الأحد ١٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٨
فى قطار باريس3
بقلم محمد متبولي

حديث السمراء

يبدو أنه حدث جلل هو ذاك الذى تتحدثان عنه، فلربما هز باريس، وربما هز فرنسا أو حتى أوروبا كلها، جلستا أمامى فى القطار فتاتين، إحداهما من أصول إفريقية والأخرى يبدو عليها أنها أوروبية خالصة، من الواضح أنهن صديقيتن عمل أو دراسة، كنت أقلب فى هاتفى الجوال، لكن لفت إنتباهى تلك الحماسة البالغة التى كانت تتحدث بها الفتاة السمراء، والإنصات المبالغ فيه وعلامات الدهشة التى تبدو على الفتاة الأخرى، فقد أستخدمت الفتاة السمراء كافة عضلات وجهها تقريبا وهى تتحدث، وكذلك كل ما أعرف من لغة الجسد، بينما كانت تقاطعها صديقتها بين الحين والآخر فى دهشة وذهول بالغين وكأنها تريد أن تتأكد من الخبر.

لذا فقد حاولت الدخول على مواقع وكالات الأنباء المختلفة لعلنى أعرف ما هو هذا الأمر الخطير، الذى تعرفه هاتين الفتاتين ولا يعرفه باقى ركاب القطار، لكننى لم أجد شيئا غير المعتاد، فقررت أن أستجمع كل ما لدى من فرنسية ضعيفة لكى أعرف من خلال بضع الكلمات التى إلتقطها ما الأمر، لأكتشف إنهن كانتا تتحدثان عن زميل لهما، ببساطة كانتا تنمان.

فالنساء هن النساء فى كل مكان فى العالم، سواء أنتمين للعالم المتقدم أو العالم المتخلف،النميمة جزء أصيل من تركيبتهن، لتلك الدرجة التى قد تخال معها أن المستشارة الألمانية أو رئيسة وزراء بريطانيا ربما تستقطعان ساعة كل يوم لتنمان مع صديقاتهما، إن لم تكونا تنمان مع بعضهما البعض حول ما يحدث فى العالم، إنتبهت الفتاتين لمتابعتى لحديثهما فصمتتا، فعادوت النظر لهاتفى الجوال، فأستكملتا حديثهما بعد وهلة، ثم أخذت أفكر فى نفسى لابد أننى أصبحت عنصريا جدا لأفكر بتلك الطريقة، معتقدا أن نميمة النساء هى سبب مآسى العالم، فأعدت صياغة الجملة فى عقلى قائلا:
(النساء هن النساء فى كل مكان فى العالم، النميمة جزء أصيل منهن، والرجال هم الرجال فى كل مكان فى العالم حياكة المؤامرات جزء أصيل منهم، والعالم فى حقيقته بكل كوارثه ومآسيه هو نتاج صنائع، نميمة النساء ومؤامرات الرجال)
تمت


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى