الأحد ١٢ آب (أغسطس) ٢٠١٨
بقلم سلوى أبو مدين

مساحةٌ للبكاءِ

مرفأ بعيدٌ مترامِي الأطرافِ
ترتاحُ عليهِ السفنُ العابرةُ
رجالاتُ البحرِ.. تتبدلُ سحنتهُم طيلةَ فصولِ العامِ
ففي الصيفِ تلفحُ وجوهَهم الشمسُ الحارقةُ
أمّا أقدامُهم فقدْ نُخرتْ من الماءِ المالحِ
وأحدثتْ فيهَا تعاريجَ واضحةً

بقامةٍ ضئيلةٍ .. وقفتْ تتحدّى رملَ المكانِ
وتحملُ في عينيهَا بؤسُ الغربةِ
وهاجسُ البحثِ يغمرهَا
بينَ تلكَ الوجوهِ المتعبةِ
ولا تحملُ سوى بقايَا ضبابٍ متلاشٍ
وأسرارِ فصولٍ فاضَ منها رائحةُ الملحِ
سرّهم الحقيقيّ لا يخبّأ في صدورِهم
سربُ النورسِ
تحلّق، ثم تهبطُ فوقَ الرمالِ الخاويةِ

قواقعُ البحرِ .. غدتْ جافةً
الدروبُ المتهالكةُ تقتربُ
وعباءةُ الليلِ تُسدلُ
وعلَى الشاطئ الملتهبِ
تمددت آهاتُها، وجدفتْ ذكرياتها
لوعةٍ واشتياقٍ
إنّه الهذيانُ.. أم وجعُ الفراقِ؟
جلباب الفَقد يرتديني

حالةٌ من الانعتاقِ تنتابهَا
وسلةُ التوتِ القاتمِ مستسلمةِ بين يديهَا.
انبعثت منها رائحة غريبة.. امتزجتْ بوجعهَا
المُثخن.
عقاربُ الوقتِ تتصارعُ.. صوتٌ جافٌ.
يعود ..

ستائر الليل .. الخوف يُربتُ على كَتفها
من خلفِ تلكَ اللوحةِ
عين الفجرُ الشاحبُ
الريحُ تعدو بخطواتها
تحمل أشواقَ وأمنياتِ البحارة
فوقَ ذاكَ الوهجِ المتأججِ

غزلتْ من الانتظارِ موعدًا
وبعينينِ شاردتينِ..
تَداعتْ ذكرياتها
وانهمرتْ كرذاذٍ دافئٍ
فوق نفسها القاحلة
وأحالته إلى مصباحٍ مضيء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى