السبت ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٧
بقلم إبراهيم مشارة

الشريحة

فرغت من نشر الغسيل على السطح، أحست بالتعب مع أنها لم تتجاوز الثلاثين، ولكن أشغال المنزل متعبة، رفعت رأسها إلى السماء، كان سرب من الطيور محلقا سرحت ببصرها ثم بفكرها.

 ترى هل يحبها زوجها حقا؟ ألا ينظر لغيرها في الشارع؟ ألا يتبسط في الكلام مع زميلاته في العمل؟

إنها بالرغم من جمالها وهدوء حياتها الزوجية وتكلل تلك العلاقة الدافئة بولدين لا تني تلقي على نفسها تلك الأسئلة، كلما صعدت إلى السطح ورأت سرب الطيور أصابها الذعر، أجفل قلبها ،تجمد الدم في عروقها تعرق ثم تسرح ببصرها وبفكرها.

صار منظر سرب الطيور يطاردها في كل مكان في البهو، غرفة الاستقبال، وحتى غرفة النوم.
كابوس يعذبها ويكاد يطير النوم من عينيها.

وأخيرا همست: يجب أن أذهب إلى بعيد ذات يوم قائظ من أيام الصيف قصدت محلا لبيع الهواتف اشترت شريحة جديدة وأرسلت أول رسالة إلى زوجها كانت رسالة إعجاب باسم مستعار.

لم يول الرسالة اهتماما حذفها للتو وتتابعت الرسائل القصيرة على فترات متباعدة نسبيا وتتالى الحذف، كلما حاول أن يكلم صاحبة الرسائل يجد الهاتف مغلقا.

هدد وتوعد وأخيرا توسل برسائلة القصيرة.ثم قال في نفسه:

يجدر بالرجل ألا يفاتح أهله بموضوع كهذا. ربما تفاقمت المشاكل، الزمن كفيل بحل المشكلة. استلذت اللعبة إنها محبة وتغار بشدة لكنها مطمئنة، إنها الأولى والثانية صاحبة الرسائل، إنها تعرف مايدور في رأس زوجها ،أتقن كلاهما الإخفاء والمداراة.

كلما سألته عن حاله حدجها بنظرة قلقة وتعلل بمشاكل الشغل، الإرهاق، المصاريف، المواصلات.....

ذات صباح شتوي وبينما كانت تنتظر قيام ولديها من نومتهما تقدمت من النافذة وأرسلت نظرة إلى الفناء الخارجي جحظ قلبها كرة أخرى أطيار تحط على الشجرة، رن الهاتف رنته معلنا تلقي رسالة نصية.

 صباح الخير تعودت على كلماتك هل يمكني أن أسمع صوتك الدافئ في هذا اليوم البارد؟

جمد الدم في عروقها، أصابتها قشعريرة، عرق بارد ،شهيق حاد وزفير أحد، دوخة، غثيان وأخيرا إغماء.

حين أفاقت من إغمائها قالت لنفسها:

 لن أكشف له الحقيقة لقد ظهرت حقيقة الحقائق إنه مستعد للغدردائما وقد ذهب بعيدا في كل مكان.

حين كانت تسير خارج المدينة صوب السكة الحديدية على وجهها بقايا دموع وفي صوتها آثار انتحاب كانت فكرة واحدة تلح عليها: زوجها لا يستحقها وحين وصلت إلى السكة وقفت في منتصفها حين اقترب القطار بصفيره وأزيز محركاته المرعبة رفعت راسها إلى السماء وتعجبت طيور تحلق فوق المكان غمغمت:- تلاحقني حتى هنا

نظرت صوب الأفق نظرة كسيرة دامعة وقررت أن لا تغادر السكة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى