الخميس ١٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم زكية علال

تفاصيل إمرأة لا تموت

أشعل سيجارة ………
أطفئ سيجارة ………
أحرق ألمـا …………
تناسل دخانا …………
أغرق في قهقهات مجنونة، وأنت تجلس مع أصدقائك في مقهى وسط المدينة ..
مارس معي كل طقوس الهروب والموت المؤجل ، ستكتشف بعد عبث وجنون أني سيجارتك التي لا تنطفئ .. ستكتشف أني سيجارة تظل تشتعل بين أناملك فتحرق شفتيك " ولسانك، ثم تنزل إلى صدرك لتأتي على حقول السراب التي كانت قبرا لكل النساء اللواتي سبقن عهدي ….

* * * * * *

اقتلني بنسيانك .. بتجاهلك .. بحماقاتك التي لا تنتهي ..
اقتلني بخنجر مسموم بخطاياك .. بسكين حاد .. بساطور يفصل رأسي عن جسدي ..
اقتلني بكل وسائل القتل المشروعة ، وغير المشروعة ، ستجدني
 بعد كل مذبحة- أسبح في دمك .. أغرق في دمك ، بل وأنزف من دمك ..
 وستكتشف أيضا- أن قبري محفور في أعماقك .. ممتد حتى آخر وجعك الملون بحنة "جميلة"

* * * * * *

شكل قصيدة بحجم الوجع فيك ..
أكتب قصة غير منتهية ، تختصر فيها سنين الجمر .. وعذابات العمر ..
تنقل من إمرأة إلى أخرى .. ومن جنون إلى آخر ..
أرحل بين دفاتر وجه يؤرقك ووجه تؤرقه ..
تحرر من تفاصيل حلم أزرق، لتغرق في دوامة حلم رمادي، اسرد حكايا مغامراتك لكل الأصدقاء .. حدثهم عن ليلى التي بعتها ولبنى التي باعتك .. وسلمى التي أسلمتها إلى وجع قاتـل .. وامـرأة أخرى لم تضع نهايتها بعد ..
التفت الآن .. انتبه .. لترى أصدقاءك يتهامسون من حولك "إنها حكايته التي لا تتغير .. هو يغير الأسماء، وهي لا تغير غير لون عينيها .. وفستانها .. وحذائها أيضا .."

* * * * * *

مارس ضدي كل طقوس الخيانة ..
انتقل بين كل مطارات العالم .. غير عنوانك من لحظة إلى أخرى ، ومن جنون إلى آخر .. تخلص من لون وجهي، من بريق عيني .. من لعناتي المتكررة والتي تلازمك كظلك الرمادي ..
أحرق جواز سفرك.. بطاقة هويتك.. شطب كل الحروف العرجاء التي تشكل اسمك لتكون رحلتك الأخيرة بل هروبك الأخير ..
أفتح الآن حقيبة سفرك في الشاطئ الآخر، لتراني أتمدد داخلها ، حيث لا أثر لأغراضك ، ولا لبدلتك المفضلة وربطة عنقك التي كانت تشدك بقوة إلى مصير مجهول ..
مارس جنون الهروب كيفما شئت .. فشمس قلبك في يميني ، وقمر عينيك في يساري ، وروحك معلقة على بوابة قلبي ..
فأين المفر؟
أنا الأرض .. والتربة أنا .. وحلم الأفق، وظلك الذي يطلع من خيبتك الطويلة ، لتتوسده حتى في قبرك..
أنا الوطن .. والعمق أنا ..
فأين المفر ؟

أختبئ في أزقة المدن المنسية
أهجر الدنيا إلى كهوف الغابرين .. أسكن هناك شهرا .. سنة .. قرنا .. ، وقد تتناسل القرون .. ويتبدل أديم السماء ولون الأرض وتفاصيل البشر وتخرج أنت من كهفك بعد دهر لتجدني أنتظرك عند بوابة الكهف وابتسامة انتصار تلبسني ..
ستكتشف بعد طول نومك أن كل شيء تغير إلا أنا ولعبة السياسة وعرش الملك
ستجدنا في انتظارك لنهمس لك.
 "إنا نحن الراسخون".

الأرض التي كانت -تنبت- بالأمس- وردا .. وحبا ،
تفرز في رحم الحاضر قصورا .. ودورا، وحقدا لا يقدر .
عيون البشر لم تعد تغرق في الحلم..
بل هي اليوم تقتات من ابتسامة تكاد تفنى وتندثر ..
تفاصيل العمر، باتت مهترئة عند كل الناس ..
تفاصيل تتمزق عند كل كومة ثلج فانية ..
العصافير التي كانت تغرد على أفنان القلب ،
سقطت مذبوحة هذا الصباح ..
ذبح صوتها هذا النواح العابر لكل القارات ..
كل شيء تغير ..
إلا أنا ..
مازالت الصدمة تنحتني ..
مرة.. فراشة لا تقبل التلوين ..
ومرة .. حمامة متمردة على ناصع بياضها ..
كل شيء تغير ..
إلا عرش الملك..
ما زال بريقه يعجن من قمح الغبن، وشعير الموت السلبي ..
وتقوم أعمدته على ظهور أحناها الإنحناء ..
كل شيء تغير وتبدل ..
إلا لعبة السياسة ..
لازالت الهواية الأكثر رواجا في ملاعب العالم
يتسلى بها الكبار ..
ويتأذى منها الصغار ..
فيا أيها الجامد .. المتحرك في دمي ..

أيها الناسخ لكل الأسماء العرجاء .. والعوجاء التي رقصت على أهداب فجيعتي ..
ما أنت فاعل ، أيها الآتي من أزمنة الموت المعلب ، والحب المثلج والأمومة الآيلة للسقوط …

ما أنت فاعل ، بحلم تحاصره تفاصيل إمرأة لا تموت ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى