الثلاثاء ٣ شباط (فبراير) ٢٠٠٤
بقلم رلى جمعة

على رصيف الطفولة

ها هو العيد يمر من جديد! جميلة أنت يا ليالي العيد ترسمين البهجة و السرور، يفرح بقدومك الأحبة و يجتمع الغائبون، ترتسم البسمات على الشفاه المتعبة و تغسل ضحكات الطفولة البريئة كل الإعياء الذي يراكمه غبار الأيام .

أه أيتها الطفولة كم أنا مسحورة ببراءتك و كم أنا مأخوذة بسحر تلك الأيام الخوالي و قد وقفت على أعتابها طويلا و كأنني أرفض الإنتقال إلى مرحلة أخرى و مازلت حتى الأن تلك الطفلة الصغيرة التي تفرح بنجمة معلمتها على جبينها و التي تسعد بالنشيد كل صباح و التي تتذكر حفلة تخرجها كل عام و ذلك التاج الملون بألوان الورود الذي كان يزين رأسها كملكة في يوم تتويجها.

ما أجمله عبير الذكريات و شريط الفرح الذي أسترجعه كل صباح مع ملامح الأطفال في رحلتهم إلى المدرسة!

ما أجملها حصة الموسيقى حيث كانت أناشيد الفرح العذبة و تلك الأصوات المخملية والكورال و الإيقاع و ما أجمل الدبكة و الرقصات و .... " نحنا الربيع نحنا ، نحنا فراشات صغار عم نرقص بين الأزهار و الهوا عم بمرجحنا ... " ما أعذبه صوت البراءة في حنجرة ريم بندلي، ذلك الرمز الجميل للطفولة الدافئة .

لكنني اليوم لم أتوقف عند معالم الفرح في طفولتي و أنا أشاهد ذلك الطفل الصغير الباكي و الذي لطخت وجهه دماء أمه الجاثمة أمامه جثة هامدة! لم أستطع أن أتذكر نغماتك الجميلة يا ريمي بل تذكرت أيمن! ذلك الطفل الصغير في نابلس و الذي كان يشاكسنا و نحن صغارا عندما كنا نقضي الإجازات عند جدتي! كم كنت مشاغبا يا أيمن ! و لكنني الأن لا أذكر مطاردتك لنا في الزقاق! بل أذكر رصاصة الغدر التي استقرت في جوف رأسك و أردتك قتيلا أمام باب دار جدتي...

أذكر دماءك الطاهرة البريئة التي ملأت المكان!!!! و أذكر فراقك و قد اشتقت منذ ذلك اليوم لمشاغباتك و بكيت رثاءا على مطارداتك عبر الزقاق.

و منذ ذلك اليوم ودعت أنت منازل الطفولة و ركبت أنت و كل من وراءك جياد الحجر و المقاومة فلم يعد هناك أطفال و لم نعد نسمع تلك الأناشيد البريئة الملونة بألوان الزهور وكان أن غنت ريمي الصغيرة التي نسيتها عجلة الزمان فباتت رمز طفولتنا الغائبة حين غنت: " جينا نعيدكم بالعيد بنسألكم، ليش ما في عنا لا أعياد و لا شي؟ يا عالم أرضي محروقة، بأرضي الحرية مسروقة! "

و ما زلت حتى الأن أردد كلماتك يا ريمي ، و أسأل للمرة الألف ترى هل سيعود ذلك اليوم الذي سترتسم به البسمات من جديد على وجه الطفولة اليتيمة و هل سنعود نغني يوما للفرح و البراءة؟


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى