الثلاثاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٨

التربص المجتمعى فى رواية: «وحى العشق»

عبد المقصود محمد

الإعلامى والكاتب الروائى رضا سليمان تألق بأسلوبه المميز فى رواياته: "عمدةعزبة المغفلين" و"مطلب كفرالغلابة" و"ماريونت"و"ظلال الموتى"و"شبه عارية" و" ماقبل اليوم الأخير" وبين أيدينا روايته المثيرة "وحى العشق"ا لتى ترصد حالة من التربص طغت على المجتمع المصرى بعد أحداث25يناير2011م والرواية تقع فى أربعمائة وأربعين صفحة ومقسمة إلى 44فصلاً، وقدإختار كاتبنا أسلوب السرد المتعدد، ففى كل فصل تتولى إحدى الشخصيات سرد الأحداث من وجهة نظرها، وهذا النوع من السرد المتعدد يتميز بأنه يتيح للقارىء رؤية الحدث من زوايا مختلفة تجعله أكثر وضوحاً، وهو بهذا الأسلوب قد نجح فى رسم ملامح شخصياته وأيضاً قام بتضفيرأحداث الرواية مع بعضها ليصنع جواً من الإثارة والغموض والتشويق وهذا ملمح مهم من ملامح الرواية المعاصرة، فالرواية تبدأ بالشاب عادل عبدالرحيم وهو عائد من رحلة المصيف بسيارته على الطريق الصحراوى، ومعه زوجته إيمان وطفليه، فتأتى سيارة نقل ضخمة ويتعمد سائقها أن يصدم سيارة عادل من الخلف حتى تنقلب بمن فيها على الجانب الآخر من الطريق، وقد أغمى علي عادل و زوجته وطفليه وعندما إستفاق وجد نفسه على سريرالمستشفى والأربطة حول رأسه وذراعه وساقيه، وكلما سأل عن زوجته وطفليه لايجد إجابة فظن أنهم يخفون عنه خبروفاتهم رحمة به، ولكنه لما خرج من المستشفى على عكازين برفقة أخيه الأصغر فؤاد، فوجىء بحماته تسأله بتأنيب: "أين إيمان والطفلين ياعادل.؟" ولا تقتنع بأنه مثلها لا يعرف، ويأخذه فؤاد إلى قسم الشرطة ليقدم بلاغاً، فيكتفى الضابط بتسجيل بياناته ثم يبلغه فى برود أن يبقى فى بيته وإن عثروا عليهم سيخبرونه، وتشك حماته بسلامة موقفه فترفع قضية ضده تتهمه بخطف إبنتها والطفلين، وأمام القاضى يواصل عادل إنكار معرفته بمصيرهم، ويبدأ جو الغموض فى التكشف تدريجياً من خلال السرد، فحاتم كان يعشق جارته إيمان فى صمت وهويراها ويتابعها من شرفة منزله وفجأة غادرت الحى وإنتقلت أسرتها إلى منطقة أخرى، وبعد ثلاث سنوات يلتقيها صدفة مع زوجها عادل بأحد الفنادق، فيقرر أن يتخلص من عادل أو يدفعه لتطليقها ليتزوجها، و تأتيه الفرصة عندما تصاب السياحة بحالة ركود، ويجد عادل نفسه عاطلا بلا عمل، فيلحقه حاتم بالعمل عنده فى المصنع، ويكتشف عادل إستخدام اللحوم الفاسدة فى تصنيع منتجات يأكلها الناس، فيأبى ضميره إلا أن يبلغ الشرطة، ويقبضون على حاتم، فيستخدم أحد العاملين عنده، يعترف بأنه إستخدم تلك اللحوم دون علم صاحب المصنع ليحقق مكاسب، ويتحمل هو القضية بدلاً من حاتم الذى يخرج منها كالشعرة من العجين، فيقررالإنتقام من عادل ويدبرله الحادث، لكنه ذات يوم تأتيه فتاة مسيحية (تريزة) للبحث عن عمل ويعجب بها فيحرضها على إعتناق الإسلام، وتشعر أمها بالتغيرات التى أصابتها، فتطلب من والدها أن يذهب إلى المصنع ويسأل عنها دون أن يكشف عن شخصيته، وهناك يخبره البواب أن تريزة قد أسلمت وأصبحت فاطمة، فرجع غاضباً ليضرب إبنته بقسوة ويأخذها إلى الكنيسة ليردوا إليها عقلها، فأدخلها القس مينا جبرائيل مستوصف الكنيسة لتكون تحت سيطرته، لكنها غافلتهم وهربت ليلاً، متوجهة إلى بيت حاتم، الذى يرتب إجراءات إعلان إسلامها ويتزوجها فتعيش مع زوجته الأولى أمل يوسف التى تعاطفت معها وأحسنت إستقبالها، ولكن حاتم لا ينسى عشقه الأول إيمان فيرتب مع المعلم سيد سمكرى السيارات حادث التصادم، لكن القدر يضع فى طريقه خصما آخرلعادل يعشق إيمان، إنه سميرتوفيق جرسون الفندق، وكان جالساً فى المقهى وسمع المعلم وهويبلغ حاتم بترتيب الحادث، فنهض وركب سيارته ليلحق مقطورة المعلم ويصبح واحدا من شهود الحادث، وفى الوقت المناسب يتدخل سمير فيخرج إيمان والطفلين ويحملهما فى سيارته وينطلق مبتعداً، وكان سمير توفيق قد رأى عادل يعنف إيمان ويبكيها وهويقدم لهما المشروبات بالفندق، ولام عادل فثار لتدخله وحاول ان يضربه، ومن يومها وهويحلم بأنه تكون إيمان زوجته هو وظل يتقصى حتى عرف العنوان وأدمن الجلوس فى المقهى المقابل لشقتها ليراها عندما تخرج فى الشرفة لتسقى الريحان والورود، فلما عرف بالحادث وسارع بحمل إيمان والطفلين أخذهم إلى شقته بإحدى المناطق المهجورة، فى ذلك الوقت أدى هروب تريزا من مستوصف الكنيسة إلى حالة من العنف وإشتباكات دامية، وتدخلت الشرطة بعد سقوط ثلاثين قتيلاً، ويتم تشكيل لجنة لتقصى الحقائق، فتؤكد تريزة (فاطمة)لهم بأنها إختارت الإسلام عن رضى وإعتقاد راسخ ولم يجبرها أحد ولذلك إختارت حاتم فكرى زوجاً لها، وهكذا عاشت فى شقته فإحتضنتها زوجته أمل وإعتبرتها أختاً لها، وتوطدت العلاقة بينهما، حتى يصدمهما خبرمنشور على الفيسبوك عن إنقلاب سيارة صاحبها إسمه عادل وإختفاء زوجته إيمان وطفليه بعد الحادث، وتشك أمل أن زوجها حاتم له صلة بهذا الحادث بسبب مكالمة تليفونية سمعتها دون أن يدرى، فتستشير فاطمة وتقومان بالإتصال بالصحفية التى كتبت الخبر، وتدلهما على المستشفى وإسم الممرضة مصدر الخبر، التى تعطيهما عنوان شقة عادل، وتتوجهان إليه فتسأله أمل عن سر العداوة بينه وبين حاتم، وهنا فقط تنكشف صلة حاتم بالحادث، فى نفس الوقت يتذكر عادل المشادة التى وقعت بينه وبين جرسون الفندق الذى كان ينظرلزوجته إيمان بإشتهاء، تشجعه أمل وفاطمة على التوجه معهما إلى الفندق لتقصى أخبار هذا الجرسون، وينتظرونه خارج الفندق فى سيارة أجرة (أوبر)، بينما يكون زوجهما حاتم يتتبعهما إلى الفندق، ويشاهدهما برفقة عادل فى السيارة، فيتحرك بسيارته خلفهما ليعرف ماذا تدبران، وكان القس جبرائيل هو الآخر يرسل من يراقب تريزة (فاطمة) ليقتلها حتى تكون عبرة لمن تخرج عن ملة أهلها، وأمام الفندق كان ينتظر فى سيارة ومعه إثنين من تابعيه ليقوما بقتلها حينما تسنح الفرصة، وبمجرد أن تتحرك سيارة سمير يتبعونه حتى يصل إلى الشقة التى يحبس فيها إيمان وطفليها، وبعد أن يدخل تلحق به فاطمة وتدخل ثم تسأله عن إيمان وطفليها، ويخرج المسدس ليهددها فيفاجأ بدخول حاتم ورجاله والقس وأتباعه فيجرى ويمسك رأس إيمان فتتملص منه وتنجح فى دفعه، ليفقد توازنه، فينتهزحاتم الفرصة ويطلق عليه رصاصة تقتله، بينما يطلق أحد أتباع القس رصاصة لا تخطىء فاطمة فيقتلها لتنتهى الرواية وقد كشفت عن حالة التربص الذى أصاب المجتمع المصرى بعد 25 يناير2011 لقد إختار الكاتب رضا سليمان أسلوب السرد المناسب ونجح فى تضفير خيوط أحداث الرواية وبنى صراعا درامياً مثيراً ومشوقاً من خلال لغة بسيطة معبرة ووصف مشوق وحوارسلس بين الشخصيات، و ننتظر منه المزيد من التميز والإبداع ليحتل مكانه اللائق بين الروائيين العرب.

عبد المقصود محمد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى