الجمعة ٢ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم أسعد السحمراني

الماسونية، نشأتها وأهدافها - قسم 4 من 10

الماسونية معادية للدين

إن البحث في نشأة الماسونية وأهدافها يعطينا صورة جليّة عن الدور اليهودي في تأسيسها، ومساندتها، وتوجيه حركتها، كي تكون خادماً أميناً، وأداة مقنعة لتحقيق ما يصبو اليه اليهود.

فالأساتذة الذي رسموا، وما زالوا يرسمون، الدساتير الأصلية للمحافل الماسونية على تنوعها هم في الغالب من اليهود أو المتهودين.

ورغم التضليل الذي يمارسونه في نظم المحافل بموقف حيادي من الدين، إلا أن الحقيقة هي أنهم يهود في كل حركة وكلمة من نظامهم. فلقد ورد على سبيل التمويه في نظام المحفل الأكبر الوطني المصري المادة (9) ما يلي:

"لا تتعرض هذه العشيرة في اجتماعاتها للمباحث الدينية ولا تخوض في المباحث السياسية" (1).

لكن هذا الموقف لا يصمد طويلاً حيث يطالعنا شاهين مكاريوس، وبلهجة مملوءة بالسخرية من الدعوة الى الدين، بموقف يبدو في ظاهره أن الماسونية لا تتعرض للدين، وليس عندها موقف معاد منه، لكن النص سيبين لنا موقفاً عدائياً صريحاً عند الماسون من الدعوة الدينية والإيمان. يقول مكاريوس عن العلاقة بين الدين والماسونية:

"إن الماسونية لا تقاوم الدين، أزيد أنها تحترمه كل الاحترام، ولا أعني بذلك أن معلّميها دعاة ووعاظ يطوفون البر ويقطعون واسع الأبحر طلباً في رد مرتد أو هداية كافر وقطع لسان ملحد أو معطل وهلم جرا، ولا أعني أيضاً أنهم يقومون في الكنائس، والجوامع وعلى زوايا المنتزهات والشوارع يقصدون جاهلاً يهوّلون عليه بفارغ كلماتهم، وخائفاً يتقربون اليه بمخرفاتهم، ويزعمون أنهم المحسنون بما يوهمونه من معرفتهم بما يسكن روعه ويزيل من مخاوفه" (2).

إنه قناع زائف سقط بسرعة عن وجه الماسوني شاهين مكاريوس، فلم يجف حبره في القول: إن الماسونية تحترم الأديان، حتى يطالعك بأقوال تحطّ من شأن الدين، حيث يعتبره تهويلاً يمارسه الدعاة على الجهلة، أو أنه خرافات يتقربون بها اليهم، وبعد ذلك كيف يمكننا تصديقه بأن الماسونية تحترم الأديان؟‍!

وما يبيّن بشكل أكثر صراحة الموقف المستهتر بالدين عند الماسون ما ذكره الأب لويس شيخو عن لسان ماسوني في محفل منفيس بلندن اسمه كولفين (GOLPHIN) الذي قال:

"إننا إذا سمحنا ليهودي أو لمسلم أو لكاثوليكي أو لبروتستاني بالدخول في أحد هياكل الماسونية، فإنما ذلك يتم على شرط أن الداخل يتجرّد عن أضاليله السابقة، ويجحد خرافاته، وأوهامه التي خدع بها في شبابه فيصير رجلاً جديداً، فلو بقي على ما كان لا يستفيد البتة من محافلنا الماسونية" (3).

هذا موقف من محفل بريطاني يتوافق معه موقف آخر معاد للدين تسمعه من محافل أخرى في أكثر من بلد، فعلى سبيل المثال، جاء في نشرة الماسون الألمانية، بتاريخ 15 كانون الأول من عام 1866، ما حرفيته:
"ليس فقط يجب على الفرمسون أن لا يكترثوا للأديان المختلفة لكن يقتضي عليهم أيضاً أن يقيموا نفوسهم فوق كل اعتقاد بالإله أياً كان" (4).

أما إذا يممنا وجهنا الى المحافل الفرنسية فالأمر لا يختلف، بل يزداد الموقف العدائي للدين، لأن المحافل الفرنسية قامت بالأساس على قواعد لادينية (علمانية)، وعملت على هدم الكثلة ومحاربة الإيمان الديني عامة، ومن جملة هذه المواقف ما جاء في نشرة المحفل الفرنسي الأكبر لعام 1923 وفيه:

"إن رجال الدين عن طريقه يحاولون السيطرة على أمور الدنيا. وعلينا أن لا نألو جهداً في التمسك بفكرة "حرية العقيدة"، وألا نتردد في شنّ الحرب على كافة الأديان لأنها العدو الحقيقي للبشرية، ولأنها السبب في التطاحن بين الأفراد والأمم عبر التاريخ.

أيها الأخوان: لا بد لنا أن نكافح بجهد أكبر لإدامة القوانين والنظم اللادينية، لأن السلطة المطلقة، التي صنعها رجال الدين على وجه المعمورة، قد قاربت النهاية، لا بل آلت الى الزوال. وإن غايتنا قبل كل شيء هي إبادة الأديان جميعاً"( 5).

وينقل الجنرال جواد رفعت آتلخان في كتابه من مضابط مؤتمر بلغراد الماسوني، المنعقد سنة 1911، ما يلي:

"يجب ألا ننسى بأننا نحن الماسونيين أعداء للأديان، وعلينا ألا نألو جهداً في القضاء على مظاهرها" (6).

وإذا ما عرف القارئ بأن اليهود هم الذين حاربوا المسيحية والإسلام، وآذوا رسل الله تعالى، وأنبياءه، عليهم السلام، لينشروا الفساد وعبادة المال والمادة، وإذا ما عرف القارئ بأن أرضنا العربية هي مهد رسالات السماء، وأننا حملنا الدعوة الدينية للعالم أجمع لكي ننقل المجتمعات الى رجاب الإيمان بالله الواحد، مما يساهم في نشر الخلق القويم والفضيلة والصلاح، يعلم عندها المرء بأن الماسونية مشروع معدّ لتحقيق أهداف الصهيونية والاستعمار، وأولها إفساد الأثر الذي تركه الدين في تنظيم المجتمعات وسيادة الفضائل فيها.

إن ما ذهبنا اليه ليس زعماً أو تخميناً وإنما استنتاجاً يصل اليه أي مطّلع على مواقف الماسونية التي تظهر العداء للدين عامة، وعند التحري يتضح أنها عدوة الإسلام والمسيحية دون سواها، ومن هذا القبيل نذكر أبياتاً من الشعر لإبراهيم اليازجي أهداها لشاهين مكاريوس، فيها:

"الخير كل الخير في هدم الجوامع والكنائس
والشر كل الشر ما بين العمائم والقلانس
ما هم رجال الله فيكم بل هم القوم الأبالس
يمشون بين ظهوركم تحت القلانس والطيالس"
(7)

إن هذا العداء السافر للإسلام والمسيحية، الذي نظمه إبراهيم اليازجي شعراً ليعبر عن موقف الماسونية، هو عينه الموقف الذي جاء في دساتير الجمعيات الماسونية ونظمها. إنهم لا يتورعون عن القول صراحة:

"إن مبادئ الجمعية الأساسية هي مناوأة يسوع ورجاله، وبعدهم محمد ورجاله، والاحتفاظ بالدين اليهودي دون سواه" (8).

بسبب هذه الروح العدائية للمسيحية والإسلام لاقت الماسونية رواجاً واسعاً منذ نشأتها في فرنسا بشكل خاص، لأن اللادينية التي روّج لها الكتّاب، والمفكرون، كرد فعل على أخطاء الكنيسة وتسلطها، حوّلت اللادينية الى شبه تيار سائد شكّل أرضاً خصبة للماسونية وأفكارها خاصة دستورها الذي صاغه أندرسون البريطاني، والذي أقرّ في عام 1723. يقول أحد الكتاب الماسون جاك ميتران:

"في فرنسا، حيث الكاثوليكية هي دين البلد السائد، وجد الثائرون عليها في نصوص أندرسون الماسونية صدى لكنه أفكارهم. وفي مواجهة الدين أو المذهب الكاثوليكي السائد طرحوا – ما زعموا أنه – حرية الضمير التي دعت اليها طروحات أندرسون في عام 1723" (9).

إن نصوص أندرسون، التي سميت دستور الماسونية، لم تذكر مطلقاً الله تعالى، ولم تتعرض لكل مبادئ وعقائد الإيمان، كالجنة والنار واليوم الآخر والخطيئة، وإنما كانت عبارة عن خطوط عريضة لأخلاق إنسانية عمادها كما يقول: "الأفضل من الأعمال، والصدق والإخلاص والشرف
. . . الخ" (10).

لكن المسألة في جوهرهاكانت عند أندرسون والماسون طرح قواعد جديدة للتنظيم الاجتماعي بديلة عن الدين، لا بل معادية له، وهذا ما بدأ يظهر شيئاً فشيئاً في وقت لاحق على وضع نصوص أندرسون.

لقد أعلن الماسون موقفهم من المسيحية والإسلام بما يظهر التزامهم التام بالموقف اليهودي في هذا الباب، حيث جاء على لسان أحد مؤسسي الجمعيات الخفية، التي مهدت للحركة الماسونية ويُدعى لافي موسى لافي:
"في أواخر الجيل السادس للدجال يسوع الذي أضنكنا بتدجيلاته، ظهر دجّال ادّعى التنبؤ والوحي، وأخذ ينادي بالهداية مرشداً العرب الذين كانوا عبدة الأصنام الى عبادة الإله الحق، وسن شرائع مخالفة لسنّة ديانتنا اليهودية،
. . . فمال اليه كثيرون في مدة قصيرة، فقمنا نناهض دعوته وإرشاده وسننه ونصرخ بأصواتنا الخفية لنفهم الذين يميلون اليه والى رجاله أنهم وإياهم دجّالون كسابقهم يسوع" (11).

ويكمل قائلاً ومؤكداً موقفه:

"فالواجب الديني والاجتماعي والوطني يقضي علينا بمناوأة تعاليمه بكل ما في الوسع، كما نناوئ تعاليم الدجال يسوع الذين هو علّة إنشاء جمعيتنا" (12).

يعلن الماسون في بعض أدبياتهم معاداة عامة، ولكن في أغلب ما كتبوه أو صرحوا به يحملون على الإسلام والمسيحية، ويعملون بموجب تعليمات اليهود، وما حرّفوه من الكلام عن موضعه، وهم يتأرجحون بين اليهودية والإلحاد. ففي حين نرى أحدهم – مثلاً – يعلن حرباً على الإيمان الديني بقوله:

"نتساءل باستغراب: ما هي حاجة الماسوني الى الايمان وممارسة الدين؟ فإذا تمسك بذلك لن يشعر بأية دعوة ماسونية . . . فالماسوني العملي لا يؤمن بإله وهو يختبر قاعدة مهندس الكون الأعظم" (13).

وفي الزعم التاريخي للماسون أن مؤسس حركتهم هو الملك هيرودوس أكريبا، حفيد هيرودس قاتل أطفال بيت لحم، وينقلون عنه ضمن وصاياه لأتباع جمعيته الخفية الزعم اليهودي الذي أنكر ظهور السيد المسيح عليه السلام، فيقول:

"نحن عالمون أن المسيح المنتظر مجيئه لم يحن بعد ميقات ظهوره وليس لظهوره الساعة من أثر" (14).

إن الباحث في الفكر الماسوني يكتشف الأثر اليهودي في كل مقولة من مقولاته، فلقد ذكرنا موضوع مزاعمهم المتوافقة في إنكار ظهور المسيح، عليه السلام، وهذا عداء صريح، وإنكار لما جاءت به المسيحية، وجاء به الإسلام. ويظهر التزام الماسون – على سبيل المثال – في الحديث عن عملية الخلق والأيام الستة التي أعقبتها راحة في اليوم السابع، وهذا من الافتراء والأباطيل.

يقول شاهين مكاريوس في كتابه الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية:

"ولما انتهى عمله، عز وجل، من تكوين العالم في ستة أيام، استوى على العرش في اليوم السابع فكان ذلك مثالاً جليلاً لإرشاد البشر الى حسن المواظبة والنشاط والاجتهاد في أيام العمل لأسباب معايشهم ومرافقهم، والى الراحة من عناء الأشغال في اليوم السابع لمشاهدة أعمال الخليقة وعبادة صانعها" (15).

في هذا المفهوم للخلق يتضح الالتزام بما جاء في النصوص المحرّفة للتوراة من قبل الماسون الذين لا يلبثون أن يصرحوا بانتمائهم، دون مواربة، فلقد جاء في كتاب: أصل الماسونية:

"نحن لا نعترف، على الإطلاق، بأي دين إلا بالدين اليهودي وحده، هو الذي ورثناه عن أجدادنا والواجب أن نحتفظ به دون سواه الى أبد الدهور" (16).

إن للماسونية ديناً تلتزمه إذن، هو اليهودية، واليهودية بكل ما ألحقه بها متّبعوها من مزاعم وتحريفات، وما ادّعاه الموقف الحيادي من الدين إلا ستار يخفون وراءه حقيقتهم. وقد يقول قائل: إن القول بيهودية الماسونية تهمه لا يقرّها إن لم يكن كل الماسون فعلى الأقل بعض محافلهم، ومثل هذا الجاهل بحقيقة الماسونية نحيله – إضافة الى كل ما أوردناه سابقاً – على ما قاله حنا أبي راشد في مؤلفه "دائرة معارف ماسونية"، والذي يصرح بالآتي:

"أما إن الماسونية يهودية، فذلك ما لا شك فيه، من ناحية واحدة لا تتعداها. ونحن الماسونيين العريقيين، أعلم بذلك من الخوارج المتطفلين، الذين يصورون الحبة قبّة، وغايتهم السياسية أو الدينية، تبرر الواسطة، بل إننا لنسمح بأن ندل هؤلاء على الحجة الدامغة في هذا الشأن، وهي حجة التوراة في عدة صفحات، ورد فيها ما لا يمكن المكابرة معه، عند المقابلة بين نصها، والنص المماثل في التعاليم الماسونية" (17).

وهنا يعترف هذا الماسوني بيهودية حركته لجهة واحدة، ولكن مهما حاول التخفيف فهذه الجهة الواحدة هي أهم ما في تبعية الماسونية لليهود، لأنها مسألة التطابق بين أفكار الماسونية ونصوص التوراة، التي حرّفها اليهود بما يخدم عنصريتهم وإيمانهم بالماديات، مما لا مجال للتوسع فيه في هذا العمل والذي يحتاج الى بحث خاص.

ويعود أبي راشد الى محاولته التبريرية، على ضعفها، عندما يواجهه المتسائلون: وكيف تفسر اعتماد الماسونية للطقوس والشعائر اليهودية في كل نظامها وسلوك المنتسبين اليها؟ وتراه يردّ رداً يخدم خصوم الماسونية، رغم أنه ماسوني، كما صرح من ذي قبل، واتهم غيره من الماسون بالخوارج، فانقلب فعلاً هذه المرة السحر على الساحر.

فلقد قال:

"كذلك القول في الماسونية، فإنها إذا بنيت على بعض التقاليد الإسرائيلية، التي كانت شائعة في عهد انبثاقها، أو بعد ذلك، فليس يضيرها ذلك في شيء، لأن القيمة بالجوهر" (18).

إلا أن تبريرات الماسون التي ساقوها لتضليل بعض الجهلة تسقطها النصوص التي وردت في "بروتوكولات حكماء صهيون"، والتي تؤكد على تأسيس اليهود للمحافل الماسونية من أجل تحقيق ما يرمون اليه. وإذا كنت ممن لا يوافقون على الغلو في الأمر، كما سبق وأشرت، لأن من المحافل ما تأسس لأهداف استعمارية أوروبية، هذا عدا عن الانقسام الحاد والتشتت التي عرفته وتعرفه هذه الحركة، مما يحمل على القول بأن هناك جمعيات خفية متنوعة النظم والأفكار تطلق على نفسها اسم: الماسونية، إلا أنه من الممكن القول: إن عدداً من المحافل على الأقل يقف خلفها اليهود مباشرة اليوم لتكون أداة طيّعة في أيديهم، وعوناً على تحقيق ما يصبون اليه.

يقول اليهود في البروتوكول الرابع:

"والماسونية الخارجية تقوم مقام حجاب لإخفاء أهدافنا والتمويه عليها، ولكن مخطط عمل هذه السلطة ومركزها الرئيسي يظلان دائماً غير معلومين من الشعب" (19).

ولأن اليهود يرون في الإيمان الديني مانعاً من نشر أضاليلهم، والخضوع لأهوائهم فإنهم يصرّحون بمحاربتهم للدين من خلال الماسونية فيقولون في البروتوكول الرابع أيضاً:

"علينا أن نقضي على كل الأديان، وأن ننزع من عقول الكوييم (20) الاعتقاد بالله وبالروح، وأن نحل محلهما صيغاً حسابية وحاجات مادية. وحتى لا يكون لدى الكوييم الوقت للتفكير أو للتأمل يجب أن نلهيهم بتوجيههم نحو الصناعة والتجارة، وهكذا فإن كل الأمم تنصرف الى مصالحها الخاصة، ومتى كانوا في هذا الخضم فإنهم لن يفطنوا قط لعدوهم المشترك" (21).

إن اليهود يريدون الماسونية إذن مطيّة لأهدافهم، وسبيلاً لإلهاء الناس عن حقيقة أمرهم، ولا يتم لهم ذلك إلا إذا حاربوا الإيمان الديني، ووجهوا الناس الى الغرق في الماديات، فالمادة والهوى حجاب على البصيرة يمنع من رؤية الحقيقة.

لكل هذا وجد اليهود في المنظمات السرية عامة، والماسونية خاصة، ضالتهم فشجعوها وصرفوا لها الجهود ينظمون محافلها، ويخصصون بعض جماعاتهم لإدارتها والانخراط فيها.

جاء في البروتوكول الخامس عشر:

"والى أن يأتي الوقت الذي نصبح فيه سادة فسوف نظل ننشئ المحافل الماسونية ونضاعفها في كل العالم، وسنجلب الى هذه المحافل لك أولئك الذين هم زعماء الشعوب، أو يمكن أن يكونوا كذلك، لأن هذه المحافل ستكون المصادر الرئيسية لاستخباراتنا ومنها يأتي نفوذنا، وستتمركز كل هذه المحافل تحت إدارة واحدة لا يعرفها أحد غيرنا، وسيكون لها ممثلها في مجالس الإدارة، وسيكون هذا الممثل موظف ارتباط مع الحكومة الماسونية الظاهرة، وسيُعطى كلمة السر ويشارك في المباحثات وستكون إدارة هذه المحافل بأيدينا" (22).

ومما يربط نشأة الماسونية، غير ما ذكره الماسون أو اليهود في بروتوكولاتهم، تلك الطقوس والشعائر المعتمدة في المحافل الماسونية التي تحمل شعار العداء لله تعالى ولشرائعه المنزلة على الأنبياء والرسل عليهم السلام، حيث تطرح الماسونية مشروعها الفكري الذي تحاول تمييزه، والتأكيد أنه يضمن المساواة الإنسانية العامة، وأنه دين لا هو من المسيحية ولا هو من الإسلام.

وحقيقة الأمر أن الماسونية تذكرنا بإحدى الفرق اليهودية السرية التي تأسست وانتشرت بعد ظهور المسيح عليه السلام، وهذه الجماعة السرية اليهودية، كانت تدعى الكابالا (KABBALE)؛ وكابالا كلمة عبرية تعني: ما يُتلقى؛ أي التقاليد الموروثة. وهذه النُحلة التي انتشرت في القرون الوسطى قامت أفكارها على مزيج من تعاليم اليهودية مع الفلسفة وبشكل خاص الأقوال السفسطية، التي أشاعها عند اليونان منكرو الحقائق، المجادلون جدلاً عقيماً، واختلطت معها كذلك ألوان من الشعوذة وأضاليل السحر، ولقد كان للكابالا فعلها في التيارات الفكرية الدينية في أوروبا خاصة في القرن الحادي عشر الميلادي.

وأفكار الكاباليين التي صُنفت فيما بعد في وثيقتين عبريتين هما: السفر جزيرا، والسفر هازوهاز، كان لها الأثر في تأسيس بعض الحركات اليهودية، ومن أبرزها: حركة الزاركيم – وحركة شابتاي تسيفي.

وما يجب أن نعلمه هو أن هذه الجمعية كانت تشجع كل ما ينافي القيم الأخلاقية، ويقود الى إنكار الروح وعبادة المادة والتعلق بها، وهذا يجعلها عاملاً أساسياً في نشأة الماسونية التي تقلّدها في سريتها ومعاداتها للإيمان وعبادة المادة، وفي الشعائر والأزياء والرتب. (23)

إن الماسونية، التي ناصبت الإيمان الديني العداء بفعل المخطط اليهودي الذي يقف وراءها، لم تخرج عن منهج الحركات السرية في التاريخ التي كانت تنبذ الشرائع السماوية، وتتمرد على القيم والفضائل، وتستسلم للفواحش والأهواء.

"ليس بعد الكفر ذنب" هذا ما يصح أن نواجه به الماسون الذين أنكروا الخالق سبحانه ولكن بأسلوب مقنع ينطلي على البسطاء، أو يشكّل قناعاً للمضللين الجاحدين، وذلك بيّن في استخدام عبارة "مهندس الكون الأعظم" التي يظنّ بعض الناس أنها تسمية أطلقوها على الخالق سبحانه، ولكنها تحمل في طياتها الإنكار له سبحانه وتعالى عن كفرهم، وسأترك الميدان لتعليق الأب لويس شيخو على هذا المصطلح، والذي يقول:

"أول ما رأينا في هذا الشعار غرابة الاسم، فاختار الماسون من أسمائه تعالى ما لا تجد له ذكراً بين الأسماء الحسنى العديدة التي وردت في الكتب المنزّلة، وكلّها تشعر بعظمته، جلّ ذكره، وبسمو عزّته وجبروته الى اسم مبهم فجعلوه بمنزلة "مهندس الكون" كأنه تعالى لم يخلق كل الكائنات من العدم، وإنما هندسها فقط ونظمها، وزادوا على ذلك ما زاد الاسم إبهاماً بقولهم "المهندس الأعظم" كأن الله استعان لهندسته هذه غيره من المهندسين فكان هو الأعظم بينهم" (24).

بعد هذا الإنكار الصريح لوحدانية الله، لا بل الوصول الى درجة الكفر في المعتقد الماسوني بما سموه: "مهندس الكون الأعظم"، نراهم كلما ظهرت حقيقتهم جلية، وبرزت روابطهم مع اليهودية بفكرهم، أو شعائرهم، أو إقرارهم، يعودون الى اعتماد التعمية والتبرير، ويسعون الى إخفاء الحقيقة، على الأقل، عمّن يسيرون خلفهم كالخراف المستسلمة لقيادة الراعي، وفي هذا المنحى نرى واحداً منهم هو حنا أبي راشد يحاول أن يجعل الماسونية لغزاً محيّراً فيقول:

"فلنا أن نقول: إنها يهودية، لأنها كذلك في بعض طقوسها ومراسمها . . . ولنا أن نقول: إنها مسيحية، لأنها تحثّ على السلم والوداعة والمحبة، وكل ما أتى به الدين المسيحي من آيات التساهل واللين. . .

ولنا أن نقول أيضاً: إنها محمدية لأنها، في مجموع وصاياها وفلسفتها، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتشترط في الداخلين في سلكها، كل فضيلة ومكرمة . . .

. . . وليكن منشأ الماسونية ما كان، وليبدأ حيثما يجب أن يبدأ، فما في ذلك كبير خطر، أليس في الإمكان أن نكون نافعين صالحين، بدون من سبقنا وتقدمنا؟ وقد توحدنا جميعاً باسم الدين والإنسانية" (25).

إن المتأمل لهذه الأقوال يتعرّف على ما تعمد اليه الماسونية من التضليل، إذ كيف يمكن أن يلتزم الواحد بأكثر من شريعة دفعة واحدة؟ ثم بعد ذلك هل يجوز أن نتوخى الخير في حركة نجهل متى بدأت وكيف؟ ولماذا؟ فمقوله الإمام علي، كرم الله وجهه، في الرد على الخوارج تصحّ في هذا المكان: "كلمة حق أريد بها باطل". إن عبارة "توحدنا جميعاً" مغرية ولكن السؤال من هم الذين وصفهم الماسوني حنا أبي راشد بكلمة جميعاً؟ وما هي أسس توحدهم؟ وعلى ماذا التقوا؟ وإذا كان يقول باسم الدين فباسم أي دين؟ والجواب يأتيك فوراً: إن الماسون توحدوا باسم اليهودية.

الالتقاء باسم اليهودية هو ما قصده أبي راشد الذي عبّر عن ذلك في إطار حديثه عن نشأة الماسونية فقال:

"فإذا بدأت الماسونية في عهد إبراهيم، أو نشأت في هيكل سليمان، وأخذت بعض أحكام العهد القديم "التوراة"، فالعهد الجديد لم ينقص منه حرفاً، بل أكمل معانيه، وسمى العهدين، بالكتاب المقدس" (26).

وإذا كانت الماسونية كما سبق وقال: يهودية ومسيحية وإسلامية، فلماذا أغفل في النصر الأخير الإسلام؟ والحقيقة أنها يهودية وكفى.

ويستشف الواحد منا ذلك بدليل جديد أورده أبي راشد في دائرة معارفه حيث تعرّض بالذم لهتلر على ما فعله بالأحرار. وإذا كنا لسنا هنا في معرض تقويم السياسة النازية وفكرها وممارسات هتلر، إلا أنه يكفي أن نشير بأن هكذا إشارة يتضح منها تماماً تبني الكاتب لمقولات اليهود بما لحقهم من مظالم على يدي هتلر.

يقول في إطار موافقة المنطق الصهيوني عن هتلر:

"أما تمرّد هتلر على الدستور الماسوني، فهو الذي جعله ينحرف عن مبادئ الديموقراطية ويكافحها، بوصفه أصبح ديكتاتوراً، لا يؤمن بالحرية بل بالقوة، وهكذا فعل أمثاله، لأن الحرية علمتهم، كيف يثأرون لها‍! ولكنهم عقّوا بها، فثأروا منها، وطعنوا أحرارها" (27).

إن هذا الكلام الذي ساقه ماسوني ضد هتلر كان يمكن أن نصنّفه في إطار حملة على الفلسفة السياسية النازية القائمة على القوة والعنصرية، لولا أن اليهود كانوا من بين من طالتهم يد هتلر فربطوا مأساتهم بما فعله بهم، وما زالوا يطلبون التعويضات من ألمانيا تكفيراً عن خطيئة هتلر، لذا لا يمكن أن نصنف هذا الكلام إلا في باب روابط الماسونية باليهود الذين يسعون من خلال محافلها، كما يزعمون، للسيادة على العالم، وتحقيق مملكتهم المزعومة، ومع ازدرائنا لتخرصاتهم، حيث لم يستطيعوا القبض على الضفة الغربية وغزة في فلسطين المحتلة بعد عشرين عاماً، فكيف نصدق مزاعمهم في السيادة على العالم؟

ولكن نذكر مقولاتهم ليعلم من لم يعلم بعد خطر الجمعيات السرية الهدامة التي تظهر بألف اسم ولون، وأبرزها الماسونية، فيعمل على مواجهتها.

نشر يوسف الحاج، نقلاً عن محاضر سرية لجلسات ماسونية في كتابه: "في سبيل الحق"، كلاماً موجوداً في الحقيقة في كتابات معلنة للماسونية ولليهود، ولكن من المفيد ذكره للإطلاع على حقيقة النوايا اليهودية الكامنة وراء تأسيسهم للماسونية.

ومما نقله يوسف الحاج من هذه المحاضر قولهم:

"لماذا كوّنا ولقّنا سياستنا هذه تجاه الخوارج بدون أن نفسح لهم مجالاً لإدراك أسرارها؟ أليس لنتوصل بالوسائل والحيل الى غايتنا التي لا يمكن لأمتنا الوصول اليها مباشرة بدون استخدام الوسائط؟ وهذا ما حدا بنا الى إيجاد ماسونيتنا الخاصة التي يجهل أسرارها وغايتها هؤلاء الحيوانات – الخوارج – " (28).

وأما الهدف المختار فهو انتشار اليهودية التي حرّفوها وادّعوا فيها أنهم شعب الله المختار، وهذا مبين من المحاضر نفسها التي فيها:

"ومتى أصبحنا أسياد الناس، لا ندع في الوجود سوى ديانتنا التي تنادي بالإله الواحد، الذي يتعلّق به مصيرنا لأننا شعبه المختار، ولأن مصيرنا يقرّر مصير العالم ولذلك وجب علينا أن نلاشي سائر الأديان" (29).

وفي كتابه المذكور يقول يوسف الحاج بأن الماسونية على ثلاثة أنواع، أو مستويات، تتجمع في الفرقة الأولى سائر الأنواع، وفي الثانية يمسك اليهود بالأمر، وفي الثالثة لا يوجد إلا اليهود. وسأذكر كلامه حرفياً علّه يعطي للقارئ فكرة عن فرق الماسونية، كما وصفها هذا الكاتب الذي قال إنه كان منهم ثم لما كشف حقيقة أمرهم قام بفضحهم.

1- الفرقة الأولى:

"الماسونية العامة: الرمزية العامة ذات الـ 33 درجة، رمزية بحتة . . تحترم ما لكل واحد من أعضائها من المعتقد الديني والمنزع السياسي، وتحرّم في مجتمعاتها، تحريماً قطعياً، كل مناقشة دينية أو سياسية يكون موضوعها المناظرة في الأديان أو القدح في أعمال السلطة المدنية والحكومة العادلة، وهذه الفرقة تكثر من الرموز في جميع درجاتها وتعاليمها توصلاً الى المعرفة التي ترغب تفهيم أبنائها معانيها، ويتلقّن أعضاؤها هذه الدرجات تدريجاً وبعد امتحانات مختلفة" (30).

2- الفرقة الثانية:

"الماسونية الملوكية المعروفة في الماسونية الرمزية العامة (بالعقد الملوكي) مرتبطة فيها منفصلة عنها بطريقة لا يعلمها إلا الراسخين في تاريخ الماسونيات الثلاث.

إن مبدأ هذه الفرقة وتعاليمها ودرجاتها وغايتها ترمي كلها الى تقديس ما ورد في التوراة، واحترام الدين اليهودي، والعمل على تجديد المملكة اليهودية في فلسطين باسم الوطن القومي اليهودي أو بأي اسم آخر، وإعادة هيكل سليمان وتقدمة القرابين فيه. وبالاختصار إرجاع العهد القديم بجميع ما كان عليه.

وهي تدّعي أنها تتمة الماسونية الرمزية وغايتها، وأن ما يستعمله أعضاء الرمزية من الرموز مشيرين فيه الى تعاليم اجتماعية عامة يفسره أبناء هذه الفرقة بالمعنى المطابق لتاريخهم مكاناً وزمناً وحادثاً. وأما الماسون الرمزيون فلا يعلمون من ذلك شيئاً، وعدد الداخلين منهم في هذه الفرقة قليل جداً خصوصاً في الشرق" (31).

3- الفرقة الثالثة:

الماسونية الكونية: إن هذه الفرقة غير معروفة إلا من نفر قليل جداً، من اليهود أنفسهم، أي أبناء الماسونية الملوكية، وهذا النفر هو من فئة المنفصلين من اليهود. . . وغاية أعضاء هذه الفرقة استخدام الماسونيتين السالفتي الذكر لإنشاء الفوضى في العالم دائماً، على قاعدة (فرق تسد)، ليستطيعوا الرجوع بواسطة اليهود والماسونية الى روما، التي كانت مملكة أجدادهم، ونشر الإباحية المطلقة كما كان يفعل أولئك الأجداد أمثال نيرون وغيره.

. . . وليس لهذه الفرقة غير محفل واحد في أميركا (نيويورك) لا يدخله غير العدد القليل من هذه الفئة المنفصلة. . وهو الذي يدير كل حركة ثورية وفوضى سياسية بسائر الوسائل والطرق وبواسطة الثروات اليهودية وغيرها تحت أسماء مختلفة وجمعيات وشرائع وقوانين لأشخاص عديدن، ودول عديدة. . . وغاية هذه الفرقة مجهولة كل الجهل من الماسونية الرمزية العامة" (32).

وإذا علمنا أن كتاب يوسف الحاج الذي نقلنا منه هذا التصنيف للمستويات الماسونية، وتحديد الأهداف المعلنة لكل مستوى، أنه منشور سنة 1934، أي قبل 14 عاماً من قيام دولة العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، ندرك عندها كيف أن أشخاصاً كثيرين من أبناء بلدنا، من الذين انخرطوا في صفوف الماسونية، قد ساهموا بقيام هذا الكيان المعادي على أرضنا وفي قلب أمتنا.

ولقد كان عند يوسف الحاج الجرأة بأن اعترف بما خدم به، هو وأمثاله من الماسون، أبناء إسرائيل، فهل سيعود ماسونيو اليوم الى ضميرهم فيتخلون عن انتمائهم لههذ الحركة الماسونية الهدامة التي تعمل لأهداف أعدائنا؟ أم أن الشيطان يزيّن لهم أعمالهم وسيستمرون في ضلالهم؟

يقول يوسف الحاج بعد أن اكتشف خطر الماسونية وانسحب من صفوفها:

يشهد الله أننا ما قصّرنا في شيء من العطف على أبناء إسرائيل طيلة السنين التي خالطناهم فيها في محافل الحرية والمساواة والإخاء.

وكم من مرة مشينا وإياهم في نشر المبادئ الإنسانية العامة، غافلين عما كانوا يعملونه في الخفاء وبمعزل عنا، للمّ شعثهم وجمع أشتاتهم من أقاصي الأرض للحصول على السيادة العالمية باسم الدين والقومية، اللذين كانوا يظهرون لنا تذمرهم من التمسك بهما، وإضرارهما بالاجتماع الإنساني.

وكم من مرة محونا من مؤلفاتنا التاريخية اسم كل يهودي له صلة بإحدى وقائع التاريخ التي يشتم منه رائحة التعصب والتعدي زعماً منا أنه تحامل عليه" (33).

إن هذه التصريحات التي أدلى بها يوسف الحاج تعطي للإنسان فكرة واضحة عن مقدار الخدمات التي تسديها الماسونية للصهاينة على طريق تنفيذ مشروعهم في الوطن القومي الصهيوني، وهذا ما يدفعنا الى القول: إن معظم الماسون هم خدم لمصالح العدو الإسرائيلي.

ومن باب تعطيل طاقات الشعوب سعى اليهود، من خلال الماسونية، ومن خلال كل مواقع نفوذهم، لإفساد أخلاق الناس، وتحويلهم الى الإدمان والفجور مع تبرير ذلك بأنه نوع من التقليد ويجب قبوله وعدم استهجانه.

يكفي أن نعلم أن الاجتماع التأسيسي للمحفل الماسوني الأول في بريطانيا عام 1717 كان في الخمارات، والماسون يعدّون ذلك أمراً طبيعياً، ولا يقبلون مقولة اعتبار ذلك عيباً، وحول هذا الأمر يقول الماسوني حنا أبي راشد:

"وهل من عجب في اختيار الخمارة، لاجتماع البنائين الأحرار في لندن؟ ألم تختر النازية الألمانية، خمارة لاجتماعها الأول؟ ويظهر أن هذا الاختيار، لم يزل الى يومنا هذا، هو المكان المفضل، لكل اجتماع سياسي، أو مؤتمر صحفي مثلاً: أليس "سان جورج" في بيروت، هو المقر السياسي، مع الفارق بالطبع؟" (34).

ما قاله هذا الماسوني لا أظن أنه بحاجة الى تعليق إلا القول: ما دامت الخمارات هي الأماكن المفضلة للجلسات الماسونية، فما هي يا ترى القيم والفضائل التي يدّعون الالتزام بها؟

وإذا حصل وكانت الجلسات الماسونية في محفل ماسوني خاص فتقليد الماسون أن يتحول المحفل نفسه الى خمارة لمعاقرة المسكر حتى يذهب العقل، وكأن الماسونية لم تكتف بالتضليل لأتباعها بل أرادت تعودهم الإدمان والانحراف. ومن المفيد أن نعلم أن ما يسمى بشرب الأنخاب في المناسبات هو مسلك ماسوني يكاد يصبح عرفاً في معظم الدول، وإنني لا أناقش الأمر هنا من زاوية تحريم الخمر في الإسلام فهذا أمر آخر، ولكني أتحدث عن وضوح الأثر الماسوني – اليهودي في بلاد غير المسلمين، والأنخاب بالشكل الذي يتحدث عنها أحمد زكي أبو شادي الماسوني ليست أنخاباً بقدر ما هي حفلة سكر حتى ضياع العقل.

في الحديث عن تقاليد المحافل الماسونية يقول:

"المعتاد أن يشرب النخب أثناء المأدبة سبع مرات وتسمى "بالكؤوس المحتمة" وهي:

1- كأس صاحب الجلالة الملك والبرلمان.

2- كأس الرئيس الأعظم والسلطة الماسونية المصرية.

3- كأس محترم المحفل، ويدعو الى شرب هذا النخب المنبه الأول.

4- كأس المنبهين.

5- كأس الأخوان الزائرين.

6- كأس موظفي المحفل وأخوانه.

7- كأس الماسونية العالمية.

ويقول أندرسون أن الدكتور ديزاجيليه هو أول من جدّد هذه العادة الأخوية القديمة؛ أي شرب النخب الماسوني، في سنة 1719 عند انتخابه أستاذاً أعظم" (35).

ولا بأس أن نختم هذا الفصل بالموقف الماسوني من الدين الذي يُظهر عداء الماسونية السافر للدين والإيمان بشكل يسقط الأقنعة، التي يحاولون إشاعتها في المراحل الأولى من العضوية، حيث يستترون وراء عبارة أن الماسونية تحترم معتقد المنتسب اليها، ولا تتدخل في النقاشات الدينية. هذا مجرد كلام يخالفه الماسون أنفسهم كما ذكرنا سابقاً، وسنعرض لأقوال جديدة لهم ومواقف من باب زيادة الإيضاح ليس أكثر.

في إعلان محفل فرنسا الأكبر، بعد اجتماعاته في تشرين الأول من عام 1922، جاء ما يلي:

"لنشتغل بأيدٍ خفية نشيطة ولننسج الأكفان التي سوف تدفن جميع الأديان، فيتسنى لنا أن نبيد الإكليريكية من العالم وما ينشأ عنها من الخرافات" (36).
هذا موقف حيال الكنيسة وحيال الدين عامة والإسلام خاصة. وعلى غرار الفرق الباطنية وسعيها في الوق لإن لكل مسألة دينية معنى بعيداً لا يفهمه ويعرفه إلا أتباعها ورؤساؤها بشكل خاص، يحاول ماسوني هو محمد رشاد فياض أن ينهج النهج نفسه مما يؤكد الخيوط التي تربط بين كل الحركات الباطنية والسرية الهدامة، فنراه يقول منكراً خلود الروح بشكل مقنع:

"خلود الروح هو خلود نور العقل المتقمص باللطافة في المصير. إنه خلود ثنائي الكيان والتفسير" (37).

وعلى طريقة الفرق الهدامة المنحرفة عن الإسلام (38) يحاول هذا الماسوني الاشتغال بموضوع الحروف التي جاءت في فواتح بعض السور فيدخل في تأويلها ليربطها بمسألة النور الذي يركز عليه الماسونيون، وببعض النظريات الفلسفية القديمة، وهذا المزج بين الدين والفلسفة هو ما ورثه الماسون عن "الكابالا" اليهودية كما ذكرنا سابقاً.

ومما قاله محمد رشاد فياض الماسوني في هذا المجال، وهو يوضح لنا التلفيق الذي يتبعونه:

"الكلمات والرموز التي وردت في بعض أوائل السور في القرآن الكريم، إنها تحوي جميع الأسرار وتعاليم عقيدة الأحرار لكونها الكلمات النورانية التي تستحق التكريم. إنها مفاتيح العلم الباطن الجديد. . . أولى هذه الكلمات هي (ألم) ألف لام ميم، ترمز الى الوجود الثلاثي الأركان في نطاق التعليم. شكلها مثلث في وسطه حرف الواو، وأو الوجود، وعلى كل رأس من رؤوسه الثلاثة حرف من الحروف الثلاثة يرمزون الى لانهائية الأركان والخلود. الألف هو أول حرف من كلمة الله، واللام أول حرف من كلمة لطافات، والميم أول حرف من كلمة مواد، وبذلك أصبحت الكلمات النورانية المذكورة ترمز الى الوجود النور والوجود الطافي في عالم اللطافات والوجود المادي في عالم الكثافات والجماد" (39)

إن هذه الهرطقات والتخمينات التي لا تستند الى قاعدة سوى الاشتغال بمفاهيم النور والمادة، وفق المنطق الماسوني، تذكرنا باهتمامات بعض الفرق الهدامة التي تعتمد الأسلوب نفسه.

ومن نوع القفزات المزاجية يطالعنا الماسوني محمد رشاد فياض بلون آخر من اعتماد الرموز والحروف، يحاول فيه ربط الماسونية بالدين، لا بل الإشارة الى أنها أهم من أية شريعة ودين، ويعمل على ربطها بالأهداف الإسرائيلية في زعم إعادة بناء هيكل سليمان، حيث تدور الفكرة الماسونية، أو البناية الحرة كما يسمونها، حول هذا المحور الذي يعد خدمة هامة لكيان الوطن القومي الصهيوني. يقول في هذا الزعم الذي لا يستند الى دليل أو قاعدة:

"الميمات الثلاثة في الموسوية والمسيحية والمحمدية يجتمعون في ميم واحدة هي ميم الماسونية، لأن الماسونية عقيدة العقائد وفلسفة الفلسفات. إنها تجمع وتوحّد المتفرقات والمتشتتات. وإن بائي البوذية والبرهمية يجتمعان في باء البناء. بناء هيكل المتجمع الإنساني الصالح"40.

إن هذه المزاعم تدل بشكل لا يقبل الجدل، عن استهتار الماسون بالشرائع السماوية، حيث يصرح هذا الماسوني بأن الماسونية هي عقيدة العقائد. ويتضح تلفيقهم للمواقف والإفتراءات، لجمع الأنصار من أجل مشروعهم السياسي، من هذه الطريقة التي حاول فيها أن يربط الماسونية بالإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والبرهمية دفعة واحدة.

ويضيف الى ضلالاته مسألة أخرى هي تبني العقيدة الثنوية للزرادشت القائلة بوجود إلهين: إله النور وإله الظلمة، وأن الإنسان المهتدي هو الذي ينتصر لصف إله النور، يقول:

"إن النور العقل، الذي رجح واختار طريق الحق في فترة الحياة الدنيا، يتقمص بالطاقات النورانية، التي هي أجمل وأبهى طاقات في الوجود. والنور العقل، الذي رجح واختار طريق الباطل في فترة الحياة الدنيا، يتقمص بالطاقات الظلمانية النارية التي هي أحر وأظلم طاقات في عالم الصفات" (41).

بعد هذا الاستعراض المستفيض لمواقف الماسون من الدين نكتشف أنه لا موقف ماسونياً واحداً عندهم في موضوع الدين، فمنهم من يقول بأن الماسونية تحترم معتقد المنتسبين اليها ولا تتدخل في الأمور الدينية، ومنهم من يقول: إن الماسونية يجب أن تعمل على محاربة الأديان والقضاء عليها، ومنهم من يقول: إن الماسونية هي اليهودية ويجب محاربة الإسلام والمسيحية والاعتراف باليهودية والتوراة فقط، ومنهم من يقول: إن الماسونية تسعى لدين عالمي فيه من كل الأديان، ومن الماسون من يجاهر بأنهم يعملون لإفساد أخلاق الشعوب وتحويلها الى عبادة المادة والأهواء والشهوات، . . . الخ.

وبعد كل هذه المواقف وبعد الإطلاع على بروتوكولات حكماء صهيون، وعلى الفكر الصهيوني عامة، ومخططاته وأطماعه ومزاعمه، يستنتج المرء بما لا يقبل الشك أن الحركة الماسونية هي وقف على الصهيونية، والاستعمار، وأنها مطية يستخدمونها في سبيل تحقيق ما يريدون الوصول اليه.

(1) القانون الأساسي للمحفل الأكبر الوطني المصري، م.س.، ص 5.

(2) مكاريوس، شاهين، الآداب الماسونية، بيروت، دار مارون عبود، ط 2، سنة 1983، ص 22.

(3) شيخو، الأب لويس، السر المصون في شيعة الفرمسون، الكراس الأول، بيروت، المطبعة الكاثوليكية، سنة 1910، ص 23.

(4) في: شيخو، الأب لويس، م.س.، ص 26.

(5) في: آتلخان، الجنرال جواد رفعت، أسرار الماسونية، ترجمه عن التركية وعلق عليه: نور الدين رضا الواعظ، وسليمان محمد أمين القابلي، بيروت، مكتبة المثقف، سنة 1376 هـ، ص 21.

(6) آتلخان، الجنرال جواد رفعت، م.س.، ص 32.

(7) مجلة المشرق (لبنان)، سنة 12، العدد 12، كانون الأول 1909، ص 939.

(8) تبديد الظلام أو أصل الماسونية، م.س.، ص 75.

(9) MITTERRAND, JACQUES, IBID, P. 65

(10) MITTERRANC, JACQUES, IBID, P. 46, 47

(11) تبديد الظلام أو أصل الماسونية، م. س.، ص 203

(12) تبديد الظلام أو أصل الماسونية، م. س.، ص 205

(13) الماسونية بين الإنحراف والأصولية، م. س.، ص 71

(14) تبديد الظلام أو أصل الماسونية، م. س.، ص 110

(15) مكاريوس، شاهين، الأسرار الخفية في الجمعية الماسونية، م. س.، 72.

(16) تبديد الظلام أو أصل الماسونية، م. س.، ص111

(17) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 24

(18) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 25

(19) بروتوكولات حكماء صهيون، ترجمة وتقديم د. إحسان حقي، بيروت، دار النفائس، ط 1، سنة 1408 هـ – 1988م، ص 49.

(20) الكوييم: يقصدون بهم غير اليهود من البشر، ويقولون إنهم حيوانات بصورة بشر.

(21) بروتوكولات حكماء صهيون، م. س.، ص 50.

(22) بروتوكولات حكماء صهيون، م. س.، ص 89، 90.

(23) يراجع: - شيخو الأب لويس، م. س.، ص 11
– آتلخان، الجنرال جواد رفعت، م. س.، ص 10 (المقدمة للمترجمين). – DE PONCINS, LEON, IBID, P. 265, 266, 275

(24) شيخو، الأب لويس، م. س.، ص 27

(25) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 26
(26) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 28

(27) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 28

(28) الحاج يوسف، م. س.، ص 102

(29) الحاج يوسف، م. س.، ص 103

(30) الحاج يوسف، م. س.، ص 33

(31) الحاج يوسف، م. س.، ص 34، 35

(32) الحاج يوسف، م. س.، ص 35، 36

(33) الحاج يوسف، م. س.، ص 73

(34) أبي راشد، حنا، م. س.، ص 117

(35) أبو شادي، أحمد زكي، البناية الحرة، مصر، المطبعة السلفية، ط 1، سنة 1345 هـ – 1926م، ص 63

(36) مجلة المسرة (لبنان)، عدد تشرين الأول، سنة 1926، ص 470

(37) فياض محمد رشاد، النور الأعظم، بيروت، منشورات الشرق الأكبر العالمي، ط 1، بدون تاريخ، ص 9.

(38) للتفصيل يراجع: كتابنا: البهائية والقاديانية الصادر عن دار النفائس ببيروت.

(39) فياض محمد رشاد، م. س.، ص 108

(40) فياض محمد رشاد، م. س.، ص 112

(41) فياض محمد رشاد، م. س.، ص 81

الماسونية معادية للدين

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى