الثلاثاء ٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨

منفوحة 1404

تبرز بوضوح ملامح البيئة الخليجية كمكان في رواية «منفوحة 1404»، كثيمة حاضرة في الحكاية، نابضة بالحياة يرسم من خلالها الكاتب مجاهد بن ظافر الشهري ملامح المشهد السردي، وأبعاده ووظيفته الإيديولوجية، التي تنم على تمسّك الكاتب، والشخصيات بالهوية الذاتية، والوطنية، وخاصة لمرحلة سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، مرحلة الزمن الجميل.

وعلى عكس المبدعين الذين يُظهرون البيئة المحلية صحراء قاحلة وبائسة ثقافياً ومهنياً وطاردة سياسياً واجتماعياً، فإن الرواية هنا جاءت ذات استجابة إيجابية تلتقط المشاهد وتصور الأحداث والوقائع والشخصيات في يومياتها وأصواتها المتعددة والمتفاعلة سواء كانت في علاقات تصادم، أم علاقات ألفة ويفعل ذلك الكاتب من خلال رصد يوميات سكان "البرحة" القلب النابض لـ "منفوحة" الحيّ الذي يفيض بالمتعة والحياة والدفء العائلي.. سوى بعض الشخصيات التي تعكر صفوه والتي تمارس دور السيطرة والتوجيه، وتجلّت هذه الشخصية في الشيخ خالد بخطبه الحماسية التي يخوّف بها المُصلّين من عذاب الله وسخطه، ويحثهم لنصرة إخوانهم المغلوب على أمرهم، من المجاهدين في جمهورية أفغانستان، وهو يحدثهم عن الكرامات المزعومة للمجاهدين الأفغان والعرب، أثناء النزاع المسلح الذي اندلع نهاية عام 1979، نتيجة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان. إلا أن "أبوصالح" العسكري الخمسيني المخضرم والذي يمثل بشخصيته المتوازنة وجهاً آخر لمفهوم الجهاد في الإسلام، سيفضح بحسه الأمني فيما بعد، هذا الأخير وجماعة متطرفة أخرى كادت أن تحدث في البلاد فتنة عظيمة!

إذا جاز لنا أن نوسع رصد مجتمع سكان "البرحة" ليشمل شخصيات أخرى تمثل منظومة أخرى من القيم، تبرز شخصية "أحمد" القادم من قريته النائية إلى العاصمة الرياض، وهو الذي لا يمتلك إلا أحلامه، والذي استخدم كل مهاراته وجهده، للحصول على وظيفة تلّبي طموحاته، ونجح في تحقيق ذلك واتبع هذا النجاح بالارتباط بفتاة أحلامه "نورة" نور حياته، والتي لن يعكر صفو علاقته بها سوى تأخرها بالإنجاب، الشيء الذي سيضع الزوجان في امتحان قاسٍ ما يلبثان أن يتغلبا عليه بالعلم والحكمة. وفي الحكاية أيضاً تحضر شخصية "أبوفهد"، ذلك التاجر الخمسيني الذي لم يستطع الإفلات من ذاكرة مثقلة بطفولة معذبة، عاشها في صغره مع أب قاسٍ طرده من المنزل على أثر دسيسةٍ دبّرتها زوجة أبيه، ما اضطره للانضمام إلى عصابة من المجرمين وصل عن طريق عمله معهم إلى أن يصبح فيما بعد ثريّ "منفوحة" الأوحد، يعيش بقصره مع زوجتان أنجبتا أبناءً ضالين مثيري مشاكل ومنفلتين أخلاقياً، هما "ناصر" و"فهد" واللذان ما يلبثان أن يلاقيا مصيراً يليق بشقائهم وعبثهم.. وتتعدد الشخصيات بتعدد الحكايات فتحضر قصة حب "تركي" و"حصة" العاشقان بعيداً عن رقابة المجتمع وتقاليده، وشخصية "أم علي" الموسوسة بالنظافة، وشخصية "سالم المجنون".. الذي كانت سيرته تثير الرعب في أرجاء منفوحة.. وغيرها من الشخصيات التي تعكس بلا شك صورة من صور الاجتماع الإنساني في وحدة نصية/سردية متناغمة شكلت «منفوحة 1404».

تأليف: مجاهد بن ظافر الشهري
الفئة: رواية عربية
المقاس: 14.5 × 21.5 سنتم
عدد الصفحات: 192
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
ردمك:978-614-01-2619-0


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى