السبت ٢٣ آذار (مارس) ٢٠١٩

نُزْهَة الحَناجِر في حِراكِ الجزائر

شميسة غربي

لِهذا الرّبيع في الجزائر؛ طعمٌ آخر... النكهة تختلف... الشمسُ تُشرِق على أهازيج السلام المُضمّخَة بعِطرِ الأعْلام المُرَفْرِفة فوْق الرّؤوس، فوق الوُجوه، وعلى الصدور.. تنْتشي بها الأنام؛ في مختلف الأعمار...الشمس تغيب وهي تُقبِّلُ رسائل السلام؛ ثمّ تنْثرُها بين بِقاع المعمور؛ تصنع مشهد الحضارة في قافلة المسير نحو محطة "الاِخْتيار" المنشود...

رجال، نساء، صِبْيَة، صَبِيات، رُضّعٌ في العربات، شيوخ، كهول، شبابٌ، يتدفّقون في الطرقات؛ تدفّقَ الأنهار.. ينْسجون شرْعية المَطلب بتراتيل السّلام؛ وهي تشقُّ عنان السَّماء...تلهَجُ الأفئدة بالصُّمود في وجْه كلِّ مَنْ يُقامِرُ بالبِلاد والعِباد...

ربيعٌ أبْيض في الجزائر البيْضاء... فُسيْفِساء جميلة؛ ساحِرة؛ صنعَتْها سُلطة الحناجر؛ لا سلطة المناصب....! فُسْيفساءُ فرِيدة؛ صنَعتْها زَغاريدُ الحرَائر، برَاءة الأطفال، تبادُلُ الورود، دقّاتُ الطبول، الضربُ على الدُّفوف، هُتافاتُ الِالْتحام بالسّاهرين على أمْنِ البلاد....:

"إخْوَة...إخْوَة..."

يزْدانُ المشهد؛ بعد نُزْهة كلِّ "جمُعة" في هذه الربوع الغالية؛ بتنْظيفِ الشوارع ممَّا علق بها... شبابٌ يتطوّعُ عن طيب خاطر؛ بِتلقين النّموذج الحَضارِي لِكلِّ دُعاةِ الحضارة...! بخطواتٍ ثابتة؛ يعودون إلى الدّيار بينما صوتٌ ساحر؛ يُردّدُ بعض المقاطع منْ رائعة "عمر البرْناوي"؛ بِلحْنِ " شريف قرطبي" (رحمة الله عليهما)...

من أجلك.. عشنا يا وطني....
نفدي بالروح أراضيــــــــنا...
قد كنّا أمس عمالقــــــــــــة...
في السلم؛ حُماة مَباديـــــــنا
أبطالاً؛ كنّا لا نرضـــــــــى
غير الأمجاد تُحيينــــــــــا
نزهو بالماضي في ثقــــــة
والحاضر يعلو ماضينـــــا
فجّرْنا الثورة مِــــــن أزلٍ
سجِّلْ يا دهرُ معاليـــــــنا
والنصر الأكبر كان لنا...
مجْداً؛ مِن صُنْعِ أيادِينــــــا...
جيش التحرير وَجبْهَتــــــهُ
كانا ضوْأيْنِ بِدَاجِينــــــــــا
قالا: في البدءِ كرامتنــــــا
والشعبُ يسودُ هنا فينـــــا
خيراتُ الشعب نقسمهــــا
فينا بالعدْلِ مَوازينـــــــــا
والدّعْمُ المُطلَقُ نبْذُلُـــــهُ
للشّعْبِ الرّافض تدْجينا

كانتْ هذه تأمّلاتٌ هادئة في مشهد الحِراك؛ الذي أبْدَعتْهُ الحنَاجِر؛ واحْتضنتْهُ الشوَارِع، فلَمْ يعُدْ بالإمكان تجاهل المطالب...! دامَ الشعبُ سالِماً، دامَ الشّبابُ وَاعِياً، ودَامَتِ الجزائرُ حُرّة أبِية، والنصرُ لحُماة البلد....

شميسة غربي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى