الأحد ١٦ حزيران (يونيو) ٢٠١٩

آداب الاختلاف في الإسلام...

زينب العلواني

كيف يوظف الاختلاف في تحقيق مهمة الاستخلاف؟

تمر الأمة اليوم في فترة حرجة، حيث تواجه نظمها المعرفية والقيمية تحدياً كبيراً على جميع المستويات الداخلية منها والخارجية، وقد يكون من أشدها ما يظهر من الاختلافات السلبية التي أدت إلى الصراع والنزاع على مستوى الساحة الداخلية بين طوائف الأمة ومدارسها المذهبية وأحزابها وفرقها المختلفة. ولقد تصدى العديد من علماء الأمة ومفكريها للبحث عن أسباب ومعالجات تلك الظاهرة وما يزال النقاش مفتوحاً. ومما يلفت النظر أنه منذ أكثر من قرن من الزمن قدم الاصلاحي السيد جمال الدين الأفغاني قراءة تحليلية لأسباب تشتت الأمة وتفرق أبناءها، والغريب في الأمر أن من يقرأ مقالته -رحمه الله- يظن أنه يتحدث عن إشكاليات اليوم وتحدياته، حيث أنسب السيد مظاهر التفرق والتدهور إلى إنهيار الشخصية وتضييع العقول والأخلاق فقال: "ولا تشتت أمة أو اضمحلت سلطة، ولا تفرقت جمعية إلا بفساد أخلاقها لانها بفسادها توجب تخالف الأيدي وتباعد الأهواء، وتشتت الآراء وتباين الأفكار، فيستحيل حينئذ الاجتماع ويمتنع الاتفاق، فالشخصية قوامها العقل والنفس، حيث تبنيها العلوم والمعارف والخبرات والتجارب ووضوح الرؤية الكلية و الغايات والمقاصد ومناهج تحقيقها، وكذلك الآداب العالية والأخلاق القويمة التي تجعل الإنسان سوياً يشعر بإنسانيته وكرامة نوعه وجنسه، والتي بها يعرف الإنسان حقه ويقف عنده؛ وهكذا فإذا انهارت العقلية والنفسية انهارت الشخصية لتنعكس على سائر مسالك الحياة بسلبياتها ومشاكلها[1]".

ولاستمرارية الأزمة وتعقد موضوعاتها فقد واصل العلماء دراسة الاختلاف من زوايا مختلفة سعياً لتحديد معالم المشكلة وتقديم معالجات لها، فتم التركيز على تأصيل معنى الاختلاف من المنظور الاسلامي وبيان أسبابه وآدابه ثم التأكيد على أهمية الحوار وأبعاده وآلياته، وجاءت هذه الورقة لتتقدم بالموضوع خطوة أخرى وذلك من خلال طرح تساؤلات تسعى إلى صياغة نموذج في فلسفة أدب الاختلاف إيماناً بإن القرآن الكريم قدم نموذجاً إيجابياً في التعامل مع الاختلاف وتحويله إلى عامل تفاعل وتكامل يؤدي إلى تنمية القدرات البشرية في تحقيق الاستخلاف العمراني على الأرض بدلاً من عامل نزاع وتقاتل يؤدي إلى هلاك وفناء البشرية. واننا نحاول هنا استخلاص هذا النموذج القرآني ونتساءل ما هي اللبنات الأساسية لهذا النموذج، هل هي المنظومة القيمية في القرآن؟ وكيف؟ هل التركيز على القيم سيؤدي إلى بناء ثقافة إنسانية يوظف فيها الاختلاف في الآراء بشكل إيجابي؟ وكيف يمكن توظيف الاختلاف في تحقيق الاستخلاف ليصبح آلية دفع وتطوير وتعاون وتكامل في الأفكار بدلاً من آلية تفرقة وتنازع؟ وكيف يتحول فيما بعد إلى ثقافة، وهل تطورت أو نشأت ثقافة تحمل في أصولها معاني آداب الاختلاف التي طرحها القرآن الكريم؟ هل هناك نماذج أو تجارب إنسانية عبر التاريخ تحققت فيها ثقافة أدب الاختلاف؟ ما خصائصها؟ وما آثارها؟ وكيف يمكن تقييمها؟ وما هي الأسباب التي تؤدي إلى التفرق والاختلاف المذموم؟ هل يمكن بناء فقه التعارف والتواصي والتعاون بين أفراد المجتمع على الرغم من كل الاختلافات القائمة بين فصائله؟

مفاهيم قرآنية تتعلق بالاختلاف:

الاختلاف والمخالفة: أن ينهج كل شخص طريقاً مغايراً للآخر في حاله أو في قوله، والخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان، وليس كل مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس في القول قد يفضي إلى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال تعالى ( فاختلف الاحزاب من بينهم) (مريم:37)، (إنكم لفي قول مختلف) (الذاريات:8)، وعلى هذا يمكن القول بأن الخلاف والاختلاف هو مطلق المغايرة في القول أو الرأي أو الموقف أو الهيئة. ان الاختلاف في وجهات النظر أمر فطري وطبيعي وله علاقة بالفروق الفردية إلى حد كبير، حيث يستحيل بناء شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس ذوي القدرات المتساوية والمتطابقة، بل لابد من تنوع القدرات والمواهب ليتكامل عطاء الانسانية. وقد نبه إلى ذلك ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين حيث قال: "وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لابد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانهم". كما قال رحمه الله: (فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لابد منه في النشأة الإنسانية لانه إذا كان الأصل واحداً والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف، وإن وقع كان اختلافاً لايضر كما تقدم من اختلاف الصحابة[2]). وكأن حكمة الله اقتضت أن يكون الناس مختلفين وبينهم فروق فردية سواء أكانت خلقية أم مكتسبة وجعلها من آياته في خلقه قال تعالى ( ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) الروم:22. كما بين سبحانه في موضع آخر (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) مما يؤكد ان الله صير هذا الاختلاف وجعله من ثوابت النظام الكوني الذي تخضع له جميع المخلوقات (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء..) ولذلك فالناس مختلفون والمؤمنون درجات فمنهم الظالم لنفسه، منهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات (لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) (هود: 118)، وهكذا يعرف الاختلاف هنا على أنه التباين في الرأي والمغايرة في الطرح فهو دليل على سلامة المجتمع وتفاعل أفراده وتكاملهم.

ومما يؤسف تحول الاختلاف بوجهات النظر من ظاهرة صحة تغني العقل بخصوبة الرأي وعمق الفكر إلى ظاهرة ضعف وتفكك وتناحر، حتى يكاد يصل الأمر عند بعض المختلفين إلى حد التطرف والتصفية الجسدية كما يحدث اليوم بين بعض أبناء الأمة. ولا سبيل الى بناء ثقافة التعاون والتعامل بالحسنى إلا بالتمسك بالدين القيم وأخلاقه وتعاليمه ووضع الضوابط والقواعد للمقايسة والاستنتاج لضبط الرأي، وقرن العلم بأخلاقه، والمعرفة بأدابها، مع تنمية الدراسات التي تؤكد على وحدة الأمة وقواسمها المشتركة، وغاياتها وأهدافها.

ومن أهم المفاهيم [3] التي وردت في القرآن الكريم ولها علاقة بالاختلاف خاصة في إطار الرأي أو الموقف:

الحوار: الحور لغةً التردد إما بالذات أو بالفكر، وحار في أمره تحير، والمحاورة والحوار بمعنى المرادة في الكلام ومنه التحاور قال تعالى (والله يسمع تحاوركما)، والحوار عادة يكون نقاش إيجابي يرغب فيه كلا الطرفين للوصول إلى الحقيقة.

أما الجدال: هو أقوى من الحوار وذلك لاعتداد أحد المخالفين أو كليهما برأيه أو موقفه وحاول الدفاع عنهأو إقناع الآخر به، بل والأكثر أن يحاول حمل الآخر عليه. ويعرف في اللغة كما جاء في المفردات للراغب الاصفهاني: هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وأصله من جدلت الحبل أي أحكمت فتله، ومنه الجدال أي كأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه. قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) (وإن جادلوك فقل الله أعلم) ولقد نهى الله سبحانه عن الجدال في الحج وكأنه سبحانه يجعل فترة الحج فترة تدريب وتمرين حين يقول: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج..) لان الجدل قد يكدر صفو الأخوة مما يؤدي إلى تنافر القلوب وخلق الأحقاد والأضغان.

والشقاق: ويطلق على الخلاف شقاقاً حين تشتد خصومة المتجادلين، وذلك لان كل منهما يؤثر الغلبة بديلاً عن ظهور الحق، مما يؤدي إلى تعذر التفاهم أو الاتفاق بينهم، وعبر عن ذلك معناها اللغوي في كون الخلاف حاداً يجعل كل منهما في شق غير شق صاحبه أو من شق العصا بينك وبينه قال تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما) (فإنما هم في شقاق) أي مخالفة، (ومن يشاقق الله ورسوله) أي صار في شق غير شق أوليائه (ومن يشاقق الرسول).

النزاع والخصام: من نزع الشئ من مقره، والتنازع والمنازعة ويعبر بهما عن المخاصمة والمجادلة (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله) (فتنازعوا أمرهم بينهم، كل فريق بما لديهم فرحون)، وذكرت المخاصمة (وهم فيها يختصمون).

الحجة وهي الدلالة المبينة للمحجة أي المقصد المستقيم والذي يقتضي صحة أحد النقيضين قال تعالى (قل فلله الحجة البالغة) والمحاجة أن يطلب كل واحد أن يرد الآخر عن حجته ومحجته (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله فمن حاجك بالله من بعد ما جاءك من العلم..) ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم..)

البرهان: بيان الحجة وهو أوكد الأدلة وهو الذي يقتضي الصدق أبداً لا محالة، حيث أن الادلة خمسة أضرب: دلالة تقتضي الصدق أبداًن ودلالة تقتضي الكذب أبداً، ودلالة إلى الصدق اقرب، ودلالة إلى الكذب أقرب، ودلالة هي إليهما سواء، قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (قد جاءكم برهان من ربكم).

أنواع الاختلاف[4]:

1- خلاف منشأه النظر العقلي وغايته إحقاق الحق وابطال الباطل وإقامة العدل بين الناس بغض النظر عن إثبات صحة رأي دون آخر، ولذلك يبنى على أدلة علمية وله حججه وبراهينه، وهذا النوع الذي يثري العقول وينمي القدرات وتتفاعل فيه العقول والنفوس لتصل إلى الحق.

2- وهناك خلاف أملاه الهوى بلا دليل ومنشأه المصالح الشخصية وحب الذات وهذا النوع الذي حذرنا الله تعالى في مواضع كثيرة بدءاً بأنبياءه كما قال لداود (يادواد إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) ص:26، وقال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) سورة النساء: 135، كما وصف اتباع الهوى بقوله (وإن كثيراً ليضلون باهوائهم بغير علم) الانعام: 119، وكذلك يكون اتباع للهوى إذا سكت فيه صوت الحق والعدل من أجل تحقيق مصلحة شخصية لفرد أو جماعة معينة على حساب المصلحة العامة للأمة أو الانسانية.

3- وهناك خلاف يتردد بين المدح والذم (الاختلاف في الفروع): ففي المجال التشريعي على سبيل المثال: اختلف الصحابة والتابعين والفقهاء من بعدهم في أحكام العبادات والمعاملات ونحوها من فروع الدين، وهذا ما يسمى الاختلاف الذي يتردد بين المدح والذم وهو غالباً ما يقع في الفروع، حيث أن الاختلاف في فهم الأحكام الشرعية ضرورة توجبها طبيعة الدين واللغة والبشر والمجتمع الانساني، وهذا النوع من الاختلاف قد يلتبس فيه الهوى بالتقوى، والعلم بالظن، والراجح بالمرجوح ما لم يضبط بقواعد وآداب يحتكم إليها المختلفين، وأهمها تقوى الله والمراجعة الصادقة الحرة مع الذات، ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلاف المؤدي إلى الخصومات وعن النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن مسعود يَقُولُ سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ لَا تَخْتَلِفُوا فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا[5]" كما نبه صلى الله عليه وسلم على أدب هام حين المحاورة حول القرآن الكريم فقال: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فاذا اختلفتم فقوموا[6]). فقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وتوصلوا إلى اجتهادات مختلفة ولكنه وضع أسساً وآداباً التزم فيها الجميع، كما كان في قضية أمره عليه الصلاة والسلام بصلاة العصر في بني قريظة حين صلاها بعضهم في الطريق وصلاها الآخرون متأخراً ولم يعنف أي الطرفين كما جاء في الصحيحين حيث أقر كلا من المختلفين على رأيه من غير اعتراض أو ترجيح. ولقد ظهرت اختلافات بينهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم حسمت باتفاقهم على رأي موحد بينهم كما حدث في اختلافهم حول الخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك حول قتال مانعي الزكاة، وحول جمع القرآن وخراج الاراضي المفتوحة، وقد برز التزامهم بآداب الاختلاف كما جاء على سبيل المثال في استدراكات عائشة على الصحابة، التي تظهر فيها التربية الربانية والاقتداء بأخلاقيات النبوة في احترام الرأي الآخر ومناقشته علميا مع حسن الاستماع ودوام الاحترام المتبادل بين الطرفين في اختيارهم أطيب الكلم ، بل ومحاولة إعذار بعضهم البعض حين يعبرون عنها بقولهم كما جاء عن عائشة في استدراكاتها[7] (لعله نسي) أو (لعله سمع آخر الحديث، أو لعله جاء متأخراً ونحوها)، ولقد كانت موضوعات الخلاف كثيرة ولكنهم كانوا غالباً ما يتفقون على رأي يلتزمون به جميعاً، وكم من المرات ما رجع عمر أو علي رضوان الله عليهم وغيرهم عن آراءهم لرأي غيرهم لما وجدوا فيه من الحق، بل وأثنوا عليه خيراً مما يظهر فيه سرعة خضوعهم والتزامهم بحكم الله ورسوله.

كما أن اختلافهم الذي تمثل في دور المراقبة السياسية أو قد يقال المعارضة السياسية والذي برز منذ عهد الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه ثم امتد وتطور في عهد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وما بعده ليصبح معارضة مسلحة يستحق دراسة علمية دقيقة تفكك أبابه ومسبباته الداخلية منها والخارجية وملابساته السياسية والاجتماعية، بل لابد من دراسته كخبرة إنسانية لها أطرها الخاصة وبنيتها المفاهيمية ودلالاتها التي تختلف تماماً عن التجربة الأوربية في عصورها المختلفة وغيرها من التجارب الإنسانية. ثم إذا ما حاولنا تتبع رؤية الاسلام في مسألة استعمال العنف عند الخلاف سواء بين المسلمين أو بينهم وبين غيرهم نجدها مذمومة في القرآن والسنة لما تجره من قتل وتخريب وضياع حقوق وفساد في الأرض فقال تعالى ( ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً..) المائدة:33، وعَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ[8])، ولذلك حرص الاسلام على السلام واتخاذ اي وسيلة لايقاف العنف ان حصل بقوله (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ..) المائدة:61. والسؤال فما الذي حدث آنذاك! هذا ما يتطلب دراسة دقيقة لتلك الفترة من تاريخ أمتنا، ليس مجالها هذا البحث.

كيف يوظف الاختلاف في تحقيق مهمة الاستخلاف؟

لقد تقدم القرآن الكريم بمشروع متكامل من خلال نظامه المعرفي ومنظومته القيمية والمفاهيمة ليقوم بحفظ وتنظيم العلاقات الإنسانية على جميع مستوياتها فما من موضوع يتعلق من قريب أو بعيد بتلك العلاقات إلا وتناوله بالتفصيل، وخاصة في مجال الأسرة التي من خلالها تتوازن العلاقات البشرية أو تختل حسب الشرائع والقوانين المعتمدة فيها. كما أن موضوع الاختلاف من الموضوعات المهمة والذي يعتبر سلاحاً ذو حدين فهو إما أن يؤدي إلى بناء وتطوير العلاقات الإنسانية أو هدمها وتفكيكها، ولذلك اهتم القرآن الكريم بتأسيس لبناته ليكون عامل إيجاب وإصلاح، لا سلب وخراب.

أولاً: فلسفة النموذج الإسلامي:

يقوم النموذج القرآني على وحدة الخالق، وهو إله الجميع، وهذا ما أتفقت عليه جميع النبوات التوحيدية (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) هود:61. كما يؤكد القرآن على وحدة الأصل (النفس الانسانية)، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً) النساء:1، وبذلك تصبح الإنسانية أسرة واحدة تعيش في بيت واحد وهو الكون فراشها الأرض وسقفها السماء قال تعالى (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون، الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، فلا تجعلوا لله انداداً وأنتم تعلمون) البقرة:21-22. كما حدد الإسلام غاية خلق الإنسان ومهمته على الأرض كخليفة يعبد الله ولا يشرك به شيئاً وبين أن مهمة "الاستخلاف" لا تتحقق أهدافها وغاياتها ما لم يتم التعاون والتكامل بين البشر.

ثم أعلن القرآن وحدة الرسالات السماوية وأكد على أنها حركة تكاملية تصاعدية في بناء الحضارة الإنسانية الصحيحة بدءاً من آدم وختاماً بمحمد صلوات الله عليهم أجمعين، حيث جاءت جميع الأديان السماوية بنداء واحد (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، ثم العمل على تزكية النفوس والقلوب والعقول من خلال تبيان القيم وتأصيلها بغض النظر عن اختلاف طبائع البشر وبيئاتها وأزمانها، حيث لن تتحقق مهمة الاستخلاف الانساني على الأرض بدونها ولذلك فقد جاءت الأديان مختلفة الشرائع والتطبيقات ولكنها متفقة الغايات والمقاصد لتؤسس أرضية للتعاون والتراحم لا للتصارع والتباغض قال تعالى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) الشورى:13. كما جاءت الشريعة الإسلامية تؤكد هذا المعنى، حيث تدعو إلى الطيبات وتمنع الخبائث، تدعو إلى كل ما يحفظ حياة البشر وأديانهم وأنسالهم وأنسابهم وأموالهم وممتلكاتهم، بغض النظر عن الاختلافات الطبيعية والمكتسبة بينهم لتحقق بذلك روح العدالة والمساوة والرحمة التي دعت إليها جميع الأديان السابقة وختمها الإسلام قال تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم..) الاعراف 157.

كما حث الإسلام على طلب العلم وجعله مسؤولية تقع على عاتق الانسان ولم يرض له التقليد الأعمى فقال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الاسراء:36، وبذلك لينمي عند الإنسان حاسة النقد المنهجي وقدرة الاستنباط في توخي الحقيقة وإثباتها من خلال الحجج والبراهين العقلية وتوظيف الوسائل العلمية المختلفة لتحقيق ذلك، وتشجيعه على تقبل تعدد الآراء وتنوعها لانضاج الفكر وتعميقه لخدمة الإنسانية قال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولو الألباب) سورة (الزمر:9) واعتبر حركة العلم حركة تصاعدية حيث قال سبحانه (وقل ربي زدني علماً) تكتسب بالمجهود الذاتي وتراكم الخبرة. ولذلك أنكر بشدة تبني منهج الجهل والخرافات وما يتعلق بها من وسائل تعرقل العقل الإنساني وتضله عن طريق الحق، وتخلف آثاراً سلبيةً على الفرد والأسرة والمجتمع تورثهم ثقافة التكاسل والتقاعد، وتعطل دور العقل، ولا تعتمد على دليل علمي في حكمها عل القضايا أو في مناقشتها الرأي الآخر بمقارنة الحجة بالحجة، بل يغيب الوعي الفكري والعلمي، وينتشر الاستبداد الفكري للرأي والتفرد بالحقيقة، ويقهر الناس على تقبل الرأي الواحد[9] بلا نقاش فتكبت الحريات وتستبدل بثقافة الاستبداد على جميع المستويات.

ثانياً: المنظومة القيمية والمفاهيمية:

لقد وضع القرآن الكريم أسساً عرض فيها فلسفته ونموذجه المعرفي من خلال منظومة قيمية مفصلة دعى فيها الى القيم العليا التوحيد والتزكية والعمران، كما طرح منظومة قيمية متكاملة أسست على وجوب تحقيق المساواة والكرامة والعدل والحرية والعفو والرحمة والمحبة والاخلاص والمعروف بين الناس، وتحريم الظلم والعدوان والطغيان والجبروت والتكبر والاستعلاء والاستعباد والكذب والخيانة والمنكر من القول والعمل كي يحيا الناس حياة طيبة يسودها الأمن والإيمان والسلام والمحبة، ثم حدد حقوق وواجبات الأفراد والجماعات وأرسى القواعد الدقيقةلحمايتها والدفاع عنها ليؤسس بذلك علاقات بشرية واضحة المعالم كي لا يظلم في ظلها أحداً مهما اختلفوا وتباعدوا. وكانت أهم المعالم القيمية:

1- المساواة في الخلق (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً). عَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى[10]"

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ[11].

2- كما قدم القرآن الكريم منظومة قيمية متكاملة: أوجب فيها التعامل بالعدل والإحسان ودعى إلى التعاون على البر والتقوى، والعفو والتسامح والتناصح بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحث والصبر. كما حرم فيها الظلم والعدوان والكبر والاستعلاء والغيبة والنميمة، واساءة الظن والاستهزاء والسخرية والتجسس والتكبر والغل والحقد والحسد والتباغض في البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) مسلم (إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ) مسلم

3- والكرامة الانسانية ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)

4- مقياس التفاضل بين الناس في الإسلام هو العمل والتقوى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله تعالى..) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا فَالنَّاسُ رَجُلَانِ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ قَالَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ[12].

ما هي أهم معالم الاختلاف التي تؤدي إلى السلبية والخصومة كما صورها القرآن الكريم؟

1- الاستعلاء والتكبر والنظر بالدونية للآخر والاغترار بالنفس وهي منهجية إبليس في قوله (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) والتي تؤدي إلى المقايسة والحكم على الآخر بالباطل والقسوة والفظاظة بالقول والعمل.

2- صنمية الذات وتقديسها وإعطاءها الحق بتحقير الآخر سواءً (لضعفه، أو فقره أو نحوه ...) لتؤدي بذلك إلى الاستبداد والتعصب للرأي الشخصي والاستهانة بغيره من الآراء ، وهي منهجية فرعون ( قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) غافر:29 التي تؤدي إلى نشوء حالة من الدفاع اللامشروع ضد الآخر، مما يؤدي به إلى اتباع الهوى، وعدم الاستماع إلا لهوى نفسه (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون اهواءهم ومن أضل ممن يتبع هواه بغير هدى من الله) القصص 50، ومن ثم فاتباع الهوى يؤدي إلى الفساد (ولو اتبع أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن) المؤمنون:71). ولذلك فان من أخطر نتائج هذه العقلية هي الفرقة والتفرق ، وتهميش أو نفي الآخر، مما يؤدي في كثير من الاحيان إلى استباحة استعمال العنف والحروب والإبادة والقتل. ولذلك فإن من أهم المميزات المهمة للمتحاور العدل هي القدرة على تحري الأسباب لبناء الأرضية المشتركة بين جميع الأطراف لا إثارة ما يدعو إلى الخلاف والنزاع.

3- إدعاء امتلاك الحقيقة المطلقة، تعني وصد الأبواب أمام أي رأي مخالف، ولقد نفى القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى (وفوق كل ذي علم عليم)، فكل صاحب علم هناك من هو أعلم منه في مجال ما، كما أظهر القرآن بطلان هذا الإدعاء مع رسولين من رسله اللذين آتاهما الله سبحانه علماً وملكا وهما سليمان وموسى فالأول "الذي أوتي ملكاً لم يؤت مثله أحداً من العالمين" جعل معلمه مخلوقاً ضعيفاً وهو الهدهد الذي تحداه بقوله (أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ عظيم)، فما كان من سليمان إلا البحث عن الدليل والبرهان فلما ثبتا رضخ للحق، حيث أن كل إنسان يملك جانباً من الحقيقة وليس الحقيقة كلها، لتتكامل الآراء ويتعاون الجميع للوصول إلى الحقيقة، وقد يكون مثال المذاهب الإسلامية الفقهية خير مثال في ذلك خاصة ما ضربه لنا علماءنا بقولهم (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيي غيري خطأ يحتمل الصواب) فلم يزعم أي منهم امتلاك الحقيقة وإنما هي محاولات للوصول إليها، ولذلك رفض الإمام مالك فرض كتابه على الناس حين عرض عليه أبو جعفر المنصور ذلك، ليترك للناس حريتها في تمحيص الآراء واختيار الافضل لها، وهنا يكون اختلاف علماء الأمة رحمة.

4- تصنيف المخالف لجهة معينة ومحاصرته فيها ومن ثم حرمانه من حق التعبير عن رأيه أو حتى محاولة التغيير إن ثبت له الحق في رأي غيره. إنه من الضروري بلا شك التحري لمعرفة أفكار وميول الشخص وانتماءاته الدينية أو المذهبية أو الحزبية، ولكن لا يعني أن يمنحنا هذا حق الحكم المسبق عليه قبل الاستماع إلى رأيه كي لا نجور أو نتجاوز الحق والعدل ونسقط بالظلم والعدوان.

5- قهر الناس على تقبل الرأي الواحد دون نقاش، وكيف يكون هذا والحرية هي جوهر إنسانية الإنسان، ومن تسلب حريته إنما تسلب منه إنسانيته، ولقد أعلن الإسلام منعه لسياسة الإجبار أو الإكراه على قبول رأي أو فلسفة ابتداءاً من الدين فقال: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، فلا يكره إنسان على اتباع دين أو اعتقاد معين، وان إكراه الناس على تغيير معتقداتها وقيمها إنما هو فتنة تعد أشد من القتل كما وصفه القرآن الكريم (والفتنة أشد من القتل) البقرة:191، والايمان الصحيح لا يكون الا بالاختيار ويبنى على المحاججة والنقاش الحر ويجب أن يتم ذلك على مستوى الأسرة والمجتمع والأمة.

[1] قد نشرت مقالة السيد جمال الدين الأفغاني "الشرق والشرقيون" في جريدة (أبو نظارة زرقاء) التي كانت تصدر في باريس أيام وجوده فيها سنة (1300هـ/1883م). أنظر المقالة في الحوار الذي أجراه الأستاذ عبد الجبار الرفاعي مع الدكتور طه جابر العلواني في (أبعاد غائبة عن الفكر الإسلامي) في كتاب الفكر الاسلامي المعاصر: مراجعات تقويمية، تحرير وحوار: عبد الجبار الرفاعي، دار الفكر/ دمشق، الطبعة الاولى، 2000م 121-171. (مع بعض التعديل في العبارة).

[1] أنظر: مقالة الشيخ عبد الله بن بيه، أدب الاختلاف، في صيد الفوائد http://www. saaid.net. ابن القيم، الصواعق المرسلة، ج2، ص519.

[1] اعتمدت الدراسة في تتبع معاني هذه المفاهيم على كتاب الراغب الأصفهاني: تحقيق: محمد سيد كيلاني، المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة، بيروت، مع مراجعة المعاني التي أوردها من لسان العرب لابن المنظور، وذلك لمحاولة التركيز على استخلاص معاني تلك المفاهيم في هذه المرحلة من القرآن الكريم مباشرة.

[1] أنظر: د. طه العلواني، أدب الاختلاف في الإسلام، المعهد الغالمي للفكر الاسلامي، ط1991، ص26-28.

[1] صحيح البخاري، رقم الحديث 2233 من موسوعة الحديث الشريف CD Rom.
[1] أخرجه الشيخان والنسائي وأحمد.

[1] بدر الدين الزركشي، الإجابة لايراد ما استدركته عائشة على الصحابة: تحقيق: سعيد الأفغاني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1980م.

[1] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، رقم الحديث 30.

[1] تأمل حكمة الإمام مالك رضي الله عنه عندما رفض اقتراح الخليفة ابو جعفر المنصور بفرض كتابه ومذهبه على الناس.

[1] مسند أحمد، مسند باقي الأنصار، رقم الحديث 22391، موسوعة الحديث الشريف.

[1] رواه الترمذي، وقال أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّل.ِكتاب المناقب،3891، موسوعة الحديث الشريف.

[1] رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، رقم الحديث 3193، موسوعة الحديث الشريف.

[1] قد نشرت مقالة السيد جمال الدين الأفغاني "الشرق والشرقيون" في جريدة (أبو نظارة زرقاء) التي كانت تصدر في باريس أيام وجوده فيها سنة (1300هـ/1883م). أنظر المقالة في الحوار الذي أجراه الأستاذ عبد الجبار الرفاعي مع الدكتور طه جابر العلواني في (أبعاد غائبة عن الفكر الإسلامي) في كتاب الفكر الاسلامي المعاصر: مراجعات تقويمية، تحرير وحوار: عبد الجبار الرفاعي، دار الفكر/ دمشق، الطبعة الاولى، 2000م 121-171. (مع بعض التعديل في العبارة).

[2] أنظر: مقالة الشيخ عبد الله بن بيه، أدب الاختلاف، في صيد الفوائد http://www. saaid.net. ابن القيم، الصواعق المرسلة، ج2، ص519.

[3] اعتمدت الدراسة في تتبع معاني هذه المفاهيم على كتاب الراغب الأصفهاني: تحقيق: محمد سيد كيلاني، المفردات في غريب القرآن، دار المعرفة، بيروت، مع مراجعة المعاني التي أوردها من لسان العرب لابن المنظور، وذلك لمحاولة التركيز على استخلاص معاني تلك المفاهيم في هذه المرحلة من القرآن الكريم مباشرة.

[4] أنظر: د. طه العلواني، أدب الاختلاف في الإسلام، المعهد الغالمي للفكر الاسلامي، ط1991، ص26-28.

[5] صحيح البخاري، رقم الحديث 2233 من موسوعة الحديث الشريف CD Rom.

[6] أخرجه الشيخان والنسائي وأحمد.

[7] بدر الدين الزركشي، الإجابة لايراد ما استدركته عائشة على الصحابة: تحقيق: سعيد الأفغاني، بيروت، المكتب الإسلامي، 1980م.

[8] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، رقم الحديث 30.

[9] تأمل حكمة الإمام مالك رضي الله عنه عندما رفض اقتراح الخليفة ابو جعفر المنصور بفرض كتابه ومذهبه على الناس.

[10] مسند أحمد، مسند باقي الأنصار، رقم الحديث 22391، موسوعة الحديث الشريف.

[11] رواه الترمذي، وقال أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّل.ِكتاب المناقب،3891، موسوعة الحديث الشريف.

[12] رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، رقم الحديث 3193، موسوعة الحديث الشريف.

زينب العلواني

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى