الجمعة ٩ آذار (مارس) ٢٠١٨
بقلم حوا بطواش

الهاربة

 1-

هذا الصباح، لا أدري لِم صحوتُ مبكرة على غير عادتي. فتحتُ عينيّ على عتمة الغرفة. سوادٌ شائع في كل النواحي. أحسستُ بضربات قلبي تتسارع في صدري شيئا فشيئا، لا، لم أكن خائفة، فالعتمة لم تعُد تخيفني منذ سنوات، منذ أن أقنعتُ نفسي بأن الجن والعفاريت التي لطالما خوّفتني بها أمي في طفولتي ليست إلا مجرد خرافة كانت تستخدمها لإحكام سيطرتها عليّ. وكم نجحت في ذلك! كل مجهول يخيفنا. لا تهمّني الحقيقة، ما الفائدة من تصديق وجود أشياء لا أراها؟ سنوات من الخوف عشتُ في بيتها، ولكنني تحرّرتُ... تحرّرت من الخوف... ثم... تمرّدت.

مددتُ يدا متثاقلة لأضيئ المصباح الذي على المنضدة. تنهّدت. حاولتُ التحرّر من ذلك الشيء الذي يقبض على نفسي، ذلك الشيء الذي لا أعرف كنهه. أهو القلق؟ نعم. ربما هو القلق. ولكن، لماذا؟ ألم أعوّد نفسي على التخلص منه هو الآخر؟!

لا. هذا الشيء لا يشبه القلق الذي عرفته من قبل. إنه شيء آخر. ربما هو التوجّس من الذي قد يحدث. وما الأسوأ الذي يمكن أن يحدث؟ أن تصدّني؟ إنها تصدّني منذ خمسة عشر عاما، فما الذي تغيّر الآن؟ ألم يكن ذلك اختياري؟ نعم، هو اختياري. هناك ثمن لكل شيء، وأنا كنتُ مستعدة لدفع هذا الثمن... وما زلتُ طبعا.

تنهّدتُ مرة أخرى. قمتُ من سريري بعجل، أنفض عني الأفكار. أعددتُ لنفسي الشاي مع القرفة والعسل ومعها خرجتُ إلى الشرفة.

ريح باردة هبّت على وجهي وارتعشت لها أوصالي. جلستُ على الكرسي الهزاز وأخذتُ أحرّكه. نور الصباح بدأ يتفتّق من بين الغيوم الرمادية التي غطّت السماء، يصبغها بالأحمر. المدينة ما زالت نائمة، الشوارع خالية ومصابيح الشوارع بدت شاحبة. الصمت مطبقٌ على الكون. بعد قليل سيتكسّر كل شيء ويتهشّم الصمت تحت عجلات السيارات والشاحنات والحافلات وضوضاء المارة والبائعين والجيران. إنه الصمت الذي يسبق عاصفة النهار.
أطلقتُ زفرة طويلة وأغمضتُ عينيّ. اليوم، بعد خمسة عشر عاما، سأعود إلى القرية.

 2-

طرقات على الباب.

«منى، أما زلتِ نائمة؟ هيا، استيقظي.»

الساعة لم تكن قد تجاوزت السادسة والنصف بعد، وهي لم تكن نائمة. كانت تنتظرها.

نظرت في وجهها حين فتحت الباب، دخلت إلى داخل الغرفة واقتربت منها.

«أسرعي، يا منى. لا نريد أن نتأخّر.» قالت أمها.

أدهشها قولها، وكأنها لم تتأخّر خمسة عشر عاما!

«لن أتأخّر.» ردّت منى ببساطة وإذعان، كعادتها، وهل تملك أن تفعل غير ذلك؟

أمها ليست من النوع الذي يمكنك فعل شيء أمام أوامرها وقوانينها سوى الخضوع. إنها ليست إمرأة ككل النساء، أليست هي زوجة الدكتور مالك، والدها صاحب المال والجاه؟ لم تجرؤ منى يوما على رفض طلب لها. كانت هذه هي أسهل الطرق للتعامل معها. سماح كانت مثلها تماما.

كانت تكبرها بسبع سنوات. ورغم صغر سنها آنذاك، فهي تتذكّرها تماما وتتذكّر كل تحركاتها:

نظرتها، ضحكتها، مشيتها، نبرة صوتها... إنها لم تكن فتاة يمكن أن تُنسى. وكانت، مثلها تماما، تسير دائما على الصراط الذي رسمه لهما والداهما باستقامة مدهشة... إلى أن تعرّفت على عزّام.

هذا الأمر ما زال يدهشها إلى حد الصدمة ولا قدرة لفهمها أن يستوعب كيف استطاعت أن ترمي كل شيء من ورائها، سنوات من عمرها، هكذا، ببساطة، تخلّت عن كل شيء وذهبت مع عزّام هاربة. خمسة عشر عاما لم ترَ خلالها أختها الكبرى.

لم يكن والدها مستعدا أبدا لمسامحتها على فعلتها الشنيعة. كيف يفعل؟؟ وقد أصابته ابنته المفضّلة بالذل كما لم يفعل أحد من قبل؟! مأساته كانت فوق الاحتمال. وبعد أشهر قليلة، داهمه المرض ومات قهرا. أما والدتها السيدة الراقية، الرزينة، القوية، فلم تستسلم لعواطفها.

صمّمت على البقاء قوية، صامدة، لا تهزّها المحن، رافضة تماما مسامحتها، وحمّلتها ذنب وفاة أبيها. سنوات من القطيعة لم تمزّقها... إلى أن أصيبت بالمرض هي الأخرى.

مكثت في المستشفى طوال الصيف تتلقى العلاج ثم عادت إلى بيتها لتبقى راقدة في سريرها ثلاثة أشهر طويلة، عصيبة، وعندما قامت من رقودها الطويل وقد تحسّنت حالتها أخيرا، سألت ابنتها ذات مساء، إذ كانتا جالستين في غرفة الجلوس تشاهدان المسلسل التركي: «ألا تكلّمين أختك؟»

أذهلها سؤالها. «أختي؟» تمتمت بعد لحظة من التحديق.

«نعم، أختك.» قالت أمها، كأن الحديث عنها كان أمرا عاديا، وكأنها لم تمنع يوما كل حديث عن أختها. «أختك سماح. هل نسيتِ؟»

نظرت إليها أمها والغضب يلوح من عينيها، وأضافت: «أنا أعرف أنك تكلّمينها من زمان، وهل تظنين أنني غبية؟»

«لا، طبعا.» قالت.

«إذن؟»

تملّكها شعور بالخوف واحتارت في أمرها. لم تعرف كيف ينبغي لها أن ترد. هل تعترف لها بالحقيقة وهي أصلا تقول إنها تعرفها؟؟ أم تصمّم على الكذب والإنكار؟؟ نعم، إنها ليست غبية، ربما تعرفها، وربما لا تعرفها، بل تنوي أن توقع بها في فخ الاعتراف؟ لم تكن متأكّدة.
بقيت على صمتها.

«تكلّمي!»

«أمي... أنا... لا أعرف ماذا تريدين مني.»

«قولي لي إنك تكلمينها.»

«لستُ أفهم لماذا تريدين أن أقول لك ذلك.»

تنهّدت أمها من أعماقها. دقائق طويلة مرّت دون أن ترد.

 3-

مات عزام.

بعد ثلاثة أيام في العناية المركّزة التي مكث فيها، بعد حادث الطرق الذي تعرّض له في أمستردام... مات.

«حياته في خطر في أية لحظة.» هذا كل ما قاله الأطباء لي خلال الأيام الثلاثة التي مكثتُ فيها بجانبه في المستشفى وهو فاقد الوعي، لا يحسّ بشيء من حوله، أبكي، أصلّي وأدعو من أجله... ومن أجلي.

ضاع عزام من بين يدي... فضاع كل شيء من بعده. لقد سلّمتُه نفسي حين تزوجته وسلّمته كل حياتي، مستغنية عن كل شيء دونه، راضية به فحسب، بحبه. وفجأة، وعلى حين غرة، ودون أن أدرك كيف ولماذا... هبطت عليّ الكارثة من حيث لا أدري، كصاعقة في يوم مشمس رائق جميل.

مات عزام وماتت نفسي من بعده. ماتت أحلامي وطموحاتي ورغباتي... وبتُّ تائهة في هذه الحياة، لا أدري ماذا أفعل، ماذا أريد وكيف أكمل حياتي بعد الذي حدث.

فجأة، أصبحتُ أرملة... أرملة في الثالثة والعشرين من عمرها... وحيدة... كنتُ وحيدة في أمستردام. لم أكن أعرف أحدا فيها. كنا قد انتقلنا إلى تلك المدينة، أنا وعزام، قبل الحادث بأسبوع واحد فقط. تركنا لندن وانتقلنا إلى أمستردام بسبب ظروف عمله، حيث كنا سنمكث فيها سنة واحدة ثم نعود إلى لندن. ولكن، بعد الحادث، لم أعُد إلى لندن... لم تكن لدي القدرة على فعل ذلك... ولا على العودة إلى القرية.

تركتُ القرية وأنا في الثامنة عشرة من العمر وسافرتُ إلى لندن لدراسة الطب. كنت طالبة متفوّقة جدا في المدرسة وحصلتُ على علامة عالية تؤهّلني للقبول في أفضل الجامعات، فقرّر والدي أن يبعثني إلى لندن، إلى بيت عمتي سهام التي تسكن هناك مع زوجها وأولادها الأربعة، كي أدرس الطب. كان والدي حريصا دوما على دراستي، وكان يشدّد على أهمية الدراسة، وبذل كل ما بوسعه منذ طفولتي كي يوفّر لي كل احتياجاتي في سبيل نجاحي في الدراسة. كان يقول لي دائما: «ستكونين أنت أول طبيبة من قريتنا.» وكانت عيناه تلمعان وهو يقولها لي. كان واثقا مني.

بعد إتمام المدرسة لم يدعني أنتظر طويلا. «يجب ألا تضيّعي دقيقة واحدة،» قال، «عليك إتقان اللغة بأسرع وقت.» وبعثني إلى بيت عمتي الذي سكنتُ فيه خلال فترة دراستي في لندن.

لم ألتقِ بعزام إلا بعد مرور سنتين على إقامتي في لندن. تلقّيت دروسا مكثفة في اللغة الإنكليزية خلال سنتي الأولى، ثم بدأتُ دراسة الطب في الجامعة بعد عام، لم أزُر خلاله القرية إلا مرة واحدة فقط، في عيد الميلاد، ولكن وجودي بين أفراد عائلة عمتي وزوجها وأولادهما كان يخفّف عني الغربة كثيرا، حتى أنني لم أكُن أحسّ بالوحدة.

لم أكن أخرج كثيرا من البيت. كنتُ أعيش حياتي على وتيرة واحدة، هادئة، بين البيت والجامعة، أنام وأستيقظ على كتبي ودفاتري وبين أوراقي وأقلامي كما كنت طوال حياتي، وأغزل الأحلام في نفسي، أحلاما كبيرة وطموحات بلا حدود. كنت أتخيّل في نفسي ذلك اليوم الذي أعود فيه إلى القرية، ومعي شهادتي، فيفخر بي والدي أمام أقربائنا، جيراننا وأهالي القرية جميعا، وتتحقق أحلامي وطموحاتي التي بذلتُ جهودي من أجلها طوال حياتي.
ثم التقيتُ بعزام.

كان ذلك خلال عطلة الصيف بعد سنتي الأولى من دراستي. كان شابا جميلا من بيروت، من أم فرنسية وأب لبناني، طويلا، نحيفا، رشيقا، عيناه عسليتان تأتلقان بفرح دائم، وشعره بنيٌّ فاتح، مائل إلى الشقار. كان بنظري شابا مكتمل الأوصاف. كنتُ مشدودة إليه من أول نظرة.
لم تكن لديّ تجارب في الحب من قبل. لم أكن أقابل الشباب. كنت حريصة على إبقاء مسافة بيني وبينهم. لم أكن أهتمّ بهم ولا أفكّر فيهم. ولكن عزام كان يختلف عن كل الشباب الذين عرفتهم قبله، ليس بمظهره الجميل فحسب، بل بحضوره الطاغي، وطبعه اللطيف، ومرحه وخفة ظلّه المحبّبة. عزام جعلني أحرق كتبي ودفاتري وأُطلق العنان لأنوثتي الكامنة في قاع أعماقي، تحت رماد كتبي ودفاتري، وأطلقَ من داخلي أحاسيس ورغبات لم أكن أعلم بوجودها على الإطلاق. عزام اجتاح نفسي وكل كياني دون جهد أو عناء ودون احتمال عودة.

أسلمتُ نفسي للحب. لم أفكّر لا في دينه ولا في ملّته، ولا حتى فكّرتُ في أحد. ظننتُ أن الحب أكبر من أن أفكّر بأي شيء دونه. عندما علم أبي بالأمر، استولى عليه الغضب وأمر بأن أترك كل شيء وأعود حالا إلى القرية.

لا أدري من أين جئتُ بكل تلك الجرأة للتمرّد، ولأول مرة في حياتي، رفضتُ طلبه وعصيت أمره... وكنتُ مؤمنة تماما أن الحب يستحقّ مني ذلك.

والدي الذي كان مصرّا على دراستي الطب ويفتخر بي بسبب ذكائي وتفوّقي، وحلمه الكبير كان أن أصبح طبيبة مثله، أول طبيبة من قريتنا الصغيرة الوادعة، مثلما كان هو أول طبيب، تبرّأ مني تماما إلى آخر يوم في عمره، وكأنني لم أكن يوما ابنته المدللة، المحبّبة. هكذا، ببساطة.

أطلّ وجه الصباح أخيرا. عدتُ إلى المطبخ وغسلتُ كوب الشاي الذي لم أشرب أكثر من نصفه، ثم أسرعتُ لتبديل ثيابي وتحضير حقيبتي. ترى، كيف تبدو ملامحها الآن؟ هل ما زال وجهها نضرا ولامعا كما كان دائما؟ وصوتها، أما زال قويا وصافيا؟ وماذا عن منى؟ لا شك أنها كبرت كثيرا. هل هي تشبه صورها؟

ترى، كيف سيكون استقبالهما لي؟ ماذا ستقولان؟وماذا سأقول؟

 4-

عندما جلستْ منى مع أمها قرب الطاولة المستديرة التي في الطرف البعيد من المقهى، أمام زجاج النافذة المطلة على الشارع العام، خالجها الخوف الذي لا تفسير له، جلست، تكاد لا تصدّق ما يحدث، أو ما سيحدث. سنوات طويلة تمنّت، حلمت وتخيّلت اللقاء المجدّد مع سماح. اشتياقها لها قد اشتد وتضاعف خلال العامين الماضيين، منذ تجدّد التواصل بينهما. بقي ربع ساعة حتى تدق الساعة العاشرة.

«وصلنا باكرا.» قالت لأمها التي ظلّت تتحرّك في مكانها متأمّلة الشارع عبر النافذة.
«لا بأس.» قالت أمها وقلبت عينيها اللتين بدتا كأنهما تخفيان سرا يتوق أن ينفلت. خطر لها لأول مرة أن هذا الكتمان لم يعُد بالإمكان.

«ماذا تشربين؟» سألت.

«لا شيء.» أجابت دون أن تحوّل عينيها من الشارع. جلست ووجهها يكتسي بالشحوب، ملامحها غامضة الحزن، تتحرّك في مكانها دون توقّف.

لوهلة، بدت كأنها سرحت بعيدا، ولكن ذلك لم يطُل كثيرا، وسرعان ما عادت تتأمل الشارع مرة أخرى.

«أنا سأشرب النيسكافيه.» قالت منى، نادت للنادل بإشارة من يدها وطلبت ذلك.
توقّفت حافلة على محطة الحافلات التي في الطرف الآخر وهبط منها أناس كثر. تأمّلتهم واحدا واحدا دقائق طويلة حتى تفرقوا جميعا، كل إلى طريقه.

وصل النادل مع كوب النيسكافيه، وضعه على الطاولة، فشكرته وذهب.

ألقت على أمها نظرة طويلة، محدّقة. «أنتِ... اشتقت إليها كثيرا، أليس كذلك؟»

رفعت إليها أمها نظرة ساخطة،أشاحت بوجهها وبقيت على صمتها.

«لماذا تنكرين ذلك؟أعرف أنك اشتقت إليها. عيناك تقولان لي كل شيء.»

لم تعلّق بشيء، فأكملت منى: «أمي، سماح تبقى ابنتك، مهما حصل، من لحمك ودمك، وهي لم تفعل شيئا... سوى أنها أحبّت... أحبّت كثيرا. إنها مشتاقة إليك جدا. صدّقيني.»
تلألأت دمعة متجمّدة في عينيها وارتجفت شفتاها، قامت من مكانها ببطء، دون قول شيء، وذهبت نحو المراحيض.

عندما عادت... لم تجد منى في مكانها. سمعت ضجة وجلبة خارج المقهى. وفجأة... ارتجّ قلبها.

اقتربت من زجاج النافذة المطلة على الشارع. كانت السيارات كلها واقفة، والناس يلتفّون حول شيء ما في وسط الشارع، أمام مدخل المقهى، يتمتمون بكلمات غير واضحة. هجس في صدرها أن شيئا مريعا قد حدث.

استدارت بحدة وأخذت تركض مسرعة نحو الشارع، تدفع الناس من أمامها، حتى لمحت منى، هناك، على الشارع، وهي جاثمة فوق فتاة غارقة في الدماء، تمسكها من كتفيها وتصرخ: «سماح! سماح!»

صرخاتها دوّت في كل الجوانب، والناس من حولها واقفون، ذاهلون، يتأملون، يتهامسون: «سيارة صدمتها وهي تقطع الشارع».

«كانت تتحدث على الهاتف.»

«لم تكن ترى شيئا أمامها».

بقيت منى تهزّها وتهتف بها: «سماح! قومي! هيا قومي يا سماح!»

ولكن الفتاة فقط فتحت عينيها بمشقة، وحين التقت بعينيّ أمها الواقفة أمامها عاليا، مذعورة العينين، تحرّكت شفتاها قليلا، كأنها أرادت أن تقول شيئا... شيء ما يلحّ أن يقال... ولكن... لم تفعل... لم تقل شيئا أبدا...ثم... أغمضت عينيها شيئا فشيئا... ولم تفتحهما أكثر.

وقفت في مكانها والرّعشة تهزّ قلبها وركبتيها. نظرت إليها طويلا، انتظرت أن تقول شيئا ما، أو تفعل شيئا ما. انتظرت كثيرا، ثم سألت: «ألن تقوم أكثر؟»
ولم يجبها أحد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى