فجأة وحين سألته عنها لم يجبني بل شاح بوجهه وهو يقول لي: عمن تسأليني عمن!؟ هكذا في لحظة تبخر كل شيء .. علمت انه رجل بلا مرسى.. حزنت كثيرا بكيت حتى النحيب اياما طويلة، اوردت قلبي في باطن صدري ميتا لا نبض فيه لا حياة وخرجت اندبه و وحدتي ..
كنت اراك وانت ترقبني خلسة، اخفيت نظر عيناي خلف زجاج نظارتي السوداء، اردت ان ارى تصرفاتك، بل اردت ان اسحق حبك وأملك نكاية بمن خان، اردت ان اسحق فكرة ان الضحية دوما هي المرأة لا أمان لعالم الرجال، لا تزعل من صراحتي انكم عالم يملئه الخيلاء اكثر من الثقة، الغدر اكثر من الأمان .. ان الجنون ان تثق إمرأة برجل ثم تظن انه يحبها بكلمات يقرأها هنا وهناك يذيب جدار جليد بحثها عن فارس حياتها وما ان يذيبه حتى يتحول الى الغرور.. هكذا انتم
كنت استمع لها وهي ترميني بشوك تجربتها بين يدي ، تجرأت للحظة فقلت:

هلا استمعت لي فقط لوهلة .. لم اعلم بكل ما قلتي، ولا ادري غضبك ممن جرحك يعطيك الحق ان تنتقمي مني وانت لا تعرفين عني شيئا؟! لم اطلب ان احبك لكنه حدث دون ارادة مني .. سأحاول ان احظى بك رغم معاناتك، أنت بالنسبة لي الحياة وما حدث هذا الصباح خير دليل، فمن غير المعقول ان تكتظ شرفة المقهى فجأة ولا يفرغ فيها مكان سوى هذا، من غير المعقول ان تقبلي ان تجلسي معي على نفس الطاولة، كان بإمكانك الذهاب الى الداخل او اي مكان آخر.. انه القدر يا سيدتي فقط اتركي الصور المعتمة في غرفها وانظري الى شروق الشمس، الى هذه الطيور وذاك الحمام الابيض هناك كيف يتراقص مع بعضه البعض؟

سيدتي.. لا الومك على ما تقولين او ماذا سيكون تصرفك معي؟ فقط سأبوح لك عما في نفسي ثم قرري إن كنت ستبقين معي أو إن رغبتي فقط اشيري كي أرحل..

سيدتي اني منذ ولادتي ابحث عن قطعة سكر لحياتي، ملئت الايام سنيني ثقوب عذاب عشت صفحاتها كما الربع الخراب لم أحظى بنسيم ليل هاديء، لم تدعوني النجوم لكي اقرأ طالعي على سمائها العريضة .. اعتصرتني كثيرا توسلت لها في محراب الحب ان تعتقني، فاشترطت بأن لا اتذوق اي شهد او عسل او سكر، إلا حين أجد من ابحث عنها لتكون شهدا لحياتي وإلا..، يا كل العشق، هل لك ان تجعليني اعوم في بحر حياتك الى الابد؟ يا أنثاي التي ابحث عنها يا أنثى الخيال، هل لك ان تقبليني عاشقا يبحث عن آلهة الجمال تضمن أيام حياته بطعم السكر.

لم تكثر من الحديث معي بل مدت يدها لتضع اصبعها في كوب الشاي ثم قالت لي.. تفضل اشرب..
تلك هي حكايتي ولا زلنا الى الآن نشرب الشاي معا على شرفة منزلنا المثمر بقطع من السكر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى