الخميس ٢١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم راندا رأفت

المجلس الأعلى للثقافة يحتفل بزكي مبارك شاعرا وناقدا

يقول عنه الشاعرفاروق شوشة:" أن شعره أتسع لمعجم غير معهود بين شعراء جيله، قد يكون بعضه صادما بجدته وشجاعته وحدته للسائد والمألوف في زمانه وهذه المستويات اللغوية المتعددة في إبداعه الشعري قد تكون أحد الأسباب التي حجبت الرؤية المنصفة لشعره ولم تساعد على وضوح النظرة إلى هذا الشعر.
ويقول عنه الأديب يوسف القعيد:"لا أعتقد أن شخصية أدبية أوضح في ملامحها من شخصية زكي مبارك فمن اليسير الوصول إلى شمائل هذه الشخصية من آثاره وكتاباته فهو أصرح كتابنا المعاصرين في الحديث عن نفسه .
وتقول كريمته "كريمة زكي مبارك" :" بدأت اجمع له العديد من الكتب من على صفحات الجرائد و المجلات وأعدها وأقدمها للقاريء حتى وصلت إلى 25 كتابا رأت النور بعد رحيله كما أعدت طبع عشرين كتابا من مؤلفاته التي نشرها في حياته فشكرا للهيئات التي قامت بطبع كتب زكي مبارك وشكرا للاساتذه اللذين قاموا بطبع كتب زكي مبارك على نفقتهم الخاصة وهم رشاد كامل الكيلاني، وصاحب السمو السيد فيصل بن على بن فيصل آل سعيد، والدكتور عبد الله بشراحيل" .

بهذا العملاق الدكاترة زكي مبارك أقام المجلس الأعلى للثقافة مؤتمر بحتفي بأثاره تحت عنوان "زكي مبارك قراءة متجددة" تحت رعاية الفنان فاروق حسني وزير الثقافة ورئيس المجلس العلى للثقافة ، جاء في الجلسة الإفتتاحية كلمة للدكتور جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة الذي تخلل كلمته تصريح بطبع أعمال زكي مبارك في سلسلة الأعمال الكاملة التي يصدرها المجلس العلى للثقافة
كما أصدر المجلس الأعلى للثقافة في المؤتمر لأول مرة كتاب جديد لزكي مبارك وهو السيرة الذاتية لزكي مبارك حيث يتحدث بنفسه عن حياته".

ولد زكي عبد السلام مبارك بقرية سنتريس منوفية سنة1891م بدات حياته بحفظ القرآن الكريم ، ودرس بالأزهر، ثم الجامعة المصرية حتى حصل على الدكتوراة سنة1924 في رسالته عن "الأخلاق عند الغزالي" وقد جاءت دراسته الأولى أول دكتوراة تمنحها الجامعة المصرية وكان ذلك قبل أن تتحول إلى جامعة حكومية عام 1924 ، كما درس في باريس وتخرج من السربون التي حصل منها على الدكتوراه في " النثر الفني في القرن الرابع الهجري سنة1931 "La Prose Arabe Du IVe Siecle de I Hegire" كما حصل على دكتوراة ثالثة من الجامعة المصرية عن كتابه" التصوف الإسلامي" سنة1937 لذا سمي بالدكاترة زكي مبارك.

حصل زكي مبارك على عدد من الشهادات جاء ذكرها في أحد رسائلة كالأتي ( شهادة الأهلية من الأزهر الشريف سنة1916، الليسانس في الآداب من الجامعة المصرية سنة1921، الدكتوراة في الآداب من الجامعة المصرية سنة1924 بدرجة جيد جدا ، دبلوم الدراسات العليا من مدرسة اللغات الشرقية في باريس سنة1931، دكتوراة في الآداب من جامعة باريس سنة1931بدرجة مشرف جدا ، الدكتوراة في الآداب من الجامعة المصرية سنة1937).

سافر إلى فرنسا عام1927 للدراسة على نفقته الخاصة وكان بقضي هناك أربعة أشهر من العام ثم يعود إلى القاهرة ليقضي فيها بقية السنة وكان يعمل في الصحافة و التدريس ليجمع نفقات اقامته في باريس وظل على هذا النحو حتى 15 ابريل 1931حين حصل على الدكتوراة
وبعد عودته إلى مصر قام بنشر رسالته ذاتها إلى اللغة العربية لكن المراجع للأصل الفرنسي والترجمة العربية يجدها أقرب إلى إعادة التأليف منها إلى الترجمة حيث يتضح عدد من الأختلافات تتلخص في أن عدد صفحات الرسالة في الأصل الفرنسي 290 صفحة بينما في النسخة العربية تزيد عن 750 صفحة، كما أن في النسخةالعربية نقدا شديدا للأساتذة الفرنسين المشرفين على الرسالة فضلا عن هذا و ذاك هناك أحداث و مراجع لم تكن قد حدثت أو ظهرت قبل صدور الأصل الفرنسي و يبرر زكي مبارك هذه الأختلافات بأنه في النسخة العربية تفصيلات لا يحتاج إليها أهل الغرب إحتياج المستشرقين كما ان النسخة الصيلة وضعت بهدف علمي بحت بينما النسخة العربية وضعت بغرض التثقيف والتعليم .

لقد أصدر الشاعر زكي مبارك ديوانين في حياته "ديوان زكي مبارك" و" اللحان الخلود" وبعد رحيله في الثالث والعشرين من يناير1952تم جمع وطبع قصائج لم تنشر له صدرت في 3 دواوين هي"قصائد لها تاريخ" و"أطياف الخيال" و"أحلام الحب" ويلاحظ ان دواوين زكي مبارك تدور معظمها حول الحب باستثناء ديوان "قصائد لها تاريخ" حيث يضم المساجلات و المطارحات والمعارضات الشعرية بين زكي مبارك و معاصريه".
ألف أكثر من أربعين كتابا منها (اللغة والدين والتقاليد، البدائع، الأخلاق عند الغزالي، الموازنة بين الشعراء، ذكريات باريس، النثر الفني في القرن الرابع الهجري، مدامع العشاق، عبقرية الشريف الرضي، حب ابن أبي ربيعة، ليلى المريضة في العراق، المدائح النبوية في الأدب العربي، التصوف الإسلامي، ملامح المجتمع العراقي) وغيرها من الدراسات الأدبية و النقدية.
يؤثر زكي مبارك سواء في شعره أو نثره أسلوب الإطناب والإسهاب على الإيجاز كما يتضح التكرار كثيرا في شعرة فتجده متأثرا بالشعر العربي القديم فتجده يقول

غدا سوف أقضي إن بقيت إلى غد

ديون فؤادي جملهن ثقيل

ألا ليت حظي من غد أنني غدا

أميل مع الأهواء حيث تميل

فأجهل مرات و أحلم مرة

و أزأر من وجدي غدا و أصول

كما كان يتبع نفس منهج الشعر القديم في الإنتقال من غرض إلى غرض حتى أنه كان يستخدم اللالفاظ القديمة نفسها كنوع من أحياء المفردات غير المألوفة

المتابع لفكر زكي مبارك يلاحظ انه كان مهموما بقضية التعليم وضرورة تطويره بالمدارس و الجماعات
صادف زكي مبارك من نكران لعلمه و ثقافته ومؤلفاته التي جاوزت الأربعين مؤلفا.
والمحير والعجيب هو موقف الأديب طه حسين منه فهو كان السبب في فصله من التدريس في كليه الآداب فكان طه حسين هو المسؤل عن تجديد عقود الأساتذه اللذين يدرسون بالجامعة ، وكان عقد ازكي مبارك قد انتهت مدته فلما أرسلت الجامعة إلى كه حسين باعتبارة رئيس قسم اللغة العربية تساله رأيه في تجديد عقد زكي مبارك سجل رأيه في هذه العبارة: "أنا لم أستشر في تعيينه فلا استشار في تجديد عقده"بذلك لم تتمكن إدارة الجامعة من تجديد عقده
عمل زكي مبارك في أماكن كثيرة في الصحافة والجامعة الأمريكية وعين مفتشا للمدارس الأجنبية في مصر ولكنه لم يستقر في هذه الوظيفة وأخرج منها بعد أن جاء النقراشي وزيرا للمعارف والسنهوري وكيلا للوزارة.
سافر إلى العراق واقام فيها حوالي 9 أشهر قام بالتدريس في دار المعلمين العليا وكان يلقي المحاضرات في الأندية العامة

ومن كتبه "ذكريات باريس، صور لما في مدينة النور من صراع بين والعقل والهدى و الضلال" الذي صدرت الطبعة الأولى منه في أغسطس 1931م وأهداه زكي مبارك إلى عبد القادر حمزة ، أما الطبعة الجديدة من الكتاب فقد صدرت عن سلسلة دار الهلال في أغسطس 2002 بتقديم للدكتور محمد رجب البيومي مع تقديمة بكلمة من أحمد حسن الزيات عن زكي ميارك كانت قد نشرت في مجلة الرسالة في عددها287 الصادر في يناير1939، يحتوي الكتاب على ذكريات و مذكرات وخطابات زكي مبارك إلى جانب أراءة في العلم و الآداب و الفنون على مدى الخمس سنوات التي قضاها في فرنسا(1927-1931) .

وكان كتابه "الأسمارو الأحاديث من أهم كتبه التي تكشف عن أسلوبه في الكتابة النثرية فهو يضم ما يقارب خمسة و ثلاثين مقالة مما كتبه في الصحف و المجلات
و في كتابة " ليلى المريضة في العرق" يدخل زكي مبارك منطقة من الإبداع السردي تختلف تماما عما سبقها من إصدارات، وقد حاول فيه أن يقيم نوعا من التعادلية مع الواقع الأدبي ومع ذاته بصفة خاصة، هذه الذات التي عانت كثيرا من الظلم والقهرفي صدامها المتواصل مع الواقع الإنساني و مع الواقع الأدبي وخاصة بعد سفر مبارك إلى العراق و العمل بها

كما كان زكي مبارك شاعرا وناقدا كان أيضا له دراسات عن التصوف ورجاله وأفكاره يكفي للتدليل على ذلك أنه نال شهادتين دكتوراه في ذلك من الثلاثة التي حصل عليهم فكانت الأولى في "الأخلاق عند الغزالي1924" ثم شهادة عن التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق وكانت في جزئين كبيرين وينضم إليهما كتابه "المدائح النبوية" وقد كان في الأصل جزء من الدكتوراه الثانية لكنه فضل نشره مستقلاتحدث في عن الأقباس الروحية التي بثها الإسلام في أرجاء الوجود
جاءت النهاية في مساء يوم 22 من سبتمبرعام1952 كان يسير مع بعض اصدقائه في شارع عماد الدين فأصيب بإغماءة سقط على إثرها على الأرض فأصيب بارتجاج بالمخ ونقل إلى المستشفى لكنه لم ينج وظل غائبا عن الوعي حتى انتقل الى رحمة الله في 23 من سبتمبر و له من العمر ستون عاما


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى