السبت ١٠ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم عبد العزيز غوردو

الموؤودة

إلى قارب حطمته الأمواج...

ملحمة من هلكوا دون فردوس مشتهى

... أساق وأنا في عمر الزهور: لأن قلب أبي تصخّر في وجه العواطف الأنثوية... لأن أبي التزم الصمت، قليلا، ثم أبرز جزأه المخجل من عالمه الداخلي وراح يبحث عن فروسيته في افتراسي، وأنا في عمر الزهور... ما زلت في عمر الزهور... ولأن أبي، الذي طالما عاشر النساء القذرات، يستحيي من الفجور!

لأنني أثير اشمئزاز الوثن البريء، الهادئ الوديع... أثيره بخبثي وبشاعتي، وانحطاطي وسفالتي... ألا تفهم؟
ولأن الأقداح، والتمائم كلها، تأبى أن تفسح لي مجالا بينها؟
ولأن الخيمة ـ والقصيدة ـ تأبى أن تتخذني وتدا من أوتادها، مخافة أن أعلق عليها لاحقا راية حمراء...
ولأني لا أرد في المحافل إلا مقرونة بالفضيحة والعار...

لأني كل هذا وغيره... حق لأبي، كريم المحتد، أن يتخلص مني اتقاء الفواحش التي ربما أنوي اقترافها لاحقا... ألا تفهم؟
هذا أبي الذي يبحث عن كبريائه المهزوم في ألمي، يسوقني أمامه كذئب هصور يحاصر حملا على شفير هاوية سحيقة...
هذا أبي الذي يخجل من الوثن والخيمة والقصيدة، يمر عليها منكسا رأسه وهو يحشرني أمامه: أنا الخطيئة القديمة... أنا العار... أنا الجريمة...
هذا أبي الذي يبحث عن كبريائه المهزوم في ألمي... يبحث عن وجوده في عدمي؟

هذا أبي الذي يحشرني أمامه إلى حيث يشتهي! يخبئ في عباءته عاره الذي لا ينتهي... لأنني لا أنتهي... لأنني لن أنتهي... ألا تفهم؟
ها قد وصلنا إلى الشاطئ الموعود، لا داعي، أبي، لأن تنبش البحر بيديك. يقال بأن يديك دافئتان... أما أنا فلم أشعر بدفئهما يوما... لا داعي إذن لأن تلطخهما ببحر سيضم جسمي الكريه... جسمي الموبوء بخطايا لم أقترفها إلا في خيال الوثن والتميمة... والخيمة والقصيدة...

لا داعي لأن تلطخ يديك ودعني أنهش البحر بأنيابي ومخالبي... كيما أثاوي جراحي ورجائي المكتوم... كيما تستعيد أنت كبرياءك المهزوم! دع أنيابي ومخالبي... وعيوبي ومثالبي، تشيد لك صرحا يسند كبرياءك المهزوم!

كنت أشك في آدمية الوثن والخيمة والقصيدة...
أشك الآن في آدمية الوثن والخيمة والقصيدة... وأبي...

ها قد حانت لحظة انتصارك: لحظة تستعيد فيها الاعتبار من "الشيطان" الذي يسكنني، وأنا في عمر الزهور... لأنك أنت أبي الذي طالما ضاجعت النساء القذرات... ستقضي على الفجور؟!

ها قد جاءت لحظة انتقامك... وأنا أنهش البحر بأنيابي، أعب مياهه الأجاج حتى الثمالة، كي تستعيض أنت عن عارك... سأغوص في رماله حتى آخر خصلة في رأسي... سأنام سنة أو سنتين... ثم ستتفتق لينة من رحمي المحموم، فانتزعها كي ترضي الوثن والتميمة، وتستعيد كبرياءك المهزوم!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى