الأربعاء ٢٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨
بقلم نايف عبوش

اتخاذ القرار..بين المهارة المعرفية والنزعة الفطرية

لعل من نافلة القول الإشارة إلى أننا في الوقت الذي نجد في الحياة العملية أفراداً حاسمين، ولايترددون في عملية اتخاذ القرار، فإننا نجد في الوقت نفسه، أن هناك أفرادا مترددين، وضعفاء في القدرة على اتخاذ القرار. ولعل ذلك الأمر مرتبط بكارزما الفرد الشخصية، وموهبته الفطرية ابتداء.

ولذلك نجد البعض يواجه صعوبة، ويتردد في اتخاذ القرارات ، ويستهلك وقتا طويلا جداً قبل اتخاذ أي قرار، بحيث يأتي القرار متأخراً، وقد تفوت الفرصة أحياناً، عندما يأتي إتخاذ القرار في غير أوانه، وفي أحيان أخرى قد يلجأ إلى العدول عن القرار المتخذ، وتبديله عدة مرات قبل الوصول إلى اتخاذ القرار النهائي،وذلك بسبب ضعف الثقة بالنفس، والخوف من تبعات القرار، والتهيب من تحمل ما قد ينتج عنه من تداعيات ، في ضوء المبالغة في التحسب، نتيجة الذهاب بعيداً في التحوط عند تحليل البدائل المتاحة، وما ينجم عن ذلك من دخول في دوامة من القلق، والارتياب الذي لا داعي له.

وقد نجد نمطا آخر حازما، لا يتهيب، وقد يقدم على إتخاذ القرار باندفاع شديد، وحماس قوي ، دون التفات لنتائج القرار.

ومع أن عملية اتخاذ القرار تعتمد على موهبة الفرد، وقدراته الذاتية، إلا ان بيئة التنشئة، وتدريب الفرد على مهارة صنع واتخاذ القرار، في وقت مبكر من طفولته، تصقل إمكاناته الذاتية، وتطور من آليات الحسم المعرفية عنده في اتخاذ القرارات الصائبة، وتختزل هاجس التردد، وتقلل من دوافع التهيب.

ولذلك فإن اعتماد معايير قياسية محددة، وتطبيق خطوات مهنية، يمكن أن يتبعها الشخص المعني بالوصول إلى قرار، باتت آليات عمل معتمدة في كل المجالات، الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والعسكرية،في الوقت الحاضر، وذلك من خلال اعتماد آليات طرح الخيارات المتاحة للحل، بعد تقييم، وحساب العوائد، والتكاليف، والوفورات الإيجابية، والسلبيّة لكل خيار، ومن ثم اختيار أفضل خيار ممكن، من البدائل المتاحة، من قبل صانع القرار ، في ضوء النتائج المتوقعة، من حيث التكلفة، والعائد، والوفورات السلبية، والإيجابية ، الأمر الذي يقلل من هامش المخاطرة، وعدم التأكد، إلى حد كبير، ويلغي من الحساب، احتمالات الخسارة.

ولا ريب أن اعتماد مثل هذه الآلية، يزيح شبح الخوف من المسؤولية عن النتائج السلبية، عن كاهل من يتخذ القرار، ويشجعه على المضي باتخاذ القرار، من دون تردد، وبدرجة عالية من اليقين، وثقة كاملة بالنفس، وهو ما بات يتناغم مع قاعدة(إذا سمحت لي ان أضع الضوابط، فلا يهمني عندئذ، من يتخذ القرار)،المعتمدة اليوم على نطاق واسع في مجال آليات صنع القرار.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى