السبت ١٠ شباط (فبراير) ٢٠١٨
بقلم حبيب يوسف شريدة

روحُ المَدائِن ...!

تَناهى لي حديثُ الرّوحِ همْسا
ونبَّهَني إلى ما كدتُّ أنْسى!
فأبْصَرْتُ الحَبيبَةَ منْ بعيدٍ
عَروساً تزْدَهي بالخَزِّ تُكْسى!
نظَرْتُ بوَجْهِها الوَضّاءِ شَوْقاً
إليْها فامْتَلأْتُ رِضىً وأُنْسا!
فبَشَّتْ لي فطِرْتُ كقيْسِ ليْلى
إلى أحْضانِها وبذَذْتُ قيْسا!
فضَمَّتْني معانِقَةً حَناناً
تَحَسَّسُ أضْلُعي جَسّاً ولمْسا!
لجأْتُ لِحضْنِها الحاني فراحتْ
تُذيبُ بسَمْعِيَ التّاريخَ درْسا!
أنا بابُ السَّماءِ لديَّ يرْقى
إليْها الأنْبِياءُ ودمْتُ حَرْسا!
أنا روحُ المَدائِنِ وهْيَ دوني
قِفارٌ ، موْتُها في أنْ أُمَسّا!
فقدْ عاصرْتُ آدمَ إذْ بَنى بي
أساسَ المسجِدِ الأقْصى وأرْسى!
فطابَ مِحَجَّةً للنّاسِ تُعْلى
قريناً للحَرامِ يليهِ أُسّا!
بنى كنْعانُ أرْكاني قديماً
وحصَّنَني وصرْتُ لديْهِ تُرْسا!
فكمْ عبَرَتْ بيَ الأقْوامُ تتْرى
فكنْتُ لها مدى التّاريخِ رمْسا!
وأدْرَكْتُ الحُروبَ متى رَحاها
تدُرْ تضْرِسْ بها الأطْماعَ ضرْسا!
صبَرْتُ على نوائِبِها جَميعاً
مُعانِدَةً وما أدْرَكْتُ يأْسا!
عهِدتُّ جحافِلَ الفِرْعَوْنِ غزْواً
وسَبْيَ البابلِيِّ يَهودَ نُكْسا!
طويْتُ حَضارةً تُتْلى بأخْرى
عمالقَةً وروماناً وفُرْسا!
ولليونانِ كانَ هُنا حُضورٌ
لدى الإسْكَنْدَرِ المَفْطورِ بأْسا!
أعادَ لبَيْتِيَ الفاروقُ مجْداً
وصانَ بعُهْدَتي بِيَعاً وكُنْسا!
وحرَّرَني صلاحُ الدّينِ فتْحاً
أزالَ بهِ الصَّليبيّينَ رِجْسا!
فأسْمائي يَبوسُ وإيلِياءٌ
وحاضِرةُ السلامِ نَدىً وحِسّا!
فأورُشَليمَ بالآرامِ مَعْنىً
(ديارُ المُسْلِمينَ) أُحيطَ لَبْسا!
فكمْ زافوا الحَقائِقَ في انْتِمائي
وكمْ قاوَمْتُ بالتَّهْويدِ طمْسا!
إذا ما عدتَّ للقرآنِ تلْقى
حقيقَةَ موْطِنِ الإسراءِ شمْسا!
فلوْلا أنَّني شُرِّفْتُ قدْراً
بإسْراءِ النَّبيِّ وطبْتُ نفْسا!
وكنْتُ القِبْلَةَ الأولى وبيْتي
هوَ الأقْصى لَما سُمّيتُ قُدْسا!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى