السبت ٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم سهير فضل عيد

ذات اليد المقطوعة

ضلّت الدموع ذات مرة مخبأها، فظلّت تجري على الخد كبقايا سالت من بركان خامدفحفرت على تلك الخدود أخدوداً يتلوه أخدود، وعندما اهتدت تلك الدموع لمخبئها كانت تلك الفتاة قد تشوهت معالمها .

تلك الليلة من فصل الشتاء كانت تتحلى ببساط من الثلج ناصع البياض وسواد الليل يختلط بصفير الرياح والمطر لا يتوقف عن التساقط، وفي ساعة متأخرة من الليل كانت الممرضة سعاد عائدة من عملها ، اضطرتها الأمطار الغزيرة أن تسلك طرقاً فرعية بين الحارات والمقابر .
كانت سعاد مبللة، وترتجف من شدة البرد والخوف ، تلتفت يميناً ويساراً وللخلف والأمام كلما قطعت مسافة صغيرة،وبينما هي كذلك استوفقها شيء غريب !

أرسلت نظرها إليه فإذا هو لوح من جبس حجري مكتوب عليه (اعتراف)، لم تستطع سعاد أن تغض بصرها وبدأت بالاقتراب باتجاه اللوح فإذا هي أمام شاهدة قبر كتب عليها : [اعتراف]

علمني الكراهية والحقد وبعث في نفسي حب التشاؤم، سبب لي خطوطاً وشقوقاً على خديّ حينما اغتصب من محاجري الدمعات حملني على كراهية الحياة وأنا لا زلت في ريعان الشباب وزرع بداخلي انعدام الوزن والثقة فوقفت أمام مفترق الطرق بعدما كنت قد بدأت شق طريقي إلى هذا العالم الواسع، ضيّق العالم أمام ناظري وسد كل الطرق أمامي بسدود من حديد فليس عندي ما يصهر ذلك الحديد وليس في قلبي قوة لاقتحام مثل ذلك الحديد .

أجبر روحي على الغوص في عالم من الأحلام ليل نهار إلى أن ضيعت الواقع من الخيال ، وإن سألت فؤادي أيكرهه؟ أراه عاجزاً حتى عن الكلام وإن سألت نفسي عن الحياة أجدها للموت أقرب . إنه هو الذي حملني على أن أقر بواقعية الانتحار بعدما كنت أرفض أن أقر بواقعيته .
لم تلبث سعاد أن قرأت تلك الكلمات حتى ظهرت فتاة أمامها مشوهة الملامح، خافت سعاد وهمت بالهرب فنادتها الفتاة لا تخافي، التفتت سعاد باتجاه الفتاة وقالت :
 من أنت ِ؟
الفتاة : أنا ساكنة هذا القبر.

وقفت سعاد في مكانها وكأنها غير قادرة على الحركة وبصوت خافت قالت : هل انتحرت ؟!
الفتاة : نعم ! تكمل كلامها وتروي حكايتها ؛ كانت أمي يتيمة الأبوين مريضة القلب ، هزيلة البنية . انتشلها رجل قبل أن تعرف الضياع، ذلك الرجل أصبح جدي فيما بعد .
ذلك الرجل كان واسع الصدر، طيب القلب، جميل الخلق، اهتم بأمي ورباها وعلمها لكنه ظلمها دون أن ينوي الظلم .
وكان لذلك الرجل ولد متغطرس متعالٍ، يكره أمي دونما أسباب ويعتبرها خادمة البيت، يسيء إليها بالكلام وأحياناً يضربها وأمي تخفي ما يحدث عن جدي لأنها تشعر بالامتنان له ، فلم تكن تحب أن تعكر مزاجه خاصةً أنه يرجع متعباً من عمله .

وعندما كبرت أمي وصارت بعمر الزواج طلب جدي أو فرض على أبي الزواج من أمي، لم يكن أمام أمي خيار فكيف تستطيع الرفض وهذه العائلة هي التي ربتها وعلمتها وحمتها من الضياع ؟ أما أبي فوافق على الرغم عنه فلقد كان جدي صارماً.
قال جدي لأبي : يا بني أحس بدنو أجلي ولا أريد لهذه الفتاة الظلم، فتزوجها واحمها من الناس والحياة وعاملها بالمعروف فهي فتاة يتيمة فقيرة مريضة وأنا لا أريد أن أظلمك فإن أردت الزواج من امرأة ثانية فتزوج شرط أن لا تطلق تلك الفتاة ولا تظلمها، تزوج هذه الفتاة لتحميها وتراعيها وتزوج من تحب لتسعد وتنجب أطفالاً ولا تسأل عن المال سأترك لك ما يكفيك .

ورغم أن أمي كانت جميلة الملامح، رقيقة العاطفة إلا أن أبي لم يطق النظر إليها ولكن مع إصرار جدي تم الزواج ، حاول أبي بعدها أن يتزوج ممن يحب لكن السيدة التي أحبها وضعت شرطاً بأن يطلق أمي أولاً وقبل ذلك وضع جدي شرطاً في وصيته قبل أن يموت وهو أن يُِحرم أبي من الميراث إن طلق أمي . اعتقد جدي أنه بذلك يمنع الظلم عن أمي ولكن الظلم كان واقعاً لا محالة .
ومات جدي وبدأ أبي يقسو شيئاً فشيئاً على أمي ويحملها من الكلمات والأفعال ما لا طاقة لها به، أهمل أبي البيت فأصبح خاليأ حتى من الخبز وإن اشتكت أمي يضربها أولاً ثم يرمي إليها بالنقود وكأنه السيد وهي الخادمة ويقول لها اذهبي واشتري طعاماً لك .
صار أبي يهرب من البيت إلى السهر مع الأصحاب ولا يرجع إلا بعد منتصف الليل ويخرج صباحاً قبل أن تصحو أمي من نومها غير أنه يترك لها المال لتشتري الطعام حتى لا يسمع منها أية شكوى حتى أنه كان يحاول أن يتقي سماع صوتها.

كانت أمي تعرف أن أبي يكرهها ولكن لا حيلة لها، فلا أهل لها تذهب إليهم وليس بيدها حرفة تتقنها فغلى الأقل في هذا البيت المليء بالكراهية تحصل على المال من أجل الطعام والدواء .

أما أبي فإنه كان دائم التفكير في طريقة يتخلص بها من أمي دون أن يلومه أحد، فجعلها تحمل منه رغم تحذير الأطباء، لكنه تظاهر أن الحمل كانت نتيجة خطأ وهو في قرارة نفسه تعمد ذلك لأنه يعلم أن أمي قد تموت وهذا احتمال كبير .
وحتى تكون النهاية سريعة تعمد ذلك الرجل المسمى أبي أن يرهقها أكثر فنقل سهراته الخارجية إلى داخل البيت، كل ليلة سهر حتى الصباح وكان على أمي القيام بالخدمة على أكمل وجه وإلا سينالها الضرب والإهانة وفي النهار لم يكن هناك الوقت الكافي للراحة فدائماً هناك ضيوف على الغداء، وكأن أبي يريد التخلص من أمي والجنين في آن ٍ واحد، صدقاً لم أكن اعلم من أين تأتي أمي بهذه القوة !!
عندما بدأت أمي الولادة رفض أبي في بداية الأمر أخذها إلى المستشفى على الرغم من توسلاتها إليه وبكائها ، لقد كان مشهد غريب ؛ أمي تتألم وتصرخ وترجو أبي وتقبل أياديه وهو بكل أحاسيس باردة ...... دعيني أنام.

إن ما دار في مخيلة أبي تلك اللحظة هو أن أمي مصابة بتضيق في شرايين القلب، فلو أخذها إلى المستشفى قد ينقذ الطبيب حياتها وهو يريدها أن تموت وفي نفس اللحظة قال لنفسه : (قد تموت هنا في البيت ثم يضع الطبيب اللوم علي عند محاولة إخراج شهادة وفاة لها وقد يصل الأمر إلى الشرطة، أفضل طريقة أن أدعها تتألم قليلاً ثم عندما تبدأ تشكو من صعوبة في التنفس آخذها إلى المستشفى )
بعد وقت ٍ غير قصير تم نقل أمي إلى المستشفى وهناك بعد إدخالها غرفة الولادة أتيت أنا إلى هذه الحياة بعد أن فارقت أمي الحياة .
خرج الطبيب معاتباً أبي : إن زوجتك مصابة بالقلب فلماذا هذا الإهمال والتأخير لو أتيت مبكراً لكان بالإمكان فعل شيء.
أبي : يبدي اهتماماً خارجياً كالمنافقين أماتت هي والجنين ؟

الطبيب : كلا للأسف ماتت هي ولقد عوضك الله عنها بطفلة جميلة إن الطفلة موجودة في غرفة المواليد اذهب أولاً وادفع التكاليف ثم ارجع واستلم طفلتك .

ذلك الرجل هو الذي قتل أمي بكراهيته وأنانيته وقسوته، أنا أعلم أن الإنسان متصلب القلب يكره ولا يحب ولكن أليست هناك بذرة لمشاعر إنسانية عند كل إنسان تدعوه للشفقة والرحمة وإلا لم سمي الإنسان إنساناً ؟

ذهب أبي ودفع التكاليف وطلب من المستشفى أن تقوم بإجراءات الدفن دون جنازة ولا عزاء، مسكينة أمي في حياتها وفي مماتها.
حاول أبي الهرب من المستشفى مقرراً إبقائي في المستشفى ولكن لسوء حظه رأته إحدى الممرضات وهو يغادر المستشفى فنادت عليه وقالت : يبدو أن وفاة زوجتك أثر فيك لدرجة أنك نسيت ابنتك، تعال معي وخذها علّها تخفف عنك مصابك .

ما كان أمام أبي إلا أن يأخذني ولكن لم يتعب نفسه بالتفكير كثيراً فقبل أن نصل إلى البيت توقف عند ملجأ للأيتام ووضعني هناك ورحل .
بعد خمس سنوات أمضيتها في هذا الملجأ أتفاجأ بأبي جاء لاستعادتي دون أسباب أو مبررات ولأنني طفلة في الخامسة من عمرها لا أمتلك حق الرفض أو القبول، تتم الإجراءات سريعة وأعود مع أبي إلى المكان الذي قُتلت فيه أمي لأحيا مصيراً أجهله .

لم يمتلك أبي العاطفة تجاهي يوماً حتى أنه لم يحتضني أو يقبلني عندما جاء إلى الملجأ لاستعادتي بل كانت نظراته إليّ مجرد نظرات سطحية انتهت بقوله : إنك للأسف تشبهين أمك !

طلبت حينها من أبي أن يحدثني عن أمي فبدأ كلامه قائلاً : عسى ألا يرحمها الله، كانت خادمة عندنا في البيت ، ذليلة وضيعة وجدها جدك ملقاة في الشارع فعطف عليها ورباها، قد تكون أمك ابنة حرام ، كانت إنسانه لا تفقه من الحياة شيئاً،جاهلة ورغم ذلك عطفت عليها وتزوجتها لكنها أساءت معاملتي ولذلك لاقت عقابها من الله وماتت .

كذب أبي وهو يحدثني عنها فأمي كانت كالملاك الطاهر لكنه لم يرحمها لا حية ولا ميتة، عندما سمعت تلك الكلمات قلت في نفسي عسى الله أن لا يسامحك يا أبي .

عندما وصلنا إلى البيت وجدت امرأة أخرى إنها المرأة التي تزوجها أبي قبل أن يتشرب التراب بدماء أمي وأنجب منها طفلاً كان يبلغ عندما وصلت إلى البيت أربع سنوات .

نظرت إليّ تلك المرأة ثم نظرت باتجاه ابنها وقالت :
هذه خادمة البيت يا بني ، ثم أخذتني بعد ذلك ووضعتني داخل غرفة صغيرة كانت أمي تستعملها كمخزن للأثاث القديم وقالت : هذه الغرفة التي ستنامين فيها .
وبدأت حياتي في هذا البيت كخادمة وأنا بعمر خمس السنوات، كنت أسمع أبي أحياناً يتحدث معها قائلاً : إن هذه طفلة صغيرة لا تقوى على أعمال البيت .
كانت ترد عليه قائلة : لقد اتفقنا أن تحضرها من الملجأ على أن أهتم أنا بتربيتها، يكفي أنني سمحت لك أن تحضرها بحجة أن ضميرك يؤنبك .
لم أكن أفهم والدي ! عندما يراني لا يحاول إظهار أي نوع من العاطفة أمامي بل على العكس كان يصرخ في وجهي دائماً وكثيراً كان يضربني بحجة أنني أتصرف بشكلٍ خاطئ وكان يدع زوجته تسمعني ما لذ وطاب من الشتائم وتضربني دون أن يتكلم .
يبدو أن صحوة ضميره كانت مؤقتة بسبب استمرار الناس في لومه وكثرة الحديث عنه بأنه وضعني في الملجأ حتى يتزوج وكان أبي يحاول الدفاع عن نفسه بأن يبرر لهم أنه وضعني في الملجأ لألقى العناية حيث أنه لم يكن هناك من يرعاني ولكن دون جدوى من تبريراته . وهنا فهمت لماذا جاء وأخذني من الملجأ،إنه يريد أن يمنع الناس من النظر إليه نظرات مهينة ويريد أن يكف ألسنتهم عن الكلام ويريد استرجاع احترامهم له .
إن يومي كان مليئاً بالأعمال المنزلية حتى إنهم منعوني من الذهاب إلى المدرسة بحجة أنه لا فائدة من تعليمي، كنت أغار من أخي كثيراً فلقد كان أبي يشتري له كل شيء من الألعاب والملابس . كان هناك تفرقة واضحة بيني وبين أخي فأنا لا ألعاب لدي سوى ما يتبقى من بقايا ألعاب أخي بعد أن يكسرها ويخربها وملابسي كانت دائماً أقل ثمناً من ملابسه ،والسبب في ذلك هو أبي الذي يوافق على كل ما تريده زوجته وبسبب حقده الدفين على أمي .

الغريب أنهم كانوا يسمحون لي بالجلوس على مائدة الطعام معهم وأن آكل مما يأكلون ولكنني كنت دائماً أشعر بالوحدة .
من الحوادث الكثيرة التي كنت أتعرض لها في ذلك البيت هي حادثة لا يمكن أن أنساها.

ذات مرة كنت ألعب مع أخي في غرفته الجميلة فقام أخي برمي الكرة باتجاه النافذة فكُسر الزجاج، سمع أبي وزوجته صوت الانكسار فجاءوا مسرعين وقبل أن يسأل أبي عن الفاعل بدأت زوجته بضربي بحجة أنني أنا من فعلت ذلك ، قال لها أبي : انتظري حتى نعلم من الفاعل .
زوجته : بالطبع هي
أبي : تعال يا صغيري من كسر النافذة ؟
أخي : إنها هي .
ودون أن يسألني أبي بدأ بضربي ثم قام بربط كلتا يديّ بالحبل من الليل حتى الصباح .
في صباح اليوم التالي جاء أبي إلى غرفتي المتواضعة وقام بحل الحبل فوجد احمراراً شديداً مع ازرقاق في كلتا يديّ مكان ربط الحبل وكنت عاجزة عن تحريك يدي اليمنى بالإضافة لذلك كان هناك ألم شديد .
أخذني أبي إلى المستشفى وهناك أخبر الطبيب أبي أن هذه الحالة نشأت عن انقطاع التروية عن يديّ وأن يدي اليمنى أصابها التموت ويجب قطعها فوراً وإلا سينتشر التموت إلى باقي ذراعي وتم قطع يدي اليمنى وبقيت يدي اليسرى سليمة وذلك بسبب أن الحبل كان مشدوداً بشكل شديد حول يدي اليمنى أكثر من اليسرى ومنذ ذاك اليوم وأبي وزوجته وأخي ينادونني بذات اليد المقطوعة ومع مرور الزمن صار الناس في الحي ينادونني بنفس الاسم .

في بداية الأمر كنت أتألم وأبكي ومع مرور الوقت بدأت تتشكل لدي عقدة نقص أصبحت أشعر أنني أقل من غيري فعلاً وأمسيت أتجنب الكلام مع الآخرين أو حتى الجلوس مع الناس، كنت أشعر بأن العيون كلها متجهة نحو يدي المقطوعة ، كنت أسمع كلماتهم المليئة بالشفقة والعطف ، ومنذ ذاك الحين وأبي يرفض أن أجلس معهم على طاولة الطعام ، إنه لا يريد أن يراني أو إنه يريد أن ينسى أنه من فعل هذا بي .
مرت الليالي مريرة وأنا داخل هذا المنزل حتى بلغت من العمر السابعة عشرة عندها فوجئت بأبي يأمرني بأن أجمع أغراضي لأنني تزوجت وسوف أذهب إلى بيت زوجي الذي يبلغ من العمر خمسين عاماً.
نظرت إلى أبي وقلت له : كيف توافق من دون أن تأخذ رأيي ؟
أجابني إجابة قاسية حيث قال : وهل لك الحق في القبول أو الرفض ؟
ومن في هذا العالم يوافق أن يتزوج من فتاة يدها مقطوعة ؟ احمدي ربك أن هناك من وافق وتقدم لك .

دخلت بيت زوجي وأنا أشعر باليتم والذل والإهانة والوحدة والغربة أنا لا أنكر أن زوجي كان طيباً وكريماً وحنوناً معي ولكنها عقدة النقص تلك ، إنها يدي المقطوعة جعلتني أتحول لجسم من دون عقل أو روح أوافق عل كل ما يطلبه زوجي مني دون اعتراض حتى عندما كان زوجي يحاول أخذ رأيي في أي أمر لم أكن أجرؤ على إعطاء جواب خوفاً من أن يفاجئني بمعايرتي بيدي المقطوعة .
وقبل أن أكمل الواحد والعشرين من عمري كان زوجي قد توفي تاركاً لي ثروة هائلة من المال . يومها قررت الرحيل بعيداً عن قبر أمي وعن ملجأ الأيتام الذي عشت فيه وعن منزل أبي وعن المكان الذي تزوجت فيه، رحلت بعيدا ً إلى مكان لا يعرفني فيه أحد وقررت البداية من الصفر .
درست، تعلمت وأتقنت ثلاث لغات وحينما نظرت إلى يدي المقطوعة صممت على أن أتحدى الماضي وأتحدى يدي المقطوعة، فأجبرت يدي اليسرى على إنجاز المهام التي كان يفترض على يدي اليمنى تأديتها عزفت على أوتار العود ولعبت البيانو وتعلمت الرسم ، نعم دخلت كلية الفنون الجميلة وتخرجت وبدأت بعمل معارض للوحاتي التي تحمل توقيع ذات اليد المقطوعة .

لا أعلم لماذا كنت أوقع بهذا الاسم ربما كنت أتحدى عقدة نقصي لا أعلم . المهم أنني سافرت كثيراً وتم بيع لوحاتي في معارض عالمية وبأسعار مرتفعة وارتفع نجمي عالياً وصارت رسوماتي تزين المحطات التلفزيونية وبرامج الأطفال ولوحات الإعلانات .
كنت أسمع كثيراً كلمات الإشفاق والعطف من المتفرجين داخل معارضي،ذاك يقول : سبحان الله جميلة وغنية ولكنها بيد واحدة .
وهذا يقول : إنها إنسانه ناجحة ومفعمة بالحيوية ولكن .......

والآخر : لولا يدها لتقدمت لطلب يدها .

وهذا وذاك، كثيراً هم المتحدثون عن يدي وكثيراً هم المشفقون عليّ وفي لحظة ضعف غبية زارني الشيطان ليذكرني بأمي المسكينة التي ماتت ورحلت دون جنازة، دون عزاء، وبمحاولة هروب أبي من المستشفى ليتخلص مني ، بحياتي في الملجأ كالأيتام، بقسوة زوجة أبي، بيدي المقطوعة ، بزواجي المفاجئ دون أخذ رأيي، بعطف الناس ومناداتهم لي بالمسكينة، بكلام الناس عني بإشفاق رغم ما أنجزت من نجاحات ، بذلك الرجل الذي سبب لي كل ذلك، ودون أن أشعر أمسكت ببندقية كنت قد اشتريتها لأتدرب على الرماية فكان أول من رميت بها هو شيء صغير بحجم قبضة يدي لكنه على الرغم من صغره كان كافياً لإيقافي عن متابعة المسير في هذه الحياة " إنه قلبي" !
بعد أن انتهت ساكنة القبر من الكلام نظرت إليها سعاد بعينين مملوءتين بالدمعات ثم تركتها وغادرت المكان وأكملت سيرها بين الثلوج والأمطار وفي منتصف الطريق تعثرت سعاد بحجر فوقعت عن السرير ونظرت حولها فأيقنت أنها كانت تحلم !!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى