الثلاثاء ٢٤ تموز (يوليو) ٢٠١٨
بقلم عمرو صابح

قراءة فى كتاب «أوراق يوسف صديق»

المرحوم "يوسف صديق" بطل من أبطال ثورة 23 يوليو، لعب دوراً هاماً فى يوم الثورة تحديداً، ولكن المرحوم "يوسف صديق" ليس هو ثورة 23 يوليو، ولا دوره هو الدور الحاسم فى انتصار الثورة، والاعتراف بدوره لا يعنى الانتقاص من أدوار رفاقه.

يصر المحبون ليوسف صديق على اعتماد كتاب "أوراق يوسف صديق" الصادر فى عام 1999، كمذكرات رسمية معتمدة للمرحوم "يوسف صديق"، ويرفضون الشهادات والأحاديث الصحفية التى أدلى بها "يوسف صديق" خلال حياته،والتى تحدث فيها عن دوره فى ثورة 23 يوليو 1952، وتصيبهم العصبية البالغة عند نشر شهادات يوسف صديق الموجودة خارج كتاب أوراقه..
لا بأس.. فلنقرأ معاً كتاب أوراق يوسف صديق".

صدر كتاب "أوراق يوسف صديق" فى عام 1999عن سلسلة تاريخ المصريين، العدد 136، و قام د. عبد العظيم رمضان بإعداده وتحريره.

يتكون الكتاب من 8 فصول، وكتب المقدمة له عبد العظيم رمضان، وعدد صفحاته يتجاوز الثلاثمائة صفحة.

ما كتبه المرحوم يوسف صديق فعلاً فى الكتاب، هو الفصل الثانى وعنوانه "ليله عمرى" والمنشورعلى الصفحات من صفحة 47 حتى صفحة 121، والفصل الثامن الذى يضم مختارات من أشعاره، والمنشور على الصفحات من صفحة 263 حتى صفحة 289.

باقى فصول الكتاب هى مجموعة من الشهادات والأراء والمقالات والحوارات الصحفية حول يوسف صديق ودوره التاريخى ومواقفه السياسية.

لذا فما يعنينا فى الكتاب هو الفصل الثانى منه، الذى يروى فيه يوسف صديق دوره فى ثورة 23 يوليو 1952.

والأن لنقرأ معاً أهم ما جاء فى شهادة البطل الراحل "يوسف صديق".

 فى صفحة 86 كتب المرحوم يوسف صديق:

ان الضابط وحيد رمضان هو من قام بضمه لتنظيم الضباط الأحرار فى أكتوبر 1951

 فى صفحة 87 كتب صديق:

انه سأل وحيد رمضان عن قيادة الضباط الأحرار، فأخبره ان يقابل البكباشى جمال عبد الناصر المدرس بكلية أركان الحرب، ويضيف صديق انه عند مقابلة عبد الناصر أخذ يسأله عن باقى قيادات التنظيم، ولكن عبد الناصر أخذ يسوف فى الرد، ولما قال له صديق انه أقدم منهم فى الرتبة ويحق له معرفتهم، أبلغه عبد الناصر ان أقدم ضابط هو اللواء محمد نجيب، يقول صديق انه أحس بالراحة عند علمه بوجود نجيب لسمعته الطيبة بين الضباط، ولأنه جاره فى السكن أيضاً.

 فى صفحة 88 كتب يوسف صديق:

انه قابل اللواء محمد نجيب وأبلغه بانضمامه للضباط الأحرار، ويضيف انه لاحظ عند سؤاله لمحمد نجيب عن أى شئ يخص تنظيم الضباط الأحرار صغيراً كان هذا الشئ أو كبيراً، ان محمد نجيب يحيله إلى جمال عبد الناصر.

 فى صفحة 96 يقول المرحوم يوسف صديق

ان جمال عبد الناصر يضع كل خيوط التنظيم فى يده وانه الدينمو -مكتوبة هكذا بالكتاب-الذى يحرك التنظيم.

 فى صفحة 97 يقول صديق:

انه لم يجد غضاضة فى كون جمال عبد الناصر هو القائد مادام هناك اتفاق على الخط الوطنى للتنظيم.

 فى صفحة 100 كتب صديق:

ان الضابط زغلول عبد الرحمن رسول القيادة "عبد الناصر" حضر له فى معسكر الهايكستب ومعه بطيخه كبيرة، وأبلغه ان التحرك الليلة وساعة الصفر هى منتصف الليل، وكلمة السر للعملية هى "نصر".

 فى صفحة 105 كتب صديق:

انه لم يكن يشترك فى وضع الخطة العامة للثورة، والتى وضعتها لجنة على رأسها زكريا محيى الدين، وان السرية قضت بألا يعلم أحد إلا بدوره فقط فى الخطة، ولكن اعطاءه كلمة السر معناه ان قواته سيتاح لها اجتياز كل القوات الموالية للأحرار والتى ستحاصر القوات المعادية لهم.

 فى صفحة 107 كتب صديق:

انه بعد وصول قواته لمصر الجديدة، وهندما لم يجد قوات أخرى، لم يعرف ماذا يفعل، وأخذ يفكر فى كيفية الوصول لجمال عبد الناصر لكى يعرف منه ما هى الخطوة التالية.

فى صفحة 109 كتب صديق:

ان رجاله ألقوا القبض على جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر،وهما يرتديان ملابس مدنية "قمصان بيضاء وبنطلونات"، ويصف رؤيته لجمال عبد الناصر بأنه رأى الله، الذى تجلت قدرته فى أن صديق كان يبحث عن جمال عبد الناصر ويفكر فى السبيل للوصول إليه حتى كاد ييأس، ثم يجده فجأة أسير لرجاله، ويضيف صديق ان جمال عبد الناصر بدد له الظلام وألقى بالضوء على ما يتمناه.

 فى صفحة 110 كتب يوسف صديق:

ان جمال عبد الناصر أخبره ان الحركة قد اكتشفها الملك، وان هناك اجتماع لكبار قيادات الجيش فى مقر القيادة الأن لضربها، وانه لا بد من احتلال القيادة.

وكتب يوسف صديق نصاً فى نفس الصفحة:

وكان قد حضر مع صديقه فى عربته الخاصة (عربة جمال) وأسرعت إلى عربتى فى مقدمة القوة،وذهبا هما ليستقلا عربتهما وسبقانى إلى أرض المعركة.

هذا هو أهم ما ورد فى شهادة المرحوم يوسف صديق فى أوراقه، وتلك الشهادة لصديق ذاته تؤكد ان جمال عبد الناصر هو قائد ومؤسس تنظيم الضباط الأحرار، ان يوسف صديق له دور محدد فى الخطة، ولا علم له بالخطة الكاملة للثورة، ان يوسف صديق لم يتحرك ساعة مبكراً عن موعده، بل تحرك وفقاً لتعليمات جمال عبد الناصر، ان دور يوسف صديق فى خطة الثورة لم يكن اقتحام واحتلال قيادة الجيش، وانه لم يكن يعلم شيئاً عما يجرى لولا مقابلته لجمال عبد الناصر الذى أبلغه بعلم الملك بتحرك الجيش، ان جمال عبد الناصر أبلغه بقيادة قواته لاحتلال القيادة، ان جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر بنص كلمات يوسف صديق فى كتابه، استقلا سيارة عبد الناصر وسبقا يوسف صديق إلى أرض المعركة.

تبقى قضية ارتداء جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر للملابس المدنية خلال لقاء يوسف صديق بهما.

خلال عامى 1970 و 1971 سجل الكاتب الصحفى حمدى لطفى عميد المحررين العسكريين المصريين، شهادة المرحوم يوسف صديق عن دوره فى ثورة 23 يوليو، ولم يسمح له المرحوم يوسف صديق بنشر تلك الشهادة، إلا فى يوليو 1972، خلال الاحتفال بالعيد العشرين لقيام ثورة 23 يوليو، بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بعامين، ثم أعاد الأستاذ حمدى لطفى نشر تلك الشهادة ليوسف صديق فى كتابه "ثوار يوليو.. الوجه الأخر" الصادر عن دار الهلال فى يوليو 1977، خلال الاحتفال باليوبيل الفضى لثورة 23 يوليو 1952.

فى الشهادة الأولى المنشورة فى عام 1972، قال المرحوم يوسف صديق ان جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر،كانا يرتديان الملابس العسكرية، وهذا هو سبب إلقاء قواته للقبض عليهما يوم الثورة، لأن تعليمات جمال عبد الناصر كانت القبض على أى ضابط برتبة بكباشي أو أعلى منها.

ولكن فى الشهادة الثانية للمرحوم يوسف صديق المنشورة فى عام 1999، بعد 24 سنة من وفاته، يقول ان ناصر وعامر كانا بالملابس المدنية.

فأى شهادة نصدق؟!!

سنعود لكتاب "أوراق يوسف صديق" نفسه لمعرفة الحقيقة.

فى الفصل الثالث من كتاب "أوراق يوسف صديق" يوجد مقال للواء جمال حماد، أحد الضباط الأحرار، والمعروف بمواقفه المضادة للرئيس جمال عبد الناصر.

مقال اللواء جمال حماد بعنوان "لماذا التشويه فى أحداث الثورة"، وهو منشور على الصفحات من صفحة 129 حتى صفحة 136، فى المقال فند اللواء جمال حماد أكذوبة ارتداء ناصر وعامر للملابس المدنية فى يوم الثورة، وليس ذلك فقط بل أورد شهادة الملازم ثان "محمد متولى غنيم"، الذى ألقى القبض على جمال عبد الناصر، والذى قال لحماد انه فعل ذلك لأن عبد الناصر كان برتبة بكباشى "مقدم"، والتعليمات التى أصدرها له يوسف صديق كانت إلقاء القبض على أى ضابط برتبة بكباشى أو أعلى، ويضيف الملازم ثان محمد متولى غنيم انه صرف عبد الحكيم عامر الذى كان برتبة صاغ "رائد"، لأن التعليمات لديه كانت لا تخص رتبته، ويقول غنيم لو كان جمال عبد الناصر يرتدى ملابس مدنية لما أثار اهتمامى لكى أقبض عليه.

ولم يكتف اللواء جمال حماد بذلك، بل أورد شهادات ضباط طابور كتيبة مدافع الماكينة الأولى، التى كان يقودها البطل يوسف صديق، وقد أجمعوا ان جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر كان يرتديان زيهما العسكرى.

يقول اللواء جمال حماد فى مقاله، انه شاهد بعينيه جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر بملابسهما العسكرية عند بوابة مبنى رئاسة الجيش بكوبرى القبة، بعد انتهاء عملية اقتحام القيادة والقبض على الفريق حسين فريد رئيس الأركان، وشاهدهما معه كل الضباط الموجودين وقتها عند مبنى رئاسة الجيش، وانه يستحيل عليهما أن يلتقيا يوسف صديق بالملابس المدنية، ثم يذهبان لتغييرها بملابسهما العسكرية خلال مدة لم تتجاوز نصف الساعة!!

الملفت فى كل تلك الشهادات انها صدرت بعد وفاة كلاً من الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر.

كما أن تلك الشهادات منشورة فى نفس الكتاب الذى يحمل اسم "أوراق يوسف صديق".

المرحوم يوسف صديق لعب دوراً هاما فى نجاح الثورة، ولكنه ليس سبب نجاحها، بل هو فرد من ضمن 90 ضابط حر تحركوا فى يوم 23 يوليو 1952، والانتقاص من دوره غير مقبول، والتهويل فى دوره، والايحاء بأنه الثورة، ولا ثورة إلا بدوره، تزييف للوقائع ولمجريات التاريخ.

الصور المرفقة بالمقال للصفحات التى تم تقديم قراءة لها من كتاب "أوراق يوسف صديق".

رابط عن شهادة المرحوم "يوسف صديق" المنشورة للمرة الأولى فى يوليو 1972، ثم للمرة الثانية فى كتاب "ثوار يوليو.. الوجه الأخر" الصادر فى عام 1977 وخلال الاحتفال بذكرى مرور ربع قرن على قيام ثورة 23 يوليو
https://www.facebook.com/pg/amrosabehnasr/photos/?tab=album&album_id=1529676410419239


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى