الجمعة ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم محمود عبد الوهاب محمود

كل شيء محتمل فى المساء

فى الصباح نظر الرجل الحزين إلى وجهه فى المرآة محاولاً أن يستشف سبب الحزن.
كانت الحقيقة الناصعة هى أنه لا يوجد سبب مباشر للحزن، وفى نفس الوقت فإن أسباباً كثيرة يمكن أن تكون هناك.

ليست هذه الأسباب وليدة اللحظة، لقد كانت دائماً موجودة مثلما هى الآن، والاحتمال الغالب أنها ستظل موجودة فى المستقبل تخرج لسانها له.
بدأ فى حلاقة ذقنه، ثم بعد أن انتهى أخذ يحرك فرشاة الأسنان ببطء داخل فمه.
الحركة التالية له كانت وضع رأسه تحت مياه الحنفية، حرك الصابونة قليلاً على رأسه ثم شطفها بالمياه.
انتقل بعدها إلى غرفة النوم وبدأ فى ارتداء ملابسه استعداداً للعمل.
العمل.
ربما يكون هو سبب الاكتئاب؟
إنه فقط أحد الأسباب.
لكنه أيضاً شىء لايمكن تغييره.
بدأ يفكر فى أسوأ الاحتمالات: إنه سيموت اليوم كمداً بسبب توترات العمل، الاحتمال الأقل سوءاً أنه سيعمل كعادته بمنتهى الإخلاص، لكنه سيتلقى توبيخاً محتملاً فى أية لحظة خلال اليوم، الأمر الذى سيشعره بإحباط شديد، بالإضافة إلى أن السبب سيكون غير مقنع وغير عادل.

بدا له الاحتمال التالى أفضل التصورات:
سيمر اليوم بلا أية متاعب.
ولكن إلى أن يمر اليوم بالفعل بلا متاعب، لن يكون فى أية لحظة متأكداً من ذلك، وبالتالى سيعيش طوال اليوم متوجساً مترقباً للمشاكل.
هل يعقل أن يكون هذا هو أفضل الاحتمالات؟
الحل:

فى الأحوال الثلاثة سينتهى اليوم، وسيكون بإمكانه رؤية أشعة شمس الصيف والإحساس بحرارتها بينما يكون فى طريقه إلى المنزل راكباً سيارته، إنه يحب الشمس، وسيكون بإمكانه أيضاً رؤية النيل فى طريق الكورنيش ثم وهو صاعد إلى الكوبرى.

وفى المنزل سيلقى بملابسه على السرير، وسيخرج إلى البلكونه ليسقى النباتات الجديدة، وستكون الشمس ما تزال حامية.

أما فى المساء فربما يشاهد مباراة كرة القدم الهامة فى التليفزيون، أو يخرج ليشاهدها مع الأصدقاء فى القهوة الكبيرة.
وربما يقابل صديقاً يحكى له نكته جديدة.
أو يرد على ذهنه خاطر سعيد.
كل شىء محتمل فى المساء.
جميل.

كان قد وصل إلى العمل فبدأت مخاوفه فى الظهور، وكرد فعل بدأ يستعيد هذه الحزمة من الأفكار بين الحين والآخر، فى الوقت الذى كان ينظر فيه إلى الساعة كلما أنجز عملاً من أعمال اليوم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى