الاثنين ١٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٨

رنين في فضاء قديم

خليل توما

تنام العصافير في نخلة الريحِ
وقلبي يحاول أن يستريح قليلا فلا يستريحْ،
ولا تستريح خطى الذكريات على الرملِ
والشوك والأغنيات القديمةْ،
وجوعٌ إلى كل شيءٍ
وليلٌ على كل شيءٍ
ونكبة شعبٍ
دم وانكسارْ،
وخيلٌ حوافرها في الجروح ِ
وأبطال شعب يهزون في عتمة السجن قبضاتهم،
ونكبر نحن الصغار،
سريعا كما تكبر النكبة العارمةْ
وفي غفلة من حطام الزمانِ
تسلل طيفٌ
ليوقظ روحي ويسكن فيها معي
تسرب مثل ملاك صغير من الغيم في صبح يومٍ
تفلَّتَ من لعنات الصقيعِ
فإذ بالمسامات في موجة الدفء تصحو
وتنضج في رعشة الاكتشافْ
وطفلا أكون على باب بيتي
أصالح يومي إذا مرّ في لحظة من بعيد،
وأشعر أنّي كبرت كثيرا،
وفي الدرب في صبح يومٍ
يطل كما الشمس وجه أذاب الصقيع َ
فذابت قيود عن الأجنحةْ،
فحلقت وحدي
أنادي ولا يخرج الصوتْ
أغرد وحدي فلا يسمع الشدو غيري
فَرُحت أمزق عني الهواء إلى أن وجدتْ
باني أحاور في الصمت صمتي
فيؤلمني الجرح، يؤلمني الجوع إلى كل شيءٍ
وليلٌ على كل شيءٍ
ونكبة شعبٍ
وفي النار تُغلَق زنزانتي
هنا الخوفُ، والقمعُ، والجوعُ، والبردُ، والحدُ، والموتْ
هنا الوجع المشرئبُ، هنا الآه، والدمعُ، والنزفُ، حتى الهواءَ يئنُ
ولا صوت يعلو على الصمتْ
فهل من مكان لقلبٍ يحاول ان يستميل الحياة قليلا إلى نبضهِ؟
وهل للربيع مكان على حطب الغابة الهامدةْ؟
وهل ينهض الطفل من مهدهِ
ليحضن نجمته الشاردة؟
أغرد وحدي
أحدق وحدي
ولكن قيثارة من محيط غريبٍ
إذا ما التقت في الطريق العيونْ
تهادت على اليم ألحانها
فتشعل نارا وتوشك أن ترقص الكائنات،
ولكن فرقعة السوط تخلي المكانَ، تمزق عنه نسيجَ الحياةْ
فيا أول الغيث أدميت قلبي!
أغرد وحدي
أجوع إلى الدفء وحدي
ولو كانت الأرضُ
في رحلة الأرضِ بين الجحيم وبين السماءِ
تلاطف بالحب ركابها
لكنا على متنها عاشقيْن
وكنا سنفتح أبوابها
لينضم كون إلى فُلْكنا
يضمد جرحا، ويمسح دمعا، ويطلق أسرا
ويحنو على العاشقين الصغار.

خليل توما

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى